شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
افتتاح جاف للـ

افتتاح جاف للـ"مونديال"... مقاهي مصر لا تزال تنتظر الجمهور والحماس

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والحقوق الأساسية

الاثنين 21 نوفمبر 202202:46 م


تمثل مواقيت المسابقات الكروية العالمية مواسم مضمونة للمقاهي الشعبية و"الكافيهات" في مصر لجذب الزبائن وتحقيق الأرباح.

عادة ما تكتفي المقاهي الشعبية بارتفاع في أسعار المشروبات تراوح بين 80 و 100 بالمائة، مقاه أخرى في بعض المناطق الشعبية تحدد سعراً للكرسي من دون النظر إلى طلب "المشاريب" ويراوح سعر الكرسي في المقاهي الشعبية في القاهرة ما بين 5 و 10 جنيهات، بحسب موقع المقهى وحجم شاشة العرض. أما المقاهي التي ترفع لافتة "الكافيهات" فتفرض "مينمم تشارج" أي حداً أدنى للمبلغ المدفوع من روادها أثناء المباريات الهامة وترتفع التسعيرة في كل الأحوال إن كان فريق مصري مشاركاً في المباراة المعروضة.

لا يرتبط هذا السلوك التجاري الخدمي فقط بارتباط المصريين بطقوس المشاهدة والتشجيع الجماعي في مباريات الكرة، وإنما تأثر وازداد حجم هذا "البيزنس" بفعل تراجع مستويات الدخول واحتكار بعض القنوات المشفرة لبث المباريات العالمية الكبرى مقابل اشتراكات، في وقت لا تكفي دخول معظم المصريين لدفع هذه الاشتراكات.

كان العام  2002، هو المرة الأخيرة التي بثت فيها القنوات المصرية (بث مفتوح مجاني) مباريات كأس العالم لكرة القدم، قبل أن تمنع الاحتكارات والأموال الطائلة التي يطلبها الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" مقابل حقوق البث. بعدما انقسم المصريون بين ثلاث فئات، فئة تدفع الاشتراكات، وفئة تلجأ لـ"الوصلة" وبديلها الجديد IPTV ومجموعة ثالثة يعيقها ضيق ذات اليد والمعرفة التكنولوجية المحدود عن هذا وذاك فتكتفي بالمشاهدة في المقاهي.

تمثل مواقيت المسابقات الكروية العالمية مواسم مضمونة للمقاهي الشعبية و"الكافيهات" في مصر لجذب الزبائن وتحقيق الأرباح، لكن الحالة الاقتصادية الصعبة ألقت بظلالها القاتمة على موسم التشجيع هذا العام

في هذا العام، لم تشهد ليلة افتتاح مباريات كأس العالم لكرة القدم إقبالاً كبيراً كالذي تشهده تلك الأحداث الكروية عادة. وبين أعداد متوسطة وقليلة، جاء بعض عشاق كرة القدم إلى المقاهي الشعبية لمتابعة حفل الافتتاح والمباراة الأولى التي أقيمت مساء الأحد، 20 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري بين منتخبي قطر (الدولة المضيفة) والإكوادور.

أين الجمهور؟

تختلف النسخة الحالية من كأس العالم عن مونديال روسيا 2018 الذي شارك فيه المنتخب المصري، في رأي"الحاج رمضان" مالك مقهى "اللمبي" الشعبي في منطقة الرأس السوداء بالإسكندرية، مرجعاً ضعف الإقبال في الليلة الأولى للمونديال إلى غياب المنتخب المصري والظروف الاقتصادية الحالية.

الأقمار المتاحة والقنوات غير المُشفرة الناقلة للمباريات (يبث التلفزيون الإسرائيلي الذي يمكن استقبال إرساله في مصر المباريات مجاناً)، خلقت حلاً بديلاً، حسب رمضان، الذي يتوقع ضعف الإقبال على المقاهي خلال موسم المونديال الحالي. إلا أن ذلك لم يمنعه من الاستعداد لموسم كأس العالم بتجهيز "الفرش" بزيادة عدد المقاعد ودفع اشتراك القنوات الناقلة للمونديال، وتوفير عمالة إضافية، واصفاً المشاهدة في المقاهي بأنها "روح الناس"، خاصة في أوقات المباريات الكبرى.

لم يلجأ رمضان كغيره من أصحاب المقاهي المجاورة لتحديد سعر"الكرسي" إضافة لزيادة ثمن المشروبات، مكتفياً أن تكون مشاهدة المباريات مقابل مشروب. يقول لرصيف22 إنه لم يقبل زيادة العبء على مُحبي كرة القدم ورواد مقهاه، وقرر الالتزام بالأسعار المُحددة للمشروبات بين 5 جنيهات و14 جنيهاً. موضحاً أن متوسط سعر المقعد في المقاهي الشعبية المجاورة 10 جنيهات، إضافة لثمن المشروب، وتشترط بعض المقاهي تقديم مشروب في الشوط الأول وآخر في الشوط الثاني.

عادة تكتفي المقاهي الشعبية بزيادة أسعار المشروبات بنسبة تراوح بين 80 و 100 بالمائة، مقاهٍ أخرى تحدد سعراً للكرسي من دون النظر إلى طلب "المشاريب" ويراوح سعر الكرسي في المقاهي الشعبية في القاهرة ما بين 5 و 10 جنيهات، بحسب موقع المقهى وحجم شاشة العرض

يتفق محمد غالي، صاحب مقهى"غالي" في الجيزة مع رمضان، حول تأثير "الوصلة" على نشاط المقاهي ومدى الإقبال حتى في موسم مثل كأس العالم، موضحاً أنه كان يلجأ سابقا لتسعير الكرسي مقابل 5 جنيهات، كقيمة منفصلة عن تكلفة المشروب، إلا أن الظروف الاقتصادية الحالية أجبرته على إضافة جنيه إلى ثمن المشروب فقط من دون تسعير للمقاعد في محاولة لجذب الرواد وإعادتهم للمقهى.

في مقهى "بطاطا" بالإسكندرية يرفض إسلام، مالك المقهى، تسعير المقاعد "شفقة بعشاق كرة القدم". يقول لرصيف22 إن المقاهي في المناطق الشعبية تسعى للحفاظ على زبائنها وتراعي إمكانياتهم المادية، وأن صاحب المقهى يحاول الموازنة بين ما أنفقه على تجهيزات المقهى لكأس العالم ودفع اشتراكات القناة، فُيلزم المُشجعين بطلب مشروب واحد على الأقل. موضحاً أن أسعار المشروبات في مقهاه تراوح بين 4 و10 جنيهات فقط.

شتاء و"توفير"

تمتد ساعات العمل في كثير من المقاهي في مصر إلى 24 ساعة، خاصة إذا كانت تحظى بمواقع في شوارع جانبية نادراً ما تزورها دوريات الشرطة التي تسعى إلى تطبيق قرار مجلس الوزراء بإغلاق المقاهي عند انتصاف الليل خلال أشهر الشتاء. وعادة ما تكتفي دوريات الشرطة بتحصيل الغرامات الفورية عوضاً عن تطبيق قرار الإغلاق، على ما يضيفه ذلك من تكلفة تشغيل بالنسبة لأصحاب المقاهي.

 قدرة المقاهي على التخلص من عبء تنفيذ هذا القرار، يتيح لها الاستفادة بشكل أكبر من موسم مباريات كأس العالم، حسبما يؤكد عصام عبدالرحمن، مالك "كافيه" على البحر في منطقة العصافرة شرق محافظة الإسكندرية.

يقول عبد الرحمن لرصيف22 إن المقاهي والكافيهات تعمل طوال اليوم، إضافة لأن مواعيد المباريات لا تتعارض مع قرارات الغلق، في حالة تطبيقها. ويرى أن توقيت البطولة من حيث تزامنها مع فترة الدراسة وفصل الشتاء يفرض "محدودية الجمهور" ويحدد نوعيته: "النسخ السابقة من كأس العالم كانت تشهد جمهوراً أوسع ونوعيات مختلفة خاصة مع مشاركة مصر في الدورة السابقة وإقامة المسابقة في فصل الصيف حيث يميل الناس للخروج والسهر ويزداد عدد الطلاب بين فئات رواد المقاهي والكافيهات.

أصحاب مقاهٍ في الجيزة والقاهرة والأسكندرية تراجعوا خلال موسم المونديال الحالي عن تحديد سعر للكرسي، أملاً في جذب الجمهور، إذ تعاني مقاهيهم منذ أشهر من تراجع في أعداد الزبائن نتيجة للضغوط الاقتصادية

اتفق صالح، مالك مقهى صغير في منطقة سيدي بشر مع سابقه، موضحاً في حديثه لرصيف22 أن التوقيت الشتوي وقرارات الغلق لا تتناسب مع طبيعة عمل المقاهي، فالجميع يعمل طوال 24 ساعة تقريباً، مضيفاً أن قرارات الغلق ليست العائق أمام إقبال الجمهور على المقهى، فالحالة الاقتصادية وانشغالهم بأمورهم الحياتية أبعداهم عن الوجود لفترات طويلة، آملاً أن يُعيد كأس العالم نسب الحضور لما كانت عليه السنوات الماضية.

بدء المباريات في ساعة مبكرة من اليوم يتحكم في  ضعف الإقبال على المقاهي، حسب مازن، مالك مقهى في القاهرة.

يقول مازن لرصيف22 إن "الإقبال الحقيقي يكون مع مباريات الساعة السادسة بعد انتهاء فترة العمل"، وعلى عكس غيره من أصحاب المقاهي يبدأ استعداداته للبطولة بمضاعفة عدد المقاعد، والعمالة، وغيرها بعد الجولات الأولى من المونديال: "الإقبال يزيد مع اشتعال المنافسة وصعود المنتخبات الأقوى من دور المجموعات".

يتفق أصحاب المقاهي على إستراتيجية واحدة لوقف أي خلاف أو مناوشات بين المُشجعين وهي التنبيه شفهياً قبل بدء المباراة والتدخل وطرد المُتسبب في المشكلة وإن كان ذلك نادر الحدوث حسب قولهم، إلا أن مازن قرر الفصل بين مُشجعي الفرق، فخصص في مقهاه شاشتين على أن يجلس متابعو كل فريق أمام شاشة منهما لمنع الاحتكاك.

روح الجماهير

لم تُمثل أسعار المشروبات في المقاهي عائقاً في نظر حمادة السيد، مُشجع منتخب البرازيل في المونديال القطري، فرغم وجود القنوات الناقلة للمباريات في منزله يُفضّل متابعتها على مقهى "الشلة" في منطقة الدقي (بين القاهرة والجيزة)، رغبة في عيش الأجواء الصاخبة وتفاعل الجمهور. فالمقهى في نظره هي بديل المدرج واصفاً إياها بـ"روح الجماهير"، وموضحاً في حديثه لرصيف22 أن تكلفة 3 مشروبات و"شيشة" طوال المباراة تبلغ 45 جنيهاً فقط.

 اختار محمد الشيمي مشجع لمنتخب البرازيل، مقهى "بلاك كافيه" في مدينة الشيخ زايد مستقراً له لمتابعة المباريات، موضحاً لرصيف22 أن "الكافيه" يوفر له خدمة وجواً ملائماً أكثر من المقاهي الشعبية، فلا صوت فيها سوى صيحات التشجيع المتقطعة مع هدف ضائع أو لعبة جيدة. فضلاً عن الاستعدادت المختلفة من شاشات عرض ضخمة ونظام صوت مجسَّم، معتبراً أن 250 جنيهاً (التكلفة التقريبية) لمتابعة المباراة مع 3 مشروبات وشيشة، هي مقابل مناسب لما يحصل عليه من خدمة.

فيما يُفضل أحمد يحيى متابعة مباريات فريقه المفضل"الماكينات الألمانية" على مقهى شعبي في منطقة "كرداسة" (الجيزة) فهي الأقرب لمنزله وقلبه. فبيئة المقهى الشعبي تُشعره بالود، يقول إن تكلفة مشاهدة المباريات في المقهى لا تزيد عن 50 جنيهاً مقابل 4 مشروبات وشيشة وهي تكلفة زهيدة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel

ما زلنا في عين العاصفة، والمعركة في أوجها

كيف تقاس العدالة في المجتمعات؟ أبقدرة الأفراد على التعبير عن أنفسهم/ نّ، وعيش حياتهم/ نّ بحريّةٍ مطلقة، والتماس السلامة والأمن من طيف الأذى والعقاب المجحف؟

للأسف، أوضاع حقوق الإنسان اليوم لا تزال متردّيةً في منطقتنا، إذ تُكرّس على مزاج من يعتلي سدّة الحكم. إلّا أنّ الأمر متروك لنا لإحداث فارق، ومراكمة وعينا لحقوقنا.

Website by WhiteBeard