شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
صراع بين نسويات سودانيات يضع مبدأ

صراع بين نسويات سودانيات يضع مبدأ "تصديق الناجيات" محل خلاف

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة نحن والنساء

الأحد 21 أغسطس 202204:59 م


طغى مؤخراً صراع حاد ومحتدم بين جيلين من النسويات السودانيات، نشب بين الجيل المؤسس والجيل التالي مباشرة، كانت ساحته البيانات والبيانات المضادة.

اشتعلت المعركة بعد انتشار صورة من أمام مركز رؤية للدراسات النسوية بالخرطوم، عليها عبارة بخط اليد، على طريقة "كتابة الشوارع"، تتهم مديرة المركز بالتحرش، مما أوقع صدمة وسط الكثيرين من الفاعلين والفاعلات في حقل النسوية.

اشتعلت المعركة بعد انتشار صورة من أمام مركز رؤية للدراسات النسوية بالخرطوم، عليها عبارة بخط اليد، على طريقة "كتابة الشوارع"، تتهم مديرة المركز بالتحرش، مما أوقع صدمة وسط الكثيرين من الفاعلين والفاعلات في حقل النسوية

"حياة مرئية"

 في أعقاب انتشار هاشتاغ "حياة مرئية"، الذي حبس الأنفاس في السودان وسط المثقفين وأساتذة الجامعات، وأظهر انتهاكا تاريخياً واسعٍ ومسكوت عنه للمرأة السودانية؛ تداولت الوسائط السودانية وبصورة موسعة صورة على لوح من الزنك كتبت عليها العبارة: "ت. ع (اسم مديرة مركز رؤية) متحرشة بالنساء #حياة مرئية".

 لكن البعض عزا ذلك للوقيعة بين النسويات، وصرفهن لمعارك أخرى تخصم من حضورهن القوي ومشاركتهن في الثورة السودانية، فيما طالب آخرون بإجراء تحقيقات موسعة حول القضية، سيما أن القانون السوداني لا يحمي الضحايا.

انقسم المجتمع النسوي السوداني ونشبت معركة حول العدالة النسوية والحقوق والامتياز  وتغيير موازين القوى، لم تتوقف حتى الآن.


عدالة تقاطعية

وحول الموقف من العدالة كموقف نسوي، قالت الناشطتان رؤيا حسن وويني عمر، في بيان لهما إن مركز رؤية للدراسات النسوية "يتحمل مسؤوليته عبر توقيف المديرة التنفيذية، والشروع في تحقيق مستقل، لتحقيق العدالة".

وكشف البيان عن "التلاعب بالجهود" عقب الإنخراط في نقاش طويل مع أخريات "ورأينا أن أي موقف لا يعبر عن ذلك لا يتماشى مع مواقفنا السياسية النسوية". مضيفاً أن تردد المركز في تبني الأدوات النسوية، "التى تبدأ صرامتها من أنفسنا كذوات فاعلة ومؤسسات تتحمل المسؤولية، وتتسق مع مبادئها، أمر مخيب للآمال". و "أن الحركات النسوية تُبنى عبر هزائمنا قبل انتصاراتنا و إحباطنا وأحزاننا قبل أفراحنا وفخرنا".

البعض عزا ذلك للوقيعة بين النسويات، وصرفهن لمعارك أخرى تخصم من حضورهن القوي ومشاركتهن في الثورة السودانية، فيما طالب آخرون بإجراء تحقيقات موسعة حول القضية، سيما أن القانون السوداني لا يحمي الضحايا

إشانة سمعة

لكن مركز رؤية وعبر بيان مضاد رأى أن الأمر برمته "محض إشانة سُمعة". وتابع البيان في نقاط توضيحية مقتضبة أن المركز يتبنى موقفاً ناصعاً ومناهضاً للعنف الواقع على النساء، والعنف الجنسي على الأخص ولا يجامل أو يتردد في إدانته من أي جهة، وغض النظر عن كينونة المتهم/ ة به .

وأضاف "إن المنشورات المحرضة ضد شخص مديرة المركز إعتماداً على صورة الكاتب بخط اليد على جدران مبنى المركز، وغير المدعمة بأي وقائع أو شهادة، هي محض إشانة سمعة. وسوف يقوم المركز باتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة لدعم مديرته وتبرئة سمعة المركز ".

وذكَّر البيان بمسيرة مركز رؤية "الطويلة المكللة بالإنجازات والمساهمات في العمل النسوي" وأنها تقوم على ركيزة الإلتزام بالمؤسسية والديمقراطية ومبادئ الإنصاف والعدالة، "وعليه فإننا لن نتوانى عن التحقيق حول أي اتهامات لأي من العاملات والعاملين بالمركز ، بغض النظر عن كون المتهمة أو المتهم شخصية قيادية بالمركز". 

لكن ناشطون رأوا في البيان دليل ادانة دامغ بالتستر وحماية المعتدين والمتحرشين، مطالبين بإيقاف المديرة وتشكيل لجنة تحقيق مستقلة مع حماية كل الناجيات، وفتح الباب لاستقبال شكاوى مماثلة.

ويرى الكاتب محمد دهب تبلو أنه من الوارد جداً أن تكون مديرة المركز ضحية صراع نفوذ وتباري من أجل صناديق الدعم داخل مؤسستها "ذات الدعم الأجنبي والصيت الدولي"، ويضيف على صفحته بـفيسبوك: "النضال النسوي عمل جبار، ولكنه برَّاق ومغرٍ لما يحويه من رفعة أخلاقية   واهتمام عالمي".

 ويضيف دهب: "إن حدث ذلك فعلاً  (أي الانقلاب النسوي في مركز رؤية)  بالنظر الى بيان ويني عمر  وصديقتها الانسلاخي، فهو أمر طبيعي وحتمي حاكته الرائدة النسوية ت.ع بيديها عندما صادقت على قاعدة العمل التي يقوم عليها قانون الحراك النسوي  في السودان والتي تنص على: ‘نصدق الناجيات بدون دليل’”.

ويصف الناشط هذه القاعدة بالـ"معطوبة وتجئ ضد قضية النساء -العادلة- أساساً".  

النساء للنساء

ترى الكاتبة النسوية الشابة رحمة جابر أن هناك صراع أجيال في الحركة النسوية السودانية. وأن تعامل الجيل السابق مع هذه القضية يوضح الرؤى المختلفة بين الجيلين، فهن- بحسب جابر- تضامنّ مع مديرة المركز كشخص، متجاوزات المبدأ، "لكنه في الحقيقة ليس صراعاً حول الامتيازات، بقدر ما هو صراع تضامني انفصالي، وهو بلا شك مُشكلة وعائق في طريق تكون حركة نسوية سودانية موحدة همها الأول والأخير القضايا لا الأفراد".

 وتورد جابر ما تم في جلسة مع المهتمات بالقضية من الجيل السابق، وحديثهن كثيراً عن الفجوة بين الجيلين، وعن رأيهن في مطالب الجيل الأحدث والتي هي بطريقة ما لا تمثلهن: "لا أجد أن هذه معضلة، فطبيعي أن تختلف المطالب حسب معطيات الوقت الذي نعيشه، واختيارهن الناعم للمحاربة بنفس أدوات المجتمع، في حين أن جيلنا يعتمد على المصادمة والجذرية". تختتم الناشطة النسوية حديثها لرصيف22 قائلة: "ما حدث له جانب مضيئ، فقد أوضح الشق في جزع الحركة، وبذلك يمكننا التعامل معه. وأوضح أيضاً أن المبدأ أولاً وكسر حاجز التقديس و التعظيم في كل السياقات في البلاد".

تعليب المطالب

تصف النسوية والناشطة ندى حفيظ، الصراع النسوي القائم لرصيف22 قائلة: "نحن إزاء صراع طبقي وصدام موازين قوى، ينطلق من الاختلاف حول الآليات والأدوات التي تتبناها كل مجموعة للتعامل مع القضايا النسوية". وتضيف "هو صراع بين حراك نخبوي وحراك النساء العاديات، وليس صراع بين جيلين".

وتؤكد أن منشأ هذا الصراع يأتي من أن النساء العاديات المساهمات في الحراك النسوي بالتصدي للعنف والاضطهاد عبر الممارسة الشخصية واليومية، يرين أن العمل النسوي النخبوي داخل إطار منظمات المجتمع المدني "يبتلع العمل النسوي بتعليب المطالب لتتواءم مع عالم منظمات المجتمع المدني الذي يتعامل مع القضايا بوصفها مشروعات، ويشترط لنجاح مشاريعه مدة زمنية محدودة، تعتمد في فعاليتها على تقارير ومؤشرات لا تستجيب لتغييرات الظروف الواقعية المحيطة".

وتضيف حفيظ "هذه المنظمات تقدم النساء وقضاياهن في أدوار سلبية، كمتلقيات للعنف والاضطهاد وغير قادرات على إحداث تغيير مباشر من مواقعهن، بإفتراض ان تحسين ظروفهن وأوضاعهن مرتبط تماما بنجاح مشاريع المنظمات المدنية، على حساب التغيير المجتمعي الجاد".

وترى أن هذا الأمر يجعل أصوات النساء "مختطفة ومرهونة بالمنظومة السياسية التقليدية أكثر من ارتباطها بحيواتهن".

وتختتم حفيظ حديثها قائلة إن كل حراك نسوي ينشأ ويتشكل وفق سياقات وظروف خاصة، "لذلك نرى في الحراك الحالي المتأثر بدرجة كبيرة بثورة ديسمبر أنه يسعى نحو عدالة اجتماعية شاملة، تعتبر أن القضايا لا تتجزأ ولا تتأجل".

ولضمان مستقبل للحركة النسوية ترى حفيط أنه يجب النظر للصراع والتعامل معه بصورة إيجابية. "فوجود حراك نسوي يعمل من خلال مؤسسات المجتمع المدني لا يعني أن هؤلاء النساء غير قادرات على المساهمة في الحراكات اليومية، بل العكس،هؤلاء النساء هن من بيدهن مَرْكَزَة أصوات الأقليات السياسية، بضم مطالبهن تحت مظلة المشاريع التي تعمل عليها هذه المؤسسات ورفع مطالبهن في سلم الأولويات داخل المنظومة". وتعلل "لأنه اذا لم يتم دمج هذه المطالب داخل عمل المجتمع المدني، سينتج انفصال تام للمجتمع المدني عن العمل النسوي".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

بالوصول إلى الذين لا يتفقون/ ن معنا، تكمن قوّتنا الفعليّة

مبدأ التحرر من الأفكار التقليدية، يرتكز على إشراك الجميع في عملية صنع التغيير. وما من طريقةٍ أفضل لنشر هذه القيم غير أن نُظهر للناس كيف بإمكان الاحترام والتسامح والحرية والانفتاح، تحسين حياتهم/ نّ.

من هنا ينبثق رصيف22، من منبع المهمّات الصعبة وعدم المساومة على قيمنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image