شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
التين الشوكي... فاكهة الغلبان وهدف المستثمر ونجم خيالات

التين الشوكي... فاكهة الغلبان وهدف المستثمر ونجم خيالات "الساحل"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 8 أغسطس 202206:01 م

 مع نهاية يونيو/ حزيران، يثبت وجوده في شوارع مصر على اختلاف محافظاتها؛ مستقراً على العربة الخشبية الشهيرة (الكارو) التي يدفعها صاحبها منادياً بصوتٍ منغم: "كوز العسل يا تين ... يا أبو الحلاوة يا تين".

إنه التين الشوكي، الفاكهة المتفردة التي تنبت وسط أشواك الصبار، نبات الشُحّ، لتسيل حلاوتها بوفرة. حجز التين الشوكي لنفسه مكاناً خاصاً في حياة المصريين، وظل معروفاً بينهم بلقب "فاكهة الغلابة"، لكنه أخيراً عرف طريقه للتجمعات السكنية الفاخرة، وقرى الساحل الشهيرة، والمجمعات الاستهلاكية الكبيرة. والأهم أنه صار يباع بدون شوك.

حجز التين الشوكي لنفسه مكاناً خاصاً في حياة المصريين، وظل معروفاً بينهم بلقب "فاكهة الغلابة"، لكنه مؤخراً عرف طريقه للتجمعات السكنية الفاخرة، وقرى الساحل الشهيرة، والمجمعات الاستهلاكية الكبيرة

من المزرعة إلى عربة البائع

المهندس أيمن الخطيب ليس مهندساً زراعياً متخصصاً في استصلاح الأراضي الرملية الصحراوية، بل هو مهندس برمجيات قرر إلى جانب مجاله الناجح والواعد أن يستثمر جانباً من مدخراته في مشروع يتصل بفاكهته المفضلة، وقبل خمسة أعوام حصل على بضعة فدادين على طريق الضبعة - صحراء متاخمة لشاطئ المتوسط غرب مصر- خصصها لزراعة التين الشوكي الذي يعد موطنه في مصر، في تلك المنطقة الشحيحة المياه العذبة والغنية بمزارع الصبار. 

يقول الخطيب لرصيف22 إن مصر تحتل مركزاً متقدماً بين الدول العربية في زراعة التين الشوكي، إذ تنتشر مزارعه في العديد من المحافظات المصرية، وأشهرها البحيرة والإسماعيلية والقليوبية والصعيد بشكل عام. وأرجع هذا الى انه زراعة غير باهظة التكاليف. وهو ما يجعلها مجزية مقارنة بمصاريفه. فعلى سببل المثال لا يتم ري التين الشوكي سوى خمس مرات في السنة.

بحسب المهندس الذي قرر الاستثمار في التين الشوكي، تبدا زراعته في فبراير/ شباط من كل عام، وتجنى ثماره في يوليو/ حزيران. وتستغرق دورة الزراعة الأولى عاماً، أي أن الشتلات تنبت التين بعد عام واحد من زراعتها لأول مرة، لكنه يؤكد أيضاً أن المزرعة لا تبدأ الإنتاج الكبير إلا بعد ثلاث سنوات. ويحتوي الفدان الواحد عادةً على 300 شجرة تين شوكي وينتج من 30 إلى 40 طناً سنوياً. 

ويؤكد الخطيب أن الزيادة الملحوظة في سعر التين الشوكي مرتبطة بمكان العرض وتوقيته. ففى بداية الموسم يصل سعر القفص إلى 150 جنيهاً بينما في نهايته لا يزيد عن 30. وسعره في الأحياء الشعبية أقل بكثير منه في الأحياء الراقية.

المهندس أيمن الخطيب ليس مهندساً زراعياً متخصصاً في استصلاح الأراضي الصحراوية، بل هو مهندس برمجيات قرر إلى جانب مجاله الناجح أن يستثمر جانباً من مدخراته في مشروع يتصل بفاكهته المفضلة "التين الشوكي"، لتنتقل حياته إلى "طريق الضبعة"

زيت التين  

بحسب الخطيب، محصول التين الشوكي يمكن أن يكون أساساً لصناعات عديدة أهمها استخراج الزيت من البذور وهو زيت معروف عالمياً يدخل في صناعة العديد من مستحضرات التجميل، يبلغ سعر اللتر منه 1500 يورو. "لكن للأسف هي صناعة غير معروفة في مصر حتى الآن، ليس فقط لارتفاع تكلفتها، وإنما أيضاً لصعوبة تسويقها. لذلك أغلب إنتاج مزارع التين الشوكي في مصر يتم تصديره للمغرب والجزائر والدول الأوربية وهي الدول التي سبقتنا بمراحل في انتاج زيت التين الشوكي وتصديره". 

عصير وأعلاف 

إلا أن فوائد التين الشوكي لا تتوقف عند الزيت وجمال الفاكهة، وذلك حسبما يؤكد الحاج أحمد السيد جوهر، صاحب مزارع للتين الشوكي بقرية النجاح في محافظة البحيرة، والذي ورث زراعة التين عن والده الذي بدأها في عام 1977.

يقول جوهر لرصيف22: "هناك مصانع – للأسف الشديد خارج مصر- تقوم بتصنيع ثمار التين الشوكي. فبعد عصره، تستخلص المادة السائلة وينتج منها عصير معلب. والمادة الجيلاتينية ينتج منها مربى التين. والبذور يستخلص منها الزيت، وما تبقى مع القشور يدخل في صناعة الأعلاف". ويرى جوهر أن زراعة التين الشوكي "استثمار مربح جداً لكن للأسف مصر لا زالت بعيدة عنه. فلايوجد بمصر سوى مصنع واحد للزيوت ينتج زيت التين الشوكي ضمن انتاجه لزيوت عديدة".

ويضيف أن زراعة التين الشوكي غير مكلفة مقارنة بغيرها، موضحاً أن زيادة الأسعار الواضحة في سعر التين الشوكي، جاءت نتيجة لزيادة تكلفة النقل، ما أدى إلى رفع تكلفة الزراعة والحصاد. 

أصفر سكري وأحمر فراولة

يلفت جوهر إلى أن هناك أنواعاً عديدة من التين الشوكي لكن "الأصفر السكري" هو الأكثر انتشاراً يليه "الأحمر الفراولة" الذي يدخل أغلبه في صناعة الصبغات. لذلك يكون الإقبال على زراعته ضعيفاًً "رغم أن التوسع في زراعته سوف يفتح مجالاً كبيراً لصناعة الصباغات والألوان في مصر" على حد قوله.

بحسب جوهر، بدأت زراعة التين الشوكي في الانتشار في مناطق جديدة، نظراً لربحها الكبير "بالإضافة إلى المحافظات التي اشتهرت بزراعته كالقليوبية، وبالتحديد منطقة ابو زعبل التي تعد بورصة التين الشوكي في مصر. ظهرت مزارع جديدة في سيناء ومطروح والوادي الجديد وأسوان ومنطقة الواحات، التي يتوقع أن تتصدر انتاج التين الشوكي في مصر خلال الأعوام القادمة".

تين بلا شوك 

يبيّن جوهر أن فكرة بيع التين المنزوع الشوك منقولة عن مشروعات أخرى، مؤكداً أنها "معروفة في مصر منذ ما يقرب من 35 عاماً"، ويوضح: "كنا نقوم بنزع الشوك يدويا لتحضير حبات التين الشوكي للتصدير. لكن مؤخراً ظهرت مصانع لنزع الشوك آلياً وهو الأمر الذي وفر الكثير من الوقت والجهد".

المهندس أسامة حسن صاحب أول محطة من نوعها في مصر لإزالة أشواك التين بمنطقة النوبارية التابعة لمحافظة محافظة البحيرة، أكد أن المحطة لديها أحدث آليات إزالة أشواك ثمار التين الشوكي بنسبة 99%

ويشرح: "يتم التعامل في المحطة على أكثر من مرحلة، أولاها مرحلة الفرز التي تتم آلياً لاستبعاد أي ثمرة بها عيب. ثم تبدأ مرحلة نزع الأشواك عن طريق الدفع الهوائي في ماكينة خاصة ليخرج التين خالياً تماماً من الأشواك، وهو الأمر الذي فتح أسواقاً جديدة لبيع التين الشوكي فأصبحنا نراه في المجمعات الاستهلاكية الكبيرة كغيره من الفاكهة. كما أصبح يباع (دليفيري)، ويتم توصيله للمنازل دون أن يضطر الزبون للوقوف في الشارع وتناوله كما هو معتاد، وذلك لأن تقشيره أصبح سهلاً وآمناً". 

"بجنيه الواحدة يا تين" 

برغم التطور في صناعة وتجهيز التين الشوكي في مصر، لا يزال لشكل بيعه التقليدي جاذبية الخاصة في شوارع البلد.

أحمد السيد، 25 سنة، يبيع التين الشوكي منذ خمسة أعوام. يقول إن سعر التين الشوكي في بداية الموسم كان بجنيه ونصف الجنيه للثمرة الواحدة، لكن سرعان ما تراجع إلى جنيه واحد. 

يواصل أحمد: "زبون التين عادة لا يهتم بالسعر، فالتين بشكل عام لا يعد سلعة غالية الثمن. لكن الزبون يهتم بنظافة البائع وطريقة العرض، وهذا ما جعلني اهتم بشكل العربة الخاصة بي وطريقة عرض التين وتقديمه للزبون".

يعرض أحمد بضاعته منذ التاسعة صباحاً حتى الثانية بعد منتصف الليل في شوارع حلوان، لكنه يحلم بالانتقال إلى أحد التجمعات الراقية. يقول: "هناك سعر الحبة الواحدة بخمسة جنيهات، وفي اسكندرية تباع الحبة بعشرة، لكن في قرى الساحل وصل سعر الحبة الواحدة إلى خمسين جنيه والثلاث حبات إلى مئة".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard