شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
كيف تعاملت السينما مع الرغبات الجنسية لدى بعض النساء؟

كيف تعاملت السينما مع الرغبات الجنسية لدى بعض النساء؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 18 أكتوبر 202203:31 م

منذ عدة سنوات، أخبرتني شابة في أوائل العشرينيات، أنه وبعد حوالي سنة ونصف من الزواج انفصلت عن زوجها، وبدأت تعاني من الحرمان الجنسي بعد الطلاق، وفي إحدى المرّات استدرجت جارها المراهق إلى فناء منزلها وأخذت تقبله.

حاولت البحث معها عن حلّ لما تعانيه، وعندما اقترحت عليها أن تتزوج ثانيةً، كان ردّها: "أخاف ألا أكون سعيدة معه في العلاقة الجنسية مثلما كنت سعيدة مع زوجي الأول".

بطبيعة الحال، فإن المرأة لديها رغبات جنسية واحتياجات معيّنة، وبخلاف الرجل، قد يصعب عليها طلب الطلاق في حال لم تكن سعيدة في العلاقة الجنسية، وكأنه من العيب أن يعرف أحد أن لديها رغبات، ربما هذا من أهم المواضيع التي استطاعت السينما والأعمال الفنية أن تُثيرها.

معاناة نساء بعيدات عن أزواجهنّ

في فيلم "عرق البلح"، قدّم المخرج رضوان الكاشف، حال قرية صغيرة في الصعيد تعاني من الفقر، يسافر رجالها للعمل في الخليج وتبقى النساء وحيدات، يعانين من الحرمان الجنسي.

اتخذ الفيلم من الفكرة قضيته الرئيسية، وكانت أبرز شخصيتين في الفيلم: عبلة كامل بدور "سليمة"، ومنال عفيفي بدور "شفا" التي تحمل من أحد رجال قرية مجاورة إثر العلاقة التي حدثت بينهما، ويدفعها أهل بلدتها للانتحار.

المرأة لديها رغبات جنسية واحتياجات، وبخلاف الرجل، قد يصعب عليها طلب الطلاق في حال لم تكن سعيدة في العلاقة الجنسية، وكأنه من العيب أن يعرف أحد أن لديها رغبات، ربما هذا من أهم المواضيع التي استطاعت السينما والأعمال الفنية أن تُثيرها

أما عن سليمة فكان هناك طرح أجرأ لها، حيث قدّم رضوان الكاشف مشهداً لعبلة كامل وهي تتألم نتيجة لاشتعال رغبتها الجنسية، كان جسدها ينتفض وكأنه جمر من نار، فلجأت للشاب المراهق الذي لم يسافر مع بقية رجال القرية وتودّدت إليه، لكنه رفض هذه العلاقة، وأنقذه دخول الجدة زين التي كانت تمسك بعصا، وبدأت بضرب ونخز سليمة على فخذيها حتى تهدأ شهوتها. لقد كان مهمّاً تقديم مشهد بهذه الصورة ليتخيل الجميع ما قد تعانيه المرأة نتيجة للحرمان الجنسي، وأن الرغبة وتداعياتها غير مقتصرة على الرجال فقط.

بعد هذا اليوم، اتخذت سليمة من السجائر وسيلة للتنفيس عن رغباتها، وعندما عاد زوجها، كانت تُفضّل الدخان على أن تُقيم علاقة معه. هذا ما صنعه بها الحرمان، بحيث أصبح الدخان بديلاً للعلاقة الجنسية، وهو ما يسد احتياجها.

في السياق نفسه، قدّمت المخرجة هالة خليل في فيلم "قص ولصق"، نموذجاً يشبه نساء "عرق البلح"، لعبته الممثلة حنان مطاوع، وفي التفاصيل أن ثريا تُخرج رغبتها من خلال العنف الجسدي الذي تمارسه على أولادها، حيث سافر زوجها للعمل في الخارج منذ 8 سنوات، وعندما طلبت منه أن يأخذها هي وأولادها معه لم يوافق، بحجّة أن وضعه المادي لا يسمح بذلك، ما جعلها تُقدم على خيانته.

في فيلم "الكيت كات" من إخراج داوود عبد السيد، لعبت عايدة رياض دور "فاطمة"، وهي امرأة متزوجة سافر زوجها، وقالت في أحد المشاهد إنها مريضة بسبب بُعدها عن زوجها، فيتضح أن غياب الزوج كان سبباً في اشتعال تلك الرغبة بداخلها تجاه "يوسف".

ولا بد من التوضيح أن هذا بالطبع ليس مبرراً للخيانة لأي من الأمثلة الأربعة، لكنه مبرر لزيادة الاحتياج العاطفي والجنسي، مع ما يحمله ذلك من ظلم المجتمع والحكم القاسي، ففي "عرق البلح"، عرض رضوان الكاشف إدانة هذا المجتمع الصغير للمرأة، دون الالتفات لحقيقة ما تشعر به، وفي "قص ولصق" كانت هناك نظرة شفقة مختلطة بالخزي في عين "جميلة" تجاه ما فعلته صديقتها "ثريا"، هذا وتُرك الباب مفتوحاً لموقف الجمهور.

عندما يكون الزوج غير قادر على إسعاد زوجته

عندما يقيم الزوج علاقة جنسية مع زوجته وتكون غير سعيدة فهذا قد يعني أمراً من اثنين، إما أن عامل السن يتدخّل، وإما أنه لا يعرف ما الذي يمتعها، وفي بعض الأحيان قد لا يهتم من الأساس لمعرفة ما يثيرها، وقد تم طرح هذا الموضوع من خلال فيلم "سهر الليالي"، حيث كانت جيهان فاضل، بدور "مشيرة"، تذهب لطبيب نفسي لأنها غير سعيدة في علاقتها الجنسية مع زوجها "علي"، الذي لعب دوره خالد أبو النجا.

لم تكن الزوجة سعيدة، وذلك لأن لديها متطلبات في العلاقة لا يعرفها زوجها، وتخشى أن تبوح بها، وعندما تحدثت مع شقيقها بخصوص رغبتها في الطلاق، لم تكن تعرف كيف تشرح له أسبابها، فالمرأة التي تطلب الطلاق لهذا السبب يصفها المجتمع بأبشع الصفات، لذا ظلت تُصارع رغبتها في الطلاق، وفي إقصاء نفسها عن خيانة زوجها، حتى أدركت أن الحل كان يكمن في التحدث بشفافية مع زوجها، وبالفعل تمكنا بعدها من تدارك المشكلة سوياً.

وبالعودة للحالة الأولى، أي أن يكون الزوج غير قادر على إشباع رغبات زوجته بسبب كبر السن، فهذه الحالة تأخذ شكلين، إما الشكل التقليدي الخاص بأن تقدم الشابة على الزواج من رجل ثري يكبرها كثيراً، مثلما حدث في فيلم "الطريق" من إخراج حسام الدين مصطفى، حيث تزوجت شادية "كريمة" من رجل غني أكبر من والدها، حتى "البطن تأكل، والجتة تلبس"، كما قالت لعشيقها في أحد المشاهد، غير أنها أدركت أهمية ما ينقصها عندما قابلت رجلاً آخر ليس لديه مال، لم ينفع سوى في "الحب" كما قالت له، وهذا ما كان واضحاً في المشاهد الحميمية بينهما، والتي على أثرها دفعت كريمة عشيقها لقتل زوجها حتى تتمتع بماله، وفي الوقت نفسه تعيش مع عشيقها الذي يحقق لها المتعة الجنسية.

وعن الحالة الثانية لفارق السن هي أن يكون هناك وفاق بين الزوجين، لكن المشكلة تبدأ عندما تتراجع رغبة الرجل، مثلما حدث في فيلم "ساعة ونص" مع "صفية" (سمية الخشاب) التي كانت تخون زوجها مع شاب صغير، لأن زوجها أصبح غير قادر على إشباعها جنسياً.

امرأة بلا رجل

"النهار بيعدي، إلا بالليل مببقاش عارفة أعمل إيه في نفسي"، هذه الجملة جاءت على لسان "عايدة"، الشخصية التي قدمتها سلوى محمد علي في فيلم "بنتين من مصر"، من إخراج محمد أمين.

رغم كل ما عرضته وتعرضه السينما، ما زال البعض يعتبر أن للرجل رغبة جنسية تفوق رغبة المرأة، والمشكلة لا تقتصر على هذا الاعتقاد فقط، ولكن على قولبة مشاعر الأنثى ورغباتها واحتياجاتها في قالب تحدده الأعراف والتقاليد

تعاني عايدة الوحدة والحرمان الجنسي، تعرّض الفيلم لقضية تأخر الزواج، ورغم أن دور سلوى محمد علي كان الأصغر مساحة ودراما، لكنه كان مؤثراً جداً لأنها كانت أكبرهن سناً، فأصبحت فرصة زواجها منعدمة تقريباً مقارنة بالأخريات الأصغر منها سناً. ركز الفيلم على قضيتي الحرمان الجنسي والعاطفي جنباً إلى جنب، وتداعياتهما، ومدى الألم الذي تعانيه فتيات الفيلم.

تناول فيلم "شباب امرأة" من إخراج صلاح أبوسيف في العام 1956، قضية الرغبة الجنسية لدى المرأة بجرأة شديدة: "شفاعات" امرأة لديها المال، والتجارة الخاصة بها، وسنها يقارب سن والدة الشاب الذي تحاول الإيقاع به بعد أن مات زوجها، فهي لا ترى خطأ في إيقاعها بشاب ساذج من الأرياف، وتحاول إيذاءه حتى يظل يشبعها جنسياً، في المقابل تعيش "عايدة" بلا رجل وتكبح جماح رغباتها، ولا تقيم علاقات جنسية يرفضها المجتمع خارج إطار الزواج، لكن الاثنتين تشتركان في شعورهما بالحاجة إلى رجل.

رغم كل ما عرضته وتعرضه السينما، ما زال البعض يعتبر أن للرجل رغبة جنسية تفوق رغبة المرأة، والمشكلة لا تقتصر على هذا الاعتقاد فقط، ولكن على قولبة مشاعر الأنثى ورغباتها واحتياجاتها في قالب تحدده الأعراف والتقاليد، والخروج عنه يعني الإخلال بالنظام الأبوي.

إذن، الأزمة ليست في كيفية تلبية احتياجات المرأة الجنسية، لكن في التصريح بوجود هذا الاحتياج من الأساس. 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard