قبيل انطلاق كأس العالم بنسخته الـ22 في قطر، وعلى بعد ثماني سنوات من مئوية المونديال، يمكن القول إن البطولة الكروية الأعرق حافظت بشكل كبير على تقاليدها وخطوطها العريضة، بالرغم من التحديثات التي أُدخلت على قوانين إدارة المباريات، أو طالت طريقة تنظيم البطولة، بهدف تطوير اللعبة وجعلها أكثر عدلاً وأكثر إثارةً وجمالاً في الوقت نفسه.
عندما استضافت الأوروغواي النسخة الأولى من المونديال، في صيف عام 1930، شارك 13 منتخباً عن طريق تلقي بطاقات دعوة. وانطلقت سفينة من أوروبا تحمل لاعبي منتخبات رومانيا، يوغوسلافيا، بلجيكا، وفرنسا، وتوقفت في طريقها إلى مونتيفيديو في أحد موانئ ريو دي جانيرو لتقلّ المنتخب البرازيلي.
الجمهور المعاصر بمعظمه اعتاد على كرة القدم بشكلها الحالي، إلى درجة يشعر البعض أن القوانين المطبقة اليوم هي جزء رئيسي من اللعبة، وُلدت معها لحظة ولادتها.
في الحقيقة، خلال مونديال 1930، لم تكن هناك تبديلات، ولا بطاقات صفراء وحمراء، ولا ركلات ترجيحية لكسر التعادل. هذه الأمور وقوانين أخرى عديدة ظهرت مع الوقت.
ويظنّ البعض أن قانون التسلل لم يكن موجوداً، وهذا غير صحيح، فهو يعود إلى عام 1863، أي قبل ظهور المسابقة، وقبل ولادة معظم الأندية العالمية الحالية، وحتى قبل تأسيس الفيفا، فقد انتبه القيمون على الكرة مبكراً إلى أهمية التسلل، كي لا يبقى أحد المهاجمين أو بعضهم في منطقة الخصم وحيدين، ما سيؤثر على جمالية اللعبة. لذلك، عندما تقرأ في مكان ما أن بيليه سجل معظم أهدافه قبل وجود قانون التسلل، تأكّد أن صاحب المقولة يريد التقليل من الجوهرة البرازيلية، دون أن يكون قد تحقق من معلومته.
عدد المنتخبات المشاركة
بعد اقتصار النسخة الأولى على مشاركة 13 منتخباً، ارتفع العدد إلى 16 في نسختي 1934 و1938، وصارت المنتخبات تتأهل عبر تصفيات. وبعد عودة المسابقة إثر توقف دام 12 سنة بسبب الحرب العالمية الثانية، استضافت البرازيل نسخة 1950، وشارك فيها مرة أخرى 13 فريقاً، ولم تشهد مباراة نهائية للمرة الوحيدة، بل تأهلت أربعة منتخبات إلى المربع الذهبي، وتنافست على طريقة الدوري. مباراة البرازيل الشهيرة التي خسرتها أمام الأوروغواي في الماراكانا لم تكن مباراة نهائية كما يظن البعض، بل كانت المباراة الأخيرة في المجموعة التي ضمت أيضاً إسبانيا والسويد، وكان الفائز فيها سيتصدر المجموعة وبالتالي سيحقّق اللقب.
في النسخة التالية في سويسرا، 1954، عاد نظام المنتخبات الـ16 التي تُقسّم على أربع مجموعات، واستمر العمل به مع بعض التباينات بين نسخة وأخرى، حتى مونديال 1982، عندما رُفع عدد المنتخبات المشاركة إلى 24، تُقسم على ست مجموعات، ويتأهل الأول والثاني من كل مجموعة إلى الدور المقبل، حيث تقسَّم المنتخبات مرة أخرى على ثلاث مجموعات.
