يبدأ الاثنين 5 أيلول/ سبتمبر 2022، تطبيق إجراءات وقيود إسرائيلية جديدة على دخول وإقامة الأجانب في الضفة الغربية التي احتلتها إسرائيل عام 1967، في ما يقول فلسطينيون ومنظمات حقوقية إسرائيلة إنه يهدف إلى "تقييد نمو السكان الفلسطينيين من خلال لم شمل الأسرة" وإمعان في سياسة الفصل العنصري بحقهم.
تشمل هذه القيود، الواردة في 97 صفحة، إلزام الأجانب بإبلاغ وزارة الدفاع الإسرائيلية عن أي علاقة حب أو ارتباط عاطفي مع حامل الهوية الفلسطينية في غضون 30 يوماً من بدايتها. وإذا تزوجوا فعليهم مغادرة الضفّة بعد 27 شهراً لفترة "تهدئة" لا تقل عن ستة أشهر.
وكانت إسرائيل قد أعلنت عن هذه القواعد الجديدة في شباط/ فبراير 2022 بينما أوقف بدء العمل بها مرتين لاعتراض 19 مدعياً عليها أمام المحكمة الإسرائيلية العليا.
ويتوقع أن تؤثر هذه القيود على الأجانب الراغبين في الإقامة أو العمل أو الدراسة أو الاستثمار أو المشاركة في أي عمل إنساني/ تطوعي بالضفة وليس فقط أزواج الفلسطينيين وشركائهم العاطفيين. ولا تُطبّق القواعد الجديدة على الأجانب الذين يزورون إسرائيل أو الأجزاء الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية من الضفّة الغربية، ولا على المستوطنات الإسرائيلية.
وقوبلت القرارات الجديدة بانتقادات واسعة من منظمات ومدافعي حقوق الإنسان، بما فيها مركز الدفاع عن الفرد (هموكيد)، وهو منظمة لحقوق الإنسان في إسرائيل، وصفها بأنها "مُقيِّدَة لأقصى درجة" و"تفرض ذرائع تدخلية مبهمة".
بهدف "تقييد نمو السكان الفلسطينيين من خلال لم شمل الأسرة"... قيود إسرائيلية جديدة على وجود الأجانب في الضفة الغربية المحتلة، سيّما الشركاء العاطفيين للفلسطينيين
ما هي القيود الجديدة؟
بموجب الإجراءات الجديدة، لن يتمكن أي أجنبي يرغب في دخول الضفّة من الحصول على تأشيرة لدى الوصول إلى إسرائيل بل يتعين عليه طلبها قبل 45 يوماً والإعلان بشكل واضح عما إذا كانت لديه قرابة عائلية من الدرجة الأولى في الضفة الغربية أو إذا كان يملك أرضاً أو قد يرث أرضاً فيها.
ولن يُسمح للأجانب بعد الآن بدخول الضفّة عبر مطار تل أبيب إلا في حالات استثنائية، فيما سيُمكنهم الدخول عبر جسر الملك حسين بين الأردن والضفّة. كما تصل الكفالة في بعض الحالات إلى 70 ألف شيكل (أكثر من 20 دولاراً أمريكياً) وكذلك أن يمضي صاحب التأشيرة عدة أشهر خارج الضفة الغربية قبل الحصول على تأشيرة ثانية.
كما يفرض أعداد محددة من أساتذة الجامعات (150 في السنة) والطلاب الأجانب (100) الذين يسمح لهم بالتعامل مع الجامعات الفلسطينية. وهو ما اعترضت عليه المفوضية الأوروبية بالنظر إلى الأعداد المضاعفة من الأساتذة والطلاب الأجانب في الجامعات الفلسطينية خلال السنوات الأخيرة.
وحذّر الطبيب الكندي بنجامين تومسون، مدير مشروع "مفاتيح الصحة" الإنساني في الضفّة من أن "هذه الإجراءات الوحشية سيكون لها تأثير خطير على العمل الإنساني أيضاً"، مضيفاً أنها "ستمنع العديد من المهنيين الصحيين من دخول الضفة الغربية"، مدللاً على ذلك بالإشارة إلى حالة عدم اليقين حول منح تأشيرات لمنظمته التي تدرب أطباء فلسطينيين.
أما "هموكيد"، فشددت على أن هذه القيود سيكون لها "تأثير مباشر على زوجات وأزواج الفلسطينيين الأجانب/ الأجنبيات إذ سيضطرون إلى المغادرة عند انتهاء صلاحية تأشيراتهم، ما يحرم آلاف العائلات الفلسطينية من الحق في العيش معاً دون انقطاع ومن أن يعيشوا حياة أسرية طبيعية".
تُلزم الإجراءات الجديدة الأجانب بإبلاغ وزارة الدفاع الإسرائيلية عن أي علاقة حب/ ارتباط عاطفي مع حامل الهوية الفلسطينية في غضون 30 يوماً من بدايتها. ومغادرة الضفّة بعد 27 شهراً من الزواج لفترة لا تقل عن ستة أشهر
تحديات أمام الأزواج الأجانب للفلسطينيين
وتشكو "الحملة من أجل الحق في الدخول/ إعادة الدخول" للأجانب بانتظام من ممارسات "تمييزية وقاسية وتعسفية من قبل السلطات الإسرائيلية" تتسبب في "صعوبات إنسانية هائلة" للأزواج الأجانب يترتب عليها فصلهم قسراً عن عائلاتهم في الضفة الغربية.
