ما إن أعلن خبر وفاته حتى صار رحيل الشيخ يوسف القرضاوي هو الحدث الأبرز على أجندة تغطيات وسائل الإعلام العربية، عدا المصرية منها، وأخرى أجنبية ناطقة بالعربية، مشفوعاً بتعليقات من سياسيين وشخصيات، ومعهم مئات- وربما آلاف- من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، ممَن جمعهم الحديث عنه، منقسمين بين نعي لـ"العلامة الإمام" وبين قدح لـ"شيخ الإرهاب"، وبصورة مشابهة لما كان في حياته من جدل حوله.
الشيخ الذي توفي يوم الإثنين، 26 سبتمبر/ أيلول، عن عمر 96 عاماً، في العاصمة القطرية الدوحة، ووري الثرى في المدينة التي عاش فيها منذ "أعير" إليها من مصر في ستينيات القرن الماضي.
قضى القرضاوي في الدوحة نحو خمسين عاماً، توسع تأثيره فيها حتى بات مستشاراً دينياً وروحياً لحكامها، وفي المقابل، خسر خلال العقد الأخير كل صلة طيبة بالمؤسسات الرسمية في مصر، كما خسر بعضاً من شعبيته، ليس فقط على المستوى السياسي من موالين لأنظمة مصرية حاكمة- باستثناء الإخوان- بل من آخرين وبعضهم نظراء له، بسبب أفكار ومواقف كان منها ما اعتبره البعض "دعوات للتجديد" لكن من دون خروج على الإطار المحافظ المائل إلى التشدد. فهل تتسق أفكار القرضاوي مع "التجديد" في الخطاب والرؤى الدينية للإسلام المحافظ؟
لم ينخرط القرضاوي في معارك جدلية ومثيرة للسخرية، ونأى بنفسه عن التعرض لفتاوى وأسئلة من نوع "إرضاع زميل العمل" أو "التبرّك ببول النبي"، بل كانت له فتاوى أثارت جدلاً على مستوى سياسي، ما جعله خصماً لأنظمة عربية
قداسة مُبكّرة
في 9 سبتمبر/ أيلول 1926، ولد يوسف القرضاوي في مركز المحلة الكبرى بمحافظة الغربية، حسبما يُوثق موقعه الرسمي، عبر سيرة ذاتية بدا واضحاً منها أنها كُتبت لهدف خلق همزة وصل بينه وبين رموز في التاريخ الإسلامي، وذلك بذكر أن محلّ ميلاده، صفت تراب، هو نفسه "القرية العريقة المدفون فيها عبد الله بن الحارث الزبيدي، آخر الصحابة موتاً بمصر".
هذه الهالة بدت أيضاً في إبراز محطات بعينها في رحلته الدراسية، من قبيل أنه "أتم حفظ القرآن الكريم وأتقن أحكام تجويده وهو دون العاشرة من عمره"، ثم ما تلاه عن التحاقه بمعاهد الأزهر حيث كان "في طليعة طلابها المتفوقين"، حد أنه "كان ترتيبه في الشهادة الثانوية الثاني على المملكة المصرية"، ومن بعدها "كان ترتيبه الأول بين 180 طالباً من خريجي كلية أصول الدين بجامعة الأزهر".
الحديث عن تفوق القرضاوي كان مستمراً في كل ما يتعلق بدراساته، وصولاً للماجستير والدكتوراه، وذلك رغم "تعرّضه للاعتقال منذ كان طالباً بالثانوية العامة عام 1949"، بحسب السيرة التي لم تذكر لذلك سبباً سوى أنه "لقي في سبيل دعوته كثيراً من الأذى والاضطهاد والاعتقال"، الذي حدث أيضاً بعد الملكيّة، في يناير/ كانون الثاني 1954، ونوفمبر/ تشرين الثاني من العام نفسه ولحوالى 20 شهراً، ثم في 1963.
كان له منهجه الخاص في مقاربة السياسية من منظور ديني، فلم تحظ مقاربته لا برضى الحكام، ولا رضى معارضيهم الإسلاميين، ما خلا جماعة الإخوان المسلمين التي احتل فيها موقعاً لا يقل "قداسة" عن موقع مؤسسها
من قطر
بناءً على عمله كخطيب ومُدرّس في المساجد وإشرافه على معهد الأئمة التابع لوزارة الأوقاف المصرية أُعير القرضاوي إلى قطر، وذلك لمرّات عديدة بدأت عام 1961، وعمل عميداً لمعهدها الديني الثانوي، حتى تولّى عام 1977 مهمة تأسيس كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة قطر، ولاحقاً مركز بحوث السيرة النبوية في الجامعة نفسها.
ورغم ارتحاله إلى دول أخرى في مهام دعوية وتعليمية، ظلت قطر هي الدولة ذات البصمة الأبرز في رحلة حياته، لا سيما بعد الثورات العربية، التي كان له آراؤه وفتاواه حيالها بصورة عرّضته لهجوم.
ففي خضم اشتعال هذه الثورات، لم يكن القرضاوي ليغيب عن المشهد، وبينما كان شيوخ سلفيون يحرّمون "الخروج على الحاكم"، انتقدهم هو وعارض بموقفه أطرافاً واضحة، فرقتها الانتماءات وجمعها رفض القرضاوي وفكر جماعة الإخوان المسلمين.
التيار السلفي: عداء ومحبة
من موقعه رئيساً للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين – ترك المنصب لاحقاً- اتهم القرضاوي كلاً من "السلفية المتعصبة" و"الصوفية"، بالاتفاق على تسفيه الثورات العربية، عبر الترويج لما سماها "ثقافة سامة تربط الفتنة بالخروج على الحكام".
عداؤه مع السلفيين انطوى على وضع خاص، فالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي أسسه القرضاوي ورأسه عقوداً طوالاً، قوامه يطوي تحته عدداً لا يستهان به من الدعاة والشيوخ ذوي الفكر السلفي، ويحرص المجلس على الفصل بين السلفيين و"الغلاة المتشددين" أمثال تنظيمي الدولة الإسلامية "داعش" والقاعدة". في الوقت عينه لقي القرضاوي حملات هجوم تتجدد من التيارات السلفية في العالم العربية، فيما سعى هو أحياناً لاستمالتهم، وهاجمهم في أحايين أخرى.
وذلك رغم أنه يتفق مع التيار السلفي على "أساسيات" أبرزها "دولة الإسلام"، إلّا أنه وشيوخ السلفية تعاركوا كثيراً، ولم يقتصر هجومهم ضده على تسفيهه ووصف بعض دعاتهم له بأنه "مُجَرّد داعية، لا علاقة له بالعلوم الشرعية"، خاصة أن القرضاوي لم يقصر بدوره في الهجوم عليهم والتسفيه منهم، ورداً عليه، وصل السلفيون في هجومهم إلى التخوين الصريح للقرضاوي، كما في اتهام أمير السلفية الجهادية في العراق له بـ"العمالة لإسرائيل والولايات المتحدة، والعمل على التحريض الطائفي بين شعوب المنطقة".
عداؤه مع السلفيين انطوى على وضع خاص، فالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي أسسه القرضاوي ورأسه عقوداً طوالاً، يطوي تحته عدداً لا يستهان به من الدعاة والشيوخ ذوي الفكر السلفي، ورغم ذلك لم يتوان القرضاوي عن مهاجمتهم وتسفيه رؤاهم
أما هو، ومن بين عشرات المؤلفات، تحدث في كتابه الصادر في التسعينيات "فقه الأولويات"، عن مدرستهم الأيديولوجية والدعوية باعتبارها بين المتهمين بالإخلال بأولويات الفقه مع "جماهير المسلمين أو المنحرفين منهم"، وذلك "لفقدان الفقه الرشيد والعلم الصحيح".
كان من أسباب اختصامه لهذه المدرسة انشغالها بأمور خلافية اشتهر أركانها بها، اعتبرها القرضاوي: "تأكل الوقت، وتمزّق الجماعات، وتضيع الجهود"، ما استشهد عليه في كتابه بذكر أمثلة من قبيل فتاوى بشأن "لبس الساعة في أي يد، والموقف من ارتداء القميص والبنطلون، أو استخدام الشوكة في الطعام".
"لقد ساءني أن أحد الدعاة قال في خطبة له مُسَجّلة: (إن كشف وجه المرأة مثل كشف فرجها!) وهذا غلو عظيم لا يصدر من ذي فقه وبصيرة"
كما انتقد "الانشغال بأمور مثل الغناء أو التصوير، وإغفال كبائر موبقات مصيرية تتعلق بوجود الأمة ومصيرها، سواء دينية أو اجتماعية وسياسية، وتلك الأخيرة ضرب أمثلة عليها بأمور من قبيل ضياع الشورى والعدالة الاجتماعية وغياب الحرية وحقوق الشعوب وكرامة الإنسان".
ليتحدث بعدها باهتمام عن ضرورة الاتجاه للعلم، الذي انتقد في الدول العربية "اعتماد العام منه على الحفظ والصمّ لا على الفهم والهضم"، فقال "في خير قرون الأمة كانت المكانة والصدارة للفقيه، وفي عصور الانحدار والتراجع كانت المكانة والصدارة للحافظ"، منتقداً "المبالغة في تكريم حُفّاظ القرآن الكريم بجوائز لا يُرصد رُبعها للنابغين في العلوم الشرعية المختلفة".
وبالمثل، كان من تأييده وتأكيده لأهمية الكيف والنوع على الكم والحجم قوله في شرح حديث "تناكحوا تناسلوا تكثروا، فإني مكاثر بكم الأمم"، إن الرسول "لن يباهي بالجهلة بل بالعاملين النافعين"، وشدد- مستعيناً بالعديد من الآيات والأحاديث والروايات- على أهمية العلم والعمل، هذا الأخير الذي قال إنه في الإسلام "فريضة".
ومن أوجه دعمه للعلم والتفكير العقلاني، تخصيصه فصولاً في كتابه هذا عن أولوية الاجتهاد على التقليد، والدراسات والتخطيط، وعن فكرة الأفضلية النسبية بقوله نصاً إن "أحوج ما تحتاج إليه أمتنا في عصرنا هو التكنولوجيا المتطورة"، فيما يعكس تفكير عملي ربما لا يُصادفه كثيرون في أحاديث شيوخ يعزون الأمور الجيدة للكرامات والسيئة للّعنات وغيرها من الأمور غير المحكومة بمعايير مادية واضحة.
إسلام عاقل
لم ينخرط القرضاوي في معارك جدلية ومثيرة للسخرية، ونأى بنفسه عن التعرض لفتاوى وأسئلة من نوع "إرضاع زميل العمل" أو "التبرّك ببول النبي"، بل كانت له فتاوى أثارت جدلاً على مستوى سياسي، ما جعله خصماً لأنظمة عربية، منها خليجية اعتبرته "يوتر علاقاتها بمصر"، كالإمارات التي هددته عام 2012 بالاعتقال بسبب انتقاده لإلغائها إقامة سوريين تظاهروا ضد نظام بشار الأسد، الذي دعم هو الثورة ضده.
"لا بد من الوقوف في وجه الفلسفات والمناهج المادية واللادينية المستوردة الفارغة من روح الدين، والمناقضة لفلسفة الإسلام عن الله وعن الإنسان، وعن الحياة والعالَم، وعن الدين والدنيا"
وهذه نفسها، الإمارات، الدولة التي رحّبت في 2021 بإلغاء اتفاق كان بين "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" الذي يرأسه وتصفه هي بـ"اتحاد القرضاوي" وبين تونس، الدولة التي كانت مُجرّد زيارته لها عام 2012 مثار قلق، باعتبارها "دعاية مُبكرة" في انتخابات الرئاسة- آنذاك- لحركة النهضة الإسلامية ذات الروابط الوثيقة مع جماعة الإخوان في مصر.
"خادم الإسلام"
ما رآه منافسو "النهضة"- آنذاك- دعاية، كان في نظر أنصار القرضاوي "خدمة للإسلام"، فهو وفقاً لرؤيتهم له وتعريف موقعه الرسمي به "الأستاذ الشيخ الدكتور، أحد أعلام الإسلام البارزين في العصر الحاضر في العلم والفكر والدعوة والجهاد، في العالم الإسلامي مشرقه ومغربه"، بل خصص عبارات للتدليل على هذا الأمر تحت عنوان "جهوده ونشاطه في خدمة الإسلام".
