يضع الدين الإسلامي قواعد صارمة فيما يخص الطلاق، فبعد الطلقة الثالثة لا يجوز للمطلقة الرجوع للزوج إلا بعد أن تتزوج رجلاً غيره ويستكمل الزواج الجديد أركانه، من عقد صحيح، وشهود، ونية الديمومة والدخول أي العملية جنسية.
ارتفعت حالات الطلاق في مصر في العام 2020 إلى 222 ألف حالة طلب شهادة طلاق، أي 26 طلاقاً في الساعة، وذلك بحسب الأرقام التي أعلنها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وتزيد هذه النسبة بالنصف عن نسبة الطلاق خلال العقد السابق.
بشرط الدخول "عشان الحرام والحلال"
المعضلة الاجتماعية التي يقف الدين في طرق حلها هي عودة الزوجين بعد الطلقة الثالثة، ولتجاوزها يلجأ الزوجان لمن يسمى بالـ"المحلل" أي زوج مؤقت لفترة مؤقتة يعقد قرانه على المرأة ويطلقها لتعود إلى زوجها الأول بعد انتهاء عدتها.
رصيف22 تواصل مع بعض هؤلاء الأشخاص الذين يعلنون عن أنفسهم كمحللين شرعيين بدون مقابل، ومنهم يقول مختار السيد (45 عاماً) وهو اسم مستعار إنه يقوم بالتحليل مقابل ممارسة العلاقة سواء لمرة أو لأكثر، وذلك حسب رغبة السيدة.
ويضيف أن لدى المرأة خيارين، إما أن تقوم بتوفير مكان له لممارسة العلاقة الجنسية، أو يمكنها أن تذهب إلى منزله يومي الجمعة والسبت عندما تكون زوجته _التي لا تعلم شيئاً عما يقوم به_ خارج المنزل.
وعلى حد تعبيره فإن التحليل من غير علاقة جنسية حرام، مضيفًا أنه: "في حالة شعور طليق السيدة بالغيرة أو الضيق يمكنها عدم إبلاغه بحدوث العلاقة الجنسية بيننا وإخفاء الأمر عنه"، وبحسبه فمجريات الأمور تسير كالتالي: يتم عقد الزواج، ثم العلاقة الجنسية، ثم قد يحدث الطلاق سواء بعد أول علاقة مع المرأة أو حسب الاتفاق بينهما، ثم تنتظر فترة العدة وتعود إلى زوجها الأول.
مختار... في حالة شعور طليق السيدة بالغيرة أو الضيق يمكنها عدم إبلاغه بحدوث العلاقة الجنسية بيننا وإخفاء الأمر عنه
من جانبه يقول مجدي عزت (40 عاماً) وهو اسم مستعار ويقوم بالتحليل دون مقابل أيضاً إنه يشترط حدوث العلاقة الجنسية لمرة واحدة على الأقل حتى يتم الزواج.
وأضاف أنه يذهب للسيدة التي يتزوجها في منزلها لحدوث العلاقة بعد كتب الكتاب بواسطة محامٍ، ومن ثم يقوم بتطليقها في اليوم التالي على أن تعود لزوجها الأول بعد اكتمال العدة.
وأيضاَ بشرط عدم تسجيل الزواج
أما سمير حسن وهو أصغرهم سناً (23 عاماً) فيقول إنه لا يمانع أن يكون محللاً سواء بعلاقة جنسية أو بدونها، وذلك حسب رغبة السيدة، كما أن فارق العمر لا يزعجه، وعندما عرضت عليه مراسلة رصيف22 الزواج بسيدة عمرها 35 عاماً لم يكترث مشيراً إلى أن شرطه الوحيد عدم تسجيل عقد الزواج حتى لا يتعرض لمشاكل على حد تعبيره عندما يقوم بالزواج في المستقبل لكونه لم يزل أعزب، والمقصود هنا بالزواج بدون تسجيل هو الزواج العرفي الذي يقوم بكتابته محام، ولا يضمن أياً من حقوق المرأة بطبيعة الحال.
يقوم مختار بالتحليل مقابل ممارسة العلاقة الجنسية لمرة أو لأكثر، حسب رغبة السيدة، ولدى المرأة خيارين، إما أن تقوم بتوفير مكان له، أو يمكنها أن تذهب إلى منزله يومي الجمعة والسبت عندما تكون زوجته _التي لا تعلم شيئاً عما يقوم به_ خارج المنزل
هنالك فتاوى متضاربة بشأن هذا الزواج سواء من شيوخ الأزهر أو من دور الإفتاء العربية إذ يرى بعضهم أنه إن حقق شروطه الشرعية كالإيجاب والقبول والشهود وغيرها يصبح مكتملاً من الناحية الشرعية لكن بدون أثر قانوني، بينما يرى الرأي القانوني الشرعي أنه باطل لكونه لا يكتب على يد مأذون ولا يسجل أو يوثق رسمياً، وما يحدث في هذه الحالة أن العقد العرفي يتم تمزيقه بمجرد حدوث الطلاق من المحلل.
على الجانب الآخر تحدث رصيف22 مع مصطفي محمد وهو اسم مستعار لرجل يبحث على محلل للعودة إلى طليقته، يقول إنه يبحث عن شخص محل ثقة لإتمام الأمر. وبحسب كلماته فهو يعلم بأن العلاقة الجنسية شرط لإتمام الزواج وأن المحلل سيقوم بالدخول على زوجته، مشيراً إلى أن الكثير من المحللين تواصلوا معه بعد كتابته منشوراً ليسأل عن الأمر إلا أن اختياره لم يستقر على شخص إلى الآن.
تمكن زكريا من العثور على محلل "على خلق" على حد وصفه لشقيقته بعدما طلقها زوجها ثلاث مرات
أما زكريا بدير وهو أيضاً اسم مستعار فروى لرصيف22 كيف تمكن من العثور على محلل "على خلق" على حد وصفه لشقيقته بعدما طلقها زوجها ثلاث مرات، إذ اتفق معه على الزواج لثلاثة أيام مع حدوث العلاقة الجنسية، وهو ما أتمه المحلل عندما جاء به بدير إلى قريته مسافراً من محافظة أخرى من مصر.
وتابع أنه أعطاه ألف جنيه أي ما يساوي 50,86 دولار، على الرغم من عدم طلبه أي مقابل لإتمام التحليل.
الرأي الشرعي غير سعيد
يقول المأذون الشرعي الشيخ محمد حسين لرصيف22 إن زواج الرجل من سيدة مطلقة ثلاث مرات لتحل لطليقها الأول حرام شرعاً استناداً إلى الحديث النبوي " لعن الله المحلل والمحلل له".
وأضاف أن المرأة التي طلقت ثلاثاً لا تحل لطليقها ويمكنها الزواج بشكل طبيعي بدون شروط كالتي وردت على لسان المحللين في التقرير كتحديد مدة بعينها، أو الاتفاق هي أو طليقها مع الزوج الثاني، واصفاً استئجار المحلل بالـ"الدعارة المقننة".
تصل تسعيرة المحلل إلى 10 آلاف جنيه، أي ما يعادل (508 دولارات) في سوق المحللين المنتشرين على مواقع التواصل الاجتماعي، كما يعتبرونها منبراً لتناقل الخبرات عن تحديد السعر وتقديم خدماتهم، وكذلك السؤال عن كل التفاصيل الخاصة بالتحليل.
شرط سمير الوحيد عدم تسجيل عقد الزواج حتى لا يتعرض لمشاكل على حد تعبيره عندما يقوم بالزواج في المستقبل لكونه لم يزل أعزب، والمقصود هنا بالزواج بدون تسجيل هو الزواج العرفي الذي يقوم بكتابته محام
وقد شهدت مصر قبل أشهر قليلة قضية رأي عام كبرى حين خرج أحد المحللين المشهورين والمسمى محمد الملاح في لقاء تلفزيوني في برنامج "يحدث في مصر" ليتحدث عن مهنته كمحلل تزوج 33 مرة، وانتهت بالحكم عليه بالسجن لسنة وغرامة 200 ألف جنيه، أي ما يعادل 8200 دولار أمريكي.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...