يواجه "ساندوتش" المدرسة المكون الرئيسي لسلة إفطار طلبة المدارس في مصر موجة غلاء جديدة بعد تلك التي أصابته نتيجة غلاء أسعار الدقيق والطاقة، على إثر أزمة كبيرة تمر بها صناعة الألبان والأجبان في مصر، بدت درجة حدتها في قرار شركة عبور لاند للصناعات الغذائية ومنتجات الألبان التوقف عن العمل لمدة أسبوع كامل قبل عودتها، بحسب عبد المنعم قتيلو رئيس شعبة الألبان.
وزادت أسعار الأجبان الأكثر استخداماً مثل القريش والرومي والثلاجة بنسب وصلت إلى 30% من سعرها قبل شهرين، وكانت الأسعار في سبتمبر/ أيلول قد زادت 14% عن سعرها في مارس/ آذار الماضي.
ووصل سعر الكيلو من الجبن القريش إلى 67.9 جنيه صعوداً من 40 في سبتمبر/ أيلول، ووصل سعر الكيلو من الجبن الرومي إلى 162.95 جنيهاً صعوداً من 120 قبل شهرين، وذلك في أكبر متاجر الجملة التي تبيع المنتجات بأسعار أقل من أسعار السوق.
زادت أسعار الأجبان الأكثر استخداماً مثل القريش والرومي والثلاجة بنسب وصلت إلى 30% من سعرها قبل شهرين، وكانت الأسعار في سبتمبر/ أيلول قد زادت 14% عن سعرها في مارس/ آذار الماضي
وعادت شركة عبور لاند للصناعات الغذائية للعمل بعد توقف مصانعها لمدة أسبوع كامل، بسبب نقص المواد الخام ومستلزمات الإنتاج ومنها الألبان المستوردة وزيت النخيل ومستلزمات أخرى، وأربك إعلان توقفها السوق والرأي العام، ما حدا برئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي للتدخل الفوري للإفراج عن شحنة زيت نخيل كي تعاود الشركة إنتاجها، بحسب محمد حامد رئيس مجلس إدارة شركة عبور لاند.
وفي معرض الأزمة، قال رئيس شركة عبور لاند إن كميات الألبان المنتجة في مصر لا تكفي مصانع الجبن، وبالتالي "لا بد من الاعتماد على بعض المكونات الأخرى أهمها الزيوت، ومعظمها مستورد بنسبة 98%"، مضيفًا: "أكثر من 2500 طن من منتجات صناعة الجبنة في الموانئ لم يتم الإفراج عنها حتى الآن رغم أنها كان من المفترض أن تخرج في 25 يوليو/تموز الماضي".
كل الخامات ناقصة
قال عبد المنعم قتيلو رئيس شعبة صناعات الألبان في الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، في اتصال هاتفي مع رصيف22، إن أزمة سوق الألبان بدأت منذ أكثر من 9 أشهر، وتحديداً في فبراير/ شباط الماضي، عندما فرض البنك المركزي المصري قيوداً على استيراد مستلزمات الإنتاج من الخارج، لتوفير العملة الصعبة. وهو القرار الذي تعهد البنك المركزي بإلغائه في ديسمبر/ كانون الأول المقبل بعدما تعرضت حركة الاستيراد لشلل أصاب جميع القطاعات، وأثر بشكل مباشر على توفُّر وأسعار المنتجات الغذائية الأساسية في مصر.
وأضاف رئيس شعبة الألبان أن الأسباب التي أدت إلى توقف مصنع عبور لاند عن العمل "رد فعل ترتب على قرارات البنك المركزي في فبراير/كانون الثاني 2022، وهي أزمة ومخاطر نتحدث عنها منذ أكثر من 9 شهور"، حيث أن البنوك تفصل في التعامل ما بين المواد الخام ومواد التعبئة والتغليف، وتعتبر الأخيرة ليست من بين مستلزمات الإنتاج، والحقيقة أنها جزء من مستلزمات الإنتاج لأن معظمها لا يتم تصنيعها في مصر بالكامل مثل الكارتون، والبلاستيك، ومواد الربط للمنتج، و"هي أزمة أصابت صناعة الألبان مثل صناعات أخرى تحتضر في مصر"، وفقاً لقتيلو.
وتعد الأزمة التي تعرضت لها شركة عبور لاند مشابهة لواقعة التلويح بالإعدام الجماعي للكتاكيت في منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بسبب نقص الأعلاف في السوق المحلي واحتجازها في الموانئ لعدم توافر سيولة دولارية، ما أدى إلى ارتفاع أسعارها – إن وُجدت- بشكل دفع مربي الدواجن إلى التخلص منها في مشهد أحدث جدلاً واسعاً في المجتمع المصري، وتحركت الحكومة رداً على الغضب العام لتوفير 44 مليون دولار للإفراج عن جزء من الكميات الموجودة بالموانئ، حسبما كشف تحقيق لرصيف22، رصد تعرض الأسواق المصرية إلى أزمة في توفر السلع الغذائية وقدرة الجمهور على الوصول إليها. إلا أن أزمة الأعلاف التي جرى حلها مؤقتاً بالنسبة لقطاع الدواجن، لا تزال حاضرة في قطاع الماشية، ما ينعكس على صناعة الألبان.
بالإضافة إلى نقص مستلزمات الإنتاج المحتجزة في الموانئ، تعاني صناعة الألبان من نقص أربع مواد رئيسية للصناعة، وهي "الحليب، والزيت، والزبدة واللبن المجفف"، وفقاً لقتيلو، إذ ارتفع سعر اللبن الخام منذ أبريل/ نيسان الماضي حتى الآن بنسبة تخطت 70% .
الأزمة التي تعرضت لها شركة عبور لاند مشابهة لواقعة التلويح بالإعدام الجماعي للكتاكيت في منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بسبب نقص الأعلاف في السوق المحلي واحتجازها في الموانئ لعدم توافر سيولة دولارية
وتنتج مصر نحو سبعة ملايين طن لبن، وفقاً لوزارة الزراعة لكن هذا الرقم لا يكفي احتياجاتها الفعلية من الألبان ومنتجاتها، وبعض الصناعات المرتبطة باللبن المجفف مثل الحلوى والشيكولاته، فتلجأ الحكومة للاستيراد لتغطية الاحتياجات وسد نحو 36% من عجز منتجات الألبان في السوق.
وبحسب رئيس شعبة الألبان، فإن نسبة العجز المذكورة كانت قبل أزمة مصنع عبور لاند، متوقعاً أن تتضاعف أزمة الألبان لأسباب: ندرة إنتاج اللبن الخام في الوقت الحالي لأن موسم الإنتاج لم يحل بعد، ومن المقرر أن يبدأ مع توافر البرسيم الأخضر، والسبب الثاني هو ارتفاع أسعار الزيوت عالمياً اللازمة لصناعة الألبان، والسبب الثالث استمرار حجز مستلزمات الإنتاج في الموانئ.
هل يتأثر السوق؟
توقعت شركة عبور لاند التي كشف قرارها عن عمق الأزمة، عدم تأثر نتائج أعمال الربع الأخير بهذه الأزمة التي تعرضت لها، وذلك لانخفاض الطلب والانتاج والاستهلاك في الربع الأخير من كل عام، إضافة إلى توافر مخزون ومدخلات إنتاج كافية لضمان سير العملية الإنتاجية بشكل اعتيادي، بحسب بيان الشركة.
يستورد مصنعو الألبان أكثر من 35% من مكونات صناعة الألبان في مصر بدءاً من الأعلاف إلى الخامات الرئيسية وصولاً إلى مواد الخامات المساعدة
لكن رئيس شعبة الألبان يرى أن احتجاز الخامات ومستلزمات الإنتاج في الموانئ سيرفع من تكلفة كل المنتجات على المستهلك، لأن أصحاب البضائع المحتجزة يدفعون غرامات كبيرة (أرضيات) بدل تأخير الحاوية المحتجزة في الموانئ الأجنبية. ويقدر أن الشحنات المتعلقة بقطاع الألبان، والمعلقة بسبب نقص الدولار، تصل غراماتها إلى 30 مليون دولار يومياً لكل الحاويات المتأخرة، بسبب وجودها على أراض أجنبية، "أضف إلى ذلك تدهور قيمة الجنيه أمام الدولار وتجاوزه 24 جنيهاً لكل دولار، وهي أزمة سترفع الأسعار أيضاً".
ويستورد مصنعو الألبان أكثر من 35% من مكونات صناعة الألبان في مصر بدءاً من الأعلاف إلى الخامات الرئيسية وصولاً إلى مواد الخامات المساعدة، بحسب تصريحات صحافية سابقة لرئيس شعبة الألبان.
وتكشف الإحصاءات الرسمية أهمية الألبان ومنتجاتها في غذاء الأسرة المصرية فتأتي في المرتبة الرابعة بعد اللحوم والخضروات والحبوب والخبز، بمعدل استهلاك 13% من إجمالي استهلاك الطعام والشراب، بحسب بيانات صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.
ويصل إجمالي العاملين في قطاع إنتاج الثروة الحيوانية ومزارع الألبان إلى نحو مليون عامل، على مستوى المزارع التي يصل عددها إلى نحو 200 مزرعة كبيرة في جميع المحافظات، وبحسب جمعية أصحاب مزارع الألبان يعمل بهذه الصناعة عمالة يدوية تتقاضى رواتب زهيدة. هذا بخلاف العاملين بمصانع الألبان الكبرى ومعامل الألبان المتوسطة والصغيرة.
ولهذا يخشى رئيس شعبة الألبان من توقف الوحدات الإنتاجية الصغيرة بفعل الأزمة الأخيرة، إذ أصبحت مهددة بالتوقف لنقص المواد الخام ومستلزمات الإنتاج الحالية: "كل اللي نَفَسُه في السوق قصير، هيضطر يقفل، لأنه مش هيقدر يصمد. لكن الشركات الكبرى تقدر تصمد"، واتفق قتيلو مع رئيس شركة عبور لاند في أن حل هذه الأزمة هو توفير الدولار للاستيراد والإفراج عن البضائع الموجودة في الموانئ.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعة??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 21 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون