أثار منع أحمد سالم، الشهير بـ"المطرب النقاش"، من المشاركة في حفل ختام الدورة 31 من مهرجان الموسيقى العربية، الذي أحيته النجمة السورية أصالة بدار الأوبرا المصرية، مساء الخميس 3 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، جدلاً واسعاً بعد اتهامات للقائمين على تنظيم الفعالية بـ"الفوقية" واستبعاده لأسباب عنصرية.
على مدار الأيام الماضية، تداولت أنباء عن مشاركة سالم الذي حصد شهرةً وتعاطفاً واسعين أخيراً عقب رواج فيديو له وهو يغني بصوت عذب وقوي أثناء عمله نقّاشاً (دهاناً)، في "البروفات" التحضيرية للحفل على أن يُشارك أصالة في أداء أغنيتين من أشهر أغانيها هما: "قد الحروف" و"سؤال بسيط". لكن الحضور فوجىء بعدم ظهوره على المسرح.
واعتذر سالم من متابعيه عبر حسابه في فيسبوك لاحقاً، قائلاً إن السبب وراء عدم ظهوره هو "عدم استكمال أوراق المفروض أعملها في الأوبرا لضيق الوقت".
الشناوي يُثير ضجّة
لكن الناقد الفني طارق الشناوي أثار ضجّةً واسعة بعد أن اتهم "ملحناً كبيراً" بمنع "المطرب النقاش" من الوقوف على مسرح الأوبرا الذي شهد ظهور نخبة من أهم مطربي العالم العربي في أمسيات المهرجان وأبرزهم: محمد منير، وهاني شاكر، وعلي الحجار، ومحمد الحلو، وراغب علامة، وديانا حداد، وكارول سماحة، وجنات، ومي فاروق، وريهام عبدالحكيم، وعاصي الحلاني، ونادية مصطفى، لأسباب عنصرية.
اتهام لـ #أصالة باستغلاله "لأخذ اللقطة" ولحلمي بكر بـ"العنصرية" ضده... منع "المطرب النقاش" أحمد سالم من الغناء على مسرح الأوبرا يُثير ردود أفعال متباينة، فريق يطالبه بصقل موهبته أولاً، وآخر يرد: "الموهبة تُشرع لها الأبواب لا توصد"
وكتب الشناوي عبر حسابه في فيسبوك، مساء الجمعة: "نجحت القوى المحافظة داخل دار الأوبرا، في اللحظات الأخيرة، في إزاحة المطرب أحمد سالم الذي منحوه لقب المطرب النقاش من الغناء مع أصالة رغم أنه أجري معها أكثر من بروفة. اضطر المطرب إلى إصدار فيديو يعلن فيه أن السبب هو عدم استكمال الأوراق، ولم يقل ما هي الأوراق وطبعاً لا توجد أوراق ناقصة ولا دياولو".
كما اعتبر أن "كل الحكاية أن ملحناً كبيراً في اللجنة العليا للمهرجان أخذ يلوّح بورقة اسمها الوقار، وبنظرة استعلائية اعتبر أن غناء المطرب عامل النقاشة يتناقض مع ‘برستيج الأوبرا‘. ومنعاً لإثارة أي زوبعة، تم إلغاء الفقرة".
ولفت الناقد الفني إلى أن "أصالة أرادت من خلال منصة دار الأوبرا المصرية أن توصِّل رسالة للجميع وهي أن صاحب الموهبة سيجد من يدعمه ويقف معه حتي لو كان عامل نقاشة بسيطاً إلا أن من يطلقون علي أنفسهم محافظين لا يدركون أهمية مثل هذه الرسائل الإنسانية".
وختم منشوره: "يقيناً، سنشاهد قريباً على المسرح أحمد سالم وهو يغني مع أصالة وغيرها في حفل قادم يُعلي فقط من قيمة الموهبة (يهمني الانسان ولو مالوش عنوان)".
سجال الموهبة vs الفوقية
وتسبب منشور الشناوي في سجال واسع بين فريقين، الأول يؤيد منع سالم لضرورة تطوير موهبته وصقلها قبل منحه فرصة الوقوف على مسرح الأوبرا، والآخر يرفض المنع ويعتقد في كفاية عنصر الموهبة لنيل هذه الفرصة، بل وينتقد "الطبقية" في قرار المسؤولين عن المهرجان.
طارق الشناوي: أصالة أرادت من خلال دار الأوبرا المصرية أن توصِّل رسالة للجميع بأن صاحب الموهبة سيجد من يدعمه حتى لو كان عامل نقاشة بسيطاً إلا أن من يطلقون علي أنفسهم محافظين لا يدركون أهمية مثل هذه الرسائل الإنسانية
من الفريق الثاني أميرة سيد مكاوي، ابنة الفنان الراحل، التي علقت على منشور الشناوي قائلةً: "بغض النظر عن مين كان شغال إيه، حجب الموهبة المهمة لحسابات لا تُعلي غير قيم الفوقية والطبقية غلط. الموهبة تُشرع لها الأبواب لا توصد. الموهبة يتم دعمها لا تحقيرها. خسارة".
وكتب الصحافي أيمن الصياد أن القرار "سلوك يعكس ما تفشى في المجتمع من ‘طبقية‘ وعنصرية بغيضة".
على الجانب الآخر، اعتبرت أميرة أبو شهبة: "ده الصح (أي المنع). الناس دي بتستغلو كترند مش أكتر. الولد محتاج يتعلم ويحترف الأول… وكمان يطلع مين ده عشان يغني ع مسرح الأوبرا علطول كده. أصالة دي بتستعبط"، موضحةً أن ظهوراً سابقاً لسالم مع المطرب أحمد سعد أظهر عيوباً في صوته تحتاج إلى علاج وتدريب، ومتهمةً أصالة بالسعي "لأخذ اللقطة".
محمد الخولي أيضاً كان من أنصار تطوير موهبة "المطرب النقاش" قبل تقديمه للناس عبر منصة موقرة مثل دار الأوبرا. قال في تعليقه على ما كتب الشناوي: "يوجد فى الأوبرا المصرية أكثر من 100 صوت أحلى وأجمل من المطرب النقاش كما يطلق عليه، على الأقل تغني (هذه الأصوات) الكلام بطريقة صحيحة وتحافظ على ‘التون‘ والإيقاع… ومنها من هو دارس ومنها ما تفوق موهبته صاحب الترند. وبرغم هذا لا تأخذ فرصتها فى مهرجان من المفترض أنه مهرجان لإظهار موهبتها بمساعدة النجوم الكبار".
وخاطب الخولي الشناوي: "بدلاً من دعم موهبة أينعم تم الثناء عليها ولكن تحتاج الكثير للوقوف على خشبة مسرح دار الأوبرا، ادعموا المواهب الحقيقية واعطوها ربع ما تطالب بإعطائه للمطرب النقاش وستشاهد ارتقاء للفن المصري بل وسترجع مصر للريادة بأيادي أولادها الفنانين الحقيقيين المتشوقين لربع فرص مطرب الترند".
لكن مثل هذا الخطاب دفع البعض للإعراب عن اندهاشه من أمر تكرر في المجتمع المصري في الآونة الأخيرة وهو التعاطف مع بعض الأشخاص إثر تعرضهم للعنصرية ثم التراجع عن هذا التعاطف حالما تسنح لهم فرص لتحسين أوضاعهم.
"بدلاً من دعم موهبة أينعم تم الثناء عليها ولكن تحتاج الكثير للوقوف على خشبة مسرح دار الأوبرا، ادعموا المواهب الحقيقية واعطوها ربع ما تطالب بإعطائه للمطرب النقاش وستشاهد ارتقاء للفن المصري"
في هذا الصدد، انتقد حسن غزالي: "الناس انقلبت ضد عامل النظافة بعد التعاطف معه لأنه حاول فقط يستغل الفرص في أنه يتحرك اجتماعياً. نفس الكلام مع الشاب مغني ‘انتش واجري‘ عندما قامت إحدى شركات الاتصالات باستخدام أغنيته كنغمة مقابل مبلغ مالي. بالإضافة إلى منع المطرب الذي يمتهن مهنة ‘النقاشة‘ من الغناء مع المطربة أصالة على مسرح دار الأوبرا المصرية بحجج واهية".
وأردف غزالي: "حقيقي أنا مش شايف أي تضارب بين الطالب والمطلوب. والظاهرة تجعلنا ننظر بعين متفحصة تجاه أدوات ووسائل الحراك الاجتماعي والطبقي".
بكر يرد
في غضون ذلك، قال الموسيقار حلمي بكر، عضو اللجنة العليا للمهرجان، رداً على الشناوي، إن "وقوف أي مطرب على خشبة دار الأوبرا مسؤولية كبيرة" وأي خطأ يرتكبه كان ليقع على عاتق الجهة المنظمة وليس أصالة التي تسأل: "بأي حق تمنح نفسها حق اتخاذ قرار بهذا الشأن؟".
ونفى بكر الاعتراض على سالم بسبب عمله المتواضع، قائلاً: "لا أمنع أحداً من الغناء، فمصر كلها تغني، وما يهمني هل هو موهوب أم لا؟ أما مهنته فليست سبباً للمنع"، ونبّه إلى أنه "كان يجب تأهيل هذا الشاب قبل دفعه للوقوف على خشبة دار الأوبرا لا أن يتم إلقاؤه في البحر دون تعليمه العوم، خاصةً أن هذه دار الأوبرا جهة أكاديمية وليست جهة تجارية".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...