شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
بعد عقود من التعتيم... إسرائيل

بعد عقود من التعتيم... إسرائيل "تراضي" مصر بـ"نُصب تذكاري" لجنودها الذين حُرقوا أحياء

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 30 نوفمبر 202204:53 م


بعد نحو 5 أشهر من الصمت، كشف الصحافي الإسرائيلي يوسي ميلمان المختص بالشؤون العسكرية، مساء الإثنين 28 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري عن اعتزام دولته إقامة نصب تذكاري لجنود الصاعقة المصريين، الذين قضوا حرقاً في جريمة حرب إسرائيلية عندما وقعوا في الأسر خلال حرب 1967، واكتشفت رفاتهم في مقبرة جماعية في يوليو/ تموز الماضي، وقد أقيم فوقها موقف سيارات تابع لحديقة عامة في منطقة اللطرون في فلسطين المحتلة.

جاء الكشف عن الجريمة الإسرائيلية بعد ما يزيد على خمسة عقود من التعتيم، إلى أن كشف صحافي إسرائيلي عن المقبرة الجماعية التي ضمت بقايا الجثامين المحترقة لما لا يقل عن 20 جندياً من قوات الصاعقة المصرية.

وفيما اكتفت السلطات المصرية في مواجهة الغضب الشعبي الذي احتشدت به وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام المحلي وقتها، بإصدار بيان من الخارجية المصرية، تطالب فيه سلطات دولة الاحتلال بالتحقيق في ما تم اكتشافه؛ لم تعلن السلطات الإسرائيلية عن نتائج التحقيق الذي طالبت به القاهرة، ولم تظهر حتى الآن نية لمحاسبة المسؤولين عن المحرقة، إلا أنها تعتزم إقامة نصباً تذكارياً لـ20 مقاتلاً من قوات الصاعقة المصرية، اكتشفت جثامينهم المحترفة في المقبرة الجماعية الواقعة تحت حديقة ومتنزه للأطفال.

لم تكن تلك الجريمة هي الأولى التي تكشف عنها الصحف الإسرائيلية وكذلك مخرجي الأفلام الوثائقية الإسرائيلية، ولا يزال الإعلام الإسرائيلي هو المصدر الأول للمعرفة بجرائم الحرب الإسرائيلية المرتكبة في حق الفلسطينيين والمصريين وغيرهم من الشعوب التي واجهات الاحتلال الإسرائيلي لأراضيها.

لم تعلن السلطات الإسرائيلية عن نتائج التحقيق الذي طالبت به القاهرة، ولم تظهر حتى الآن نية لمحاسبة المسؤولين عن المحرقة، إلا أنها تعتزم إقامة نصباً تذكارياً لـ20 مقاتلاً من قوات الصاعقة المصرية، اكتشفت جثامينهم المحترفة في المقبرة الجماعية الواقعة تحت حديقة ومتنزه للأطفال

نزهة هادئة فوق جثث مصرية

يوم الجمعة 8 يوليو 2022، كشف ميلمان نفسه عن تفاصيل المجزرة، التي وقعت في اللطرون، شمال غربي القدس المحتلة، وهي قرية فلسطينية هجرت قوات الاحتلال أهلها قسراً، تقع بين القدس ويافا. ونقلت صحف عبرية أخرى روايته، بينها "هآرتس" و"يديعوت أحرونوت" و"جيروزاليم بوست"، وغيرها.


وفي حرب 1967، هزم الجيش الإسرائيلي الجيوش العربية، واحتل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية (كانت تحت السيطرة الأردنية) وقطاع غزة (كان تحت السيطرة المصرية)، وشبه جزيرة سيناء، ومرتفعات الجولان السورية.

وكتب ميلمان: "بعد 55 عاما من التكتم والسرية الشديدة، يمكنني أن أكشف عن أن ما لا يقل عن 20 جندياً مصرياً أحرقوا أحياء ودفنهم الجيش الإسرائيلي في مقبرة جماعية، لم يتم وضع علامات عليها، ودون تحديد هويتها، مخالفاً لقوانين الحرب، في دير اللطرون (قرب القدس)"، موضحا أن "الواقعة حدثت خلال حرب الأيام الستة"، في إشارة إلى حرب يونيو 1967.

إذاعة الجيش الإسرائيلي أشارت إلى أن الجثامين تعود لجنود من قوات الصاعقة المصرية، وأقيمت فوقها حديقة للأطفال تدعى "ميني يسرائيل". وكشف ميلمان عن أن الجنود كانوا موجودين في تلك المنطقة، وفق اتفاقية الدفاع المشترك بين الرئيس المصري جمال عبدالناصر وملك الأردن حسين بن طلال – آنذاك – قبل أيام من نشوب الحرب، حيث كان الأردن يسيطر على الضفة الغربية.

بحسب المعلومات اتي كشفها الصحافي والكاتب المختص بالشؤون العسكرية والاستخباراتية، نشرت مصر كتيبتي صاعقة في الضفة الغربية بالقرب من اللطرون، كانت مهمتهم الهجوم داخل الأراضي المحتلة والاستيلاء على اللد والمطارات العسكرية القريبة.

ووفق سجلات الحرب في الأرشيف الإسرائيلي "معارك 67 - اللطرون"، كانت هناك قوة صغيرة من الفيلق الأردني في جيب اللطرون، شمال القدس، وانضمت إليها قوة من الصاعقة المصرية من الكتيبة 33 من وحدة النخبة، كانت تضم نحو 100 جندي.

خططت القوة المصرية للسيطرة على قواعد سلاح الجو في اللد وتل نوف والرملة، بينما تمركزت أمامها قوات اللواء القطري 4 التابع للجيش الإسرائيلي وقليل من قوة الناحل وقوة من المستوطنات اليهودية، وكان يقود المنطقة آنذاك المقدم (احتياط) زئيف بلوخ، وهو من مؤسسي كيبوتس "نحشون"، وهو تجمع زراعي عسكري كان من دعائم الحركة الصهيونية في الأراضي الفلسطينية.

كان جنود الصاعقة المصرية تائهين في المنطقة ومن دون خرائط في اليوم الأول للحرب 5 يونيو/ حزيران 1967، حيث كانوا مجهزين بمعلومات قديمة، عندما أدركوا أنه لا يوجد مطار في الرملة، وبدأوا في مهاجمة كل مركبة وكل شخص رأوه، حينها لاحظهم بلوخ وعناصر من "نحشون" الذين اعتقدوا في البداية أنهم إسرائيليون، وعندما اتضح أنهم مصريون تم إرسال قوت لمواجهتهم بدبابات ناحال.

لم تكن تلك جريمة الحرب الأولى التي تكشف عنها الصحف الإسرائيلية، ولا يزال الإعلام الإسرائيلي هو المصدر الأول للمعرفة بالجرائم الإسرائيلية المرتكبة في حق الفلسطينيين والمصريين وغيرهم من الشعوب التي واجهات الاحتلال الإسرائيلي لأراضيها

تبادل الجنود المصريون والإسرائيليون إطلاق النار، حيث قتل العشرات من الطرفين، إلا أن جنود الصاعقة لم يستسلموا بسهولة، مع واستمرار المعركة، أمر بلوخ بإحضار قذيفة هاون من عيار 52 ملم، وأطلق قذائف على القوة المصرية، الذين كانوا يحتمون في حقول من الشوك في "المنطقة الحرام" في وادي أيالون، ليحترقوا أحياء في غضون دقائق، وفقا لميلمان.

بينما بحسب بلوخ، تم حرق الجنود المصريين بعد رمي القنابل الفوسفورية التي تسببت في مقتل 80 جندياً وأسر الباقين، وكشف الراهب في دير اللطرون غي خوري، في مذكراته، عن أن قوة من الجيش الإسرائيلي وصلت إلى الكيبوتس، ترافقها جرافة، وحفرت قبراً في المكان بطول 20 متراً، وتم دفن الجنود المصريين بها، وتغطية جثامينهم بالتربة.

وفقاً لميلمان، شاهد بلوخ وبعض أعضاء (كيبوتس) نحشون برعب الجنود الإسرائيليين ينهبون الممتلكات الشخصية للقتلى المصريين، ويتركون المقبرة الجماعية بدون علامات".

يُذكر أن حديقة "ميني يسرائيل" افتُتحت في عام 2000، وهي تحتوي على نسخ مصغرة من المباني التي أنشأها الاحتلال، بالإضافة إلى معالم تاريخية وأثرية ودينية، من بينها المسجد الأقصى، فضلا عن قاعات اجتماعات ومطاعم واستراحات.

تعهُّد لم يتحقق

بعد يومين من الكشف عن المجزرة، كلفت وزارة الخارجية المصرية سفارتها في تل أبيب بمطالبة السلطات الإسرائيلية بتوضيح حقيقة ما نشرته وسائل الإعلام العبرية بشأنها.

وأشارت إلى أنه رداً على سؤال بشأن ما تردد في الصحافة الإسرائيلية اتصالاً بوقائع تاريخية حدثت في حرب عام ١٩٦٧، ذكر المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير أحمد حافظ بأنه تم تكليف السفارة المصرية في تل أبيب بالتواصل مع السلطات الإسرائيلية لتقصي حقيقة ما يتم تداوله إعلامياً.

وأوضح المتحدث الرسمي للوزارة أنه تم تكليف السفارة المصرية في تل أبيب بالمطالبة بتحقيق لاستيضاح مدى مصداقية هذه المعلومات وإفادة السلطات المصرية بشكل عاجل بالتفاصيل ذات الصلة، كما تواصل السفارة المصرية في إسرائيل متابعة هذا الموضوع.

في اليوم ذاته، تلقى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اتصالاً هاتفياً من رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، تم التوافق خلاله على قيام السلطات الإسرائيلية بتحقيق كامل وشفاف بشأن ما تردد من أخبار في الصحافة الإسرائيلية حول الواقعة.

وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية، في بيان، بأن لابيد أكد أن الجانب الإسرائيلي سيتعامل مع هذا الأمر بكل إيجابية وشفافية، وسيتم التواصل والتنسيق مع السلطات المصرية بشأن مستجدات الأمر بغية الوصول إلى الحقيقة.


كما نشر وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، تغريدة تحدث فيها عن مناقشته موضوع المقبرة مع رئيس المخابرات المصرية عباس كامل.


أوعز رئيس الوزراء الإسرائيلي، إلى سكرتيره العسكري، آفي جيل، بالتحقق من المعلومات، وبعد تأكيد الواقعة، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن أنه من المتوقع أن يصل وفد مصري إلى تل أبيب قريبا لتنسيق إقامة النصب التذكاري، الذي تأمل إسرائيل أن يصلح العلاقات مع النظام المصري.


لم يبدُ أن السلطات الإسرائيلية تنوي فتح الملف إلا بعد تحرك مصري رسمي بعد غضب وضغط شعبي كبيرين مما نشرته الصحافة العبرية بشأن المجزرة، وسط مطالبات بمقاضاة إسرائيل دوليا، وتخليد ذكرى شهداء الواقعة بإعلان قائمة بأسمائهم وتكريمهم عبر عائلاتهم وذويهم، مع مطالبة وزارة الدفاع (الحربية سابقا) بحصر أسماء الشهداء المصريين على أيدي الجنود الإسرائيليين، فضلا عن الآخرين المفقودين، وتحديد المسؤولية السياسية والعسكرية عما جرى لهم، وهو الأمر الذي من المتوقع أن تترتب عليه تبعات كبيرة في مستوى العلاقات بين البلدين.

في عام 2000، اكتشف عُمَّال مصريون في سيناء مقبرة تضم جثث 52 جندياً مصرياً قتلهم جنود الاحتلال رمياً بالرصاص، في ما عرف بـ"مذبحة رأس سدر"، التي أنكر يشياهو جافيش، قائد الجبهة الجنوبية الإسرائيلية في الحرب، معرفته بها، مصراً على أن احتلال المنطقة تم من دون قتال

سجل طويل من الجرائم 

لم تكن مجزرة اللطرون الجريمة الوحيدة التي ارتكبها الجنود الإسرائيليون ضد المصريين – عسكريين ومدنيين – ففي عام 1967 ذاته، وعقب احتلال شبه جزيرة سيناء، تم ذبح جنود مصريين ودفن آخرين أحياء على أيدي حملة "شاكيد" العسكرية، التي قادها الضابط الإسرائيلي، بنيامين بن أليعازر، الذي شغل مناصب رفيعة في عدد من الحكومات الإسرائيلية منها منصب وزير الدفاع، وراح ضحية المجزرة حينها 250 جندياً.

الذاكرة المصرية لا تنسى أيضاً عدداً من الجرائم الأخرى التي ارتكبتها قوات الاحتلال آنذاك، وعلى رأسها مذبحة مصنع أبي زعبل ومجزرة مدرسة قرية بحر البقر، في 12 فبراير و8 أبريل 1970، فضلا عن إسقاط الطائرة المدنية الليبية في 21 فبراير 1973 فوق سيناء المحتلة، ومعها 106 شهداء، من بينهم المذيعة سلوى حجازي.

في عام 2000، اكتشف عُمَّال مصريون في سيناء مقبرة تضم جثث 52 جندياً مصرياً قتلهم جنود الاحتلال رميا بالرصاص، في ما عرفت بـ"مذبحة رأس سدر"، التي أنكر يشياهو جافيش، قائد الجبهة الجنوبية الإسرائيلية في الحرب، معرفته بها، مصرا على أن احتلال المنطقة تم دون قتال، بعد انسحاب الجيش المصري، قبل أن يتم تجريده من رتبته بعدد تأكد الواقعة لاحقا.

وعلى مدار العقود الماضية، احتفظت كثبان الصحارى في سيناء وفلسطين بجثامين الشهداء الذين قُتلوا في الحروب العربية-الإسرائيلية، لا سيما حرب يونيو/حزيران 1967، حين دفع آلاف الجنود ثمن الانسحاب غير المُخطَّط؛ فوجدوا أنفسهم في قلب الصحراء بلا عتاد ولا مداد ولا غطاء جوي، فريسة للإسرائيليين الذين رأوهم يتجوَّلون في الصحراء عطشى وجوعى، ومن ثمَّ قرَّروا قتلهم بعد أن استسلموا للقوات الإسرائيلية. وقد ظلَّ المصريون يكتشفون المرة تلو المرة العشرات من السُّترات العسكرية هنا وهناك في سيناء، التي أنبأتنا بجريمة إسرائيلية قديمة (من حيث وقوعها) وجديدة (من حيث معرفتنا بها) لإضافتها إلى سجل جرائم الاحتلال. وآخر تلك الاكتشافات ما وجده

وفي 2008، عثر مواطن على رفات 120 جنديا مصريا بلباسهم العسكري، في أثناء وضع حجر أساس لمنزل جديد بمدينة الشيخ زويد في شمال سيناء، كما تم اكتشاف رفات عشرات الجنود المصريين في مدينة "أم الرشراش" إيلات، اخترقت الرصاصات ملابسهم العسكرية،

كما كشف رقيب خدم في الجيش المصري أثناء حرب 1967، تفاصيل إجباره على دفن عدد من زملائه الأسرى في مقبرتين بالقرب من مدينة العريش.

في العدوان الثلاثي – إنجلترا وفرنسا وإسرائيل - سقط العديد من المصريين المدنيين والعسكريين في منطقة قناة السويس، دون حصر كامل بأعدادهم حتى الآن، وكشف الجنرال المتقاعد "أرييه بيرو" عن وقوع عدد من حوادث القتل "غير الضرورية" أثناء حرب 1956 وراح ضحيتها مئات الجنود المصريين، مؤكدا إشرافه بنفسه على قتل 49 مصريا.

علام تنص المعاهدات الدولية؟

مثل أوقات السلم، الحروب أيضا لها قوانين وقواعد تحكمهما، الأمر ليس متروكا لأطراف النزاع، حيث جرى تعريف جرائم الحرب بأنها قد ترتكب خلال نزاع داخلي أو حرب بين دولتين، فيما يمكن ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وقت السلم أو خلال عدوان أحادي الجانب قد يقوم به جيش ما ضد مجموعة من السكان العزل.

ويندرج تحت وصف "جرائم الحرب" الكثير من الممارسات مثل جرائم احتجاز الرهائن والقتل العمد والتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية لأسرى الحرب.

وفي هذا السياق، حدد نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والمشتق من اتفاقيات جنيف لعام 1949 "جرائم الحرب" بأنها انتهاكات خطيرة للقوانين الإنسانية أثناء النزاعات والحروب، تمهد الطريق أمام تحميل الأفراد مسؤولية ممارسات دولة ما أو جيشها.

بعد أن يقع أسرى الحرب في قبضة العدوّ، يصبحون عرضة لأعمال الانتقام والضغط والإذلال على وجه الخصوص، ويحدّد وضع أسرى الحرب بالتفصيل في الموادّ المائة والثلاث والأربعين التي تتألف منها اتفاقيّة جنيف الثالثة، والتي تنظم حماية المقاتلين الذين يقعون في قبضة القوة المعادية وظروف احتجازهم.

وتنص المعاهدات الدولية على كيفية معاملة الأسرى، فإذا وقع أسرى أثناء الحرب يجب معاملتهم بطرق محددة بحسب نصوص القانون الدولي في معاملة الأسرى، حيث يعتبر كل مقاتل يقع في قبضة الطرف الخصم أسير حرب. وقد وسّع البروتوكول الأول لعام 1977 هذه القاعدة لتجنب الجدل حول انتماء المقاتل إلى القوات المسلحة. ويسمح هذا البروتوكول بتطبيق وضع أسير الحرب على مختلف أعضاء الجماعات التابعة إلى قوات مسلحة وكل شخص شارك في الأعمال العدائية.

وذكرت الاتّفاقيّة الثالثة والبروتوكول الإضافي الأول أنه في حال الشك فيما إذا كان شخص ما يستحق وضع أسير الحرب، ليس من صلاحية سلطة الاحتجاز البتّ في الأمر، إنما يجب على المحكمة النظر في المسألة.

ومن ضمن الحقوق والالتزامات التي حددتها اتفاقيّة جنيف الثالثة، معاملة أسرى الحرب معاملة إنسانية في جميع الأوقات، حيث يُحظر أن تقترف الدولة الحاجزة أي فعل أو إهمال غير مشروع يسبِّب موت أسير في عهدتها، ويعتبر انتهاكاً جسيماً (اتفاقيّة جنيف 3 المادة 13).

ولا تمنع الاتّفاقيّة الاستجواب إنما لا يجوز ممارسة أي تعذيب بدني أو معنوي أو أي إكراه على أسرى الحرب لاستخلاص المعلومات منهم من أي نوع. ولا يجوز تهديد أسرى الحرب الذين يرفضون الإجابة أو سبهم أو تعريضهم لأي إزعاج أو إجحاف. ويجري استجواب أسرى الحرب بلغة يفهمونها (اتفاقية جنيف 3 المادة 17). ولا يجوز حرمان أسرى الحرب من أغراضهم الشخصية (اتفاقية جنيف 3 المادة 18).

ويجب نقل أسرى الحرب وبأسرع وقت ممكن بعد أسرهم إلى معسكرات تقع خارج مناطق القتال. ويجب أن تتمّ عملية الإجلاء بطريقة إنسانية وفي ظروف مماثلة لظروف إجلاء قوات الدولة الحاجزة عند تغيير مواقعهم، ويجب تزويد أسرى الحرب بما يكفي من الطعام وماء الشرب والملابس والعناية الطبية الضرورية (اتفاقية جنيف 3 المادتان 19 و20).

وفقا لذلك، تعد مجزرة اللطرون، وغيرها من الجرائم التي ارتكبها الجنود الإسرائيليون جرائم حرب لا تسقط بالتقادم، وقد تمهد الطريق أمام القاهرة لمقاضاة تل أبيب دوليا، والمطالبة باعتذارات رسمية وتعويضات مناسبة لأسر الضحايا، لكن هل تفعل السلطات المصرية ذلك، أم تكتفي بمجرد اعتذارات شفهية ونصب تذكاري؟


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard