شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!

"طبلية بلدي"، مطعم تديره 5 سيدات

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رود تريب

الخميس 15 ديسمبر 202210:36 ص

حين نصل إلى شارع محمد محمود في منطقة وسط البلد، نجد مقهى أمام السنترال (والبعض يُطلق عليه "قهوة السنترال"). وبعد خطوات قليلة من المقهى سنجد منعطفاً يستقبلنا فيه هواء يرد لنا الروح. ثم ننعطف يميناً لنجد مطعم "طبلية بلدي"، الذي تديره 5 سيدات. نجلس على الطاولة التي نفضلها، ونطلب ما نشتهي تناوله من الوجبات الخاصة باليوم.

وقبل أن تأتي الشيف "سمر" قد تم تحضير المكونات وتجهيزها من قِبل فتاتين أحببتهما حين تحدثت معهما. كما أن "الزينة الرمضانية" كانت ما زالت مُعلقة في سقف المطعم، وهي تفصيله مُبهجة. وهناك شباك خلفي للمقهى الذي ذكرته، يمكن أن أطلب منه فنجان قهوة يروي ظمأي حتى يأتي ما سأتناوله.

 مع صاحبات المطعم

حين قابلت الأم منى العبد، دار بيني وبينها وبين ابنتها "سمر" حوار ودود، إليكم إياه.

بدأت حديثي مع السيدة منى، عن قائمة الطعام في المطعم والمأكولات اليومية، إن كانت قائمة ثابتة أم تتغير يومياً. فقالت: "الأمر هنا يُشبه ما يحدث في منزل الأم؛ نقدم طعاماً جديداً، وقائمة جديدة بها أكثر من صنف، خاصة أن العائلة قديماً كان عدد أفرادها كبيراً، لذا كان يوضع على الطاولة أكثر من صنف، لأنه من الممكن أن تكون هناك أصناف لا يُفضلها بعض أفراد الأسرة، فنُقدم قائمة طعام متنوعة لنُرضي مختلف الأذواق".

وعن أصناف المأكولات التي يقدمها مطعم "طبلية بلدي" تقول منى: "من المأكولات الثابتة لدينا هي: الفراخ المحمرة، والملوخية، والسلطة الخضراء، وذلك لأن غالبية الأشخاص لا يختلفون على تلك الأكلات. وفي يوم الجمعة صرنا نُقدّم وجباتٍ للأطفال".

وعن أصول مدام منى العبد قالت إنها تعود إلى صعيد مصر، "من أشراف قنا تحديداً".


أما عن كيفية بدء العمل بالمطعم تقول منى العبد: "البداية كانت أن ابنتي (سمر) كانت تحب الطهي في المنزل، وهي الشيف هنا في المطعم، وتعلمت الطهي في المنزل وكانت لها جملة تقولها: (أول ما أتعلمت الطبخ ماما خرجت من المطبخ)، فأصبحت هي من تطهو الطعام، وفي ولائمها لصديقاتها كانت تقوم هي بالطهي. وفي الفترة التي أنجبت خلالها سمر ابنها، عرضت عليها أن تدرب لدى محام، فرفضت وقالت لي: (مش هشتغل بالشهادة)، وعملت في أكثر من مكان (سيلز). وبعد أن أنجبت ابنها يونس بقيتْ في المنزل، فقامت بتدشين صفحة على موقع فيسبوك للمطعم، واخترت لها الاسم وهو (طبلية بلدي)، لأنني أحب الطبلية، خاصة أنني أقمت في الصعيد حتى 6 ابتدائي، وتربيت على الطبلية الخشب وأحبها بدرجة كبيرة، وحين تزوجت كانت الطبلية لدى خالتي أيضاً".

"الأمر هنا يُشبه ما يحدث في منزل الأم؛ نقدم طعاماً جديداً، وقائمة جديدة بها أكثر من صنف"... مطعم طبلية بلدي الذي تديره 5 سيدات

تُكمل مدام منى: "حين وجدنا أن هناك طلبات تأتي على الصفحة، فكرت أنا وشقيقتي أن يكون لدينا محل، حتى وإن كانت سمر ستقوم من خلاله بعمل طعام تيك أواي. وحين أنارت الفكرة عقولنا، كنت أبحث عن مكان كبير بعض الشيء، فكانت الشقة الموجودة في الأعلى. حين رأيتها لم تُعجبني، ثم قيل لي إن ثمة محلاً معروض. حين رأيت المكان أعجبت به كثيراً، وبمساحته، كما أنه يتميز بوجوده ضمن منطقة وسط البلد وخارجها في الوقت ذاته، فهو مكان هادئ يناسب تناول الأكل".


وتتابع: "كانت البنات يرغبن بأن أقوم بفتح مطعم، وكن يحفزنني على ذلك، ولكن في ذلك الوقت كان لدي عمل ولا يمكنني كموظفة أن يكون أشتغل في مهنة أخرى وأتربح منها، فتشجعت ابنتي سمر، لأنه كان من الضروري أن يكون لديها دخل مادي، وطالما قلت لهن 'الواحد عشان يكون حر لازم يكون قادر يصرف على نفسه'".

وعن إمكانية افتتاح فروع أخرى للمطعم تقول منى العبد: "في الفترة الحالية لن يحدث، ولكن إن قررت القيام بتلك الخطوة فستكون خارج القاهرة؛ على سبيل المثال أحب أن أتجه نحو منطقة مُطلة على البحر وأقوم بتأسيس مطعم هناك، و'أعمل لنفسي أكل كدا وأقعد على البحر'".

وعن أصعب أكلة واجهت القائمين على المطعم تقول مدام منى: "أي أكلة يمكن لأي أحد أن يقدمها على طريقته التي يشعر بها 'بتطلع حلوة'، والبنات هنا يقمن بطهي الطعام، ولكنهن لسن مثل "سمر"، في مهارتها، وسرعتها، وذلك لأنها تحب الطهي حتى وإن كانت تشعر بتعب أو لديها ظروف تدخل المطبخ لتطهو الطعام، يتبدل مزاجها وتُصبح أفضل، وتخترع أكلات، خاصة أنها تعلمت الطهي من والدتي خاصة أنها كانت تذهب إليها كثيرًا فتعلمت منها ودائمًا ما تقول: "أنا مش بتعب وأنا بعمل الأكل".

وعن تواجد اليومي تقول منى: "لا نتواجد خلال كل الأوقات، بينما تتواجد سمر كل صباح بشكل أساسي، ونور ابنة شقيقتي تأتي في منتصف اليوم لتقوم بتقديم الطعام، وتسجيل الطلبات. أما سما فهي المسؤولة عن السوشال ميديا، وسهر تعمل في مجال السياحة ونحن منحناها لقب رئيس مجلس الإدارة وإن كانت هناك عيوب هي من تتحدث عنها. ومديحة شقيقتي المقيمة في السويس، 'مش بنجيب السمك غير من هناك'.


كنا نأخذ الجمعة إجازة لكونه يوم إجازة سمر، ولكن في شهر رمضان الماضي شعرنا أن الجمعة يوم ناجح وجمهوره مختلف عن باقي الأيام، فأقوم في هذا اليوم بتقديم 'نفس الأكل بتاع سمر'، وبعض الإعلاميين  أحبّ ما نقدمه، خاصة الملوخية والبط، 'وعموماً الشوربة الحلوة تعمل ملوخية حلوة'".

وعن الطبخ في المنزل تقول: "نطلب ذلك من سما أحياناً، كما أن المطعم أصبح بيتنا، وقد تكون إحدانا راغبة في أكلة مختلفة فتقوم بطبخها".

أن يكون من يطهو الطعام فتيات وسيدات، هذا لا يعني أن لدينا خصومة مع الرجال

بعد انتهاء موعد فتح المطعم هل تستقبلين زبائن؟ سألتها، فأجابت:

"يأتي أحياناً زبائن بعد توقيت عمل المطعم؛ إن كان زبون دائم يمكن أن أعطيه الطعام 'تيك أواي'. في الصيف نُغلق في العاشرة مساءً، لذا آخر  طلب يكون 10:30، 'والناس بقيت فاهمة دا لما بيلاقونا ضلِمنا يعرفوا إننا خلصنا'".

عن شقيقتها تقول منى: "شقيقتي مديحة هي الأم الثانية لبناتي، وتعلَم عنهن أكثر مما أنا أعرف. حين قررنا بدء مشروع المطعم كانت داعمة ومهتمة 'إن بنتنا تكون كويسة، ولو المشروع جاب لها مصاريفها يبقى كويس'، وبالفعل المطعم ساعد سمرز كما أنها (مديحة) هي المسؤولة عن المخللات'".

هل قيل لكن من قبل أن المطعم نسوي؟

"'دي حاجة جميلة' إن قيلت"، تقول منى وتضيف: "أن يكون من يطهو الطعام فتيات وسيدات، هذا لا يعني أن لدينا خصومة مع الرجال؛ نحن سعداء لكوننا سيدات، ونحمل مسؤوليتنا على أكتافنا. نعمل هنا 'على راحتنا'. في البداية كان بعض الأشخاص يترقبون وجود شاب وفتاة، ولكن هذا المكان مكان للسيدات، ولن أسمح فيه بأي تجاوز".

خلال فترة كورونا قدمتنّ خدمة توصيل الوجبات (دليفري)، هل شعرتن بالخوف آنذاك؟ 

"لم نعلن وقتها عن خوفنا، وبناتي بالفعل كن خائفات علي، فكنت أنا وسمر نقوم بطهي الطعام، والمسؤول عن الدليفري يأتي لاستلامه، أو الأشخاص يأتون لاستلامه شخصياً. كنا حريصات جداً على إجراءات السلامة، وحين صدر قرار فتح الأماكن رفضنا القيام بذلك وقررنا أن ننتظر. وعندما قررنا أن نفتح المطعم لم نستخدم الجزء الداخلي للمطعم، وكانت كل الأدوات معقمة، وحتى الآن لا تزال المعقِّمات موجودة".

"اخترت للمطعم اسم 'طبلية بلدي'، لأنني أحب الطبلية، خاصة أنني أقمت في الصعيد حتى الصف السادس الابتدائي، وتربيت على الطبلية الخشب وأحبها بدرجة كبيرة"

ماذا عن مشاهداتكن لفيديوهات الطبخ؟

"أنا أشاهد فيديوهات، وإن وجدتُ جديداً يمكنني أن أقوم بعمله أقوم بذلك، أو أعرض الأكلات الجديدة على سمر. وخلال مشاهدتي لا آخذ الوصفة كما هي، بل أستلهم منها وأغير بها؛ على سبيل المثال منذ وقت قريب قمت بطبخ مكرونة بكرات اللحم"، والتي كانت جديدة علي".

ما الذي يُميز مطعم "طبلية بلدي"؟

"إنه مطعم العائلة، وبه روح، ويمكن لأي أحد أن يشعر أنه جزء من العائلة. يستمع الزبائن هنا للموسيقى، ويوجد به الأطفال يلعبون يوم الجمعة، ومن صنع شهرة لنا بالكتابة عن المطعم هم من ساعدوا على انتشار اسم المطعم".


و سألنا الشيف سمر: ماذا يعني لك مشروع "طبلية بلدي"؟

"بالنسبة لي كان حلماً بعيداً، خاصة أنني لم أكن أتوقع أن أؤسس مشروعاً، ولم يكن هذا مخططي لاعتقادي أنني لن أستطيع فعل ذلك. عملت في مهن عديدة ومنها الفضة، وكان العمل وقتها أونلاين، وعملت فترة في جريدة 'صوت العرب'، وبعد وقت حدث ظرف في حياتي، وفي فترة لم يعد لدي القدرة النفسية والجسدية، ولكن طوال الوقت كان أصدقائي وصديقاتي يدعمونني لعمل عربية أكل، خاصة أنني كنت أطهي لصديقاتي أنواعاً مختلفة من الطعام. فقلت لنفسي لماذا لا أقوم بذلك أون لاين؟وبدأت بالمقربين.

عند تأسيس هذا المطعم لم أكن في حالة جيدة، ولكن بعد وقت استعدت قوتي. المكان لم يكن بشكله الحالي، لكننا شعرنا براحة تجاهه، وشعرت حينها أنني حققت ما أريد. وأدركت من خلال العمل أنه ليس ضرورياً أن يتفق كل الناس على نفس الطبق؛ فهو أمر طبيعي أن يكونوا مختلفين تجاهه. حالياً أشعر بسعادة لأن مطعم 'طبلية بلدي' صار معروفاً جداً".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image