ووفق مؤسسة "كوهين ديكير فيكس وبروش" الإسرائيلية للمحاماة، فإن هناك "تحديات عديدة" تواجه الشركاء الأجانب للفلسطينيين داخل مناطق سيطرة إسرائيل.
وبرغم أن المسؤولين عن نقاط التفتيش في إسرائيل لا يفرضون عادةً قيوداً على الأجانب غير الفلسطينيين، فيما لا يمكن للفلسطينيين دخول إسرائيل بدون تصريح، ويقتصر تنقلهم فقط على داخل الضفة الغربية (المناطق أ ، ب ، ج)، إلا أنه "عندما يريد مواطن/ ة فلسطيني/ ة دعوة زوج/ ة من دولة أجنبية إلى الضفة الغربية، يجب أن يتقدم بطلب بموجب إجراء ‘دعوة الأجانب إلى الأراضي الفلسطينية‘، ثم يطلب تمديد تصريح الزائر".
وزادت الوكالة أنه "يمكن الحصول على تأشيرة B-2 المحددة لمدة تصل إلى 27 شهراً، من منسق الأنشطة الحكومية"، لافتةً إلى أنه يمكن "الموافقة على دخول إسرائيل لمدة تصل إلى 27 شهراً".
و"بعد وصول الزوج / ة إلى الضفة الغربية يجب على الزوجين تقديم طلب لم شمل الأسرة إلى منسق أعمال الحكومة بالضفة وفي غضون صلاحية تأشيرة B-2 السياحية (أي في غضون 27 شهراً)".
لكن هذه الطلبات لا تُقابل دائماً بالموافقة إذ جمدت السلطات الإسرائيلية العديد من الطلبات الأخيرة المقدمة للسلطة الفلسطينية للحصول على الإقامة أو الجنسية للأزواج الأجانب، علاوة على رفضها منح تأشيرات طويلة الأجل لأزواج فلسطينيين أجانب في حالات لم شمل الأسرة. وهو ما يمكن الاعتراض عليه أمام محكمة العدل الإسرائيلية العليا.
وذلك، بالإضافة إلى وجود "تحديات حقيقية" في ما يتعلق بالوصول إلى "وضع قانوني دائم" للأزواج الأجانب للفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية والأراضي الفلسطينية بوجه عام. علماً أن أقصى ما يستفيد منه الفلسطينيون وشركاؤهم الأجانب بعد اللجوء للمحاكم الإسرائيلية هو "حل مؤقت" لأزمتهم أو تحسين وضعهم.
يتوقع أن تؤثر القيود الإسرائيلية الجديدة على الأجانب الراغبين في الإقامة أو العمل أو الدراسة أو الاستثمار أو المشاركة في أي عمل إنساني/ تطوعي بالضفة وليس فقط أزواج الفلسطينيين وشركائهم العاطفيين
تجربة حقيقية
تعقيباً على القيود الإسرائيلية الجديدة، روت الكاتبة والباحثة الفلسطينية مروة فطافطة، عبر حسابها في تويتر، تجربتها الشخصية وزوجها الألماني مع السفر إلى الأراضي المحتلة.
كتبت: "إذا وقعت في حب فلسطيني من الضفة الغربية، فعليك إبلاغ وزارة الدفاع الإسرائيلية فوراً. في المرة الأخيرة التي سافرت فيها إلى فلسطين مع زوجي الألماني، كان علينا التظاهر بأننا لا نعرف بعضنا البعض. وإلا فلن يسمحوا له بالدخول"، معتبرةً الإجراء الإسرائيلي حصيلة للإمعان في "الاضطهاد والبيروقراطية" بحق الفلسطينيين.
ووصفت فطافطة تجربة التظاهر بأنها وزوجها لا يعرفان بعضهما البعض بأنها كانت "قاسية"، شارحةً "في غضون 10 دقائق، كان علينا حذف سجلات الصور المشتركة والتطبيقات والدردشة وأي أثر لعلاقتنا بسرعة لأنهم يستطيعون انتزاع هواتفنا والبحث في بياناتنا الشخصية إذا رغبوا في ذلك. لا حب ولا كرامة ولا خصوصية في ظل نظام الفصل العنصري".
وقالت جيسيكا مونتيل، مديرة "هموكيد" لوكالة فرانس برس إنه يحق لإسرائيل كقوة احتلال للضفة بموجب القانون الدولي الإنساني، تبرير أي إجراءات بذريعة حماية أمنها و"رفاهية السكان المحليين"، مستدركةً بأن الإجراءات الجديدة "لا علاقة لها بأي من الأمرين" إذ تهدف إلى "تقييد نمو السكان الفلسطينيين من خلال لم شمل الأسرة" ومنع "ترسيخ وجود" الأجانب في الأراضي المحتلة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 14 ساعةرائع
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.