شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
من أبطال اليرموك والساعد الأيمن لعلي بن أبي طالب... سيرة الأشتر النخعي في المصادر الإسلامية

من أبطال اليرموك والساعد الأيمن لعلي بن أبي طالب... سيرة الأشتر النخعي في المصادر الإسلامية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والتاريخ

السبت 19 نوفمبر 202211:25 ص

تُعَدّ شخصية الأشتر النخعي من الشخصيات القلقة التي ظهرت على مسرح الأحداث السياسية في الفترة المبكرة من تاريخ الإسلام. شارك بشكل مؤثر في حركة التوسعات العسكرية في عهد الخليفتين أبي بكر وعمر، كما لعب دوراً مهماً في الفتنة الكبرى والحرب الأهلية بين جيشي العراق والشام.

واختلف مؤرخو السنّة في تقييمه، أما الشيعة الإمامية فقد منحوه مقاماً مبجلاً باعتباره الساعد الأيمن للإمام علي بن أبي طالب.

في المصادر التاريخية

وردت سيرة الأشتر النخعي في العديد من المصادر التاريخية الإسلامية المهمة، ومنها على سبيل المثال كل من "الطبقات الكبرى" لابن سعد (ت. 230هـ)، و"سيّر أعلام النبلاء" لشمس الدين الذهبي (ت. 748هـ)، و"الإصابة في معرفة الصحابة" لابن حجر العسقلاني (ت. 852هـ).

تتفق أغلبية تلك المصادر على أن الاسم الحقيقي للأشتر هو مالك بن الحارث بن عبد يغوث بن مسلمة بن ربيعة بن الحارث بن جذيمة بن سعد بن مالك بن النخع النخعي الكوفي. وترجع أصوله إلى قبيلة النخع اليمنية القحطانية، وهي إحدى القبائل الكبيرة المتحدرة من نسل مذحج.

وُلد الأشتر في وقت غير محدد قبل ظهور الإسلام. وبعد إسلامه، اشتهر اسمه إبان حقبة التوسعات العسكرية العربية التي وقعت في زمن كل من أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب. وأكد المؤرخون القدامى على شجاعته وقوته وبطولته في الحروب والمعارك. على سبيل المثال، وصفه الذهبي بأنه "أحد الأشراف والأبطال المذكورين... وكان شهماً، مطاعاً، زعراً (يعني سيئ الخلق)".

يتحدث الواقدي (ت. 130هـ) عن الأدوار البطولية الرائعة التي اضطلع بها الأشتر في المعارك التوسعية على الجبهتين الفارسية والشامية. يذكر في كتابه "فتوح الشام" أن الخليفة الأول أبا بكر الصديق أثنى كثيراً على شجاعته حينما أرسله ضمن المدد الذي أرسله إلى خالد بن الوليد. فقد جاء في الرسالة التي أرسلها الخليفة الأول إلى خالد "وقد تقدم إليك أبطال اليمن وأبطال مكة ويكفيك عمرو بن معد يكرب الزبيدي ومالك بن الأشتر". وبحسب المصادر التاريخية الإسلامية، أثبت الأشتر صدق مقالة أبي بكر بعد فترة قصيرة من وصوله إلى العراق.

وجاء في طبقات ابن سعد أن الأشتر شارك في معركة القادسية في السنة الـ14 من الهجرة، وأنه قاد قومه من النخعيين لتحقيق بطولات كبرى في تلك المعركة، الأمر الذي تسبب في مقتل الكثير منهم دوناً عن بقية القبائل المشاركة في الجيش. أيضاً، تحدثت المصادر عن مشاركة الأشتر في باقي فتوحات بلاد فارس وإيران، وأنه كان ممَّن حضروا فتح مدينة أصبهان المهمة.

من جهة أخرى، لعب الأشتر دوراً مهماً في الانتصار الإسلامي على جيوش البيزنطيين في معركة اليرموك، سنة 15هـ. يذكر سليمان بن موسى الكلاعي (ت. 634هـ)، في كتابه "الاكتفاء، بما تضمنه من مغازي رسول الله والثلاثة الخلفاء"، أن الأشتر "قتل يوم اليرموك قبل أن ينهزموا (يقصد البيزنطيين) أحد عشر رجلاً من بطارقتهم، وقتل منهم ثلاثة مبارزة".

كما روى الواقدي قصة مبارزة الأشتر لماهان، أحد القادة البيزنطيين، وكيف أن تلك المبارزة فتحت باب النصر أمام المسلمين في ما بعد. كتب: "وكان أول مَن برز مالك النخعي الأشتر... فابتدر مالك ماهان بالكلام وقال له أيها العلج الأغلف... إنْ أردت مجاورتنا في جنات النعيم فانطق بكلمة الشهادة أو أداء الجزية وإلا فأنت هالك لا محالة... فقال ماهان: لا بد لي من الحرب، ثم حمل على مالك وكان من أهل الشجاعة فاجتهدا في القتال فأخرج ماهان عموده وضرب به مالكاً على البيضة التي على رأسه فغاصت في جبهة مالك فشترت عينيه فمن ذلك اليوم سمي بالأشتر... وإذا بمالك قد حمل وأخذته أصوات المسلمين يا مالك استعن بالله يعينك على قرينك قال مالك فاستعنت بالله عليه وصليت على رسول الله وضربته ضربة عظيمة فقطع سيفي فيه قطعاً غير موهن فعلمت أن الأجل حصين فلما أحسن ماهان بالضربة ولى ودخل في عسكره".

ويذكر الواقدي أن خالداً بن الوليد استغل الاندهاش الذي استبدّ بالجند البيزنطيين وهم يرون قائدهم وقد أصيب على يد الأشتر، فأمر جنده بالانقضاض على المعسكر البيزنطي فتحقق لهم النصر.

لم تنتهِ بطولات الأشتر في اليرموك بل وصلت إلى أماكن أخرى في البلاد الشامية. على سبيل المثال، يذكر الواقدي الدور المؤثر الذي لعبه في فتح قرقسيا إذ يقول: "والتقى عبد الله بن مالك الأشتر بيورنيك الأرمني (أحد كبار القادة البيزنطيين) فلمّا عاين زيه علم أنه من ملوكهم فطعنه في صدره فأخرج السنان من ظهره".

كما يتحدث ابن أعثم الكوفي (ت. 314هـ)، في كتاب الفتوح، عما فعله الأشتر في فتح آمد وميافارقين رغم قلة عدد رجاله. كتب: "ولما اقترب من آمد وعاين بنفسه قوة الحصن، أمر الجيش بأن يكبّروا معاً تكبيرة واحدة بأعلى صوت. فخاف أهل آمد وتزلزلت أقدامهم وظنوا أن المسلمين يبلغون عشرة آلاف وأنهم لا قبل لهم بحربهم فأرسلوا شخصاً إلى الأشتر فأجابهم الأشتر إلى الصلح وتقرر أن يدفعوا خمسة آلاف دينار نقداً وعلى كل رجل أربعة دنانير جزية ورضي حاكم البلد بهذا الصلح وفتحوا الأبواب ودخلها المسلمون".

دوره في الفتنة والحرب الأهلية

استقر الأشتر في الكوفة مع جماعة كبيرة من أقربائه من أهل نخع. وشارك بشكل مستمر في الغزوات التي شنها المسلمون في بلاد فارس طوال عهد الخليفة عمر بن الخطاب، وفي النصف الأول من عهد الخليفة عثمان بن عفان.

ولكن في النصف الثاني من عهد عثمان، تغيرت الأوضاع كثيراً في العراق. تعطلت حركة التوسعات وقلّت الغنائم التي اعتاد الفاتحون الحصول عليها. وتزامن ذلك مع ازدياد نفوذ الأرستقراطية القرشية عموماً -الأموية منها على وجه الخصوص- ما أدى إلى تصاعد حدة الاحتجاجات على السياسات المالية والإدارية التي اعتمدها الخليفة الثالث.

وصفه علي بن أبي طالب بأنه "لا ينام أيام الخوف، ولا ينكل عن الأعداء ساعات الروع، وأشد على الفجار من حريق النار"... سيرة مالك الأشتر في المرويات الإسلامية

تؤكد المصادر التاريخية أن الأشتر تزعّم الحزب الكوفي المعارض لسياسات عثمان بن عفان. وفي ذلك، يذكر ابن حجر العسقلاني في كتابه الإصابة في معرفة الصحابة أن الأشتر "كان ممن ألّب على عثمان". ويذكر ابن جرير الطبري (ت. 310هـ)، في كتابه "تاريخ الرسل والملوك"، أن الأشتر كان من ضمن الرجال الذين أمر عثمان بن عفان بترحيلهم من الكوفة إلى بلاد الشام عند الوالي معاوية بن أبي سفيان، فمكثوا بعض الوقت في الشام قبل أن يرجعوا مرة أخرى إلى أرض العراق.

بحسب ما يذكر ابن سعد في طبقاته، لمّا رجع الأشتر إلى الكوفة ووجدها قد حنقت على الوالي سعيد بن العاص، استولى على المدينة وصعد المنبر فقال: "هذا سعيد بن العاص قد أتاكم يزعم أن هذا السواد بستان لأغيلمة من قريش، والسواد مساقط رؤوسكم ومراكز رماحكم وفيؤكم وفيء آبائكم؛ فمَن كان يرى لله عليه حقاً فلينهض إلى الجرعة. فخرج الناس فعسكروا بالجرعة وهي بين الكوفة والحيرة...".

ويذكر ابن سعد أن سعيداً بن العاص هرب إلى المدينة "وانصرف الأشتر من معسكره إلى الكوفة فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: والله يا أهل الكوفة ما غضبت إلا لله ولكم وقد ألحقنا هذا الرجل بصاحبه وقد وليت أبا موسى الأشعري صلاتكم وثغركم وحذيفة بن اليمان على فيئكم...".

بعد ذلك، أرسل الأشتر إلى عثمان: "أنا والله ما منعنا عاملك الدخول لنفسد عليك عملك، ولكن لسوء سيرته فينا وشدّة عذابه، فابعث إلى عملك مَنْ أحببت. فكتب إليهم: انظروا مَن كان عاملكم أيام عمر بن الخطاب فولّوه، فنظروا فإذا هو أبو موسى الأشعري، فولوه"، بحسب ما يذكر البلاذري (ت. 279هـ)، في كتابه "أنساب الأشراف".

ستتطور الأحداث بشكل سريع في ما بعد. وسيقود الأشتر مجموعة من الثوار الكوفيين لعرض مطالبهم على عثمان في المدينة المنورة. وبعد فترة من الأخذ والرد، سيحاصر الثوار دار الخلافة. جاء في مصنف ابن أبي شيبة (ت. 235هـ) أن عثمان أرسل يستدعي الأشتر في تلك الفترة، وسأله "يا أشتر! ما يريد الناس مني؟ قال: ثلاثاً ليس لك من إحداهن بد، يخيرونك بين أن تخلع لهم أمرهم وتقول: هذا أمركم، اختاروا له من شئتم، وبين أن تقص من نفسك، فإن أبيت هاتين فإن القوم قاتلوك، قال: ما من إحداهن بد؟ قال ما من إحداهن بد...".

تختلف الروايات حول الدور الذي لعبه الأشتر في قتل عثمان. تراه بعض الروايات مشاركاً في عملية الاغتيال، فيما تؤكد روايات أخرى أن قتل الخليفة تم دون علمه. ولكن المصادر التاريخية تتفق على أن الأشتر أيّد تنصيب علي بن أبي طالب خليفة جديداً للمسلمين، وقيل إنه كان أول مَن بايعه وحض الناس على مبايعته.

مع استخلاف علي، بدأت صفحة جديدة في سيرة الأشتر النخعي. كان أقرب القادة إلى الخليفة الرابع. لم يمنع ذلك من إبدائه بعض الاعتراضات على سياسات الخليفة. يذكر ابن أبي شيبة أن علياً لمّا بويع بالخلافة عيّن أبناء عمه العباس في الولايات المختلفة في الدولة الإسلامية، فاستاء الأشتر من ذلك القرار وأبدى دهشته واستغرابه فقال: "فلا ندري إذاً علام قتلنا الشيخ -يقصد عثمان- بالمدينة إذن؟!".

شارك بشكل مؤثر في حركة التوسعات العسكرية في عهد الخليفتين أبي بكر وعمر، كما لعب دوراً مهماً في الفتنة الكبرى والحرب الأهلية بين جيشي العراق والشام... سيرة مالك الأشتر في المرويات الإسلامية

ظهرت شجاعة وقوة الأشتر في الحروب التي خاضها علي ضد أعدائه. تولى ميمنة جيش العراق في موقعة الجمل سنة 36هـ، ودخل في مبارزة مشهورة ضد عبد الله بن الزبير الذي قاد جيش العدو. أيضاً، نجده يلعب دوراً مهماً في موقعة صفين سنة 37هـ، وفيها قاد كتيبة من الجيش للاستيلاء على مصادر الماء العذب، وكاد أن يحقق النصر التام على جيش الشام لولا أن رفع الشاميون المصاحف على أسنة الرماح. وتحكي الروايات التاريخية أن الجزء الأكبر من جيش العراق طالب بوقف القتال، وبأنهم أجبروا علياً والأشتر على الرضوخ للتحكيم والهدنة.

في سنة 39هـ، أُسدل الستار أخيراً على سيرة الأشتر النخعي. كان علي بن أبي طالب قد بعثه إلى مصر ليتولى أمرها فمات فيها ودُفن في أرضها. وقيل إن موته وقع بتدبير من معاوية بن أبي سفيان، وأن الأخير أرسل أحد أتباعه ومعه عسل مسموم إلى الأشتر، فمات الأشتر من السم. وفي ذلك الموقف، اشتهرت الجملة المنسوبة إلى معاوية -وفي بعض الروايات إلى عمرو بن العاص- بأن لله جنوداً من عسل!

في المُتخيل السنّي والشيعي

تتباين صورة الأشتر النخعي في كل من المُتخيلين السنّي والشيعي. في المُتخيل السنّي، تحضر صورة الأشتر كواحد من التابعين المُختلف في أمرهم، والذين تضاربت الأقوال حول تعديلهم أو جرحهم.

نقل المحدثون من أهل السنّة والجماعة عدداً من الروايات والأحاديث التي رواها الأشتر النخعي عن بعض الصحابة من أمثال كل من عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد وأبي ذر الغفاري وعلي بن أبي طالب. من جهة أخرى، لم تهتم الروايات السنّية بالتأكيد على الأدوار البطولية التي لعبها فارس نخع في المعارك والفتوحات. اعتُبر -بشكل ما- من ضمن الأبطال الثانويين الذين لم تتوقف السردية السنّية كثيراً عند أخبارهم، وهُمّشوا لصالح طبقة الصحابة القرشيين من أمثال كل من خالد بن الوليد، وسعد بن أبي وقاص، وعمرو بن العاص.

في سياق آخر، حاولت بعض المصادر السنّية أن تربط مصير الأشتر ببعض القصص الغيبية التي اعتمدت على فراسة كبار الصحابة. على سبيل المثال، يذكر الحافظ المزي (ت. 742هـ)، في كتابه "تهذيب الكمال"، أن عمر بن الخطاب لمّا رأى الأشتر وقد أتى للقائه ضمن وفد قبيلة مذحج، أمعن فيه النظر، ثم قال لمَن حوله: "ماله قاتله الله، كفى الله أمة محمد شره والله إني لأحسب للمسلمين منه يوماً عصيباً". طبعاً سيتم تحديد هذا اليوم بكونه يوم الدار الذي قُتل فيه عثمان بن عفان في أواخر سنة 35هـ، وسيُحمَّل الأشتر المسؤولية لاشتراكه في حصار دار الخليفة ولإبداء المعارضة ضد سياساته. وستبقى المصادر السنّية مترددة في القول باشتراكه في حادثة القتل نفسها.

على الجهة المقابلة، سنجد أن المُتخيل الشيعي يعطي مكانة كبرى للأشتر. ترسم المصادر الشيعية صورة طوباوية لذلك الفارس البطل. على سبيل المثال، سيُقحم اسمه في مشهد وفاة الصحابي أبي ذر الغفاري بحيث ينال حظاً من البشارة النبوية التي تثبت إيمانه وفضله. يذكر ابن أبي الحديد المعتزلي (ت. 656هـ)، في كتاب "شرح نهج البلاغة"، أن عثمان بن عفان لمّا نفى أبا ذر الغفاري إلى منطقة الربذة (على مسافة 170 كيلومتراً شرقي المدينة المنورة)، كان أبو ذر وحيداً ولم يكن معه إلا زوجته، فلمّا مرض وحانت ساعة وفاته مر عليه ركب فيهم الأشتر، فلمّا دخلوا عليه قال لهم: "أبشروا فإنّي سمعت رسول الله يقول لنفر أنا فيهم: ‘ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين’، وليس من أولئك النفر إلا وقد هلك في قرية وجماعة، والله ما كذبت ولا كذبت".

في السياق نفسه، حرصت السردية الشيعية على تأكيد إيمان الأشتر وزهده وفضله من خلال العديد من الروايات المناقبية. يحكي محمد باقر المجلسي (ت. 1111هـ)، في كتابه "بحار الأنوار"، أن أحد السوقة أذى الأشتر ذات يوم دون أن يكون عارفاً بهويته، فلمّا عرف أنه الأشتر ذهب إليه ليسترضيه فوجده يصلي، فلمّا أنتهى من صلاته الطويلة دخل إليه ليعتذر له، فقال له الأشتر: "لا بأس عليك فوالله ما دخلت المسجد إلا لأستغفرن لك".

أما أهم ملامح شخصية الأشتر في المُتخيل الشيعي، فتمثلت في إثبات مكانه القريب من الإمام الأول علي بن أبي طالب. ظهر ذلك الملمح في العديد من الروايات التي حملت ثناء علي على الأشتر، ومن ذلك الرسالة التي بعث بها الخليفة الرابع إلى أهل مصر عندما قلد الأشتر ولايتها.

جاء في تلك الرسالة: "أما بعد فقد بعثت إليكم عبداً من عباد الله لا ينام أيام الخوف، ولا ينكل عن الأعداء ساعات الروع. أشد على الفجار من حريق النار، وهو مالك بن الحارث أخو مذحج، فاسمعوا له وأطيعوا أمره في ما طابق الحق فإنه سيف من سيوف الله لا كليل الظبة (حد السيف) ولا نابي الضريبة (المضروب بالسيف)، فإن أمركم أن تنفروا فانفروا، وإن أمركم أن تقيموا فأقيموا، فإنه لا يقدم ولا يحجم ولا يؤخر ولا يقدم إلا عن أمري".

أيضاً، تعددت الروايات الشيعية التي أكدت على حزن علي على وفاة الأشتر. من أشهر تلك الروايات ما نقله المجلسي من قول علي: "رحم الله مالكاً، فلقد كان لي كما كنت لرسول الله"، وقوله ناعياً إياه: "مالك وما مالك! والله، لو كان جبلاً لكان فنداً (الجبل العظيم)، ولو كان حجراً لكان صلداً، لا يرتقيه الحافر، ولا يوفي عليه الطائر".

وتغافلت السردية الشيعية عن الروايات التي أظهرت تبرم الأشتر من بعض قرارات علي في زمن خلافته، وحاولت أن تظهر الفارس النخعي على كونه التابع المخلص الأمين الذي لا يناقش إمام زمانه ولا يعترض على أي من أوامره، وهو الأمر الذي يتعارض مع الصورة العامة لتلك الفترة التاريخية الحرجة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel

فلنتشارك في إثراء مسيرة رصيف22

هل ترغب/ ين في:

  • الدخول إلى غرفة عمليّات محرّرينا ومحرراتنا، والاطلاع على ما يدور خلف الستارة؟
  • الاستمتاع بقراءاتٍ لا تشوبها الإعلانات؟
  • حضور ورشات وجلسات نقاش مقالات رصيف22؟
  • الانخراط في مجتمعٍ يشاركك ناسه قيمك ومبادئك؟

إذا أجبت بنعم، فماذا تنتظر/ ين؟

    Website by WhiteBeard