بالتزامن مع إتمام عملية استحواذ الملياردير إيلون ماسك على "تويتر"، يعتزم جاك دورسي، أحد مؤسسي تويتر والرئيس التنفيذي الأسبق للمنصة الواسعة الانتشار، إطلاق موقع "Bluesky" قريباً كبديل أكثر انفتاحاً ولا مركزية بحيث يتمكن مستخدموه من التحكم في خوارزمياته والسيطرة على بياناتهم بشكل كامل.

يُروّج للتطبيق المرتقب على أنه منافس أو بديل لتويتر، فيما يُعتقد بأنه سيشكل تحدياً لمنصات التواصل الاجتماعية الأخرى بما فيها فيسبوك وسناب شات.

وفجر الجمعة 28 تشرين الأول/ أكتوبر 2022، أعلن ماسك إتمام استحواذه على "تويتر" مقابل 44 مليار دولار، وعلى الفور تسريح الرئيس التنفيذي للمنصة باراغ أغراوال، والمدير المالي نيد سيغال، والمسؤولة القانونية فيجايا غادي.

ساهم ذلك في إثارة مزيد من التخوف والقلق وعدم اليقين حول مستقبل موقع التواصل الذي يلعب دوراً حيوياً في الحياة السياسية والإعلامية في الولايات المتحدة الأمريكية وحول العالم. يروّج ماسك لنفسه على أنه مدافع شرس عن حرية التعبير، ويقول إنه سيخفف القيود على المحتوى في وقت يُنادي كثيرون بمزيد من الرقابة لمكافحة خطاب الكراهية والتحريض والمعلومات المضللة.

يُروّج له كمنافس أو بديل لتويتر، وتحدٍ لمنصات التواصل الاجتماعية الأخرى… جاك دورسي يُعلن قرب إطلاق منصة #Bluesky لتواصل اجتماعي أكثر انفتاحاً ولا مركزية، بالتزامن مع استحواذ إيلون ماسك على #تويتر

فكرة قديمة لمعالجة قصور تويتر

قبل نحو أسبوع من تأكيد سيطرة ماسك على تويتر، أعلن دورسي (45 عاماً) أن تطبيقه الاجتماعي اللامركزي الجديد يبحث عن مختبرين تجريبيين. ليحتفي حساب التطبيق في تويتر، عقب يومين فقط، بالحصول على 30 ألف طلب في قائمة الانتظار لأشخاص متحمسين للتسجيل في الموقع والمشاركة في تجريبه حال جهوزيته.

لكن "Bluesky" ليس مشروعاً حديثاً وإنما تحدث عنه دورسي للمرة الأولى في 11 كانون الأول/ ديسمبر 2019، كمبادرة لتطوير معيار/ بروتوكول مفتوح لا مركزي لوسائل التواصل الاجتماعي. ودُشِّن حساب "Bluesky" في تويتر قبل ذلك في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019.

آنذاك، كان التصور أن "Bluesky" سيكون منصةً تهدف إلى معالجة أوجه القصور في تويتر، على إثر تصاعد الانتقادات للتطبيق بسبب انتشار خطاب الكراهية والعنف في التغريدات وفشل إدارة التطبيق في مكافحة هذه الانتهاكات والمخاطر التي تهدد سلامة وحرية التصفح والتغريد عليه.

يُقصد بالتطبيقات اللامركزية أنه على عكس تطبيقات التواصل العادية، التي يتم إنشاؤها وامتلاكها من قبل فرد أو شركة، لا تكون هناك ملكية مركزية لها كما تعمل - على الأرجح- على blockchain، وهي مجموعة قواعد متفق عليها بشكل متبادل، الهدف منها إبقاء السيطرة خارج سلطة مركزية ومنح كل المستخدمين قوة متساوية. ويعني هذا أن قرارات مثل تحديد المحتوى لن يتخذها المسؤولون التنفيذيون في إدارة الموقع وإنما المستخدمون أنفسهم.

وكان دورسي قد أضاء إلى إمكانية استغلال blockchain كوسيلة تساعد الشبكات الاجتماعية اللامركزية في تنفيذ "الاستضافة المفتوحة والدائمة، والحوكمة، وحتى تحقيق الدخل" في العام الماضي.

عام 2019، أعلن جاك دورسي لأول مرة العمل على #Bluesky لغرض تلافي أوجه القصور في #تويتر في ظل تصاعد الانتقادات بانتشار خطاب الكراهية والمعلومات المضللة عليه. الآن، 30 ألف شخص في قائمة الانتظار لتجريبه

وجاءت استقالة دورسي من تويتر، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، فاصلة في تطوير "Bluesky" إذ أُعلن في شباط/ فبراير 2022 عن تأسيس شركة "Bluesky PBLLC" المستقلة للمنفعة العامة، وأُدرج اسم دورسي ضمن أعضاء مجلس إدارتها. 

وقد أُطلق على البروتوكول الاجتماعي الذي تسعى الشركة لتطويره راهناً اسم "AT Protocol" أي "بروتوكول النقل الموثق" ويتمثّل دوره المنشود في "إتاحة خاصية تحويل حساب مستخدم من مزود وسيلة تواصل اجتماعية إلى آخر"، وهو أحدث نسخة من النسخة التجريبية التي أُطلقت في أيار/ مايو 2022 تحت اسم "ADX" بحيث يرمز "X" إلى "التجربة".

مزايا فريدة 

أما عن نقاط "تميّز" وتفرّد هذا البروتوكول، فأوضح حساب "Bluesky" في تويتر أنها تتمثل في إمكانية "نقل الحساب من مزود لآخر دون فقدان البيانات، تحكم المستخدمين في الخوارزميات، التشغيل المتداخل الذي يضمن المنافسة الصحية، الأداء الاحترافي والتحميل السريع للبيانات والمنشورات".   

حساب واحد يمنحك إمكانية التنقل بين جميع وسائل التواصل الاجتماعي المفضلة لديك دون الحاجة إلى إنشاء حسابات مختلفة بكلمات سر مختلفة وإضافة بياناتك في كل مرة… عن مزايا #Bluesky الجديد

بحسب دورسي، فإنه لن يكون هناك أي تأثير حكومي على بيانات المستخدم، بل ستكون السيطرة الكاملة للمستخدمين على بياناتهم، ولن يمكن أيضاً تسويقها من قبل شركة مالكة المنصة الاجتماعية، وهي خطوة قد تحدث ثورة في اقتصاد البيانات الشخصية.

أمر آخر هام وهو أن رمز التطبيق سيسمح بنقل بيانات حساب المستخدم من منصة إلى أخرى، بحيث يتنقل مستخدمو Bluesky باستخدام حساباتهم عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة التي تعتمد الرمز الجديد. يعني هذا أن حساباً واحداً سيمنحهم إمكانية الوصول إلى جميع وسائل التواصل الاجتماعي المفضلة لديهم دون الحاجة إلى إنشاء حسابات مختلفة بكلمات سر مختلفة وإضافة بياناتهم في كل مرة.

إلى ذلك، يبقى التطبيق خاضعاً للتجريب وبانتظار الاستخدام الأولي له واختبار أي عيوب تلوح إثر الاستخدام الفعلي وكثرة المتعاملين عليه. في حين تظل الأمور المتعلقة بتمويل التطبيق غير واضحة تماماً.