نيتفليكس تتقهقر… الإعلانات قادمة
واضح أن نيتفليكس لم تكن تدرك حين تحولت إلى منصة بث على الإنترنت أننا كبشر نمتلك الكثير من وقت الفراغ، وقادرون على مشاهدة مسلسل بأكمله في جلسة واحدة. أي لم تشر دراسات التسويق التي قامت بها أننا كبشر قادرون على التحول إلى عبيد للشاشة بصورة غير مسبوقة. وهنا الأزمة. على نيتفليكس إنتاج محتوى جديد، والإنتاج مكلف، والاشتراك رمزي، وبالرغم من كل محاولاتها تفادي اللعنة التي وقع بها التلفزيون التقليدي، إلا أنها لم تنجح. الإعلانات قادمة، وستقطع ساعات المشاهدة، وأسلوب الكتابة، وتدفق الأحداث أمامنا على الشاشة.
لا يمكن القول إن لجوء نيتفليكس إلى الإعلانات خبر مفاجئ، منذ أعوامٍ والشركة تمهد لذلك، خصوصاً مع انخفاض أعداد المشتركين، وتراكم الديون، والطلب المستمر على "المحتوى". لكن هناك شأناً محيراً: ما هي الإعلانات التي سنراها؟ هل ستكون مشابهة للإعلانات التي نراها على يوتيوب؟ أم مشابهة لتلك التي نراها في التلفاز؟ وما هي المنتجات التي تتلاءم مع كل الصوابية السياسية وسياسات الهوية التي تتبناها نيتفليكس؟ هل سنشاهد إعلانات سيارات لا تلوث البيئة أبداً؟ أو إعلانات لبرامج مواعدة تراعي كل أشكال الطيف الجنسي؟ أم إعلانات لأطعمة سريعة تسبب البدانة؟
تيك توك الذي "يسرق" التبرعات
كشف تحقيق نشر مؤخراً عن قيام تطبيق تيك توك بأخذ 70% من التبرعات التي يتم تقديمها عبره للاجئين السوريين، أولئك الأطفال الذين يظهرون على الشاشة أمامنا، ضحايا العنف السياسي والإهمال، تحولوا لا فقط إلى مادة استعراضية تشبه البورنوغرافيا الهاوية، بل إلى أسلوب للربح، والتكسب بسبب المأساة التي يعيشونها.
تحوّل لبنان إلى دولة نفطية قد يعني نهاية أزمة الطاقة، أو صدور كم كبير من الأعمال الفنية والأدبية المنتجة على ضوء الشموع، والتي تتغنى بناقلات النفط المواجهة لبيروت دون أن تنار في الأخيرة لمبة واحدة
ما يثير الغضب أن ما نراه على الشاشة، لا يهم، سواءً كنا نحدق بأطفال مهجرين، أو نساء عاريات، أو مجموعات راقصة. كل هذا لا قيمة له. المهم هو عدد المشاهدات، والقدرة على سرق انتباهنا ودفعنا للتبرع ودفع المال، سواءً كان المردود نشوةً، أو تنظيفاً للضمير، أو تدليلاً لحسنا بالإنسانية. الشاشة لا تعرف الرحمة، نحن سلعتها الأولى، لا من نراهم.
يدفعنا ما سبق لإعادة النظر بنموذج التضامن والتبرع القائم على الاستعراض والانتشار بشكل كبير في سبيل جمع الأموال، هذا النموذج في ظل التكنولوجيا الحالية، تحول إلى شكل من أشكال "العمل" تكسب الشركات منه، والخاسر هو نحن و أولئك الذين نراهم على الشاشة، فهل هذا النموذج قادر فعلاً على إنقاذ طفل مشرد؟
نشطاء البيئة ضد الفن
من الواضح أن التردي المناخي الذي نشهده يقابله راديكالية ناشطي المناخ، إذ أحرق أحدهم يده في مباراة للتنس في بريطانيا. لكن العدو الأشد لناشطي المناخ، ذاك الذي نصرف انتباهنا في سبيله، هو الفن، ولا نقصد الفن المعاصر و الحديث، بل فن المعلمين؛ إذ استهدف أحدهم منذ فترة الموناليزا، رامياً كعكة كريمة عليها. ومؤخراً قام ناشطان بتلطيخ لوحة لفان غوخ بمعجون الطماطم. كل ذلك في سبيل نشر الوعي والدعوة إلى التوقف عن استخدام الوقود الأحفوري.
الملفت أن هؤلاء النشطاء يستهدفون ما نظن أنه الأغلى والأكثر قيمة، والأشد قدرة على عكس إنسانيتنا، في محاولة للقول إن أغلى ما نملك هو الكوكب، لا اللوحات. من وجهة نظر أخرى، استهداف هذه اللوحات مبتذل، قيمتها تأتي منا نحن، أما الأعمال التي تعكس الهدر الحقيقي للأموال فهي تلك المعاصرة والغالية لأسباب غير مفهومة.
روسيا تصنف شركة ميتا كمنظمة إرهابية تفادياً لحرب سايبرية بين الأفاترات تقلق وجودنا الإنساني وتنفي عنا صفات البطولة والتضحية والوطنيّة
لذا حرصاً منا على المناخ، هنا قائمة ببعض الفنانين الذين يمكن تهشيم وتخريب أعمالهم دون أن نشعر بالأسى تجاههم:
1- دايميان هيرست: يمكن تحطيم أو سرقة الجمجمة المرصعة بالألماس التي أنجزها دون أن يرف لنا جفن.
2- جيف كونز: كل أعمال كونز العملاقة يمكن تخريبها، لأنه يمتلك محترفاً وقادر على استنساخها مرة أخرى.
3- بيكاسو: ولا نقصد كل أعماله، بل مجموعة المنحوتات-الترهات المنتشرة في متاحف العالم والتي تشابه ألعاب الأطفال.
لبنان دولة نفطيّة!؟
هل من المعقول أن يتحول لبنان إلى دولة نفطية؟ دولة تنتقل من الحضيض إلى قمة الرخاء دون أي فساد أو سرقات أو صفقات مشبوهة؟ كل المؤشرات تقول العكس، لكن ليس لنا إلا الحلم . خصوصاً أننا لا نعلم في أي بنك ستوضع عائدات النفط؟ والأهم من سيتحكم بها؟
كل ما سبق يمكن حلُّه. ولكن ما هو موقف المقاومة أمام هذا الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل؟ وهل سيهدد ذلك تجارة الكابتيكون في المنطقة؟ كل هذه الأسئلة بلا أجوبة إلى الآن. هل التنقيب عن النفط يعني انتهاء أزمة الطاقة في لبنان نفسها؟ لأنه من الممكن، نتيجة طبقات الفساد وتنويعاته، أن يتحول لبنان إلى دولة "مصدرة" للنفط، بينما لا تستخدمه هي نفسها، أي أن يتحول النفط والغاز من ثورة وطنية إلى "تجرة" ينتفع بها مجموعة من الأشخاص. هذا السيناريو هو الأكثر عقلانية، بل يمكن أن يترافق مع العديد من الأغنيات التي ستشير إلى ناقلات النفط التي يمكن مشاهدتها من بيروت التي ستبقى على ضوء الشموع.
إيران ونظريات المؤامرة
تشكل الثورات مناخاً ملائماً للحقيقة والحقيقة المضادة وانتشار نظريات المؤامرة، خصوصاً في دولة قمعية مثل إيران، و مؤخراً بدأت تطفو على السطح عدد من الفرضيات حول سبب المظاهرات ومقتل مهسا أميني، آخرها أن السعودية هي المسؤولة عن قتل أميني، وتحريك المتظاهرين.
حرصاً منا على الحقيقة، وأهمية نظريات المؤامرة هنا قائمة بفرضيات أكثر عقلانيّة من تلك الرسمية، وأكثر قدرة على الانتشار:
حصول تيك توك على نسبة عالية من التبرعات المقدمة للأطفال السوريين شأن لا يثير الاستغراب. في عالم الاستعراض، لا يهم ما نراه على الشاشة: نساء عاريات، غرف نوم، مهجرون، مآسٍ؛ ما يهم هو سلبنا انتباهَنا ودفعنا نحو صرف المال إما لأجل الشهوة، أو الإنسانيّة، أو الأمل الوهمي بتغيير العالم
1- مهسا أميني ليست إلا هولوغرام، هي لم تقتل، ولم تمس منها شعرة، وكل ما حصل مجرّد مجسمات قطرية وممثلين في شوارع قطر يتم تصويرهم على أنهم في إيران.
2- المظاهرات ليست إلا تجمعات من أجل التنفس وممارسة التمارين الرياضية احتفالاً بانتهاء كورونا والحجر الصحي.
3- الاحتجاجات ليست في إيران، بل في قرية معزولة في أستراليا، يؤمن سكانها بنهاية سعيدة للعالم، وحين خاب أملهم، قرروا التظاهر ضد المرشد الأعلى.
فيسبوك منظمة إرهابية في روسيا
صنفت روسيا مؤخراً شركة ميتا المالكة لفيسبوك وإنستغرام كمنظمة إرهابية، في محاولة منها للوقوف بوجه عملاق التواصل الاجتماعي لسماحه بمنشورات أوكرانيّة تدعو إلى "قتل الغزاة الروس". لكن نظن هنا في المقتطف أن السبب أبعد من ذلك، بل يمكن القول إن هذا التصنيف والمنع محاولةٌ لإنقاذ البشرية من أفاتارت الميتافيرس، تلك الكائنات المرعبة والبشعة التي يحاول زوكربيرغ إقناعنا أنها ستكون مستقبل التواصل الإنساني.
لا نؤيد قرار المنع بأي شكل من الأشكال، لكن ما لا نرجوه، هو أن تتحول الحرب إلى نموذج سايبري بالكامل، تقاتل ضمنها الأفاتارات بعضها بعضاً، ومن يموت أو يجرح، تتكفل النظارات الخاصة بالميتافيرس بسلبه حياته وحبسه في الميتافيرس، ليصبح ملاكاً طافياً بين البيكسلات. هذا الشكل من الوجود الشبحي في حال تحقق لا روسيا ولا أوكرانيا ولا العالم بأكمله مستعده له، كوننا أثناء الحروب نعرف على الأقل أن من مات قد رحل، لكن حرباً ضمن الميتافيرس لا يمكن توقع نتائجها على سلامتنا العقلية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...