شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
قصة النظام المصري وعلاء عبد الفتاح... كيف تروي روايةً لا يسمعها غيرك؟

قصة النظام المصري وعلاء عبد الفتاح... كيف تروي روايةً لا يسمعها غيرك؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي نحن وحرية التعبير

الجمعة 11 نوفمبر 202205:03 م

من المعلوم في السياسة، أن النظام الحاكم -أي نظام- فضلاً عن كونه صاحب الرواية الرسمية، فهو في الأخير يتكوّن من مجموعات لها أنصار وانحيازات، ومن حق تلك المجموعات أن تعبّر عن أفكارها وتوجهاتها، كما من حق معارضيها أن يعبّروا عن قناعاتهم هم الآخرون.

وفي بلاد العرب، لا تطفو تلك الإشكالية فوق السطح، إلا في المحافل الدولية، حين تتاح الفرصة للجميع، بفعل حتمية اللقاء تحت مظلة عالمية ولو مؤقتة.

وهنا، في هذه الظروف الشحيحة التكرار، تظهر الكفاءة في إدارة المعركة إعلامياً واللعب بالكروت المتاحة أمام العدسات.

وقد شهد مؤتمر المناخ الأخير COP 27، الذي نظّمته مصر في مدينة شرم الشيخ، إحدى تلك المنازلات السياسية، بين النظام الحاكم من جهة، وأسرة وأنصار الناشط السياسي علاء عبد الفتاح من جهة أخرى.

فما بدا بشكل عام هي أزمة كفاءة من الجانب الرسمي في عرض وتسويق مواقفها إعلامياً للمتلقي الدولي. وذلك بعكس خصمه الذي نجح، بالرغم من فارق الإمكانات، في تحقيق نقاط تفوق "إعلامية" على الصعيد العالمي

ففي حين تطالب أسرة الناشط السياسي علاء عبد الفتاح بالإفراج عن ابنها المعتقل منذ عام 2013، حين حُكم عليه بالسجن خمس سنوات بتهمة التحريض على التظاهر ضد الدستور الجديد، ثم غادر السجن لأسابيع عدة، قبل أن يعود إليه مرةً أخرى بتهمة نشر أخبار كاذبة والانضمام إلى جماعة إرهابية. ليبقى في محبسه حتى الآن، وسط شكاوى بالتنكيل والتعنت، ما دفعه للإضراب عن الطعام ثم التصعيد بإيقاف الشرب أيضاً.

على الجانب الآخر، ترى الدولة أن حق العفو الرئاسي هو حق أصيل لها، وهي فقط من يقرر من يستحق العفو ومن لا يستحقه من دون ضغوط داخلية أو إملاءات خارجية، وتصرّ على تصنيف علاء عبد الفتاح كمتهم جنائي، وليس كمتهم سياسي على حد تعبير وزير الخارجية المصرية في لقائه الأخير مع شبكة CNBC الإخبارية.

لكن بعيداً عن ماهية المطروح من الجانبين، فما بدا بشكل عام هي أزمة كفاءة من الجانب الرسمي في عرض وتسويق مواقفها إعلامياً للمتلقي الدولي. وذلك بعكس خصمه الذي نجح، بالرغم من فارق الإمكانات، في تحقيق نقاط تفوق "إعلامية" على الصعيد العالمي، وإن كانت الغلبة الإعلامية محلياً ما زالت من نصيب النظام الحاكم.

(صورة لطرد النائب عمرو درويش من القاعة)

النائب المستقل عمرو درويش

يرى البعض أن اختيار النائب عمرو درويش الاشتباك مع "سناء سيف"، لم يكن اختياراً موفقاً على الإطلاق، وأن أداءه غلبت عليه روح "إفساد" الندوة لا إحراج المتحدثة.

كان حريّاً بالنظام اختيار شخصية تنتمي إلى المجتمع المدني حتى لا يعطي انطباعاً للعالم بأن البرلمان المصري، وهو الجهة المنوط بها مراقبة الحكومة، أتى للدفاع عنها ضد معتقل سياسي على مشارف الموت.

يرى البعض أن اختيار النائب عمرو درويش الاشتباك مع "سناء سيف"، لم يكن اختياراً موفقاً على الإطلاق، وأن أداءه غلبت عليه روح "إفساد" الندوة لا إحراج المتحدثة.

والأهم أنه كان من المنطقي أكثر أن يتم اختيار شخص يجيد الإنكليزية، ولديه خبرة بالتعامل مع المؤتمرات الدولية، ويدرك أن الرد على المنصة يتم عبر طرح أسئلة محرجة، وليس عبر الحديث الإنشائي عن البلد والجيش... إلخ، وأن استمراره في الحديث بعد أن انتهى الوقت المخصص له، أمر غير مقبول في مثل تلك المحافل ولن ينجم عنه سوى طرده من القاعة في مشهد محرج لا مبرر له على الإطلاق.

لكن بالرغم من منطقية تلك النقاط، إلا أنه لا يمكن الجزم بأن النائب عمرو درويش، تم إرساله من قبل الدولة ولا حتى يمكن الادّعاء بأنه تابع للنظام، فنحن في الأخير نتحدث عن نائب برلماني مستقل غير حزبي، وتاريخه السياسي -الذي انتشرت ملامحه بعد المؤتمر على صفحات التواصل الاجتماعي- يشير إلى أن الرجل تاريخياً كان مع حزب النور السلفي، ثم مع الإخوان المسلمين، وقد نُشرت بيانات صحافية في مواقع إخبارية تشير إلى فصله من تيار المستقبل، لكونه من معتصمي رابعة العدوية.

إذاً، نحن نتحدث هنا عن رجل لا علاقة تاريخية له بتنظيمات الدولة مطلقاً، ولم ينتمِ إلى أي من أجهزتها أو أحزابها يوماً.

والحقيقة أن النائب عمرو درويش، كان حريصاً جداً في حديثه مع أمن المؤتمر في أثناء إخراجه، على توضيح أنه لا يمثل جهات رسميةً كما اتهمته سناء سيف.

(مظاهرات الزي الموحد)

لكن إذا كان أداء النائب عمرو درويش، وتبعاته، لا يمكن تحميل النظام مسؤوليتها، إلا أنه من المؤكد أن التعامل مع واقعة الطرد والرد عليها بشكل منظم كما حدث هي مسؤولية النظام.

الأزمة هنا ليست في تنظيم وقفة تضامنية مع النائب عمرو درويش. الأزمة في الإخراج الفني لتلك الوقفة والاستعجال و"الكروته"، التي نجمت عنها أخطاء أفضت إلى موجة سخرية على صفحات التواصل الاجتماعي من الوقفة ومنظميها.

الأزمة هنا ليست في تنظيم وقفة تضامنية مع النائب عمرو درويش. الأزمة في الإخراج الفني لتلك الوقفة والاستعجال و"الكروته"، التي نجمت عنها أخطاء أفضت إلى موجة سخرية على صفحات التواصل الاجتماعي من الوقفة ومنظميها

فأولاً: قرار إحضار محتجين يرتدون زياً موحداً، وكلهم من العمر الصغير نفسه، كان قراراً خطأً بامتياز، لأنه وببساطة سحب العفوية المفترض توافرها في أي وقفة احتجاجية، وأضفى عليها الطابع الرسمي، وبدا الأمر وكأننا أمام حفنة من الطلبة تم "شحنهم" لحمل لافتات تأييدية في مشهد حكومي بامتياز.

لكن الخطأ الكارثي الأكبر، والذي أدى إلى فضيحة على مواقع التواصل الاجتماعي، لم يكن في الزي الموحد، وإنما تمثل في الحوار الذي أجرته قناة cbc مع إحدى الفتيات المحتجات؛ تبين أمام الكاميرا التي كانت تبث بثاً مباشراً، أن الفتاة الصغيرة لا تعرف اسم "علاء عبد الفتاح" الذي تحمل صورته ومن المفترض أنها أتت لتندد به!

والأنكى أنها حتى لا تعرف اسم النائب الذي أتت لدعمه! وحين أخبرتها المذيعة باسم النائب "عمرو درويش"، تلعثمت الفتاة وفشلت في تكراره، وقالت: عمرو عفيفي!

هذا مستوى من "الكروته"، وضعف الإخراج الفني، يشي بأزمة كبيرة في الكفاءات الفنية المنوط بها إدارة المعركة.

الأزمة هنا ليست في كونك مع هذا الفصيل أو ذاك، الأزمة في الاستسهال والتعامل بخفة مع معارك تخوضها، فتكون كمن أطلق النار على ساقه. 

بيان نادي قضاة مصر

على صعيد آخر، أصدر نادي قضاة مصر، بياناً صحافياً ليرد فيه على ما عدّه مساساً بضمانات استقلال القضاء المنصوص عليها فى المواثيق الدولية، وتدخلاً سافراً غير مقبول في أعمال القضاء المصري المستقل.

وذلك تعقيباً على بيان "فولكر تورك" مفوّض الأمم المتّحدة السامي، والذي أعرب فيه عن أسفه البالغ إزاء عدم إفراج السلطات المصرية بعد عن المدوّن عبد الفتاح، الذي ورد أن حياته معرضة لخطر وشيك بعد إضرابه عن الطعام منذ سبعة أشهر.

الأزمة هنا ليست في كونك مع هذا الفصيل أو ذاك، الأزمة في الاستسهال والتعامل بخفة مع معارك تخوضها، فتكون كمن أطلق النار على ساقه. 

البيان الصحافي لنادي القضاة، ركّز على نقطتين تُعدّان من ثوابت القضاء المصري، وهي الحرص على استقلاليته وعدم تبعيته للسلطة التنفيذية بأي شكل من الأشكال، وثانياً التأكيد على عدم قبول تناول الأحكام القضائية وقرارات النيابة العامة صوناً لمكانة القضاء.

وتلك نقاط جوهرية لا خلاف عليها ولا يمكن الطعن فيها أو المساس بها بأي شكل من الأشكال، المشكلة هنا ليست في مضمون البيان ولكن في الأخطاء الواردة في صياغته، تحديداً في مقدمة البيان والتي ورد فيها:

"تابع نادي قضاة مصر بمزيد من الأسف، التصريحات والبيانات الصادرة من المندوب السامي لمنظمة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة". هنا وقع البيان الرسمي لنادي القضاة، والذي كان من المفترض أن تتم مراجعته قبل أن يتم توزيعه على كافة الصحف والمواقع الإخبارية، في خطأين أشار إليهما المحامي والحقوقي ناصر أمين، وهما:
الأول: لا يوجد ما يسمى "المندوب السامي" ولكن اسمه "المفوض السامي".

والثاني: لا يوجد ما يُسمى بـ"منظمة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة"، واسمها هو "مفوضية حقوق الإنسان"، وهي أحد أجهزة المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الأمم المتحدة.

أياً كان موقفك أو توجهاتك، فالمؤكد أنه يجب عليك إن أردت أن تكسب مساحات دوليةً، أن تدرك جيداً كيف تخاطب العالم الخارجي، وبأي لغة وتكنيك تتعامل معه

ختاماً...

أياً كان موقفك أو توجهاتك، فالمؤكد أنه يجب عليك إن أردت أن تكسب مساحات دوليةً، أن تدرك جيداً كيف تخاطب العالم الخارجي، وبأي لغة وتكنيك تتعامل معه.

فما يصلح للاستهلاك المحلي شيء، وما يوائم الإعلام الدولي شيء آخر.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel


* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image