شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"عركة ثقافية" على التراث "المشترك" بين المغرب والجزائر يُجددها "الزليج"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة نحن والتاريخ

السبت 1 أكتوبر 202207:06 م

في أحدث فصل لمسلسل التوتر والخلافات بين الجارتين، اتهمت المملكة المغربية الجزائر بـ"الاستيلاء الثقافي" على نقوش من فن الزليج (الفسيفساء) الذي وصفته بأنه "مغربي"، لتزيين قميص منتخب البلاد الأول لكرة القدم.

وكانت الجزائر قد أعلنت قطع علاقتها الدبلوماسية وإغلاق مجالها الجوي مع المغرب العام الماضي، متهمةً إياه بالقيام بـ"أعمال عدائية متكررة"، عقب فترة من تبادل الاتهامات بدور مشبوه في قضايا حساسة للبلدين أهمها استقلال الصحراء المغربية وانفصال سكان القبائل (الأمازيغ).

حتّى الخلاف على التراث الذي يُعد في كثير من الأحيان "مشتركاً" لقرب الحيز المكاني وتشابه العادات في دول المغرب العربي ككل، المغرب والجزائر وليبيا وموريتانيا وتونس، وليس الرباط والجزائر فحسب، شهد احتداماً خلال الأشهر الماضية.

والزليج هو أحدث وجه للاشتباك الثقافي بين البلدين. وهو فن إسلامي يُعتقد بأنه ظهر وراج في الأندلس وبلاد المغرب الكبير، بينما بات صناعة تقليدية رائجة في دول المغرب العربي خاصةً المغرب والجزائر، ويقوم على رسوم ونقوش ملونة مختلفة تُستخدم لتزيين أرضيات وجدران البيوت والقصور والمساجد وغيرها.

"استيلاء ثقافي" vs "هستيريا التبني"... المغرب يتهم "أديداس" بـ"السطو" على #الزليج الذي يعتبره تراثاً أصيلاً له لتزيين قميص المنتخب الجزائري لكرة القدم، وجزائريون يردون: فن عريق لدينا أيضاً

المغرب: "استيلاء ثقافي"

وكانت عملاقة الألبسة الرياضية الألمانية "أديداس" قد أعلنت الخميس 29 أيلول/ سبتمبر عن التصميم الجديد لأحد أطقم المنتخب الجزائري قائلةً إنه "مستوحى من التاريخ والثقافة" و"التصاميم العريقة لقصر المشور" بمدينة تلمسان الجزائرية.

لكن وزارة الشباب والثقافة والتواصل المغربية وصفت النقوش على القميص بأنه "سرقة لأنماط من الزليج المغربي نُسبت إلى الجزائر"، ووجهت إنذاراً قضائياً للمدير العام للشركة الألمانية، كاسبر رورستاد، بـ"سحب الطاقم في أجل 15 يوماً" أو "توضيح أن الرسوم المستعملة في تصميمها تعود لفن الزليج المغربي".

وشددت الوزارة المغربية على أنها "تحتفظ بحقها في استعمال كافة الوسائل القضائية الممكنة (...) لحماية عناصر التراث الثقافي المغربي من محاولات التملك غير المشروع".

وعبر حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي، أكدت الوزارة: "يعد الزليج من الأشكال الفنية الأكثر تعبيراً عن أصالة المعمار المغربي بحيث يرجع إلى القرن العاشر ميلادياً، حيث ازدهر في عهد المرينيين بالمملكة الشريفة قبل أن ينتقل للقبائل المجاورة".

وأردفت: "من المعروف أن الزليج الفاسي يعد الأشهر على الصعيد الوطني والدولي بفضل جودته وجماليته وأصالته وأشكاله المزخرفة وألوانه المتعددة، ولكونه كذلك يعتمد على إبداع ومهارة الصانع وخبرته وهو ما يجعل عدداً من الدول تطلب الخبرة المغربية في هذا المجال".

وختمت بأن "المغرب قام بتسجيل الزليج الفاسي ضمن تصنيف ڤيينا للعناصر التصويرية التابع للمنظمة العالمية للملكية الفكرية سنة 2015".

وزارة الشباب والثقافة المغربية: يعد #الزليج من الأشكال الفنية الأكثر تعبيراً عن أصالة المعمار المغربي بحيث يرجع إلى القرن العاشر ميلادياً، حيث ازدهر في عهد المرينيين بالمملكة الشريفة قبل أن ينتقل للقبائل المجاورة

ونشط مواطنون مغاربة عبر مواقع التواصل الاجتماعي يهاجمون "سرقة تراثهم"، وقال بعضهم إن "قصر المشور بناه مرابطون مغاربة قبل قرون". كما تداولوا صوراً توضح الفارق بين الزليج المغربي والزليج الجزائري. واتهموا الجزائر بـ"السطو" على معالم أخرى يعتبرونها من تراثهم الخاص بينها الكسكسي والقفطان، على حد قولهم.

الجزائر: تراثنا أيضاً

في المقابل، تمسّك ناشطون جزائريون بأن التصاميم على قميص منتخب بلادهم مأخوذة من "قصر المشور" في تلمسان، واستشهد بعضهم بتقرير لشبكة "سي أن أن" الأمريكية عن فن الزليج الجزائري. كما تداولوا صوراً تُظهر نقوش الزليج في دول إسلامية أخرى، ساخرين من الإصرار المغربي على أنه فن مغربي خالص.

واستعرضوا كذلك نقوش الزليج على بعض المعالم الأثرية والمنازل في الجزائر، لافتين إلى أنه فن عريق في بلدهم أيضاً. واحتفوا بقميص منتخبهم الذي تعلوه نقوش الزليج نكاية في نظرائهم المغاربة.

ولم يصدر رد رسمي عن وزارة الثقافة والفنون الجزائرية أو اتحاد كرة القدم في البلاد. كما لم يتضح بعد موقف "أديداس" من التصميم الذي من المقرر أن يُطرح في المتاجر وعبر الإنترنت منتصف الشهر الجاري.

من جهتها، قالت صحيفة الشروق الجزائرية إن "الزليج فن إسلامي وأصله أندلسي وهو منتشر بكثرة في كافة دول المغرب العربي. تطور هذا الفن العصور الوسطى وخصوصاً منذ القرن الحادي عشر، وازدهر خلال حكم بني نصر وبني مرين".

صحيفة الشروق الجزائرية: الزليج فن إسلامي وأصله أندلسي وهو منتشر بكثرة في كافة دول المغرب العربي. تطور هذا الفن العصور الوسطى وخصوصاً منذ القرن الحادي عشر، وازدهر خلال حكم بني نصر وبني مرين

وبينما انتقدت ما وصفته بـ"هستيريا التبني"، قالت الصحيفة الجزائرية إنه "حتى أنشودة ‘الحديقة الساحرة‘ للراحلين الأخضر السائحي والأمين بشيشي، أصبحت عرضة للنهب الثقافي الذي تمارسه المغرب إزاء الثرات الجزائري". وأضافت أن صفحات مغربية على السوشال ميديا تتداول مقطعاً مصوراً ينسب الأنشودة إلى مؤلف وملحّن مغربيين، هما عزيز الشمهروشي وأبو بكر الهرماش على الترتيب.

كما كررت الصحيفة الاتهامات الجزائرية للمغرب بعرض صور نساء جزائريات من قبيلة "أولاد نايل" الشهيرة التي تتركز في الجلفة وبوسعادة وبسكرة، على أنهن مغربيات في جناح المغرب بـ"إكسبو دبي"، قائلةً إن الأزياء والحلي التي ظهرت في الصور تعكس التراث الخاص للقبيلة.

وسبق أن رد مغربيون على هذه الادعاءات بالقول إنه ما من دليل على أن النساء في الصور من "أولاد نايل" مشددين على تشابه الزي التقليدي والحلي لنساء المغرب العربي سيّما سكان المناطق الصحراوية.

وكانت وزارة الثقافة والفنون الجزائرية قد أقدمت، في آذار/ مارس 2022، على تنفيذ مجموعة إجراءات لغرض "تصنيف فن الراي وحماية التراث الثقافي الجزائري غير المادي من النهب". وأعلنت أنها أصدرت "تعليمات صارمة بضرورة الإسراع في تحضير ملف كامل خاص باللباس التقليدي" الجزائري، وإنشاء لجنة وطنية لحماية وحفظ التراث غير المادي، وإنشاء أرضية قاعدة بيانات لهذا التراث وتدعيمها بمتحف وطني لتثمينه".

يُشار إلى أن الخلاف حول نَسَب "الكسكسي" القُطري، كان قد انتهى في عام 2019، بعد أن اتفقت الجزائر والمغرب على الانضمام إلى تحالف يضم تونس وموريتانيا للتقدم بملف مشترك لتسجيل الكسكسي على قائمة اليونسكو للتراث العالمي اللامادي كـ"تراث مغاربي مشترك".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

منبر الشجعان والشجاعات

تكثُر التابوهات التي حُيِّدت جانباً في عالمنا العربي، ومُنعنا طويلاً من تناولها. هذا الواقع هو الذي جعل أصوات كثرٍ منّا، تتهاوى على حافّة اليأس.

هنا تأتي مهمّة رصيف22، التّي نحملها في قلوبنا ونأخذها على عاتقنا، وهي التشكيك في المفاهيم المتهالكة، وإبراز التناقضات التي تكمن في صلبها، ومشاركة تجارب الشجعان والشجاعات، وتخبّطاتهم/ نّ، ورحلة سعيهم/ نّ إلى تغيير النمط السائد والفاسد أحياناً.

علّنا نجعل الملايين يرون عوالمهم/ نّ ونضالاتهم/ نّ وحيواتهم/ نّ، تنبض في صميم أعمالنا، ويشعرون بأنّنا منبرٌ لصوتهم/ نّ المسموع، برغم أنف الذين يحاولون قمعه.

Website by WhiteBeard
Popup Image