بل سار الموقع إلى أبعد من هذا بعبارة تأكيدية قال فيها "ولا يوجد مسلم معاصر إلا التقى به قارئاً لكتاب، أو رسالة، أو مقالة، أو فتوى، أو مستمعاً إلى محاضرة، أو خطبة أو درس أو حديث أو جواب، في جامع أو جامعة، أو ناد، أو إذاعة، أو تلفاز، أو شريط، أو غير ذلك".
عبر هذه الوسائل، وأبرزها الإعلامية، ظهرت آراء الشيخ المعادية صراحة لتيارات شاركت في الثورة، وبدا أن مناصرته لها كانت فقط لإسقاط "طغاة" وإقامة "دولة إسلامية"، إذ إنه القائل في حوار له مع صحيفة الشروق المصرية بعد فوز الإخوان بالرئاسة عن التيار الليبرالي إن عناصره "دخلاء على الشعب المصري، لأنهم يرفضون شرعية الإسلام".
الشرعية التي كرر دعمه لها في مقال له بتأكيد أن "السياسة- في عهد الخلافة- كانت في خدمة الدين"، مُهاجماً الدعوة إلى فصلهما، حد استعانته بأمثلة من أديان أخرى، كاليهودية التي ساهمت في "بناء وتعزيز دولة بني صهيون" على حد وصفه، وقوله أيضاً إن "الالتزام الديني الواضح من بوش من الأسباب الرئيسة لفوزه بالرئاسة، مقابل خَصمه كيري الذي كان يتبنى خطاً مخالفاً لتعاليم المسيحية".
آراء تجديدية؟
دعوة القرضاوي بالتجديد والتطور لم تكن بصورة نظرية بحتة في كتاب، بل ظهرت في مواقف له. قبل ستة أعوام وحين كانت قيادة السيدات للسيارات مُجرّد أمنيات في المملكة، أعلن القرضاوي مناصرته للسعوديات اللواتي أطلقن حملة "وومن تو درايف"، ليناشد العاهل السعودي الموافقة، في وقت دعا مواطنهن السعودي الشيخ عبد الرحمن البراك بالموت على من تقود سيارة.
ربما كان هذا الموقف منه بناءً على تعامله مع المرأة بمنطق أنها "كائن كامل الأهلية"، حسبما ورد حرفياً في فتوى صدرت عنه في إحدى الحلقات التليفزيونية في العام نفسه، وكانت تتعلق بأحقيتها في "تولي رئاسة الدولة وعضوية البرلمان، بل ومنصب الإفتاء".
وحتى في أمور تتعلق بأركان الإسلام، كان الشيخ الداعي للتيسير على التشديد، مستعيناً بأدلة من نصوص قرآنية وأحاديث نبوية ومواقف وأحكام سابقة لإسلاميين في عصور مختلفة، ومستنكراً مواقف وأحداثاً كان منها- في ذلك الوقت- مصرع عشرات الحجاج خلال رمي الجمرات، بسبب الزحام الذي سبّبته فتاوى الشيوخ المتشددة فيما يتعلق بشعائر الحج.
"آراء بعض العلماء المعتبرين قد تكون شاذة في بيئة معينة وفي عصر معين، لأنها سابقة لزمنها، ثم لا يثبت أن يأتي عصر آخر تجد فيه من يؤيدها ويشهرها، حتى تغدو هي عماد الفتوى"
وذلك كان لأنه آمن بأنه "من باب التيسير" إباحة محظورات دينية في حالة الضرورة، وإجازة الفقهاء لتغيير الفتوى بتغير الأزمان والأمكنة والأعراف والأحوال، معتبراً أنه من الواجب إعادة النظر في أقوال وآراء قيلت في عصور سابقة وربما لم تعد ملائمة لأنها قد تسيء للإسلام وتشوّه دعوته.
لهذا قال، في أوج اشتعال حرب البوسنة والهرسك، إن "تقسيم العالم إلى دار إسلام ودار حرب، واعتبار أن الأصل في علاقة المسلمين بغيرهم هو الحرب، وأن الجهاد فرض كفاية على الأمة، أقوال لم تعد تصلح لزماننا، ولا يوجد من نصوص الإسلام المُحكمة ما يؤيدها، بل في هذه النصوص ما يُناقضها".
وبالتالي، لم يكن غريباً أن يستنكر ما كان من "خلل" سببه "مبالغة معظم العاملين في الحقل الإسلامي في العناية بتطبيق الشريعة الإسلامية (جانبها القانوني) لا سيما في العقوبات بحدود وقصاص"، وكيف أنه أمر "كان له آثار سيئة على التفكير والعمل الإسلامي، استغلها خصوم الإسلام وشريعته ودعوته".
يحكمها الإطار...
نعم، كان القرضاوي يؤكد أن الأولوية للعلم والتطوير والاجتهاد، ولم ينتقد الاهتمام بأمور ظاهرية، بل تعامل بدون عدوانية تجاه الفنانين والشعراء والأدباء. لكنه أيضاً كان الشيخ الملتزم بما يحكم أغلب أحاديث وآراء الإسلاميين.
فالقرضاوي الإخواني، كغيره من الشيوخ- ومنهم سلفيون- كان حالماً بفكرة "المجتمع الإسلامي وإقامة حُكم الله"؛ ما جعله يتحدث عن فكرة التدرج في أمور تتعلق بالحياة للتمكن من الوصول لهذا المجتمع، ويوجّه انتقادات واقتراحات لما يُدَرّس للطلاب وما يجب تغييره فيه ليتلاءم مع العصر ويساهم في "قطع دابر الإلحاد"، وهو مَن تحدّث عن القرآن باعتبار أنه "معيار لا يُخطئ، تنبثق منه الأصول الكُلّية التي تحتاج إليها الحياة الإسلامية".
وكان يتعامل مع قواعد بناء الدولة- حتى في سياساتها الاقتصادية- بطريقة ومنطق إسلاميين، مثلما تحدث عن تقديم مصلحة الأمة على مصلحة الفرد والولاء للجماعة على الولاء للفرد، فيما يتسّق تماماً مع فكرة جماعته الأم "الإخوان المسلمين"، التي استعان في أحاديثه بآراء ومواقف بعض رموزها مثل سيد قطب وحسن البنا.
ومثلما تحدث من منطلق إسلامي عن الواجبات والفروض اللازمة لإقامة دولة حديثة، تحدث أيضاً في المنهيات عن أمور لها مراتب كان أعلاها "كفر الإلحاد والجحود" الذي ضرب مثالاً عليه بالفكر الشيوعي قائلاً عنه إن "قلاعه انهارت".
ولم يقتصر الأمر على الأيديولوجيات الخاصة بسياسة أو اقتصاد دول، بل طالت سهام نقده عقائد وأدياناً أخرى باعتبارها من أوجه "كفر الشرك" الذي ضرب أمثلة عليه بالبوذية والهندوسية.
ورغم آراء تجديدية صدرت عنه، كان كنظرائه من مُكفّري غير المسلمين، وذلك بحديثه عمّا سمّاه "كُفر أهل الكتاب" الذي تحدث فيه عن أتباع الديانات الإبراهيمية الأخرى بلفظي "يهود ونصارى"، منتقداً شعائرهما، تماماً مثلما يبدر عن مُنظري السلفية الجهادية وبعض المتشددين من خطباء وشيوخ الزوايا.
حاول القرضاوي التجديد وتمكين المسلمين، ومنهم المرأة التي يضعها كثير من الشيوخ في إطار التبعية لولي الأمر، وحاول التيسير حتى في الفروض والتفسيرات للقرآن والأحاديث. ورغم كل هذا، كان من المؤمنين بالوصول إلى هدف واضح هو "إقامة الدولة الإسلامية وترسيخ مجتمعها"؛ لهذا لم تكن تجديداته لتخرج عن إطار حاكم يضمن عدم المساس بما قد يهدم أسس ودعائم هذه الدولة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...