بعد واقعة "القاهرة اليوم" بعام، اتصل بي المنتج الفني أسامة الخشاب من شركة طارق نور للإعلانات، ليدعوني لاجتماع يتم فيه التحضير لعمل جديد من بطولة حسين الإمام، كان حسين وقتها في قمة نجاحه بعد أن أنجز في عامين متتاليين برنامجي الكاميرا الخفية الشهيرين "حسين على الهوا" و "حسين في الاستديو"، ولذلك تخيلت أنني مدعو لكتابة فيلم سينمائي، فلم أكن قد كتبت مسلسلات تلفزيونية وقتها، وذهبت أحمل فكرة فيلم كوميدي غنائي، فوجدت نفسي في اجتماع يضم طارق نور وحسين الإمام والشاعر محمد ناصر الذي كنت أحب له أغنية "إن ما قدرتش تضحك ما تدمّعش" التي غناها أحمد زكي في فيلم "هستيريا" وأغنية "مش نظرة وابتسامة" لسيمون، والذي كان صديقاً مقرباً لحسين، وكانت تجمعهما بعض المشاريع الغنائية والسينمائية التي كتبها محمد ولم تجد طريقها للنور.
في الاجتماع عرفت أنهم قرروا الاستعانة بكاتب سيناريو له أفلام كوميدية ناجحة مثل حالاتي، لكتابة حلقات برنامج كاميرا خفية جديد لحسين الإمام، يفترض فيه أن يواصل النجاح الساحق لسابقيه ولكن مع تطوير في الأسلوب يزيد من جرعة التمثيل، وبالطبع تحمست لفكرة العمل مع حسين الإمام وتحدي إنتاج شكل جديد لبرنامج كوميدي ناجح، وأذكر أننا بعد أكثر من تصور، بدأنا نعمل على فكرة كاميرا خفية قائمة على استضافة أحد النجوم في بيت عادي، على طريقة برنامج "في بيتنا نجم" الشهير، بحيث تتم استضافة حسين في كل حلقة مع ممثل مختلف، ويحدث خلال تصويرهما الحلقة موقف كوميدي يتصاعد فيه المقلب بالتدريج.
في الاجتماع عرفت أنهم قرروا الاستعانة بكاتب سيناريو له أفلام كوميدية ناجحة مثل حالاتي، لكتابة حلقات برنامج كاميرا خفية جديد لحسين الإمام، يفترض فيه أن يواصل النجاح الساحق لسابقيه ولكن مع تطوير في الأسلوب يزيد من جرعة التمثيل
بدأت في العمل، وقمت بكتابة أفكار لحلقات عديدة، وحضرت أكثر من جلسة مع فريق العمل، ثم اعتذرت عن المواصلة بسبب انشغالي في كتابة فيلم جديد لكريم عبد العزيز، ولم تجد الفكرة طريقها إلى النور، وتم بدلاً منها تنفيذ فكرة "حسين على الناصية" التي لم تلق نفس نجاح البرنامجين السابقين، مع أن حسين كان يعلق على نجاحها آمالاً كبيرة، لأنه كان ينوي بعدها التوقف عن تقديم البرامج التلفزيونية، واستغلال نجاحه التلفزيوني في تنفيذ أحلامه السينمائية التي كانت دائماً الأحب والأقرب إلى قلبه، خاصة أنه كان محبطاً من فشل فيلميه "أشيك واد في روكسي" و "كذلك في الزمالك" الذين اشترك في تأليفهما وإنتاجهما، مقرراً ألا يتعاون بعدهما مع مخرجين، وأن يقوم هو بالإخراج، لأن الرؤية "المِطرقَعة" ـ حسب تعبيره ـ التي يحلم بها على الورق كانت تخرج بشكل أقل إبداعاً على الشاشة، وإن كان يرى في نفس الوقت بشكل دفاعي، أن مستوى الفيلمين كان أفضل بكثير من أفلام أخرى أضعف بكثير وحققت النجاح، بسبب وقوف الموزعين خلفها في دور العرض، وكان يعترف أنه أخطأ حين سمح لنفسه بالتجاوب مع استفزاز الصحفيين في حوارات غاضبة كانت بعيدة عن طبيعته التي لا تنشغل بالفشل وتبحث فوراً عن الخطوة التالية.
خرجت من تلك التجربة غير المكتملة مستمتعاً بفرصة الاقتراب من شخصية حسين الإمام المحبة للحياة، والذي تتحول أي جلسة معه إلى خلطة سحرية من الكلام عن المزيكا والأكل وذكريات والده الفنية والمدن التي ينصح بالسفر إليها، وكان يأسرني بطريقته الفريدة في التعليق الساخر على الأحداث والشخصيات فتنطلق ضحكات الجميع الصاخبة، في حين يبقى هادئاً ومحتفظا بابتسامته العريضة الشهيرة، على سبيل المثال لا الحصر، أذكر أننا كنا نتحدث عن فنانة لمعت بقوة وقتها بسبب مواهبها الجسدية، فقال لنا فجأة أنه كلما رأى هذه الفنانة في كليب أو برنامج يشعر بالحزن على طنط فلانة الخياطة التي كانت تسكن تحت بيت والده، لأن بنتها نسخة من هذه الفنانة، وأنه يتصور مع كل إذاعة لأغنية تلك الفنانة أن طنط فلانة تشعل فوراً خناقة مع بنتها لأنها لم تستغل مواهبها بشكل كان يمكن أن "ينقل العيلة لحتة تانية"، منتقلاً للحديث عن علاقة طنط الخياطة بوالده المخرج الكبير حسن الإمام، حيث كانت تعلق على ملابس بطلات أفلامه بشكل ساخر وحاد، فيستمع والده لها باهتمام ويستفيد من ملاحظاتها في أفلامه القادمة.
كان حسين يتحدث باعتزاز عن عصامية والده الذي ولد في المنصورة لأب يمتلك مصنع سجائر، لكنه كان يحضر لعماله في المصنع فرقاً مسرحية لم يكن يعرف أنها ستجعل ابنه حسن مهووساً بالفن الذي تعلمه وهو يمسح بلاط البلاتوهات ويطارد الفرق المسرحية والغنائية
لم يكن حسين يفوت أي فرصة لاستعادة ذكرياته مع والده الذي كان معلمه الأول وصديقه الأقرب، لم يكن والده أول من قدمه للسينما، بل كان المخرج الكبير عاطف سالم الذي اختاره لأداء دور رئيس فرقة موسيقية في فيلم "السلم الخلفي"، كان الدور صغيراً، لكن حسين برز فيه بشكل شجع الأب على إسناد دور أكبر له في فيلم "السكرية" ثم توالت أدواره في أفلام أبيه الذي حاول أن يمنحه البطولة المطلقة عام 1975 أمام نجلاء فتحي، لكنه تراجع عن الفكرة بسبب عدم حماس الموزعين، وحين كان الصحفيون يسألونه عن سر حماسه لابنيه حسين وأحمد ـ مودي فيما بعد ـ وقراره بأن يسند إليهم عمل الموسيقى التصويرية لأفلامه بدءاً من فيلم "الكروان له شفايف"، قال إنه يراهن على أن نجاح "الأخوين إمام" سيذكر الناس بنجاح "الأخوين رحباني"، ثم أضاف بطريقته الساخرة إن العمل مع أولاده لا يتعب أعصابه ولا يعرضه لقضايا أمام المحاكم كالتي رفعتها ضده نجوى فؤاد لأنه أخرج لسعاد حسني في فيلم "أميرة حبي أنا" استعراضاً كان يفترض أن يخرجه لنجوى في فيلم "ألف بوسة وبوسة"، أو القضية التي رفعتها ضده نادية الجندي لأنه سحب منها دور البطولة في فيلم "بديعة مصابني" برغم أنها أصيبت بالتهابات من تجارب الماكياج التي أجرتها على شكلها حين تلعب دور بديعة في شيخوختها.
كان يتحدث أيضاً عن قيمة الحوار داخل الأسرة التي تعلمها من أبيه الذي لم يكن مصاباً بالازدواجية التي كان يسخر منها في أفلامه، وعن قيمة احترام المرأة والانحياز لها التي لمسها في تعامل أبيه مع والدته وأخته زينب
احتاج حسين إلى وقت طويل لكي ينضج فنياً ويخرج من عباءة أبيه ذي الشخصية الجذابة والمتوهجة، ولم يحبطه تأخر نجاحه السينمائي والتلفزيوني، بل قرر أن يتفرغ حوالي خمس سنوات لدراسة الموسيقى الشرقية لكي يطور تجربته الموسيقية، معلناً عن سخطه على تجار الكاسيت الذين حاولوا استنساخ نجاح تجاربه الأولى مع مودي، ورفضوا كل محاولاتهما للتجديد والتطوير، وظل على يقين طيلة سنوات الانتظار أن فرصته قادمة لكي يحقق أحلامه في التمثيل، وأن عليه ألا يتوقف عن الفرجة والتأمل واكتساب الخبرات، لكي يكون مستعداً حين تأتيه الفرصة، وكان ممتناً لوالده لأنه لم يشكل عليه أي ضغوط سلبية خلال الفترة التي تعثرت فيها خطواته الفنية.
كان حسين يتحدث باعتزاز عن عصامية والده الذي ولد في المنصورة لأب يمتلك مصنع سجائر، لكنه كان يحضر لعماله في المصنع فرقاً مسرحية لم يكن يعرف أنها ستجعل ابنه حسن مهووساً بالفن الذي تعلمه وهو يمسح بلاط البلاتوهات ويطارد الفرق المسرحية والغنائية، كان يتحدث أيضاً عن قيمة الحوار داخل الأسرة التي تعلمها من أبيه الذي لم يكن مصاباً بالازدواجية التي كان يسخر منها في أفلامه، وعن قيمة احترام المرأة والانحياز لها التي لمسها في تعامل أبيه مع والدته وأخته زينب التي أصر على استكمال تعليمها الجامعي وحين قررت أن تتزوج مبكراً قال لعريسها إنه لن يتحدث معه مدى الحياة لو عطلها عن استكمال تعليمها الجامعي، لكن حسين كان يلوم والده ساخراً لأنه علمه احترام المواعيد في مجتمع لا يعترف بهذه القيمة، وأكسبه سرعة الإنجاز بشكل جعله يتضايق حين يشعر أن من حوله أبطأ منه بكثير، ولذلك كان يقوم بكتابة بعض أغنياته لكيلا يضيع وقته في انتظار الشعراء، وهو ما زاد من قدرته على الارتجال التي ساعدته على النجاح والتألق خلال تقديمه لفقرات المطبخ على الهواء التي ساعدته على فتح بيته لسنوات بعد أن تعثرت أحلامه السينمائية والمسرحية.
قد سمعت من حسين في أكثر من جلسة ولقاء أن الناقد سامي السلاموني الذي كان من أبرز مهاجمي والده قال له بعد رحيل أبيه إنه يشعر بأنه ظلم حسن الإمام وتحامل عليه.
لم أشعر أن حسين يتحدث بمرارة أو أسى عن سنوات البحث عن الفرص في البدايات أو سنوات التعثر التي عاشها كثيراً خلال مشواره، لكنني كنت ألمس إحساسه بالمرارة والأسى حين كان يتحدث عن الظلم النقدي الذي تعرض له والده لسنوات طويلة بشكل حرمه من التكريم والاحتفاء الذي حصل عليه أغلب أبناء جيله، مع أن ذلك لم يكسر والده الذي كان حسين يسمع منه دائماً عبارة "ما فيش مستحيل" بالفرنسية، وكان يراه كلما اشتد عليه الهجوم النقدي يبدأ في التحضير لفيلم جديد، وقد سمعت من حسين في أكثر من جلسة ولقاء أن الناقد سامي السلاموني الذي كان من أبرز مهاجمي والده قال له بعد رحيل أبيه إنه يشعر بأنه ظلم حسن الإمام وتحامل عليه، لكن حسين كان ربما يروي الحكاية مصحوبة بمبالغة نابعة من انحيازه لأبيه فلا أتصور أن سامي السلاموني يمكن أن يقول إنه كان مخدوعاً بشعارات حين كان يهاجم حسين الإمام، لكني أصدق أنه أعاد تقييم بعض أعمال حسن الإمام وبخاصة فيلم "خلي بالك من زوزو".
على أية حال، كان حسين الإمام سعيداً بإعادة اكتشاف أعمال كثيرة لأبيه مع انتشار الفضائيات التي تقوم بعرض أفلام الأبيض والأسود دون توقف، وكان يتحدث كثيراً عن أحلامه السينمائية بمواصلة العديد من المشاريع التي لم يكملها والده، أو تقديم أجزاء ثانية من بعض أفلام والده، أو إعادة كتابتها في نسخ معاصرة كما تفعل السينما الأمريكية مع الأفلام القديمة، وهو ما أنجزه بشكل ما حين حقق حلمه القديم في الإخراج، وقام بإعادة توليف ساخرة لعدة مشاهد من أفلام والده المملوكة لأسرته، ليصنع منها فيلمه الممتع "زي عود الكبريت" الذي أكمله ابنه المخرج الشاب يوسف، والذي عرض بعد رحيله في مهرجان القاهرة السينمائي فلقي استحسان أغلب من شاهدوه، وهو ما لم يشهده حسين للأسف، وكان من حظي أن أشاهد الفيلم في قاعة صغيرة في مدينة نيويورك خلال مهرجان للسينما العربية، ولم يفهم الجالس إلى جواري في قاعة السينما لماذا كنت أبكي بحرارة بعد عرض الفيلم بينما كان الجميع حولي غارقاً في الضحك.
كان من حظي أن أشاهد فيلم "زي عود الكبريت" في قاعة صغيرة في مدينة نيويورك خلال مهرجان للسينما العربية، ولم يفهم الجالس إلى جواري في قاعة السينما لماذا كنت أبكي بحرارة بعد عرض الفيلم بينما كان الجميع حولي غارقاً في الضحك.
كان يفترض أن أحظى بمتعة العمل مع الممثل حسين الإمام في مسلسل "أهل كايرو" مع المخرج محمد علي، حيث كان سيلعب دور زوج صافي سليم القادم من أمريكا، والذي لعبه فيما بعد باقتدار الفنان زكي فطين عبد الوهاب، كان فريق العمل متحمساً للعمل مع حسين، خاصة أنه كان قد عمل في أكثر من تجربة تلفزيونية مع محمود بركة أحد منتجي المسلسل، وحضر حسين معنا أكثر من جلسة قراءة، وكان معجباً بالمسلسل ومتحمساً لدوره، وكنت أستمتع بمكالماتنا التليفونية التي كان يمارس فيها عادته المفضلة باستحضار الشخصيات التي عرفها خلال مشواره، ولا زلت أذكر كيف كان يشير إلى كل شخصية من الشخصيات الرئيسية للمسلسل ويستحضر معادلاً لها من الشخصيات التي كان بعضها شهيراً، وبعضها لم أكن أعلم عنه شيئاً، وكنت أقول له إن ما يرويه يصلح لكتابة جزئين قادمين من المسلسل، وكان كعادته يسارع بالحماس لإنتاج عدد من الأفكار التي ترد في سياق الحديث، قبل أن يغلب عليه الإحباط السريع عندما يتذكر كم المشاريع التي دخل فيها، ولم تر النور بسبب عقبات إنتاجية.
مع الأسف لم يكتمل مشروع العمل مع حسين بسبب العقبات الإنتاجية التي نتجت عن عدم حماس أغلب القنوات للمسلسل لعدم وجود نجم سوبر ستار يتحمل مسؤولية العمل، حيث لم يكن خالد الصاوي قد لمع وقتها بشكل كبير، وهو ما أدى إلى اضطرار المنتجين لتخفيض ميزانية المسلسل بشكل كبير استلزم تغيير كل من كان قد تم الاتفاق عليهم للعب الأدوار الرئيسية، لإتاحة الفرصة لممثلين لا تثقل أجورهم ميزانية العمل، لتكون تلك الأدوار فرصة لإعادة تقديم رانيا يوسف وكندة علوش وأحمد وفيق وجميل برسوم وغيرهم من الذين أبدعوا في العمل.
كان آخر لقاء لي مع حسين الإمام عبر الهاتف قبل رحيله بفترة قصيرة، عندما بدأت مع المخرج الكبير أستاذي وصديقي خيري بشارة التحضير لتصوير مسلسل "أهل اسكندرية" ـ رد الله غيبته ـ وكنت وقتها مشغولاً في كتابة الحلقة الأخيرة، فلم أحضر للأسف جلسة جمعتهما في فندق الماريوت، ذهب إليها خيري ليلتقي بحسين الذي لم يكن قد رآه منذ فترة، وليقرر ما إذا كان مناسباً لدور في المسلسل كنت قد رشحته له، لكن أحد العاملين تطوع بالقول أنه شاهد حسين في مسلسل ما، ولم يكن في "الفورمة" أبداً، وثار جدل كبير حول فكرة الحكم على ممثل من عمل لم يوفق في أدائه، لحرمانه من دور يمكن أن يفجر فيه طاقاته الفنية.
أعتقد أن نظام اختيار الممثلين للأعمال الفنية في مصر لو كان يتم بشكل مؤسسي، كما يحدث في صناعة السينما في أمريكا، لكان لدى الممثلين الموهوبين مثل حسين الإمام فرصة أن يقوموا بتوظيف مواهبهم بشكل أفضل
أنهى خيري بشارة النقاش بأنه سيتخذ القرار بعد أن يلتقي بحسين الذي تربطه به صداقة قوية منذ تجربة فيلم "كابوريا" الذي أنتجه حسين الإمام، وكان فاتحة خير على حسين الإمام مادياً، وإن كان قد مثل عبئاً فنياً عليه في رأيي، لأنه ظل لفترة طويلة أسيراً لحالة "كابوريا" التي حاول تكرارها ثانية في أفلام مثل استاكوزا وأشيك واد في روكسي وكذلك في الزمالك، برغم أن حسين كان يمتلك الكثير الذي يمكن أن يقدمه بعيداً عن تلك المنطقة الآمنة، وأذكر أنني خلال ترشيحي له لشخصية "أهل اسكندرية" التي كانت تجمع بين الشر وخفة الظل، كنت متأثراً بأدائه في مسلسل "للعدالة وجوه كثيرة" مع المخرج الكبير محمد فاضل الذي أدى فيه دور بلطجي يصادق يحيى الفخراني في السجن، ودوره القصير واللافت في فيلم "حكايات الغريب" مع المخرجة الكبيرة إنعام محمد علي، وأعتقد أن نظام اختيار الممثلين للأعمال الفنية في مصر لو كان يتم بشكل مؤسسي، كما يحدث في صناعة السينما في أمريكا، لكان لدى الممثلين الموهوبين مثل حسين الإمام فرصة أن يقوموا بتوظيف مواهبهم بشكل أفضل، بعيداً عن الوقوع في فخ التكرار والاضطرار لاختيار "أحسن الوحشين" فيما يعرض عليهم من أدوار.
اتصل بي خيري بشارة بعد جلسة طويلة مع حسين الإمام الذي قال إنه وجده في أفضل حالاته لياقة وحضوراً، وأعطاني التليفون ليبادرني حسين ضاحكا بأنه لن يسمح هذه المرة بتكرار ما حدث في "أهل كايرو"، وبرغم أنه لم يكن قد قرأ سيناريو المسلسل، إلا أنه أخذ بطريقته في الحكي المتدفق يقول إن الشخصية التي حكى له خيري ملامحها ذكرته بشخصية غريبة الأطوار كانت تعيش إلى جوارهم زمان وأنه قام بتقليد طريقته في المشي والكلام لخيري فمات من الضحك، وأنه خلال سفره إلى لبنان لإكمال دوره في مسلسل هيفاء وهبي الذي يشارك فيه وقتها، سيشتري للشخصية ملابس رآها في إحدى المحلات، قبل أن يقول ضاحكاً إنه قرر أن يستفيد من تجربة هيفاء وهبي، وتعرف على أكثر من خبير تجميل في بيروت، وأنه يمكن أن يلعب الآن نفس أدواره التي كان يلعبها قبل عشرين عاماً.
مع الأسف لم تكتمل التجربة لأن حسين كان قد بدأ التصوير قبلها في مسلسل آخر، وكان من الصعب تنسيق مواعيد التصوير بين المسلسلات الثلاثة التي كان يعمل فيها بنشاط وهمة، ولذلك جاء خبر رحيله صاعقاً لكل الذين رأوه خلال الفترة التي سبقت رحيله
مع الأسف لم تكتمل التجربة لأن حسين كان قد بدأ التصوير قبلها في مسلسل آخر، وكان من الصعب تنسيق مواعيد التصوير بين المسلسلات الثلاثة التي كان يعمل فيها بنشاط وهمة، ولذلك جاء خبر رحيله صاعقاً لكل الذين رأوه خلال الفترة التي سبقت رحيله، لأنه كان في قمة تألقه البدني والنفسي، خصوصاً أن تجربته في الإخراج فتحت نِفسه لإنجاز الكثير من المشاريع والأعمال التي اشتكت من كثرة ركنها في الأدراج والأرفف.
ترك حسين الإمام حباً جارفاً يسكن قلوب زوجته وأسرته وأصدقائه وجمهوره، وترك أعمالاً فنية مبهجة ومحاولات صادقة في التجديد برغم تعثرها، وترك عبرة مرتبطة بشخصه ومشواره تدعونا لأن نعُبّ الحياة عَبّاً بقدر ما استطعنا، وأن نعيشها بالطول والعرض قبل أن تُنتزع منا، ونتصالح مع كل ما تمنحه لنا دون أن نفقد رغبتنا المستمرة في مطاردة المزيد من الأحلام والبحث عن البهجة والرَوَقان.
ألف رحمة ونور عليك يا سِحس يا جميل.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...