الوكيل الأدبي، في مناطق أخرى بالعالم، يعتبر حلقة وصل هامة جداً بين المبدع والناشر، ولكن في مصر الوضع مختلف، فهو منافس شرس، ورفاهية لا يستحقها الكاتب المصري، ودخيل على سوق النشر سوف يساهم في "تلميع" أنصاف الموهوبين، هكذا يراه البعض.
يشدد الكاتب والقاص المصري، محمد بربر، على ضرورة التعريف بوظيفة الوكيل الأدبي بين الوسط الثقافي، "باعتباره أداة مهمة، ومفتاحاً لتحقيق التواصل بين الكاتب ودور النشر ووسائل الإعلام، والتعريف بالنصوص التي يقدمها الكاتب".
"كثير من الناس لا يعرفون ما مهام الوكيل الأدبي، وبالتالي فتصحيح المفاهيم وتوضيحها أمر في غاية الأهمية"، يقول بربر لرصيف22.
يضيف بربر بحماس: "أعتقد أن كثيرًا من الكتاب داخل مصر أو خارجها يحتاجون إلى من يحقق لهم فرصة التسويق والتنسيق، وتغطية فعاليات ندواتهم، والتواصل مع المنتجين في المسرح والسينما إن كانت الأعمال تستحق، وهو الأمر الذي يشغلني، لأن هناك من الذين يكتبون بموهبة وإبداع يفشلون في تحقيق هذا التواصل، لأسباب مختلفة وعديدة".
ويدافع بربر عن الصورة المتخيلة، المشرقة في ذهنه: "لا أعتقد إطلاقاً أن الوكيل الأدبي قد يساهم في نشر أعمال ركيكة أو التسويق لأنصاف المواهب، لأن الموضوع يتمثل في عرض وطلب، والآن سوق الكتب في مصر يضم المئات من دور النشر، بعضها ينشر ما لا يمكن نشره في مجلة مدرسية لتلاميذ في الابتدائية، ودور أخرى تعتمد الجودة والمهنية والانتشار، المشهد لن يختلف كثيراً، لكنه سيكون مفيداً للموهوبين وللبعيدين عن صناعة السينما وقصور الثقافة".
حلقة مفقودة في مجال النشر
يثمن الناشر والشاعر إسلام شمس أهمية وجود "الوكيل الأدبي"، ويعتبره "حلقة مهمة مفقودة في مجال النشر"، وذلك بالنسبة للكاتب والناشر، يقول: "بالنسبة للكاتب فهو يساعده على التفرغ للإبداع فقط دون أن يستنزف وقته وفكره وتركيزه في جوانب تعاقدية أو تسويقية أو دعائية، وهكذا أيضاً بالنسبة للناشر، لأنه سيكون أكثر تفهماً ومعرفة باعتبارات السوق، من جهة التوزيع والتعامل مع المكتبات والموزعين والمعارض".
هل لدينا في الوسط الثقافي من هو مؤهل للعب دور الوكيل الأدبي؟ وإن وُجد وكيل أدبي بالمواصفات المطلوبة، فهل لدينا كاتب عربي سيتخلى عن نرجسيته، ويترك للوكيل الأدبي قيادة الدفة؟
ويفضل إسلام كناشر التعامل مع "وكيل أدبي" فيما يخص التعاقد، والحقوق، والواجبات، والالتزامات المادية، ومتابعة سير العمل في النواحي التسويقية والترويجية، "لأن المؤلف بطبيعته النرجسية عادةً ما يكون سقف توقعاته وتطلعاته بعيداً عن الواقع، وهو ما يجعله دائماً غير راضٍ عن أداء الناشر، مما يؤثر على التعاون المطلوب بينهما لصالح نجاح وانتشار الكتاب".
ويستدرك إسلام، مشدداً من جهة أخرى على ضرورة التعامل المباشر بين الناشر والمؤلف بدون وسيط، خاصة في الأمور الفنية التي تخص العمل.
مشقة الكاتب والناشر
"هل لدينا في الوسط الثقافي من هو مؤهل للعب دور (الوكيل الأدبي)؟". يطرح إسلام تساؤلاً، مشدداً على أهمية توافر بعض المؤهلات في الشخص ليكون وكيلاً أدبياً، أن يجمع بين المعرفة الكافية بصناعة النشر وآلياتها ومتطلباتها، وتوجهات القارئ، وقوانين الملكية الفكرية، وعلاقات مع النقاد والإعلاميين والمؤسسات الثقافية، وكذلك المعارض والموزعين محلياً، وإقليمياً، ودولياً، وأن يكون لديه الحس الإبداعي والوعي الفكري والثقافي.
"وإن وجد وكيل أدبي بهذه المواصفات، فهل لدينا كاتب عربي سيتخلى عن نرجسيته، ويترك للوكيل الأدبي قيادة الدفة؟"، يتساءل إسلام مرة أخرى.
"أنا مؤمنة بضرورة وجود وكيل أدبي في مصر لكل كاتب فهو يحمل عن الكاتب عبء القيام بمهام ليست من تخصصه ويتيح له الوقت للتفرغ لإبداعه"، تقول نورا ناجي، وكأنها تجيب على سؤال إسلام الناشر.
تشعر نورا بالسعادة لتعاملها مع وكيل أدبي فيما يخص عملها كمترجمة لبعض الأعمال الأدبية الأجنبية، وهي التجربة التي وصفتها بأنها "ناجحة ومريحة لأبعد حد". وتتمنى انتشارها بين كل الكتاب ودور النشر المصرية.
وتقارن نورا بين صورة الكاتب المفترضة وواقعه، وتقول لرصيف22: "المفترض كما هو معروف عالمياً أن رأس مال الكاتب وقته، فهو يتربح من كل شيء يقوم به، سواء كان كتابة أعمال أو عقد لقاءات إعلامية، وحضور ندوات ثقافية، وجلسات استماع، وحفلات توقيع، ومن يأتي بحقوقه المادية هو الوكيل الأدبي".
أما في الواقع المصري فـ"الوضع مختلف، فتعامل الكاتب مباشرة مع الجمهور يسبب له الكثير من الحرج، ولا يحصل على أي ربح من أي نشاط يقوم به، حتى حصوله على عائد بيع مؤلفاته مسألة مرهقة نفسياً، تسبب مشاكات كبيرة بينه وبين الناشر، لذلك وجود الوكيل الأدبي في مصر أصبح حتمية لاغنى عنها لضمان حقوق الكاتب وتشجيعه على الإبداع".
"لو كان هناك وكيل أدبي للكاتب، لما وجدنا دار نشر تأكل حقوقه، فنحن كمبدعين نوقع العقود دون أن نقرأها بعناية، ولكن الوكيل الأدبي يملك خلفية قانونية وتجارية كافية، تمكنه من حفظ الحقوق، وهو ما يجعل العمل بين الطرفين سلسل ومريح"، تقول نورا منهية حديثها لنا.
وكيل بمواصفات خاصة
يتفق الروائي هشام شعبان مع نورا ناجي في ضرورة تفعيل دور الوكيل الأدبي في مصر، وتعميمه بشكل كبير، ويضيف لرصيف22: "لا يخفى على أحد أن كثيراً من الكتّاب يعانون لغياب "الوكيل الأدبي"، وتلك المعاناة تتمثل في بذلهم الكثير من الجهد والوقت للتعاقد مع دور النشر، ودفع تكاليف إصداراتهم في بعض الأحيان إلى جانب النزاعات مع الناشرين بشأن الحقوق أحياناً، وبشأن عدم قيام الناشر بدوره في تسويق الكتب، ما يؤدي بالمؤلف إلى الانشغال عن مهمته الأساسية كمبدع".
كثير من الكتّاب يعانون لغياب "الوكيل الأدبي"، وتلك المعاناة تتمثل في بذلهم الكثير من الجهد والوقت للتعاقد مع دور النشر، ودفع تكاليف إصداراتهم في بعض الأحيان إلى جانب النزاعات مع الناشرين بشأن الحقوق أحياناً، وبشأن عدم قيام الناشر بدوره في تسويق الكتب... هل تتفقون مع هذا الرأي؟
ويشير شعبان إلى قيام مديري المجموعات الثقافية على وسائل التواصل الاجتماعي بدور الوكيل الأدبي، "ولكن ذلك لا يمكن اعتباره طريقاً مثالية، يغني الكتّاب عن فكرة الوكيل، كما أن به الكثير من العوار، وهذا يقودنا إلى إشكالية كبيرة في حال وجد الوكيل الأدبي أن يؤدي إلى "تلميع" بعض الكتّاب قليلي الموهبة على حساب المبدعين الحقيقيين".
