شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"عالم بالألوان"... هل الأقليات الجنسية محرومة من "العدالة المناخية"؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

بيئة ومناخ نحن والميم-عين

الأربعاء 7 ديسمبر 202211:26 ص

"أنا ‘س. م‘ عندي 20 سنة ولسّه طالبة فى ثانوية عامة. حياتى غير باقي الناس لأني بنت عابرة جنسياً. رحت نقابة الأطباء عشان أتعرض على لجنة تصحيح الجنس، وقلت لهم إنى حاسة نفسى بنت مش ولد، قالولي: ‘ده هوس وحرام‘.

اتعرضت للعنف والتنمر في المدرسة الثانوية بتاعتي. المدرسين وزمايلي كانوا بيقولولي لى: ‘يا واد يا بت‘. وكنت بتضرب كتير من زمايلي، مبقتش أروح المدرسة أو الدروس وحصلت لى أزمة نفسية لأنى مش قادرة أكمل تعليمي.

فى البيت بقى، الحياة صعبة قوي برغم من أن أمى بتدعمني، وكانت معايا فى كل خطوة، حتى وأنا بعمل العملية. لكن مشكلتى مع إخواتي لأني أنا أصغر واحدة فيهم. أخويا الكبير ما يعرفش الموضوع أصلاً وأنا بالنسبة له ولد. إحساسي بالخوف وهو موجود في البيت ما أقدرش أوصفه ودايماً بكون في أوضتي لوحدي. كمان أختي اللي عارفة الموضوع طول الوقت بتهددني وتهدد أمى أنها تفضحنا عند أخويا وعمامي لأن بابا متوفي.

أنا مش قادرة أمشي من البيت علشان أرحم أمي من الخوف والتهديد. مش ممكن أسيبها لوحدها تتعرض للمشاكل والأذى بسببي بعد ما وقفت جنبي.

حتّى أبسط حقوقي، تغيير اسمي في البطاقة الشخصية، مش عارفة أعمله لأنهم عايزين موافقة من دار الافتاء. بحلم يبقى عندى بيت وأسرة وحياة هادية. قرار العبور الجنسي ده مش قرار سهل ولازم أسمي يتغير. أنا جسمي وشكلي بنت والإنسان القديم مبقاش موجود".

ما تعيشه "س.م" ورحلتها للوصول إلى ضفتها، ليس سوى حلقة من دائرة العنف والتمييز والحرمان من أبسط الحقوق الذين يعانيها العابرون والعابرات جنسياً في مصر، وفي المنطقة العربية.

بين التمييز والإقصاء من الحماية، وتوجيه اللوم واتهامهم بالتسبب في الكوارث البيئية… معوقات اجتماعية وقانونية عديدة تُسهم في حرمان الأقليات الجنسية من العدالة المناخية. فما الحل؟

"عابرون بلا ضفة"

نُشرت قصة "س. م" في إطار حملة "عابرون بلا ضفة"، التي أُطلقت تزامناً مع الاحتفال بالـ16 يوماً لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، لـ"تسليط الضوء على الإشكاليات القانونية والاجتماعية التي تحول دون تمكين العابرين والعابرات من حقوقهم/ ن المشروعة لمواجهة التغيرات المناخية".

الحملة أطلقتها "مبادرة عالم بالألوان"، وهي مبادرة تسعى إلى تمكين النساء والعابرين والعابرات جنسياً من حقوقهم/ ن على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والقانوني من أجل تحقيق العدالة المناخية وإنهاء حالة العنف والتمييز الممارس ضدهم/ ن.

بين حزيران/ يونيو وتشرين الأول/ أكتوبر 2022، رصدت مبادرة عالم بالألوان العديد من المعوقات الاجتماعية والقانونية التي تواجه العابرين/ ات جنسياً /جندرياً في مصر. تُنشر عدد من الشهادات على مدار الـ16 يوماً العالمية لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي.

وتهدف الحملة إلى التأكيد على "ضرورة إدماج قضايا الأقليات الجنسية والتحديات التي تواجهها على طاولة النقاش حول التنمية المستدامة وأهدافها، وضمن خطط وأحلام الشعوب في المستقبل، وكذلك في إطار مواجهة التغيرات المناخية والتقليل من نتائجها الخطيرة على المواطنين/ ات".

ينبغي "إدماج قضايا الأقليات الجنسية والتحديات التي تواجهها على طاولة النقاش حول التنمية المستدامة وأهدافها، وضمن خطط وأحلام الشعوب في المستقبل، وكذلك في إطار مواجهة التغيرات المناخية والتقليل من نتائجها الخطيرة على المواطنين/ ات"

العدالة المناخية والأقليات الجنسية

تُشير بيانات "IPCC"، وهي هيئة حكومية دولية معنية بتغير المناخ، إلى أن الأقليات الجنسية من أكثر الفئات تضرراً من أزمة التغير المناخي.

على سبيل المثال لا الحصر، في عام 2005 وإبّان إعصار كاترينا بالولايات المتحدة الأمريكية، تعرض الأشخاص المنتمون إلى الأقليات الجنسية، الذين يعانون في الأساس من الفقر والتهميش والغالبية العظمى منهم لا تمتلك وسائل نقل خاصة تساعدها على الفرار إلى مناطق أكثر أماناً، تعرضوا للتمييز والإقصاء وبخاصة العابرين/ ات جنسياً/ جندرياً من أصحاب البشرة الملونة. مارست فرق الإغاثة التمييز والنبذ ضد هؤلاء الأشخاص في الملاجئ، والمناطق المتضررة من الإعصار.

لعل هذا التمييز أحد الأسباب التي دفعت الأمم المتحدة إلى رفع شعار: "يجب أن لا يتخلف أحد… عن الركب"، من أجل إنهاء العنف والتمييز كأحد المبادئ الأساسية لتحقيق التنمية الخضراء والمستدامة في جميع المجالات لمواجهة التغيرات المناخية .

برغم ذلك، بقيت الأقليات الجنسية مجموعات مهمشة ليس لديها تمثيل حقيقي في ما يتعلق بالتدابير وإجراءات الحماية ومقدرات مواجهة التغيرات المناخية، والتكيف مع تلك الأوضاع تضع حياة الأقليات الجنسية على المحك.

ليس أدل على ذلك مما تعرضت له هذه الفئات في ظل تفشي وباء كوفيد-19 الذي كشف عن هشاشة الأنظمة على عدة مستويات، بينها الصحة والعمل والتعليم والسكن والرفاهية. "دفعت الأقليات الجنسية ثمناً باهظاً لهذه الهشاشة، وكانت الجائحة مؤشراً باعثاً للقلق على مستوى ضمان تمكين الأقليات الجنسية من الحق في الحياة على مستوى العالم خاصة في ظل التغيرات المناخية وتداعياتها"، وفق بيان "عابرون بلا ضفة".

يضيف البيان: "كلما كانت الأزمات الإجتماعية أو الكوارث الطبيعية شديدة التأثير، تكون حياة الأقليات بشكل عام على المحك باعتبارها فئات مهمشة غير ممثلة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي وكذلك السياسي وتصبح الأزمة مضاعفة عند الحديث عن الأقليات الجنسية".

"دفعت الأقليات الجنسية ثمناً باهظاً لهشاشة الأنظمة إبّان جائحة كوفيد-19 التي كانت مؤشراً باعثاً للقلق على مستوى ضمان تمكين الأقليات الجنسية من الحق في الحياة على مستوى العالم خاصة في ظل التغيرات المناخية وتداعياتها"

في الدول العربية على نحو خاص، عادةً تُلام لأقليات الجنسية على التسبب في "غضب الإله" الذي يراه فريق من الناس سبباً مباشراً للكوارث الطبيعية. في الأثناء، لفت تقرير "برنامج الحق والمساواة في المواطنة" من الاتحاد الأوروبي، إلى تصاعد الخطاب السياسي والعام المحرض على "الكراهية والعنف" ضد أفراد مجتمع الميم عين.

أبرز التقرير استغلال جائحة كوفيد لزيادة وتيرة الكراهية ودعوات الإقصاء للأقليات الجنسية في 12 دولة في أوروبا وآسيا الوسطى ومناطق أخرى من العالم، ووصم المثليين/ ات جنسياً بالتسبب في تفشي فيروس جدري القرود حول العالم.

كذلك، ارتفعت أشكال التجريم السلوكي لأفراد مجتمع الميم عين في أغلب بلدان العالم أثناء الإغلاق الذي فُرض ضمن التدابير الاحترازية لمكافحة الوباء. وكان من بينها تعرضهم للعنف في المجال العام والاحتجاز من قبل الشرطة ومواجهة تهم غير قانونية.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel

المجاهرة العنيدة بأفكارنا

ظننا يوماً أنّ تشبثنا بآرائنا في وجه كلّ من ينبذنا، هو الطريق الأقوم لطرد شبح الخوف من الاختلاف.

لكن سرعان ما اتّضح لنا أنّ الصراخ بأعلى صوتٍ قد يبني حواجز بيننا وبين الآخرين، وبتنا نعي أنّ الظفر بالنجاح في أيّ نقاشٍ والسموّ في الحوار، لا يتحقّقان إلا بفهمٍ عميق للناس الذين ينفرون منّا، وملاقاتهم حيث هم الآن.

Website by WhiteBeard