في النسخات الثلاث التالية، شارك أيضاً 24 منتخباً، لكن أُضيف نظام تأهل أفضل أربعة ثوالث، ليكون المجموع 16 منتخباً تتأهل إلى الدور ثمن النهائي، وتلعب بنظام خروج المغلوب. النظام نفسه استُخدم في مونديال 1994 في الولايات المتحدة، مع تغيير يقضي بإعطاء الفريق الفائز ثلاث نقاط وليس اثنتين، وكان الهدف من هذا التحديث تشجيع الفرق على البحث عن الفوز الذي صار يساوي ثلاثة تعادلات وليس اثنين.
بدءاً من مونديال 1998، في فرنسا، ارتفع عدد المنتخبات المشاركة إلى 32، وهو النظام المتبع حالياً، ويتأهل الأول والثاني إلى دور الـ16، وتُستكمل البطولة بنظام إقصاء المغلوب.
البطاقات الصفراء والحمراء
ظهرت البطاقات الملوّنة للمرة الأولى في مونديال 1970، في المكسيك، ويعود الفضل فيها إلى الحكم الإنكليزي الشهير كين آستون الذي استوحى الفكرة من إشارة المرور، فاللون الأصفر يدعو إلى الانتباه، واللون الأحمر يدعو إلى التوقف.
قبل ظهور البطاقات، كان بعض الفرق يتعمد استخدام الخشونة ضد الخصوم وكانوا يستهدفون بشكل أساسي النجوم الكبار، كما حصل مع بيليه الذي تعرّض لإصابة متعمدة في مونديال 1966 لإخراجه من البطولة، بعدما كان قد قاد البرازيل للتتويج في النسختين السابقتين.
عندما استضافت الأوروغواي النسخة الأولى من المونديال، عام 1930، شارك 13 منتخباً عن طريق تلقي بطاقات دعوة، ولم تكن هناك تبديلات، ولا بطاقات صفراء وحمراء، ولا ركلات ترجيحية لكسر التعادل. هذه الأمور وقوانين أخرى عديدة ظهرت مع الوقت
في النظام الحديث لكأس العالم، يوقَف اللاعب الذي يحصل على بطاقتين صفراوين في مباراتين مختلفتين عن المباراة التالية، كما حصل مثلاً مع مايكل بالاك نجم منتخب ألمانيا الذي حُرم من لعب نهائي مونديال 2002 أمام البرازيل بسبب الإيقاف. واللاعب الذي يتعرض للطرد يُحرم أيضاً من اللعب لعدد من المباريات القادمة، تحدده لجنة الحكام.
الركلات الترجيحية
بالرغم من أن فكرة تمديد الوقت قديمة نسبياً، واستُخدمت في النسخ الأولى من كأس العالم، إلا أن الاحتكام إلى الركلات الترجيحية لحسم نتائج المباريات لم يكن موجوداً قبل مونديال 1982 في إسبانيا. قبل ذلك، كانت تُعاد المباريات التي تنتهي بالتعادل، وفي حال استمر الأمر، كان يجري اللجوء إلى القرعة لتحديد الفائز. وحسمت الركلات التريجيحية نهائييْن من نسخ كأس العالم، في عام 1994 لصالح البرازيل، و2006 لصالح إيطاليا.
بالإضافة إلى الركلات الترجيحية، اعتُمد نظام الهدف الذهبي في نسختي 1998 و2002، فكان يكفي الفريق أن يسبق منافسه إلى التسجيل في الشوط الإضافي، ليحسم المباراة لصالحه، لكن العمل به أوقف منذ مونديال 2006 في ألمانيا وأصبح مع الوقت طي النسيان.
دخلت تعديلات عدّة على قوانين التحكيم على امتداد بطولات كأس العالم، أبرزها كان القانون الذي يمنع حارس المرمى من التقاط الكرة بحال أعادها إليه المدافع عمداً بالقدم. وأتى هذا القرار بعد تعمّد المنتخب المصري إضاعة الوقت في مونديال 1990
حَسَم الهدف الذهبي أربع مباريات في كأس العالم، واحدة في مونديال فرنسا 98 جمعت البلد المضيف مع الباراغواي، وسجّل قائد الديوك لوران بلان هدف الفوز الذهبي في الدقيقة 114، وثلاث في مونديال 2002، أبرزها كان هدف الكوري الجنوبي أن يونغ هوان في الدقيقة 117 الذي أقصى إيطاليا يومها من دور ثمن النهائي.
التبديلات
حدث تاريخي آخر على صعيد الكرة شهده مونديال 1970 في المكسيك، تمثّل بإدراج نظام التبديلات للمرة الأولى. في السابق، كان يُسمح للفرق فقط بتبديل اللاعبين المصابين. واعتُمد نظام التبديلات الثلاثة في جميع النسخ التي تلت مونديال 1970، وصولاً إلى مونديال 2018 في روسيا.
مع انتشار جائحة كوفيد-19، اعتمدت معظم الاتحادات الكروية نظام التبديلات الخمسة، لمساعدة الفرق في تخطي الأزمة. ففي ظل إصابة عدد كبير من اللاعبين بفيروس كورونا، من شأن زيادة عدد التبديلات أن تساعد الفرق على إراحة أكبر عدد ممكن من لاعبيها، وحمايتهم من الضغط الجسدي والنفسي، واستمر العمل بهذا النظام بعد انحسار الجائحة، وهو مستخدم اليوم في جلّ المسابقات التي تديرها الفيفا والاتحادات المنبثقة عنه، وسيُعتمد في مونديال 2022.
سيُتاح إذاً للمنتخبات في كأس العالم القادم تبديل خمسة لاعبين، بشرط أن تجري هذه التبديلات على ثلاث دفعات كحدّ أقصى، لكي لا تؤثر كثرة التوقّفات على سير المباراة ونسقها، كما سيسمح للمنتخب بتبديل سادس في الأشواط الإضافية، وسيتواجد على مقاعد البدلاء 15 لاعباً للمرة الأولى، بعد أن كان 12 فقط في النسخة السابقة في روسيا.
القوانين التحكيمية
دخلت تعديلات عدّة على قوانين التحكيم على امتداد بطولات كأس العالم، أبرزها كان القانون الذي يمنع حارس المرمى من التقاط الكرة بحال أعادها إليه المدافع عمداً بالقدم. وأتى هذا القرار بعد تعمّد المنتخب المصري إضاعة الوقت في مونديال 1990، من خلال إعادة الكرة بشكل متكرر إلى الحارس أحمد شوبير في المباراة ضد إيرلندا في دور المجموعات. وتحول ما فعله المصريون يومها إلى مادة سخرية، والمفارقة أن المباراة انتهت بالتعادل السلبي، في وقت كان المنتخب المصري بحاجة إلى الفوز للإبقاء على فرصه بالمنافسة.
يظنّ البعض أن قانون التسلل لم يكن موجوداً، وهذا غير صحيح، فهو يعود إلى عام 1863، أي قبل ظهور مسابقة كأس العالم... لذلك، عندما تقرأ في مكان ما أن بيليه سجل معظم أهدافه قبل وجود قانون التسلل، تأكّد أن صاحب المقولة لم يتحقق من معلومته
في مونديال 2010، حُرمت إنكلترا من هدف صحيح ضد ألمانيا، بعدما تخطّت الكرة خط المرمى، ما جعل الفيفا يُدرج تقنية عين الصقر في الدورات اللاحقة، ابتداءً من مونديال 2014 في البرازيل، وهي عبارة عن جهاز موصول بيد حكم المباراة، يعطيه إشارة بحال تخطت الكرة الخط.
الثورة الأكبر في مجال التحكيم تمثّلت بتقنية الفيديو المساعد VAR التي استخدمت للمرة الأولى في مونديال روسيا، وستُعتمد في مونديال قطر أيضاً، وهناك شبه إجماع في الأوساط الكروية العالمية على أهمية هذه التقنية، ومساهمتها بشكل كبير في الحد من الأخطاء التحكيمية الفادحة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين