شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
ترخيص

ترخيص "السناتر"... الدولة المصرية تلجأ إلى "آفة التعليم" للتخلص من عبء فاتورته

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والحقوق الأساسية

الأربعاء 26 أكتوبر 202205:21 م

في ختام اليوم الثاني للمؤتمر الاقتصادي الوطني الذي انتهت أعماله في مصر أمس الثلاثاء 25 أكتوبر/ تشرين الأول بالعاصمة الإدارية الجديدة، التقى رئيس الوزراء مصطفى مدبولي بعدد من رجال الأعمال والمستثمرين لمناقشة إشراك القطاع الخاص في ملفي الصحة والتعليم، منوهاً بتوجه الدولة إلى التوسع في إنشاء مدارس بالشراكة مع القطاع الخاص، في وقت اتخذت الحكومة خطوات فعلية في التخلص من بعض المستشفيات المملوكة لها والتي تتولى إدارتها والإنفاق عليها.

الجلسة التي تعد الوحيدة من بين جلسات المؤتمر التي اتفق على تنفيذ المقترحات الواردة فيها على وجه السرعة، تأتي مكملة للخطوات التي تسير فيها الدولة المصرية لتقليل الإنفاق على الخدمات العامة، وترك المجال للقطاع الخاص الذي يملك ويدير 80% من منشآت الخدمة الصحية (تشمل العيادات والمستشفيات ومراكز التحاليل والعلاج الطبيعي والإشعاعي)، ويبلغ نصيبه 15% من المنشآت التعليمية بحسب إحصاء مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء.

سبقت تلك الجلسة، تصريحات من وزير التربية والتعليم والتعليم الفني الحالي، أدلى بها خلال بيان ألقاه لاستعراض خطة الوزارة أمام الجلسة العامة لمجلس النواب، يوم الثلاثاء، 18 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، وتحدث فيها عن "حوكمة مراكز الدروس الخصوصية"، عبر "ترخيصها من وزارة التربية والتعليم وفق معايير منضبطة"، ما يحمل تغيراً في الموقف التاريخي للدولة من الدروس الخصوصية التي أصر على محاربتها وزراء تعليم متتاليون من دون جدوى، حتى أن أحدهم شبهها بـ"تجارة المخدرات".

يأتي المقترح في إطار سياسة لم تنكرها الحكومة المصرية لتقليل التزاماتها المتعلقة بالإنفاق على الخدمات العامة، وترك المجال للقطاع الخاص

وعلى مدار سنوات، بدأت "الدروس الخصوصية" في الانتشار داخل المجتمع المصري، كنتيجة لتدني مستوى التعليم بالمدارس، وخلال العقد الأخير اتسع نطاقها وتسببت في خلو المدارس من الطلاب لحساب مراكز الدروس الخصوصية أو "السناتر" كما يسميها المصريون، حتى أن وزير التربية والتعليم قال إن شعار العام الدراسي 2022/ 2023 الذي بدأ مطلع الشهر الجاري يجب أن يكون "عودة الطلاب للمدارس".

إلى جانب تقنين الدروس الخصوصية والاعتراف بوجودها، قال وزير التربية والتعليم إن هناك خطة أخرى لما أسماه "حوكمة" مجموعات التقوية بالمدارس، وتحويل اسمها لـ"مجموعات دعم"، وذلك بإسنادها إلى شركة تديرها بلوائح منضبطة وجودة عالية.

ومجموعات التقوية كانت تقوم بالدور الذي تقدمه الدروس الخصوصية للطلاب من أبناء الأسر الأقل دخلاً، لكن سعرها شهد قفزات واسعة خلال الأعوام الماضية حتى بات خارج قدرات أسر بعض أولئك الطلاب أيضاً.

مدرسة أساسية حكومية في مصر 


مدرسة أساسية حكومية في رواندا

البنك الدولي يبحث عن "الجدوى"

فيما تأتي تصريحات وزير التربية والتعليم، بعد تقرير البنك الدولي، بشأن مراجعة الإنفاق العام على قطاعات التنمية البشرية في جمهورية مصر العربية، صدر في سبتمبر/ أيلول 2022، في مجلدين أحدهما تناول أوضاع التعليم والصحة على وجه الخصوص.

وفيما يتعلق بالتعليم قبل الجامعي، جاء في التقرير أن أبرز التحديات التي تواجه نظام التعليم هو ضعف نواتج التعلم، لأن نحو 70% من الطلاب في سن العاشرة لا يستطيعون قراءة نص مناسب لأعمارهم فضلاً عن فهمه.

وأشار التقرير إلى عدد من المشكلات التي تعاني منها مصر في مجال التعليم، بينها كثافة الطلاب مقارنة بأعداد الفصول، إذ يبلغ متوسط كثافة الطلاب في الفصول في المرحلة الابتدائية 56 طالباً، كما تشير التقديرات إلى وجود نقص في أعداد المعلمين يتجاوز 320 ألف معلم، وتاريخياً يُعد الإنفاق على التعليم أقل مما ورد في الاستحقاق الدستوري، إذ انخفض الإنفاق على مراحل التعليم قبل الجامعي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي تدريجياً من 2.8% في عام 2016، إلى 1.8% في عام 2020، وهي نسبة تقل عن نصف النسبة المنصوص عليها في الاستحقاق الدستوري والتي تبلغ 4%.

البنك الدولي في تقرير حديث: أبرز التحديات التي تواجه نظام التعليم في مصر هو ضعف نواتج التعلم، لأن نحو 70% من الطلاب في سن العاشرة لا يستطيعون قراءة نص مناسب لأعمارهم فضلاً عن فهمه

بدوره، اعترف الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال كلمته المطولة في ختام المؤتمر الاقتصادي والتي خلص فيها إلى أن الاقتراحات المقدمة من خبراء الاقتصاد المدعوين لم تضف جديداً، لأن الدولة ليس باستطاعها توفير أعداد المدرسين والفصول المطلوب إضافتهم سنوياً من أجل صحة عملية التعليم، كما قدم اعترافاً مماثلاً في مساء اليوم نفسه خلال مداخلته مع الإعلامي يوسف الحسيني، أكد فيه أن الدولة غير قادرة على تقديم بدلات لائقة للمعلمين، وليس أمامها سوى توسيع استثمارات القطاع الخاص في المجال نفسه لتوفير التمويلات المطلوبة.

وبحسب تقرير البنك الدولي، أدى عدم كفاية الإنفاق على التعليم إلى تخصيص غالبية الأموال لرواتب العاملين، وتستحوذ الرواتب على نسبة 92% من الميزانية، ومن نسبة الـ8% المتبقية، يتم تخصيص 6% للنفقات الجارية (السلع والخدمات والمنح والإعانات الاجتماعية) وتدير هيئة الأبنية التعليمية نحو 2% من الموازنة للإنفاق الرأسمالي. وكشف التقرير أن قطاع التعليم كان سيحصل على ما مجموعه 700 مليار جنيه مصري على مدار 5 سنوات، لو تم الوفاء بالاستحقاقات الدستورية الخاصة بالتعليم.

من تقرير تحليلي أعدته بيسان كساب في "مدى مصر"

وأكد البنك الدولي على ضرورة اتخاذ خطوات إصلاحية خلال السنوات المقبلة، تجنباً لتفاقم أزمات عجز المعلمين وكثافة الفصول، وارتفاع نسبة التسرب التعليمي تدريجياً بعد السنة الأولى من الدراسة، لافتاً إلى أن الدولة لديها خطة لتعيين 150 ألف معلم خلال خمس سنوات، وإضافة 117 ألف فصل، لتقليل نسبة كثافة الطلاب في الفصول الحكومية إلى 45 طالباً.

وفي شأن الدروس الخصوصية، قال تقرير البنك الدولي إنها باتت ضرورة عامة لنسبة كبيرة من الطلاب، وتصل إلى ذروتها بداية من السنة الثالثة الإعدادية قبل الامتحان العام المصيري، ويراوح متوسط إنفاق الأسر على الدروس الخصوصية بين 693 و3905 جنيهات سنوياً حسب الوضع الاجتماعي للأسرة، وفق إحصاءات عام 2018.

بدوره، اعترف الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال كلمته المطولة في ختام المؤتمر الاقتصادي، أن الدولة ليس باستطاعها توفير أعداد المدرسين والفصول المطلوب إضافتهم سنوياً من أجل صحة عملية التعليم، كما قدم اعترافاً مماثلاً في مساء اليوم نفسه خلال مداخلة تلفزيونية  

كيف دافع الوزير عن رأيه؟

أمام نواب البرلمان، أوضح وزير التربية والتعليم، رضا حجازي، وجهة نظره تجاه مسألة الدروس الخصوصية قائلاً: "أعلم جيداً أن الدروس الخصوصية تضع عبئاً مادياً على كاهل الأسر المصرية التي تتكبد نحو 47 مليار جنيه، لا تراهم الدولة أو الوزارة"، مشيراً إلى أنه عرض على رئيس مجلس الوزراء هذا الأمر، وسيتم ترخيص مراكز الدروس الخصوصية والمعلمين بهذه المراكز لضمان بيئة آمنة للطلاب وتكلفة معقولة "والدولة تاخد حقها"، مطالباً المجلس بمساعدته.

بعد هذه التصريحات، ثار جدل بين المهتمين بالشأن التعليمي، فمنهم من يرى أن الدروس الخصوصية أصبحت أمراً واقعاً وتقنينها من أساليب مواجهتها، وآخرون يرون أن هذه الاتجاه من الدولة يعني "خصخصة" التعليم الذي تكفل الدستور بمجانيته حتى المرحلة الثانوية.

وعاد الوزير للدفاع عن رأيه بمنشور عبر صفحته الشخصية على "فيسبوك"، عدله أكثر من مرة. في البداية قال: "المدرسة هي المكان الطبيعي للتعليم والتعلم، والتي يتم فيها تنفيذ جميع الأنشطة التعليمية والتقييم الحقيقي، ليعود الطالب إلى المنزل للراحة استعداداً ليوم جديد، ولا عزاء للدروس الخصوصية".

وبعد نحو 80 دقيقة، عاد الوزير ليعدل منشوره برأي مغاير طارحاً الموضوع لحوار مجتمعي قائلاً: "المدرسة هي المكان الرسمي للتعليم والتعلم، الدروس الخصوصية نظام موازٍ غير خاضع للرقابة والمعايير التربوية السلمية، الدروس الخصوصية تستنزف المليارات من جيوب المصريين بحثاً عن مستقبل أفضل لأبنائهم، دفنا رؤوسنا في الرمال على مدارس السنين وتظاهرنا بأن المشكلة غير موجودة، أولى خطوات حل المشكلات هي الاعتراف بوجود مشكلة. حان الوقت للاعتراف بوجود مشكلة وطرح الأمر للحوار المجتمعي لسماح الاقتراحات المختلفة من جميع الأطراف المعنية من أجل مصلحة أبنائنا الطلاب، الفكرة التي نعمل عليها حالياً هي تقنين الدروس الخصوصية لضمان بيئة تعليمية تربوية آمنة خاضعة لرقابة حكومية، على أن تستخدم أي موارد مكتسبة للوزارة من هذا الدور في دعم المدارس الحكومية ورفع مرتبات المعلمين، أدعوكم جميعاً للنقاش البناء بخصوص هذا الشأن".

أحد مراكز الدروس الخصوصية "السناتر" في مصر

كما ظهر شادي زلطة، المتحدث الإعلامي باسم وزارة التربية والتعليم، في أكثر من مداخلة، أكد خلالها أن تقنين الدروس الخصوصية ليس اعترافاً بها لكن لوضع آليات تضمن بيئة سليمة للطلاب لا تتناقض مع العملية التعليمية التي تجري في المدارس خلال اليوم الدراسي.

رِدة عن سياسة الدولة؟

بعد تصريحات وزير التربية والتعليم، ثار جدل بين المهتمين بالشأن التعليمي، وتقدمت النائبة ريهام عبد النبي، عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، بطلب إحاطة إلى وزير التربية والتعليم، قالت فيه إن ما قاله الوزير بشأن تقنين الدروس الخصوصية وضع يرفضه الجميع، لأنه يحمل الأسرة المصرية المزيد من التكاليف المالية، ويؤكد فشل المنظومة التعليمية في مصر وخطط الوزارة للارتقاء بالتعليم وربط الطالب بالمدرسة ودعم المعلم مادياً.

ووجهت النائبة سؤالاً قالت فيه: "إذا كانت الوزارة تريد تقنين وضع مراكز الدروس الخصوصية، فلماذا لا تحول المدارس إلى مراكز تعليم، وتكون الاستفادة للجميع؟".

كما تقدم عضو مجلس الشيوخ حازم الجندي بطلب استيضاح لسياسة الحكومة بشأن تصريحات وزير التربية والتعليم عن حوكمة مراكز الدروس الخصوصية، مشيراً إلى أن هذه التصريحات تمثل تغيراً في الموقف التاريخي للدولة المصرية، التي استمرت لسنوات في الانتقاد والملاحقة لتلك المراكز، ودأب وزير التربية والتعليم السابق، طارق شوقي، على مهاجمتها انحيازاً لدور المدرسة، كما دعا الطلاب إلى الاعتماد على المنصات الرسمية التي تطلقها الوزارة، معتبراً موقف الوزير الذي تسلم الحقيبة الوزارية في منتصف آب/ أغسطس الماضي، ردة عن سياسة الدولة وما أحرزته من تقدم في عهد الوزير السابق طارق شوقي، والذي كلف الدولة مليارات الجنيهات.

وفي عهد وزير التربية والتعليم السابق، استثمرت الدولة في العديد من المنصات الرقمية التي تقدم محتوى تعليمياً لجميع الطلاب، بدءاً من قنوات تعليمية "مدرستنا 1،2،3"، وتطبيقات ومنصات بث مباشر، كل هذا إلى جانب بنك المعرفة المصري، أكبر مكتبة رقمية مجانية في العالم.

"حتمية اقتصادية"

ورغم وجود آراء معارضة لوزير التربية والتعليم، كان هناك آراء تدعم تقنين مراكز الدروس الخصوصية، ومن بينها ما قاله أستاذ علم النفس والتقويم التربوي بكلية التربية جامعة عين شمس، الدكتور تامر شوقي، عبر صفحته الشخصية على "فيسبوك"، موضحاً أن ترخيص الدروس الخصوصية لا يعني إلغاء المدارس، التي تعاني بوضعها الحالي من مشكلات مزمنة لم تحل في الماضي ولن تحل في المستقبل القريب، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها مصر.

خبراء تربويون: الوضع الاقتصادي يحتم هذا الحل ولا يعني هذا إلغاء دور المدرسة. وخبراء آخرون: "خطأ كبير يعني إلغاء دور وزارة التربية والتعليم، واستحداث نوع جديد من المؤسسات المسؤولة عن العملية التعليمية بخلاف الوزارة" 

ويرى شوقي أن إرسال الطلاب لمراكز الدروس الخصوصية سيظل موجوداً حتى لو تم الارتقاء بالمدارس إلى أعلى المستويات - وهو احتمال بعيد- لافتاً إلى أن المدارس تتمتع بخصائص يستحيل توافرها في تلك المدارس كالأنشطة مثلاً.

ويقول إن ترخيص مراكز الدروس الخصوصية وتحصيل ضرائب منها يعنيان الحفاظ على حق الدولة الذي يمكن توجيهه لصالح خدمة المدارس "لو خلصت النوايا"، وإنكار وجود تلك المدارس وتجاهل التعامل معها كالشخص المريض الذي يعلم بوجود مرض خطير في جسمه ويتجاهله.

نوع جديد من المؤسسات التعليمية

بدوره قال الخبير التربوي وأستاذ التربية بجامعة طنطا، محمد الطيب، إن اعتراف الدولة بالدروس الخصوصية رغم وجود المدارس خطأ كبير يعني إلغاء دور وزارة التربية والتعليم، واستحداث نوع جديد من المؤسسات المسؤولة عن العملية التعليمية بخلاف الوزارة.

وأضاف الطيب في تصريح لرصيف22 أن تقديم دعم للطلاب من خلال حصص إضافية، لا بد أن يكون داخل المدارس ويدار من خلال التربية والتعليم دون تدخل جهات خاصة: "لو محتاجين ندعم الطلاب بدروس إضافية تكون مجموعات تقوية، وإدارتها تكون من خلال وزارة التربية والتعليم وليس شركات خاصة كما صرح وزير التربية والتعليم، ولا بتقنين الدروس الخصوصية، كدا هنتجه لخصخصة التعليم العام".

الضرائب تفعل هذا؟

أما الخبير التربوي كمال المغيث فقال لرصيف22 إن إقرار مجموعات التقوية ومراكز الدروس الخصوصية، هو المسمار الأخير في نعش التعليم المصري المجاني، موضحاً أن دور المدرسة لا يقتصر فقط على تعليم المناهج، بل يمتد إلى تعلم نماذج السلوك والقيم والأخلاق والانتماء الوطني: "الدرس الخصوصي مش هيقوم بالدور ده، هو يادوب بيعلم الطالب إزاي يجتاز الامتحان".

وفي كل عام، تتداول وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لمعلمين في مراكز دروس خصوصية، يشرحون للطلاب عن طريق الرقص أو الغناء أو الطبل.

وطالب المغيث بالنظر إلى سبب انتشار الدروس الخصوصية من الأساس: "الظاهرة دي نتيجة ظروف تسببت فيها الدولة بسبب قلة الإنفاق على التعليم وكثافة الفصول وغياب الأنشطة، لم يعد للمدرسة دور والأطفال بدأوا ياخدوا دروس خصوصية ويروحوا المراكز، لو رجع دور المدرسة الحقيقي أولياء الأمور هيرفضوا يدفعوا أموال لتلك المراكز".

كمال مغيث: وجهة نظر الوزير في إنشاء مجموعات دعم في المدارس تديرها شركة، وتقنين الدروس الخصوصية كعامل مساعد مع المدرسة وتحصيل الضرائب وإنفاقها على التعليم، لن تتحقق في النموذج المصري

وقال إنه على مدار السنين الماضية، كان الجميع يعترف بأن الدروس الخصوصية مرض أصاب جسد التعليم بسبب ضعف المدارس، وبالتالي إذا تعافى الجسد فسيختفي المرض: "رغم انتشار الدروس الخصوصية لكن الدولة لم تشرعها، وكانت تهاجم مافيا الدروس وتتهكم على قنبلة الفيزياء وصاروخ الكيمياء، وده كان أهميته إنه رغم وجود مراكز الدروس الخصوصية لكنها تعمل تحت تهديد بشكل من الأشكال، وفي حالة ترخيصها سنجد أشكالاً جديدة من مراكز الدروس الخصوصية وبالتأكيد أسعار جديدة".

وتعجب الخبير التعليمي من أن يأتي وزير للتعليم يسعى لتقنين الدروس الخصوصية، وهي التي يهاجمها وزراء التعليم منذ طه حسين، إذ كانت مهمتهم الوصول لتعليم مجاني فعال يمنع الدروس الخصوصية أو استغلال الطلاب من أصحاب المدارس الخاصة: "ده تسليم من الوزير بعجزه عن خلق مدرسة فعالة، ورسالة للمعلمين بإن التعليم انتهى، وكل واحد يدور على أكل عيشه بطرق مختلفة".

وأكد مغيث أن وجهة نظر الوزير في إنشاء مجموعات دعم في المدارس تديرها شركة، وتقنين الدروس الخصوصية كعامل مساعد مع المدرسة وتحصيل الضرائب وإنفاقها على التعليم، لن تتحقق في النموذج المصري: "ده مش هيحصل، اللي هيحصل إن المعلمين هيضيفوا الضرائب لتكلفة الحصة، والوزارة مش هتقدر تروح مركز تطلب منه إلغاء التعاقد مع معلم لإنه غير مؤهل، فالطلاب جاءوا من أجل هذا المعلم بالتحديد، وفي النهاية هيتقسم الطلاب لـ3 فئات، الأغنياء يدفعون ويحصلون على الخدمة، والمتعثرين يكافحون من أجل التعليم، والفقراء لهم الله"، مشيراً إلى أنه يبدو أن هناك هدفاً من وراء كل ذلك لتحصيل 10 مليارات جنيه من الضرائب أو أكثر.

بدوره أوضح الدكتور محمد الطيب أن هناك فرقاً بين أن يكون المعلم مؤهلاً وأن يكون حاصلاً على مؤهل تربوي: "فيه كليات كتير ممكن يحصل منها الخريج على دبلوم تربوي، لكن ده مايجعلهوش معلم مؤهل للتدريس للطلاب".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

ما زلنا في عين العاصفة، والمعركة في أوجها

كيف تقاس العدالة في المجتمعات؟ أبقدرة الأفراد على التعبير عن أنفسهم/ نّ، وعيش حياتهم/ نّ بحريّةٍ مطلقة، والتماس السلامة والأمن من طيف الأذى والعقاب المجحف؟

للأسف، أوضاع حقوق الإنسان اليوم لا تزال متردّيةً في منطقتنا، إذ تُكرّس على مزاج من يعتلي سدّة الحكم. إلّا أنّ الأمر متروك لنا لإحداث فارق، ومراكمة وعينا لحقوقنا.

Website by WhiteBeard