بعد أيام من التهديدات المبطّنة والمباشرة، وقع ما لا يُحمد عقباه وبدأت إسرائيل قصفاً جوياً عنيفاً على غزّة، وهو ما قلّب على الغزّيين والغزّيات ذكريات وكوابيس أربع حروب تعرّض لها القطاع المحاصر طوال أعوام 2008 و2012 و2014، والعدوان الدموي في مناسبات متكررة كان آخرها أيار/ مايو 2021.
حتى كتابة هذه السطور، بلغت حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي لغزّة 15 شهيداً، بينهم طفلة في الخامسة من عمرها وشابة ابنة 23 ربيعاً وسيدة مسنة، علاوة على نحو 125 مصاباً، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
طبعت الأحداث مواقع التواصل الاجتماعي للمواطنين الفلسطينيين، لا سيّما الغزّيين، وشاركوا المشاهد المروعة لمقتل الأطفال والنساء والشيوخ وتشييعهم، ولحظات الصدمة والألم لوداع الرفاق أو الآباء والأهل، ومقاطع تعكس فزع الأطفال من أصوات القصف، وصراخ الأمهات المكلومة على أبنائهن، وألعاب الأطفال بين الركام.
وكان هناك الكثير من القصص الإنسانية التي تداولها مشاركون، من أبرزها استشهاد الشاب يوسف قدوم الذي قضى والده عام 2002 برصاص الإسرائيليين وهو بعمر الرابعة فقط، ليُقتل هو الآخر في القصف الإسرائيلي الراهن في نفس عمر والده تقريباً.
"قلوب هذه المدينة كسيرة ولم تعد تتسع لكل هذا الفقد وهذه الخسارات"... غزّيون وغزّيات يؤكدون عدم اعتياد الحرب ويقولون إنها "في كلّ مرة مخيفة أكثر من السابق، لأنها تحمل كل ذكريات الحروب السابقة ولياليها وتفاصيلها"
وأيضاً الطفلة آلاء قدوم (خمس سنوات) التي راحت ضحية القصف وحملها ذووها في كفن أبيض بدلاً من أن تنعم بألعابها كما أقرانها الأطفال.
الغزّيون لم يألفوا الحرب
برغم مشاهد الدمار وأصوات القصف ورائحة الموت التي تكاد لا تفارق القطاع، فاح الخوف والقلق على النفس والأحباب من منشورات الغزّيين والغزّيات، فناموا وهم يعربون عن خشيتهم مساءً بلا صباح، واستيقظوا على "صباح الشهداء".
غرّدت نور مساءً: "خايفة يغلبني النوم وأغفى وأنام وأصحى مرعوبة على حزام ناري زي الحرب الماضية. يا الله ربنا ما يعيدها من أيام". واستيقظت وهي تشكو "أثقل صباح على قلوب أهالي الشهداء".
وأوضحت الصحافية الفلسطينية مرح الوادية أن "حلول الليل في ‘الحرب‘ يربكنا. الجو حار. الكهرباء مقطوعة. المياه مقطوعة. طائرات الاستطلاع ‘الزنّانة‘ تحلّق فوق رؤوسنا، وأخرى حربية. نترقب ونحن ننظر بعضنا إلى ونتمنى النجاة، أو الموت مرّة واحدة! هذه حقيقة، تمنينا الموت في العدوان على أن نفقد أحدنا ونعيش الموت الأعظم أحياء!".
الأمر نفسه أكدته مواطنتها الصحافية علا عطا الله، التي قالت: "‘لو صارت حرب ياريت نموت كلنا سوا‘، هذه من أكثر العبارات المؤلمة والصادقة التي ستسمعها في غزة ويرددها الصغير والكبير".
في #غزّة "نترقب ونحن ننظر بعضنا إلى بعض ونتمنى النجاة، أو الموت مرّة واحدة! هذه حقيقة، تمنينا الموت في العدوان على أن نفقد أحدنا ونعيش الموت الأعظم أحياء!"
وأردفت أن "قلوب هذه المدينة كسيرة ولم تعد تتسع لكل هذا الفقد وهذه الخسارات" وأن "دموع الأمهات ودماء الأطفال والصرخات التي تهز البيوت… هذا الخوف الذي تعيشه غزة في كل مرة وهذا الحزن الذي يبدو وكأنه أبدي، سيبقى يجثم على قلب المدينة ولن ينتهي إلا بزوال الاحتلال".
أما بيان أبو سلطان فاستنكرت كيف استحال بها وبأبناء شعبها الحال من "كنّا بدنا نعيش، صرنا بدناش نموت".
كوابيس الحروب السابقة
وشدد الكثير من المعلقين على أن الحرب تبقى حرباً ولا يمكن اعتيادها وأن الشهداء ليسوا أرقاماً. من هؤلاء الكاتب الفلسطيني المقداد جميل الذي قال إن "الحرب في كلّ مرة مخيفة أكثر من السابق، لأنها تحمل كل ذكريات الحروب السابقة ولياليها وتفاصيلها، وتحمل الخوف من تكرارها، واحتمال تكرار المشاهد ‘المتعددة‘، وطرق الموت المختلفة التي بتزيد أشكالها في كلّ حرب".
وكتبت زينب القلق التي فقدت 22 من أفراد عائلتها في العدوان الإسرائيلي العام الماضي: "محدش قادر يحس بشعوري والأرض رجعت تنهز من تحتي، لسه برجع أعيش نفس المشاعر التعيسة، لسه كوابيسي واقع. مراراً وتكراراً الله يلعنكم".
"تصعيد زي هاد رجعني لحالة الإنسان الغزاوي الأول"... حتى أولئك الذين غادروا غزّة واستقروا لسنوات خارجها، أحيا العدوان الإسرائيلي على #غزّة مخاوفهم وذكريات الرعب في عقولهم
حتى أولئك الذين غادروا غزّة واستقروا لسنوات خارجها، أحيا القصف مخاوفهم وذكريات الرعب في عقولهم. قالت الكاتبة الغزّية أسماء الغول: "قبضة قلب الناس في غزة تحت القصف لا يشعر بها سواهم. نحن قد نتذكرها ونتوتر، لكن ذاك الخوف الذي له مذاق، يُصاب به من ينتظر الموت فقط".
وأضاف مواطنها الكاتب والناشط مصطفى سالم: "ما في شيء اسمه تعودنا على الحرب! أول مرة شفت طائرة مروحية خارج #غزة كنت بجامعة #القاهرة وكل الطلاب بالساحة ضحك على ردة فعلي يومها. وفي #ماليزيا كنت أصحى من النوم على صوت الرعد أفكر الحرب قامت، ولليوم كل ما أسمع صوت طيارة بقول #هولندا دخلت الحرب. ما أبشع الحرب وما أسوأ الاحتلال!".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون