شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
تحركات في الكونغرس تدعو إلى تطبيق قانون

تحركات في الكونغرس تدعو إلى تطبيق قانون "معاداة أمريكا" على الجزائر

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 12 أكتوبر 202202:25 م


مع تواصل الحرب الضروس التي تجري على الأراضي الأوكرانية وتداعياتها القاسية على العالم بأسره، برزت على بعد آلاف الأميال ساحة أخرى للتصعيد بين الغرب وموسكو في شمال أفريقيا.

ففي نهاية الشهر الماضي، بعثت السيناتورة ليزا ماكلين، ممثلة ولاية ميشيغان عن الحزب الجمهوري، برسالة إلى وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن تتضمن 27 توقيعاً داخل الكونغرس الأمريكي، تدعوه فيها إلى تطبيق قانون "معاداة أمريكا" على الجزائر، باعتبارها بلداً داعماً لروسيا التي تخوض "حربا بربرية على أوكرانيا وهي بحاجة لمزيد من الأموال عبر بيع الأسلحة".

رسالة ماكين بدأت بإعراب الموقعين عليها عن قلقهم حيال "التقارير الأخيرة عن العلاقات المتنامية باستمرار بين موسكو والجزائر". 

"لماذا التحرك ضد الجزائر فقط وليس ضد الزبائن الآخرين ومنهم من أعلن دعمه صراحة لروسيا في حربها ضد أوكرانيا؟"

حراك مكثف

واستحضر أصحاب الرسالة أرقاماً تبرز قيمة صادرات السلاح الروسي إلى الجزائر، إذ خاطبوا بلينكن بالقول: "كما تعلم، فإن روسيا هي أكبر مورد للأسلحة العسكرية للجزائر، وفي العام الماضي وحده أنهت الجزائر صفقة شراء أسلحة مع روسيا بلغت قيمتها الإجمالية أكثر من سبعة مليارات دولار"، وحسبما ورد في الرسالة فإن "الجزائر وافقت على شراء طائرات مقاتلة روسية متطورة، بينها سوخوي 57 التي توافق روسيا على بيعها إلى أي دولة أخرى حتى الآن، مما يجعل الجزائر ثالث أكبر مستقبل للأسلحة الروسية في العالم".

تعتبر هذه الخطوة الثانية من نوعها في أقل من شهر واحد فقط، إذ سبق أن وجّه السيناتور الجمهوري ونائب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي، ماركو روبيو، لوزير خارجية بلاده يطالبه فيها بفرض عقوبات على الجزائر

وتعتبر هذه الخطوة الثانية من نوعها في أقل من شهر واحد فقط، إذ سبق أن وجّه السيناتور الجمهوري ونائب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي، ماركو روبيو، لوزير خارجية بلاده يطالبه فيها بفرض عقوبات على الجزائر.

وأبدى روبيو في نص الرسالة "قلقه البالغ حيال المشتريات الدفاعية الجارية بين الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وموسكو"، واستدل "هو الآخر بتصنيف الجزائر ضمن أكبر أربعة مشترين للأسلحة الروسية في جميع أنحاء العالم وبلغت ذروتها بصفقة أسلحة بقيمة سبعة مليارات دولار في عام  2021".

وتدفعنا هذه الخطوات المتتابعة إلى طرح أسئلة عديدة والبحث عن أجوبة عنها أبرزها: خلفيات لائحة أعضاء الكونغرس الأمريكي ضد الجزائر؟ وما الذي يخفيه هذا التحرك؟

غضب داخلي

دعوة سيناتورات أميركا لفرض عقوبات على الجزائر، أثارت غضب سياسيين جزائريين إذ استغربت لويزة حنون الأمينة العامة لحزب العمال اليساري جرأة السيناتورات في التدخل في شأن الجزائر الداخلي وتساءلت: " منذ متى أصبح البرلمانيون الأمريكيون مؤهلين لإملاء العلاقات السياسية والدبلوماسية والمبادلات التجارية وغيرها على الدول الأخرى". 

وتعتقد حنون أن الإدارة الأمريكية تدفع لتوسيع الحرب الدائرة في أوكرانيا وتحويلها إلى حرب عالمية، معتبرة "أن مطلب البرلمانيين الأمريكيين يرمي إلى الجر ببلادنا في مستنقع الحرب في أوكرانيا في ظل التوجه الأمريكي في فرض انحياز كل البلدان للناتو في حربها ضدّ روسيا". 

"الجدير ذكرهُ في مستهل التحليل أن حملة أعضاء الكونغرس غريبة وغير ومتوقعة، فالجزائر وعبر تاريخها الحديث لم تشهد أي صدام مع السياسة الخارجية الأمريكية، هكذا استهل "مبروك كاهي"  أستاذ العلوم  السياسية بجامعة ورقلة حديثه لرصيف 22 ويضيف: "أمريكا رحبت باستقلال الجزائر كما أن الأخيرة ساهمت في أزمة تحرير الرهائن المحتجزين في السفارة الأمريكية في ظهران، والأهم من هذا أن صانع القرار الأمريكي كان يحترم دوما التوجهات الخارجية الجزائرية النابعة عن قناعاتها".

وبعد فترة وجيزة من التوتر الذي أحدثته الرسائل المتعاقبة لنواب أمريكيين لفرض عقوبات على الجزائر بسبب علاقاتها مع روسيا، أجرت السفيرة الأمريكية بالجزائر إيليزابيث مور أوبين، في اليومين الأخيرين، عدة لقاءات مع مسؤولين وقادة أحزاب سياسيةّ.

والتقت مور أوبين مع وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة بمقر الوزارة، وتباحث الطرفان في "التعاون بين البلدين والعلاقات الثنائية التي وصفتها السفيرة بـ "القوية". وذكرت السفيرة الأمريكية في تغريدة  لها عبر حسابها الرسمي: "من دواعي سروري لقاء الوزير لعمامرة ومناقشة العلاقات الثنائية القوية والمتنامية بين أمريكا والجزائر".

وفي لقاء ثان، أجرت السفيرة محادثات مع زعيم حزب الأغلبية جبهة التحرير الوطني أبو الفضل بعجي، وذكرت على هامش اللقاء أن "أمريكا تعتبرُ أكبر مستثمر في الجزائر وصل إلى حدود 28 بالمائة وعبرت عن أملها في تضاعف هذا الرقم".

كذلك التقت بوزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية لتباحث عدة ملفات مشتركة، وغردت: "كانت لي مناقشة مثمرة مع وزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية كريم بيبي تريكي حول خطته الطموحة لتطوير مجال الاتصالات في الجزائر وما يمكن أن تقدمه التكنولوجيا والخبرة الأمريكية للقطاع". 

يمكن قراءة تلك الخطوة  من زاويتين، تتعلق الزاوية الأولى بتصريحات النواب حول صفقة شراء السلاح الجزائري من روسيا، والتي تندرج ضمن اصطفاف الجزائر مع الجانب الروسي، لكن الحقيقة خلاف ذلك على اعتبار أن الصفقات تدرس عبر سنوات وليست آنية، كما أن التعاون العسكري الروسي الجزائري هو إستراتيجي ومن سنوات عديدة حتى منذ الاستقلال، والأغرب أن روسيا قامت ببعض الحروب في جوارها الإقليمي كالحرب الشيشانية الأولى والمعروفة أيضاً باسم الحرب في الشيشان، وهي حرب ضروس دارت رحاها بين روسيا والشيشان بين ديسمبر/ كانون الأول 1994 وأغسطس/ آب 1996 وحرب أوسيتيا الجنوبية ولم يتحرك أي نائب.

اما القراءة الثانية فمرتبطه بالخلفيات الحزبية والأيديولوجية وحتى العرقية لهؤلاء النواب، ويُضيف المتحدث: "لماذا التحرك ضد الجزائر فقط وليس ضد الزبائن الآخرين ومنهم من أعلن دعمه صراحة لروسيا في حربها ضد أوكرانيا؟".

لذلك فما يحدث يمكن وضعه في سياق ممارسة الضغط على الجزائر لإضعاف قوتها التفاوضية في مجال الطاقة على اعتبار أنها بديل مناسب لأوروبا بعد الغاز الروسي.

شبح العقوبات

الباحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية عدنان محتالي استبعد في تصريح لرصيف22 أن تكون مطالب تسليط العقوبات على الجزائر ذات علاقة بالتسليح، فلو كان ذلك صحيحاً لنادى النواب بمعاقبة الهند والصين باعتبارهما أكبر المستهلكين للأسلحة الروسية في العالم وبلينكين يعلم هذا.

ويرى محتالي أن السبب الرئيسي خلف تلك النقلات هو الدور الجزائري الداعم للقضية الفلسطينية، لكنه من احتمال تنفيذ عقوبات الجزائر. وإن حدث فلن يكون بذلك الضرر البالغ الذي يتصوره الناس.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard