شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
هل حقاً تقدّم هيفاء وهبي في السنّ تهمة مشينة؟

هل حقاً تقدّم هيفاء وهبي في السنّ تهمة مشينة؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الثلاثاء 1 نوفمبر 202203:14 م

"شو مفكرة حالك هيفا وهبي؟"؛ لم يخلُ أي حوار متنمر أو مستصغر أو محجّم لجمال امرأة عربية في القرن الحادي والعشرين من مقارنتها بالمغنية اللبنانية هيفاء وهبي. حتى الدراما، هي الأخرى، لم تخلُ من مشاهد تقديم المغنية على أنها أيقونة الجمال الأولى عربياً، حتى ترسخ في ذهن الجمهور -الذي لا يحتاج إلى هذه التأكيدات أصلاً- أن هيفاء وهبي هي أجمل امرأة على وجه الأرض، ومنذ تلك اللحظة أصبحت عدوة النساء الأولى.

حين بدأ يتصاعد نجم عمليات التجميل بدأنا نشاهد على الشاشة هيفاوات عدة. كانت كل صاعدة تطمح للوصول إلى الشهرة من طريقها المختصر، تُري صورة هيفاء للماكيير وطبيب التجميل الخاص بها، لتدخل إنسانةً متمايزةً، وتخرج بملامح مستنسخة عن ملامح هيفاء وهبي. هذه الملامح التي يشكّك في جمالها بالرغم من أنها خرجت إلى النور للمرة الأولى حين ربحت مسابقة ملكة جمال لبنان عام 1992، بعد أن تُوّجت بلقب ملكة جمال جنوب لبنان سابقاً، في تلك الحقبة التي لم تكن شمس عمليات التجميل قد بزغت فيها بعد.

أما اليوم، فتضج وسائل التواصل الاجتماعي بأخبار المغنية التي أصبحت تريند السوشال ميديا، بسبب صورها المتناقَلة في حفلتها الأولى في الرياض، والتي تُظهر عليها علامات التقدّم في السن، وبلهجة لا تخلو من الشماتة، متناسيةً مراحل التطور الطبيعي البشري وآثار مرور الزمن الذي أضحى في زماننا تهمةً للمشاهير والناس العاديين على حد سواء.

أما اليوم، فتضج وسائل التواصل الاجتماعي بأخبار المغنية التي أصبحت تريند السوشال ميديا، بسبب صورها المتناقَلة في حفلتها الأولى في الرياض، والتي تُظهر عليها علامات التقدّم في السن

هل التقدّم في العمر تهمة؟

سرعان ما بدأت النساء على المنصات بردّ اعتبارهن من الفنانة التي لم ترتكب في حقهنّ أي خطيئة، والتي كان جمالها وحفاظها عليه غلطتها الوحيدة. فما ذنب الديفا إذا ما أثارت إعجاب الأزواج عديمي القدرة على تذوق ألوان الجمال وحصره في نموذج واحد، الأمر الذي جعلهم يقومون بمقارنات ظالمة في حق زوجاتهم.

لست في صدد تقييم الأداء الفني لهيفاء، فهذا شأن المختصين، ولكنها على الصعيد السيكولوجي -كأي شخص طبيعي- استثمرت نقاط قوتها لتحقق نجاحاً نشدته، فالجمال هبة وعطيّة ربانية كما كتابة الشعر والرسم. فما الضير في استخدامه للسعي نحو تحقيق مجد شخصي لا يتسبب بأذية أحد؟ وأي ثأر يسكن القلوب لتقوم طبيبة بالتخلي عن هدف منبرها الطبي ونشر بوست تخاطب فيه زوجها قائلةً: "أنا مرا وهيفا مرا؟"، في محاولة لعكس الآية التي ظلت سارية المفعول حتى لحظة انتشار الصور، أو لتقوم صفحة تدّعي التحدث بلسان حال النساء بقول: "فضيحة التيتا هيفا؟". فهل حقاً التقدم في السن تهمة مشينة؟ هل من المعيب أن تتمتع امرأة خمسينية بملامح امرأة خمسينية لمجرد أنها مشهورة؟ هل يصعب على الجماهير أن تتفهم أن مهنة الدعاية والتوجه إلى الجمهور تتطلب معايير شكليةً ومثاليةً يفرضها الضخ الإعلامي؟ ألا يمكن أن تكون هيفاء ذاتها مرغمةً على التعديلات المعنية بالحفاظ على شبابها من قبل جهة إنتاج وعقود احتكار؟ ألم يبقى زيف في الحياة غير فلاتر وجهها لتنال كل هذه الضجة التي مرت بها قبلها بفترة وجيزة الفنانة ميرفت أمين، بسبب ظهورها الطبيعي كسيدة سبعينية في عزاء المخرج الراحل علي عبد الخالق؟ ألن تشيخ من لم تتوفّى شابةً منا؟ ثم ألم تُهاجَم أصالة بالحدة ذاتها لأنها "تصغر"؟ وشيرين لأنها تسمن؟ وأخرى لأنها تحجبت؟ هل هوجم رجل لأحد الأسباب السابقة قبلاً؟ أم أن المجاهر والسكاكين مسلطة على النساء فقط؟

ألن تشيخ من لم تتوفّى شابةً منا؟ ثم ألم تُهاجَم أصالة بالحدة ذاتها لأنها "تصغر"؟ وشيرين لأنها تسمن؟ وأخرى لأنها تحجبت؟ هل هوجم رجل لأحد الأسباب السابقة قبلاً؟ أم أن المجاهر والسكاكين مسلطة على النساء فقط؟

إنه لمن المحزن أن عقوداً متلاحقةً من الجمال وتاريخ المرأة، التي لُقّبت عام 2009 بلقب أجمل النساء في مهرجان كان السينمائي والتي صنفتها مجلة "Hollywood Buzz" الإلكترونية كواحدة من أجمل 30 امرأةً عام 2014 والتي دخلت إلى جانب ريهانا وبيونسيه في سباق أجمل 10 فنانات عام 2017 لتدخل في عام 2018 قائمة Top Gentlemen لأجمل 30 امرأةً على مر العصور، نُسفت جميعها في صورة واحدة احتوت حقاً من حقوقنا الطبيعية كبشر، في أن نذبل في خريف أعمارنا ونتجهّز للفناء كأي مخلوق آخر. فمن أعطى الإذن للشهرة بمصادرة هذا الحقّ؟


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel


* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard