مثل جميع الدول أعضاء الأمم المتحدة، تشارك إسرائيل بجناح رسمي في فعاليات مؤتمر الأطراف للاتفاقية الإطارية بشأن المناخ في الدورة 27 (كوب 27- COP27)، ويحمل جناحها شعار "ابتكار من أجل المناخ".
ومنذ اليوم الأول لمشاركتها في المنطقة الخضراء (المنطقة الحكومية التي تتولى الإشراف عليها وتنظيمها الحكومة المصرية) أثارت مشاركة إسرائيل انقساماً في صفوف مشاركي الوفود العربية، وبعض نشطاء البيئة وحقوق الإنسان الغربيين الذين فضلوا عدم التعامل مع الجناح الإسرائيلي رفضاً لممارسات الحكومة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين أصحاب الأرض، استجابة للتقرير الذي أصدرته حركة المقاطعة الثقافية والأكاديمية لإسرائيل BDS قبل انطلاق اعمال المؤتمر.
يحوي الجناح الإسرائيلي ثلاث قاعات، واحدة لإقامة الفعاليات والندوات وأخرى مصغرة للاجتماعات وثالثة مخصصة للخدمات لأعضاء الوفد أو ضيوفهم، وأمام قاعة الاستقبال هناك مجموعة من الموائد وحولها كراسي للسماح بالضيوف بالجلوس والنقاش، أو إنجاز بعض الأعمال أو الاستراحة قليلاً. وإلى جوارها مجموعة من الشاشات التي تستعرض نشاطهم في مكافحة التغيرات المناخية، ومشروعاتهم الخضراء والمشروعات المستدامة والصناعات الصديقة للبيئة التي ينفذونها، والتكنولوجيا التي يستخدونها لمواجهة التغيرات المناخية.
منذ اليوم الأول لمشاركتها في المنطقة الخضراء، أثار حضور إسرائيل انقساماً في صفوف مشاركي الوفود العربية
وشملت هذه المحاور: وسائل النقل الذكية، والبروتينات البديلة، وتعزيز التعاون الدولي، والتعاون مع منظمات المجتمع المدني، وإنتاج وسائل النقل الذكية، والحفاظ على البيئة البحرية، والحلول القائمة على الطبيعة.
وتقام فعاليات دائمة في الجناح الإسرائيلي على مدار اليوم، تناقش تفاصيل الموضوعات السابقة.
"تطبيع أخضر"
في كلمته خلال اليوم الرئاسي "الثاني" في المؤتمر، حاول الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتزوغ استغلال قمة المناخ للترويج لـلتطبيع والتعاون الواسع مع دول العالم العربي في إطار مشروعات صديقة للبيئة، داعياً لإطلاق ما أسماه "الشرق الأوسط المتجدد"، مستعيناً في كلمته ببعض آيات القرآن الكريم.
فقد طالب أن تستغل إسرائيل الوفرة الشمسية لدى الدول العربية وتنتج طاقة متجددة لتصديرها إلى أوروبا كبديل عن الغاز الروسي، وعرض التعاون مع الدول التي تواجه نقصاً في الأمن الغذائي ووفرة المياه للاستفادة من خبرات إسرائيل في هذين المجالين.
تردد بين القبول والرفض
الدعوة الإسرائيلية وجدت صدى بين بعض المشاركين العرب، وإن اتجه معظم من تحدث إليهم رصيف22 إلى رفض طرح التعاون مع إسرائيل على أي مستوى حتى لو قبلت الحكومات.
من الرافضين مصطفي علي، المشارك المصري ضمن منظمات المجتمع المدني الذي يصر على الفصل بين قبول بعض الحكومات العربية بالتعاون مع إسرائيل وموقف الشعوب التي يرضي معظم منتميها العلاقات مع "دولة الاحتلال". علي من ضمن من رفضوا تماماً زيارة الجناح الإسرائيلي أو المشاركة في أية فعاليات ينظمها الجناح رسمياً، كما رفض التواصل مع أي من نشطاء البيئة الحاضرين من إسرائيل.
تختلف معه آية منير، منسقة المشروعات في إحدى منظمات المجتمع المدني المغربية المعنية بدعم الفلاحين. تقول منير التي وقعت إسرائيل اتفاقية "سلام" مع دولتها في ديسمبر/ كانون الأول 2020، إنها "لا أمانع أن تشارك إسرائيل في بعض المشروعات داخل الدول العربية"، موضحة أن موقف المغرب السياسي "محايد تماماً"، وأن ما يحركها كمواطنة مغربية هو "المصلحة".
وأوضحت آية لرصيف22 منطلقاتها لتبني هذا الموقف قائلة "تتمتع إسرائيل والمتعاطفين معها بالثراء والاستحواذ على الثروات، ونحن في العالم العربي فقراء، ونفتقد حسن الإدارة والتكنولوجيا التي يملكونها، لذلك علينا أن نستفيد منهم بقدر الإمكان، من أجل ننهض ونتقدم وتتحسن أوضاعنا الاقتصادية"، مؤكدة أنها "لن أضيع فرصة التعاون أو المشاركة معهم حال سنحت لها الفرصة لذلك".
ناشطة مغربية: "تتمتع إسرائيل والمتعاطفين معها بالثراء والاستحواذ على الثروات، ونحن في العالم العربي فقراء، ونفتقد حسن الإدارة والتكنولوجيا التي يملكونها، لذلك علينا أن نستفيد منهم، من أجل ننهض ونتقدم وتتحسن أوضاعنا الاقتصادية". وإماراتية: نحتاج إلى تكنولوجيتهم وتطورهم العلمي
الناشطة الإماراتية عذراء إبراهيم تتفق مع الموقف الرسمي لدولتها، إذ يتعاظم حجم التعاون الاقتصادي بين إسرائيل والإمارات، ووقعت الدولتان أول اتفاقية للتجارة الحرة بين إسرائيل وواحدة من الدول العربية في أبريل/ نيسان 2021، وبحسب ورقة لمؤسسة واشنطن إنستيتيوت المعنية بالدراسات السياسية والاقتصادية، تتطلع الإمارات بشكل خاص إلى التكنولوجيا الإسرائيلية في مجالات التصنيع المختلفة وكذلك مجالات الطقة والأسلحة.
لكن عذراء تركز في حديثها لرصيف22 على المشروعات التي أقامتها الإمارات وإسرائيل معاً في مجالات مثل تحلية المياه وتوليد الطاقة المتجددة، وتراها نموذجاً يمكن لباقي دول العالم العربي الاستفادة منه.
مسؤول كويتي يتحدث بصفة شخصية: أحد الإسرائيليين جاء إلى الجناح وتساءل عن الخدمات والمشروعات التي يمولها صندوق الكويت، فأخبرته أننا لا نتعاون مع الحكومات... كنت أنتظر أن يسألني عن إمكانية حصولهم في إسرائيل على تمويل منا، كنت سأضربه بالأوراق التي أمامي"
وأضافت: "لا مشكلة في التعاون بين دول المنطقة من أجل العبور إلى المستقبل ونبذ الخلافات، فهم يملكون القدرة والخبرة في إدارة كثير من المشروعات البيئية الخضراء التي نحن بحاجة لها في الشرق الأوسط، باعتبارها من أكثر المناطق الحرجة عالمياً".
واختلف مع رأيها مسؤول علاقات عامة بالجناح الكويتي، طلب عدم الإفصاح عن هويته، لوجوده ضمن الوفد الرسمي لدولته، قائلاً: "ينبغي ألا تشارك إسرائيل في هذه القمة المقامة على أرض عربية خاضت معها حرباً طويلة، وإن كان الأمر بيدي سأقول لهم خذاو أغراضكم وارحلوا من هنا".
وحكى المسؤول الذي لا تزال دولته تتبنى موقفاً رسمياً لا يقبل التطبيع، لـرصيف22، أن أحد الإسرائيليين جاء إلى الجناح الكويتي وتساءل عن الخدمات والمشروعات التي يمولها صندوق الكويت، فأخبره أنهم لا يتعاونون مع الحكومات ولا يعطونهم أي تمويلات، وتابع: "كنت أنتظر أن يسألني عن إمكانية حصولهم في إسرائيل على تمويل منا، كنت سأضربه بالأوراق التي أمامي".
نجحت سياسات إعلامية في التخفيف من حدة الرفض الشعبي في مصر للتطبيع مع إسرائيل، إلا أن القطاعات الأوسع لا تزال ترفض كافة أشكال التعاون مع "دولة الاحتلال"
يذكر أن منظم كوب27 هو منظمة الأمم المتحدة، وتلعب مصر دور المضيف، ولا يحق لمصر ما دامت قد تقدمت إلى استضافة المؤتمر أن تشترط غياب أي من الدول الأعضاء المشاركة. وكانت مصر أولى الدول الموقعة على اتفاقية سلام مع إسرائيل في سبتمبر/ أيلول 1978، إلا أن العلاقات بين البلدين ظلت في إطار "السلام البارد" كما وصفه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ولم تطبع الدولة العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل طوال عهدي الرئيسين الراحلين أنور السادات وحسني مبارك بشكل رسمي، وإنما قام رجال أعمال مقربون من السلطات بالدخول في اتفاقيات ومشروعات مشتركة مع رجال اعمال إسرائيليين بدعم أمريكي، واتجهت الدولة نفسها إلى التطبيع والتعاون الاقتصادي الرسمي والمباشر مع الجانب الإسرائيلي مؤخراً وفق عدة اتفاقات وقعتها حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي. ونجحت سياسات إعلامية في التخفيف من حدة الرفض الشعبي في مصر للتطبيع مع إسرائيل، إلا أن قطاعات واسعة لا تزال ترفض كافة اشكال التعاون مع "دولة الاحتلال".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...