لا يرفض الناشر يوسف ناصف مهنة "الوكيل الأدبي"، ولكنه يؤكد على أن وجودها في الوسط الثقافي المصري "صعب ويحتاج إلى مواصفات خاصة".
يوضح: "سوق النشر في مصر والوطن العربي غير مؤهل للتعامل مع وكيل أدبي، على عكس ما يحدث في الخارج، ففي الدول الأجنبية عملية النشر تدر ربحاً كبيراً على الناشر والكاتب مما يتيح فرصة كبيرة لوكيل أدبي يعمل كوسيط لتنظيم التعامل بينهما".
"في مصر الوضع مختلف كلية، فالنشر يتم "بالعافية" نظراً لظروف كثيرة لا تخفى على أحد، لذلك يصعب وجود الوكيل الأدبي في مصر كمهنة متعارف عليها، ويصعب نجاحها في المناخ الموجود الذي نعاني من جميعاً، ناشرين وكتاب على حد سواء".
يشرح ناصف وجهة نظره أكثر: "قبل أن نهتم بوجود الوكيل الأدبي، يجب أن نحل مشاكل سوق النشر في مصر أولاً، حتى يصبح المناخ مهيأً، فارتفاع الأسعار وتزوير الكتب وحقوق الملكية الفكرية كلها ظروف تعرقل مسيرة النشر، وتدفع دوراً كثيرة للتوقف، حينما نجد حلولاً فعلية لهذه المشاكلات، سوف يصبح وجود الوكيل الأدبي أمراً مقبولًا".
تجربة وكيل أدبي في مصر
باسم الخشن، كاتب ومؤسس لـ"وكالة أدبية" في مصر، يتحدث عن تجربته: "نحن موجودون منذ خمسة أعوام تقريباً، ندرس ونراقب ونتابع عملية النشر".
ويضيف: "بدأنا بشكل رسمي منذ عام في مجال الترجمة.، إذ تعاقدنا كوكيل حصري مع العديد من الكتاب الأجانب لترجمة أعمالهم للغة العربية، وفزنا بتعاقدات مع أهم الأسماء الأجنبية في مجال الفانتازيا والخيال العلمي، مما سهل على دور النشر الكثير من الإجراءات المزعجة، وشجع العديد من الكتاب الأجانب على التعامل معها بعد تسهيل الأمر وتنظيمه من قبلنا".
إلى جانب الترجمة، يمثل باسم الخشن العديد من الكتاب العرب في مصر وخارجها، ويؤكد أن "الجودة والاختلاف هي أساس التعامل مع وكالته، فلا يهمه أن يكون الكاتب نجماً بالمعنى المتعارف عليه، بقدر ما يهمه مستوى الإبداع المقدم واختلافه عن المطروح".
ويعبر باسم عن أسفه لعدم تقدير دور النشر لأهمية وجود الوكيل الأدبي كحلقة اتصال مهمة بينها وبين الكاتب، وتقتصر في تقييمها "على خبرتها في مجال النشر؛ لذلك ترفض التعامل معنا، كوسيط وتعتبر وجودنا "تكبراً" من الكاتب عليها، وهناك للأسف من يعتبرنا منافساً له وهذا أمر لا أفهمه".
ويوجز باسم رؤيته لمهنة الوكيل الأدبي، منهياً حديثه معنا: "الكاتب وظيفته الإبداع فقط، أما ما يخص "بيزنيس النشر" من تعاقدات وتسويق ومتابعة الحقوق والأرباح، فيحتاج إلى "بيزنيس مان شاطر"، يضمن حقوق الطرفين ويتيح الفرصة لكل طرف أن يقوم بما يخصه على أكمل وجه، دون أن يشغل باله بمسائل مرهقة، فالوكيل الأدبي ييسر الأمور، ولا يعرقلها كما يعتقد البعض".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع