قمة الإحراج المناخي
لا نعلم بدقة من أطلق اسم قمة الإحراج على ما يحصل في قمة المناخ في شرم الشيخ، لكن الواضح أن قضية المعتقل السياسي علاء عبد الفتاح هي الطاغية. صور السيسي مع نانسي بيلوسي، وتلك التي نراه فيها على الدراجة الهوائية لم تنل الضجة الكافية، فاسم علاء عبد الفتاح المطالَب بإطلاق سراحه تشغل الجميع.
نتساءل في خضم كل هذا: ألم يتوقع السيسي والمخابرات والجيش وكلُّ الجهات التي منعت التجوّلَ في شرم الشيخ إمكانية تحوّل القمة إلى ما يشبه المظاهرة الاحتجاجية؟ بعض التخمينات تقول إن السيسي لم يكن يعلم بدقة ما هي قمة المناخ، ولم يعلم أنها تجمع لمنظمات حقوق الإنسان وإنقاذ البيئة، بل ظنّها مجرد اجتماع يتحدث فيه الناس عن التلوث، ثم يقضون الوقت بالاستجمام.
تفسيرات أخرى تفترض أن السيسي ظن أنه يمتلك القدرةَ السحرية على أسرِ الحضور بدماثته وابتسامته، ودفعهم لتناسي كلِّ انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، والتصفيق لبلاغته الشعبية. لكن الأمر لم يتم كذلك، فأسرة علاء صادرت القمة وحولتها من مساحة لتبييض وجه النظام المصري إلى خشبة للاحتجاج، والإشارة بدقة إلى مفهوم أساسي هو أنه دون الحريّة لا يمكن حمايةُ الإنسان ولا البيئة.
رصاص طائش يستهدف مطار بيروت
ظن محرر المقتطف أن ما يقرأه مزحة؛ رصاصة طائشة تخترق طائرة حطت في مطار بيروت على متنها، للمصادفة، النائبة بولا يعقوبيان. لكن الخبر حقيقي، وهناك صور توثق الرصاصة التي اخترقت الطائرة وأثارت الرعب بين الركاب. الملفت في الحادثة، أن الرصاصة أصابت الطائرة بعدما حطت، أي لم تكن في الهواء، ما هو أشبه بمحاولة للترهيب. والأهم هي رصاصة واحدة من بندقية روسية AK-47. وهنا السؤال هو: هل أُطلقت مباشرة باتجاه الطائرة، أم أطلقت في الهواء واخترقت الطائرة حين هبوطها؟
قمة المناخ في مصر تعكس عجز نظام السيسي عن تبرئة نفسه، وجهود عائلة علاء عبد الفتاح حولت الحدث إلى مساحة لاتهام النظام المصري والمطالبة بحرية معتقل سياسي حياته على المحك... عصارة الأسبوع في المقتطف الجديد
نتساءل حول الرصاصة كونها كلمة طائشة، تعني أننا لا نستطيع توجيه الاتهام لأحد. فضلاً عن أنها رصاصة واحدة، وليست رشقة رصاصات أطلقها أحدهم في عرس، أو طهور، أو احتفال من نوع ما. والملفت أيضاً أن السلطات والركاب والنائبة لم يتهموا أحداً، بل قامت وسائل الإعلام بذلك؛ البعض اتّهم قاطني المخيمات الفلسطينية، آخرون اتهموا الميليشيا الدينيّة التي يقال إنها تسيطر على المطار، البعض الآخر اتّهم المحتفلين بالأعراس، و من جهتنا، نتهم الطقس، إذ أصابت أشعةُ الشمس المنعكسة عن مرآة مكسورة رصاصةً كانت مرمية على أحد أسطح المنازل، وبعد ساعات من ارتفاع درجة حرارتها، انطلقت باتجاه المطار، وأصابت الطائرة.
المظاهرات في إيران... هل يتكرر السيناريو السوري؟
تملأ المظاهرات التي تشهدها إيران القلب فرحاً، ولكن في الوقت نفسه، هناك طيف من الرعب لا يمكن إنكاره؛ فإطلاق النار على المتظاهرين فاتحة لما لا يمكن توقعه، خصوصاً أن قائد الجيش الإيراني قالها بوضوح، وننتظر أوامر المرشد الأعلى للتدخل من أجل مواجهة المظاهرات.
لا نعلم بالضبط ما هي خطوات المتظاهرين التالية في حال استمرت شعارات إسقاط المرشد الأعلى، فالنظام الإيراني مسؤول عن القتل المباشر في أربع دول عربية. فهل سيتردد في استخدام العنف الشديد ضد مواطنيه؟ البعض يرى أن المتظاهرين يراهنون على تفكك النظام من الداخل، وانشقاق القائمين عليه (جيش، شرطة، حرس ثوري)، ولكن هل سيحقن هذا التصرف الدماء؟
لا نجرؤ على تقدير عدد الضحايا اللازم سقوطهم من أجل رحيل نظام الملالي. مثل هذا التخمين كانت نتائجه مأساوية في سوريا. نأمل أن لا تتحول شوارعُ إيران إلى ساحات قتال، كما نأمل ألا تتحول البلاد إلى مساحةٍ للصراع الدولي. لكن ما نعرفه، أن القرار هو بيد الشعب الإيراني، وإسقاط مثل هذا النظام، لا يعني فقط تحرير إيران، بل تحرير أربع دول عربية قاست الأمرين بسبب الملالي.
أقدم عبارة في التاريخ
اكتشف مجموعة من العلماء مشطاً يعود إلى الحضارة الكنعانية، مكتوب عليه: "لنأمل أن يقتلع هذا الناب القملَ في الشَّعر واللحية". العبارة التي قيل إنها أقدم كلام مكتوب باستخدام الأبجدية، أي الأحرف التي تحيل إلى أصوات، لا كلمات. ما يثير الضحك في هذه العبارة أنها لا تحمل أي قيمة شعرية أو مجازية، بل يمكن القول إن أقدم عبارة أبجدية في التاريخ ليست إلا نصيحة تخصّ النظافة الشخصية.
لا نعلم بالضبط ما هي خطوات المتظاهرين الإيرانيين في حال استمرت شعارات إسقاط المرشد الأعلى، فالنظام الإيراني مسؤول عن القتل في أربع دول عربية، فهل سيتردد في استخدام العنف الشديد ضد مواطنيه؟... عصارة الأسبوع في المقتطف الجديد
غياب الشعرية أو القيمة الدينية من العبارة يكشف لنا عن تاريخ الكتابة نفسه، وتوظيفها لأغراض يومية وإنسانية، وبعكس قوائم البضائع والملاحم وتواريخ الأحداث الهامة التي نشأت الكتابة لأجلها، الدعاء لأجل المشط شأن مبتذل ومتداول، بل ربما خدعة من نوع ما؛ ساحر قرر أن يبيع الأمشاط فكتب عليها في محاولة لإقناع المشترين أن هذا المشط يحوي طاقةً سحرية قادرة على محاربة القمل، الحشرة التي ما زالت إلى الآن تثير فينا القشعريرة والحكّة حين سماع اسمها.
يمكن الاستفادة من المشط السابق للبحث في تاريخ بديلٍ للكتابة بوصفها دليلاً للحياة اليومية، وأسلوباً لشرح كيفية استخدام الأغراض بشكلها المادي، وليس رموزاً ذات قيمة سحرية ودينية ما زلنا إلى الآن نختلف في معانيها وأصلها.
نظارة عالم افتراضي تقتل صاحبها
لم يتحمل محرر المقتطف الجديد نفسه حين قرأ خبراً عن نظارة واقع افتراضي تقتل صاحبها في حال قُتل الأفاتار الخاص به، كونه كتب ذات الشأن بصورةٍ ساخرة منذ عدة أسابيع، لكن يبدو أن الأمر سيصبح حقيقة.
لا تهمنا التطبيقات العسكرية لهذه التكنلوجيا، ما يهمنا هو الوضعية البشرية نفسها، ورغبة البعض بالتخلص الكلي من وجودهم المادي، والانتقال إلى عالم افتراضي، ذي قوانين شديدة الواقعية إلى درجة التحكم بالحياة والموت الجسديين. أليس هذا بالضبط سيناريو سلسلة أفلام "ماتريكس"؟ ألم نتعلم أن مثل هذه التكنولوجيا ستحولنا إلى بطاريات؟
غسلت منصات التواصل الاجتماعي أيديها من السياسية، واستخدمت حرية التعبير لتسريح الموظفين والمسؤولين عن مراقبة المحتوى. فهل ستتحول هذه المنصات إلى مساحات أناركية؟ أم سنستفيد من هذا الإفراط في الحرية لكشف الأصدقاء والأعداء دون أي رقابة على كلامهم؟... المقتطف الجديد
يرى البعض أن السبب بأكمله هو وادي السيليكون؛ بصورة أدق، مجموعة الشبان ذوي المشاكل في التواصل الاجتماعي، المنبوذين، عشاق الشاشات والكودات، أولئك الذين اخترعوا التكنلوجيا لجذب الفتيات (هذا بالضبط ما يقوله زوكربيرغ)، أولئك الذين لا يمتلكون القدرة على التواصل الإنساني، العاجزين عن التحديق بأعين محدثهم، هؤلاء أنفسهم، يريدون منا أن نحيا في الشاشات، واليوم، أتاحوا لنا احتمال أن نموت ضمنها.
تويتر وفيسبوك: غسيل اليدين وتحرير المحتوى
فاجأ إيلون ماسك متابعي تويتر حين قام بحملة تسريحات هائلة استهدفت الموظفين، بعد أن أصبح مالكَ منصة التواصل الشهيرة، ليتبعه بعدها زوكربيرغ الذي قام أيضاً بتسريح الآلاف، وكأن ماسك فتح الباب أمام منصات وسائل التواصل الاجتماعي للتحرر من القيود المفروضة عليها في ما يخص مراقبة المحتوى، وضبط ما ينشر.
غسل اليدين هذا، وتسريح الموظفين، وإخلاء منصات التواصل الاجتماعي من مسؤوليتها تحت مسمى حرية التعبير، قد يعني تحولَ هذه المنصات إلى مساحات أناركية، فلو وثق أحدهم حسابه، عند ذلك غياب الضوابط لتوفير رواتب الموظفين المسؤولين عن مراقبة المحتوى، قد يغير من شكل حملات المناصرة، ويتيح المجال لحملات كراهية وحماقات لا يمكن التنبؤ بها.
"هاجر" البعض إلى منصات أخرى، في حين أن البعض الآخر يتبنى وجهة نظر ماسك، حيث لا يجوز الرقابة على حرية التعبير، ومهما كانت البشرية فيجب أن يكون ذلك علنياً. حينها على الأقل بإمكاننا أن نفرق بين الأعداء والأصدقاء، دون أي رقيب على كلامهم.
75 يوماً لبرمجة المنشورات على إنستغرام
تبدو الميزة الجديدة التي أطلقتها منصة إنستغرام عمليّة ومفيدة، إذ ستتيح المنصة للمستخدمين إمكانية برمجة المنشورات المستقبلية لفترة شهرين ونصف. لكنها أيضاً ستسمح للمؤثرين والمؤثرات، عشاق اللايكات والقلوب والتعليقات، التخطيطَ لمنشوراتهم مستقبلياً، بل ورسم حياة متكاملة قد تختلف عن حياتهم الواقعية. إنهم سيتمكنون، بصورة ما، من عيش حياتين؛ الأولى الآن، ولها صورها الخاصة، والثانية مستقبلية، جاهزة للنشر وفق جدول خاص.
لا نعلم بعد مستويات الفصام التي قد تنشأ عن هذه الميزة، وإلى أي حدّ سيزداد مستوى الكذب والنفاق الاجتماعي، لكن ما نعرفه أن المؤثرين قد يمتلكون بضعَ ساعات من الفراغ يومياً للتأمل، وذلك قد يحررهم من الشاشة والسعي لنيل الإعجابات التي ستتدفق لوحدها دون حاجة للنشر الآني.
يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...