يعيش سليم (30 عاماً) في قطاع غزة، ويعمل في أحد محالّ الملابس، وهو مدمن على المخدرات بحسب قوله، حاله في هذا الخيار حال الكثيرين من الشباب في القطاع المغلق على أهله وعلى أحلامهم.
يروي قصته لرصيف22: "تعرفت على المخدرات من خلال أصدقائي، كنت في الـ23 حين عرض عليّ أحدهم قرصاًً مخدراً. تطوّر الأمر وصرت أطلب المزيد، كان ثمنها 35 شيكلاً أي ما يعادل 10 دولارات للشريط الواحد في ذلك الوقت".
غزة تغرق في المخدرات
يلوم سليم أصدقاءه على هذا الطريق، ويلوم الظرف العام وحالة الإحباط التي لازمته بعد تخرجه من الجامعة من كلية الآداب وبحثه طويلاً على عمل دون جدوى".
تشير أرقام الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2022 أن نسبة البطالة في القطاع تصل إلى 47% وهي أعلى النسب في العالم على الإطلاق.
تشير أرقام الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2022 أن نسبة البطالة في القطاع تصل إلى 47% وهي أعلى النسب في العالم على الإطلاق.
في دراسة قديمة نشرها معهد روزا لوكسمبرغ في العام 2015 باسم (أسطورة المخدرات في غزة) وكشفت النتائج أن حوالي 26500 شخص يتعاطون المخدرات في فلسطين، منهم 10047 في غزة وحدها، وبشكل أساسي "الترامادول" و"الليريكا" و"غاز الضحك" وأن حوالي 50% من الذين يتعاطون المخدرات بشكل خطر يستخدمون أكثر من نوع مخدرات. وهي أرقام لا بد أنها تضاعفت بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية رغم عدم وجود دراسات حديثة.
يضيف سليم: "كنت ألجأ إلى السرقة لأجل تعاطي المخدر، وكشفتني أمي أثناء سرقة هاتفها وطردتني من البيت، فأقمت عند أحد أصدقائي حتى جاء أبي وأخذني عنوة إلى مصحة في غزة (أ) للعلاج، وبالفعل دخلت المصحة وكانت الأيام ثقيلة جداً، ولا أحد يجيب على أسئلتي، فقط يقال لي أنك ستظل هنا لحين تمام شفائك".
أما أحمد (33 عاماً) وهو اسم مستعار فيروي قصته لرصيف22: "تناولت الترامادول للمرة الأولى عندما أصبت جراء قصف جوي إسرائيلي، وبسبب الآلام الحادة التي كنت أشعر بها كان لا بد من جرعات كبيرة من هذه المادة، في البداية ولمدة أربعة أشهر كنت أصرفها عبر وصفة طبية، لاحقاً وكأعراض انسحابية أصبحت أشعر بتنميل في كل جسدي وأكاد أسقط أرضاً، في إحدى المرات ذهبت مسرعاً لأشتريها كالمعتاد لكن الصيدلاني رفض إعطائي المادة دون وصفة طبية، وحدث تصادم بيننا أدي بي إلى الدخول للسجن بتهمة التعاطي".
المخدرات تدخل من الأنفاق... طبعاً
تدخل المخدرات إلى قطاع غزة عن طريق الأنفاق من مصر، وتحديداً الأنفاق الفرعية التي تنطلق من شبه جزيرة سيناء بحسب شرطة مكافحة المخدرات في محافظة رفح بواسطة مجموعة من المهربين الفلسطينيين، حيث يتم ترويجها عن طريق كبار التجار الذين يعملون على تجنيد شباب لبيعها.
أحمد... تناولت الترامادول للمرة الأولى عندما أصبت جراء قصف جوي إسرائيلي، وبسبب الآلام الحادة التي كنت أشعر بها كان لا بد من جرعات كبيرة من هذه المادة
أكثر أنواع المخدرات والمسكنات التي تصنف على أنها قابلة للإدمان هي "الأفيون" و"الترامادول" و"المورفين" و"الكوكايين" و"الهروين" و"الحشيش" و"عقاقير الهلوسة" و"العقاقير المنومة" و"غاز الضحك" و"الكوكايين" و"القات".
"غاز الضحك"هو عبوة معدنية لا يتجاوز وزنها ثمانية غرامات ومضغوطة بأكسيد النيتروس، وهو منتشر بين المراهقين والشباب بكثرة في القطاع، هذا الغاز قلب حياة معتز منصور (33 عاماً) رأساً على عقب على حد تعبيره، فبعد أن أنهت الشركة التي خدم بها لسنوات طويلة فقد عمله بسبب أزمة مالية، نصحه بعض الأصدقاء بشراء واحدة عله يرفه عن نفسه وينسى همومه.
فعلها منصور وما هي إلا ساعات حتى انتشر له مقطع مصور على مواقع التواصل الاجتماعي وهو في حال ضحك هستيري وهلوسة وتخبط وتلعثم في الكلام، الأمر الذي دفع خطيبته إلى فسخ الخطوبة معه لاعتقادها وعائلتها أنه كان مخموراً.
"غاز الضحك"هو عبوة معدنية لا يتجاوز وزنها ثمانية غرامات ومضغوطة بأكسيد النيتروس، وهو منتشر بين المراهقين والشباب بكثرة في القطاع
يقول المدير العام في قسم مكافحة المخدرات في قطاع غزة عبدلله عليوي لرصيف22: "الاستعمال الترفيهي لغاز الضحك آخذ في الازدياد، وقد انتشر بين الشباب خلال فترة تفشي فيروس كورونا والإغلاق الذي صاحبه، إذ اضطر مدمنو الحشيش وحبوب النشوة لاستخدامه كبديل للمخدرات، وهو ما أصبح يشكل مصدر قلق كبير وموضع نقاش متصاعد في الآونة الأخيرة".
بحاجة إلى الضحك... حتى لو من الغاز
يقول علي (18 عاماً) وهو اسم مستعار لطالب في الثانوية العامة: "لم أسمع قط عن دولة في العالم صنفت غاز الضحك كنوع من المخدرات، ولا يمكن بحسب اعتقادي أن تمارس الشرطة سلطتها القانونية كفرض عقاب أو اعتقال أو غرامات لمجرد أن أحداًً جرب غاز الضحك من باب التفريغ والترفيه، كما أنه بديل رخيص وآمن لمن لا يريدون أن يصبحوا مدمنين على المخدرات".
من جهته يؤكد الطبيب النفسي المختص بعلاج الإدمان فضل عاشور لرصيف22 أن انتشار المخدرات سابقاً كان بين الطبقات الفقيرة والأقل تعلماً، أما اليوم فهي تنتشر في صفوف الجميع دون فرق بين المستوى الاقتصادي أو التعليمي".
توقع الشرطة في قطاع غزة عقوبات قانونية قاسية على مروجي ومدمني المخدرات في حال القبض عليهم تصل إلى السجن 20 عاماً، ووصلت إلى الإعدام بحق بعض التجار سابقاً، إذ يخضع جرم الاتجار لمحاكمة عسكرية لا مدنية من قبل قوات الأمن في القطاع.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين