بعد نحو شهرين من توجيه مشابه في العاصمة صنعاء، أصدرت الحكومة المعترف بها دولياً في اليمن تعميماً بإلزام المقبلين على الزواج إجراء فحوص طبية في إطار مساعيها لمكافحة انتشار الأمراض الوراثية والمرتبط بارتفاع معدلات زواج الأقارب في البلاد.
وفق التعميم الصادر الاثنين 22 آب/ أغسطس 2022، والموجه إلى "مدراء عموم مكاتب الصحة العامة والسكان بالمحافظات" و"مدراء المختبرات المركزية"، تلتزم المختبرات المركزية بإجراء "فحوص أمراض الدم الوراثية، والأمراض الفيروسية، وفصائل الدم وعامل الريزوس، وفحص الدم العام" قبل الزواج.
يأتي القرار بعد توجيه من وزارة العدل في صنعاء، في 7 حزيران/ يونيو 2022، إلى الأمناء الشرعيين "بتوعية وإرشاد الأهالي وطرفي عقد الزواج بإجراء فحص طبي قبل الزواج للحد من انتشار الأمراض المنقولة وراثياً ومنها مرض الثلاسيميا وانحلال الدم الوراثي".
يُذكر أن "وزارة الصحة ستتخذ الإجراءات اللازمة لتوفير الفحص في كافة المديريات" وأن القرار هدفه "مواجهة مخاطر أمراض الثلاسيميا وانحلال الدم الوراثي التي تنتقل بشكل أوسع عبر زواج الأقارب ممن يحملون المورثات المرضية وتنتقل منهم إلى أبنائهم".
"للحد من انتشار الأمراض المنقولة وراثياً"... تعميم في عدن وتوجيه في صنعاء بإجراء فحوص ما قبل الزواج، لتفادي تبعات #زواج_الأقارب "في أول إجراء من نوعه" في #اليمن
أول إجراء من نوعه في البلاد
والتحركان هما "أول إجراء من نوعه في البلاد" يسعى للحد من انتشار الأمراض الوراثية الناجمة عن زواج الأقارب الذي تُشير بعض التقديرات إلى أنه يناهز 50% من حالات الزواج في البلاد، وبخاصة في المناطق الريفية.
ومع استمرار الحرب للعام الثامن على التوالي في اليمن، وتدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وتدهور القطاع الصحي جراء انتشار الأمراض والأوبئة، يأمل المسؤولون اليمنيون أن تُسهم الخطوة غير المسبوقة في خفض معدلات إنجاب أطفال مصابين بأمراض وراثية.
ويُصر خبراء الصحة وعلم الاجتماع على أن بعض العادات تلعب دوراً في ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض الدم الوراثية في عدة محافظات يمنية، وأخطرها زواج الأقارب، الذي ينتج أطفالاً مصابين بأمراض وراثية وإعاقات دائمة تثقل كاهل الأسر والمؤسسات الحكومية بأعباء اقتصادية ونفسية واجتماعية ضخمة.
خطوة ضرورية ولكن
وبينما أشاد مواطنون عبر مواقع التواصل الاجتماعي بهذه التحركات باعتبارها "مهمة جداً" آملين تفعيلها والتشدد في تطبيقها، لفتت تصريحات سابقة لخبراء عن عراقيل من شأنها تهديد تنفيذها.
رغم إقرار بعض اليمنيين بأهمية فحوص ما قبل الزواج، يعتقد خبراء أن ضعف الوعي والاعتقاد الخاطئ بأن الفحوص تؤثر على عذرية الفتيات وارتفاع تكلفة هذه الفحوص عوامل قد تصد الناس عن إجرائها
في تقرير لمنصة "عوافي"، اليمنية المعنية بتوعية الجمهور لا سيّما في الشأن الصحي، نشرته في شباط/ فبراير 2022، بعنوان "أطفال ضحية عدم إجبارية فحوص ما قبل الزواج"، أوضح عدد من خبراء الصحة "ندرة" إجراء هذه الفحوص في اليمن بسبب عوامل عديدة.
من هؤلاء أخصائية النساء والولادة، د. هناء كامل، التي اعتبرت "ضعف الوعي" بأهمية فحوص ما قبل الزواج أبرز العوامل التي تؤدي إلى "نُدرة" إجرائها. كما أشارت إلى "اعتقادات مجتمعية مغلوطة" تتمثل في اعتقاد البعض أن أي فحص طبي قبل الزواج يؤثر على عذرية الفتاة.
ولفتت كامل إلى أن "عدم توفر هذه الفحوص في المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية" و"ارتفاع أسعارها في المستشفيات الخاصة التي تقدم الخدمة" من أسباب ضعف الإقبال عليها أيضاً، مردفةً بأن متوسط سعر فحص الفيروسات على سبيل المثال يناهز 20 ألف ريال أي نحو 30 دولاراً أمريكياً. ولا يُشير أي من التوجيهين في صنعاء أو عدن إلى "مجانية" الفحوص من عدمه.
أسرة واحدة من كل عشر أسر تكونت إثر "زواج أقارب" في محافظة إب (وسط اليمن) تعاني أمراضاً وراثية.
من جانبه، نبّه رئيس قسم علم الدم والمناعة في المختبرات اليمنية الأردنية الحديثة، د. حسن بوبل، في حديثه مع "عوافي"، إلى عدم وجود مختبرات متخصصة لإجراء بعض أهم الفحوص المطلوبة للمقبلين على الزواج في اليمن، ومن أهمها فحوص الدم وعامل ريسس.
وأوضح أنه بينما يشترط لتحقيق الفائدة من الفحص حضور الطرفين - الرجل والمرأة - غير أنه في حالات متكررة يحضر طرف واحد لعدم قدرته على إقناع الطرف الآخر بإجراء الفحوص، ما يجعل العملية "غير مجدية".
أما خبير الصحة الإنجابية طلال حيدر فقدّر أن أسرة واحدة من كل عشر أسر تكونت إثر "زواج أقارب" في محافظة إب (وسط اليمن) تعاني أمراضاً وراثية. واستند تقديره إلى عمله في المنطقة سنوات طويلة مع منظمات دولية ومحلية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...