الإيرانيات في الشارع لأجل حريتهنّ لا لأجل الحجاب فقط
يغيب عن بال البعض في خضم مفاوضات الاتفاق النووي الإيراني وأنشطة الحرس الثوري وغيرها من أشكال "تصدير الثورة" أن إيران دولة ثيوقراطيّة، وكأي دولة من هذا النوع جسد المرأة هو الأكثر تعرضاً للعنف والقمع، وهذا بالضبط ما أثبتته حادثة قتل الشابة مهسا أميني، التي تم إيقافها من قبل "شرطة الإرشاد" ثم اعتقالها، وقتلها، ثم إنكار السلطات بشكل كليّ تعرضها للأذى.
الاحتجاجات التي تكتسح شوارع إيران حالياً، ليست فقط ردَّ فعل على مقتل مهسا، بل موقف جمعي من سلطة تتحكم بأجساد النساء، لا فقط عبر الحجاب، بل أيضاً عبر الاعتقال التعسفي والإعدامات وغيرها من الجرائم التي تمتلئ بها صفحات منظمات حقوق الإنسان.
لطالما كان الرهان على الشعب الإيراني في سبيل الوقوف بوجه السلطة الحاكمة، سواءً عام 2009 أو 2019 أو حالياً، وكالعادة واجهت السلطة المتظاهرين بالقتل، ونفي كلِّ التهم المنسوبة إليها، بل وكما شهدنا حالياً، حشْد الجموع المؤيدين للحجاب وضرورة فرضه على جسد المرأة.
ما نحاول الإشارة إليه في هذا الخصوص لا يتعلق فقط بالوقوف بوجه السلطة، بل بحرية جسد المرأة نفسه؛ لا يحق لأي دولة، إيران، السعودية، أو فرنسا، التدخل بثياب مواطنيها، أو كيفية تعبيرهم عن أنفسهم. لا المنع ولا الإباحة مطلوبان، بل التجاهل التام. ببساطة الثياب ليست من اختصاص السلطة.
نزلت الإيرانيات إلى الشوارع ليطالبن بحريتهن، لا فقط من أجل التحرر من الحجاب، فالسلطة التي تقمع أجسادهن لا تتوقف سطوتها عند قماشة تغطي الرأس، بل تمتد نحو الاعتقال التعسفي، والإعدامات و العنف الاعتباطي... عصارة الأسبوع في 7 أخبار
لكن ما يجب التذكير به، أن الحجاب شأن شخصي نعم، لكنه علامة دينيّة، ويحق لأي أحد انتقاده. معتقدات الآخرين ليست منيعة؛ بكلمات أخرى من حق المرأة أن ترتدي ما تشاء، سواءً كان الأمر عبادة، أو موضة، أو رغبة بالاختلاف. لكن في ذات الوقت، يحق لنا الانتقاد والتأشير إلى ما تحمله كلّ قطعة ثياب من دلالات ومعان، خصوصاً الحجاب، ما يختزنه من اتهامات تتعلق بالآخرين المفترسين، ولا نتحدث هنا عن الجدل الديني، بل يمكن القول ببساطة، ندافع للأقصى عن حق المرأة وأي أحد بارتداء ما تريد/يريد، في ذات الوقت، ندافع عن حق أي أحد أيضاً بالانتقاد وطرح الأسئلة.
من يخاطب محمود عباس؟
وقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس مؤخراً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وألقى خطاباً مثيراً للجدل، لا بسبب فحواه فقط، بل بسبب ردود الأفعال عليه، إذ لم يعجب الفلسطينيين، ولا الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، ولا حتى السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة. وهذا هو الغريب في الأمر؛ من يخاطب محمود عباس؟ هل يريد فقط أن "يشكو" إسرائيل لأمريكا، لأن الأولى قتلت شيرين أبو عاقلة التي تحمل الجنسية الأمريكية؟ كل العالم يعرف ذلك. فما الجديد في خطاب عباس؟
لا نمتلك ما نقوله حول مضمون الخطاب، ناهيك أنه خالٍ من التهديد والوعيد والإنذار، أي حتى الرطانة الوطنية التقليديّة، تلك التي تشحن العواطف، لم تكن موجودة. هناك مناشدات وطلبات متكررة لا جديد فيها. لذا ندعو عباس في المرة القادمة، أن يتحدث عن شأن مثير للاهتمام، كمسلسل "مو" الذي بُث على نيتفليكس، أو عائلة حديد، أو أي شيء يمكن أن يزيد من شعبيته أو يؤدي إلى مدحه بشكل من الأشكال.
فلاديمير بوتين: تصدير الحرب، تصدير المرتزقة، تصدير مواطنيه الهاربين
الواضح أن بوتين لم يتوقع أن تطول حربه على أوكرانيا، فاستدعاء الشبان للخدمة العسكرية علامةٌ على أزمة حقيقية، ونقص في القوات المسلحة. وكما توقع الكثيرون، امتلأت المطارات بالشبان الذين سيتركون روسيا هرباً من الجيش، الشأن الذي ترافق مع تغليظ العقوبات تجاه من يستسلم أو يهرب من الجبهة.
لا نعلم ما ستكون نتائج الحرب، لكن ما نعرفه أن بوتين استفاد من خبرة الأنظمة الديكتاتوريّة التقليديّة، إذ أعلن عن تسهيل تجنيس الأجانب الذين يقاتلون إلى جانب الجيش الروسي، فاتحاً الباب أمام المرتزقة في كل مكان للتحول إلى مواطنين روس عبر المشاركة في القتل والنهب، كذلك هو متهم بتخريب أحد أنابيب الغاز التي تغذّي أوروبا متوعداً القارة العجوز ببردٍ وتضخم لم تشهده من قبل، إلى جانب سعيه لضمّ الأراضي الأوكرانية الخاضعة له إلى روسيا.
تؤكد الشركة اليابانية أنه في حال حصول زلزال سيتم إرسال أسراب من الصراصير لتحديد موقع المحتجزين تحت الأنقاض
لا نعلم ما الذي سيحدث مستقبلاً، خصوصاً أن كل الأقاويل حول مستقبل الحرب لم تجد؛ تهديدات بحرب نووية، عقوبات اقتصاديّة، سيناريوهات لعمليات اغتيال، اتهام بأمراض عقلية، كل هذا وبوتين يتقدم على الأرض. ما ننتظره الآن، نحن المشاهدين العاجزين عن التدخل في مسار ما يحدث، هو تحرك من داخل روسيا، ثورة من الداخل لإيقاف هذه الحرب، عصيان مدني، انشقاقات بالجيش، أي واحد من السيناريوهات التي ستشل تقدم بوتين، وإلا لا نستبعد أن تتحول كييف إلى مساحة تشبه قطاع غزة؛ مساحة محاصرة، تحلق في سمائها الدرونات، تعيش على المساعدات والمقاومات الشعبيّة المهددة بالفناء.
لم نعد بحاجة لمناديل، بنطال جديد يحلّ المشكلة
تعتبر عادة مسح اليدين بالبنطال بعد الطعام واحدة من أقبح أشكال عدم اللياقة. خصوصاً أن هناك تقسيمات لعملية التنظيف باستخدام البنطال، البلل يُمسح بالفخذين، الأوساخ الصلبة في الجيب الخلفية، وفتات الطعام في الجيب الأمامية، لكن سلسلة طعام تشيبوتلية بالتعاون مع مصممة الأزياء نيكول ماكلولين حلت هذه المشكلة والإحراج المتعلق بها، إذ قامت بتصميم بنطال يمكننا مسح اليدين به بعد الانتهاء من الطعام.
ما زال هذا البنطال قيد التطوير، ولم يطرح بعد للبيع، لكننا نشجع هذه الشراكة، وندعو إلى تصميم قمصان يمكن استخدامها كمناشف بعد غسل اليدين، وجوارب يمكن استخدامها كورق حمام، بحيث تتحول كل قطع الثياب إلى وسائل للتنظيف بعد أي وجبة دسمة، دون أن نشعر بأي حرج من استخدامها.
ناسا تفجرّ النيزك وتقضي على حلم البشريّة بالفناء
قامت وكالة الفضاء الأمريكيّة مؤخراً بضرب كويكب كان متجهاً نحو الأرض. بصورة أدق، صممت مركبة فضائية انتحاريّة، قامت بتغير مسار الكويكب ومنعه من الاصطدام بكوكبنا. الملفت في هذه العملية العسكريّة الفضائية، أنها قضت على الرعب الذي عملت هوليوود طوال سنوات على بثه؛ أفلام لا تنتهي عن كويكب أو نيزك سيطيح بالكرة الأرضيّة ومن عليها. لكن يبدو أن الشأن أبسط، يكفي مركبة واحدة كي نتفادى الفناء المحتم.
لا نمتلك تخيلاً عن مستقبل الغزو الروسي لأوكرانيا، فبوتين يستدعي الشباب الهاربين إلى الجيش، و يضم أراضي أوكرانيّة إلى سيادته، والتهديدات الدولية التي تطلق لم توقف زحفه. على هذه الشاكلة، يمكن خلال سنوات أن تتحول كييف إلى مساحة محاصرة
نخاطب هنا العدميين، والمبتذلين، وأصحاب الأحلام السوداويّة، الذين كانوا ينتظرون كارثة من الفضاء كي تفنينا جميعاً، نقول لهؤلاء إن عليهم تغيير استراتيجيتهم؛ ناسا تقف بوجه النيزك، ولا بد من تمنّي ما هو جديد، ولا يمكن إيقافه بمركبة، كعاصفة شمسية، غزو فضائي، أو الاحتمال الأكثر ترجيحاً، قرصنة أقمار ستارلينك الصناعية، ودفعها للاصطدام ببعضها بعضاً بحيث تشكل كتلة ًمن الحديد والخردة التي ستتساقط على سطح الأرض كغضب رباني.
هل "كلنا" ندمر البيئة؟
اقتحم أحد ناشطي المناخ مباراة للتنس في لندن، وحاول إحراق نفسه للتوعية بما تتعرض له البيئة من تخريب، زارعاً الرعب في قلوب الجمهور. لا نحاول هنا أن نستخف براديكالية ناشطي البيئة والمناخ ودعواهم المحقة، لكن هذا النوع من الاحتجاج يعني أن "الجميع" مذنبون، وكلنا نشارك في تدمير البيئة. لكن هل الحل بأن نزرع الذنب في نفوس الناس العاجزين عن تغيير ما يشهده العالم؟
هذا النوع من الاحتجاج، عوضاً عن أن يوجه ضد مقرات شركات الأزياء والصناعات الثقيلة ومحطات تكرير النفط، يوجه ضد المشاهدين الذين لو اتفقوا جميعاً على القيام بكل الممارسات الجيدة للبيئة لن يغيروا شيئاً أمام مصنع واحد يضخّ أطناناً من المواد الملوثة في الماء والهواء والأرض.
من يخاطب محمود عباس؟ هل يريد فقط أن "يشكو" إسرائيل لأمريكا، لأن الأولى قتلت شيرين أبو عاقلة التي تحمل الجنسية الأمريكية؟ كل العالم يعرف ذلك. فما الجديد في خطاب عباس؟
لا مشكلة في لوم مدمري البيئة، بل ولا بد من تعطيل أعمالهم بصورة راديكالية، لكن لوم "الجميع" وزرع الإحساس بالذنب داخل العاجزين ليس سوى أسلوب سهل (ورخيص) للتوعية بقضية ما، أي بإمكان أي أحد أن يقتحم مباراةَ كرة قدم، ويحرق نفسه في سبيل طبقة الأوزون. لكن أليس الأفضل إزاحة مصانع السيارات التي تساهم بالنسبة الأكبر في تلويث الهواء؟
الموت أو الصرصار؟
لا نعلم بمَ كانت تفكر الشركة اليابانية التي قررت استخدام الصراصير التي ترتدي حقائب ظهر مصغّرة لإنقاذ المحاصرين تحت الأنقاض أثناء الزلال؛ إذ تؤكد الشركة أنه في حال حصول زلزال سيتم إرسال أسراب من الصراصير لتحديد موقع المحتجزين تحت الأنقاض.
سألنا أحد المحررين في المقتطف الجديد في حال وجدت نفسك تحت 150 طن من الإسمنت إثر زلزال مكاتبنا، وكان سبيل نجاتك الإمساك بصرصار من أجل أن تدل فرق الإنقاذ، فهل ستقبض عليه بيدك بشدة؟ وكان الجوب: "الموت ولا أن يقترب مني صرصار واحد".
يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...