شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
شيزوفرينيا السياسة الأردنية... الملك يدعو الشباب للانخراط في الأحزاب والمخابرات تستدعيهم!

شيزوفرينيا السياسة الأردنية... الملك يدعو الشباب للانخراط في الأحزاب والمخابرات تستدعيهم!

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 26 يوليو 202203:58 م

فيما يدعو العاهل الأردني، عبد الله الثاني، شباب المملكة للانخراط في الحياة الحزبية والسياسية في بلاده، تلاحق الأجهزة الأمنية الشباب وتعاقب المنخرطين منهم في المربع السياسي الحزبي، وتحديداً في المعارضة الأردنية.

ماذا تطلب الدولة من الأحزاب؟

حديث العاهل الأردني، جاء خلال لقاء صحافي مع جريدة الرأي (الرسمية)، وسط تأكيده أن الأبواب مفتوحة أمام الشباب لقيادة مسيرة التحديث، لكن عليهم -حسب حديث الملك- ألا ينجرّوا خلف الشعارات الشعبوية، بل أن ينخرطوا في البرامج الواقعية والقابلة للتطبيق، فـ"الجيل الجديد يعرف ما يريد".

يرى العاهل أن المطلوب من مؤسسات الدولة والقوى السياسية، تبديد مخاوف الشباب من العمل الحزبي، و"بناء نموذج ديمقراطي، كما أن الحديث عن قانون أحزاب ليس موجهاً إلى الأحزاب القائمة فحسب، بل إلى المجتمع الأردني، فلم يعد العمل الفردي منتجاً"، وأن المطلوب أيضاً "عمل جماعي على أساس أحزاب برامجية، تمثل الجميع وتسهم في ظهور نخب جديدة في الدولة ومؤسساتها. ويجب أن يكون الحوار هو الأساس لإقناع الشباب بالبرامج التي تعبّر عن تطلعاتهم وأفكارهم".

كما يعتقد الملك أن الدولة بمؤسساتها كلها، وجهت رسالةً جديةً لها أصل دستوري وقانوني، تدعو الجميع للمشاركة في العمل الحزبي الذي لا يقبل الملك نفسه، بإعاقته أو تعطيله أو مضايقة المنتسبين إليه من أي جهة كانت، طالما أن هذا العمل لا يخرج عن القانون، بل يجزم رأس الدولة ويؤمن بأن دور الدولة هو تسهيل عمل الأحزاب وتوفير البيئة التي تشجع العمل الحزبي والمشاركة السياسية.

يبدو واضحاً الانفصال والانفصام بين الواقع والخيال، فحديث العاهل الأردني، يدعو شباب بلاده للانخراط في العمل الحزبي والتعبير عن آرائهم، بينما يحاكَم العشرات من أبناء الحراك الشعبي بتهم "فضفاضة"، حسب حديثهم

شيزوفرينيا السياسة الأردنية

تأتي تصريحات الملك، مع استمرار الانتهاكات المسجلة بين صفوف الأردنيين الحزبيين والمعارضين، وحتى بين طلبة الجامعات المنخرطين في العمل الطلابي من أبناء الأحزاب السياسية، مع تساؤلات خافتة حول جدّية النظام وعلى رأسه الملك ذاته، في قيادة مرحلة جديدة للعمل الحزبي في المملكة التي صبأت عن التجارب الحزبية عقوداً طويلةً.

يبدو واضحاً الانفصال والانفصام بين الواقع والخيال، فحديث العاهل الأردني، يدعو شباب بلاده للانخراط في العمل الحزبي والتعبير عن آرائهم، بينما يحاكَم العشرات من أبناء الحراك الشعبي بتهم "فضفاضة"، حسب حديثهم، وأبرزهم الشاب أنس الجمل، الذي يحاكَم بتهمة "تعكير صفو العلاقات مع دولة صديقة"، لمجرد التعبير عن رأيه في تغريدة على تويتر.

تصريحات الملك ليست جديدةً، بل مكررة، وقد تعدّها الدولة العميقة (الأجهزة الأمنية والمخابراتية)، تحريضاً وتهديداً ضد السلم المجتمعي والأمني، في حال تحدث بها أمين عام حزب أو نائب معارض أو قيادية حزبية، كما يعلق أحد الحزبيين، وهو المفهوم العام عن الأحزاب في الأردن، ففي حال جاء أحد رفاقك وطالبك بالانتساب إلى حزب ما فسيكون ردك: "أعوذ بالله يا رجل، شو مجنون أنت!".

الواقع الأردني لا يتقاطع مع تصريحات العاهل الأردني، إذ يبدو أن الملك يتحدث عن الحياة الحزبية في واشنطن وليس في عمّان! أو كأنه يدعو سكان العاصمة الأمريكية للانتساب إلى الأحزاب وليست دعوته دعوةً أردنيةً لمواطنين أردنيين، يعرفون الواقع جيداً ويعرفون أن الانتساب إلى أحد الأحزاب "الحقيقية" التي لا تدار من قبل أجهزة الدولة، تعني أن لا وظيفة لهم ولأبنائهم أو أن سيرة حسن السلوك قد لا يحصلون عليها وقد يُمنعون من السفر أو تُحتجز جوازاتهم لدى المخابرات العامة، لمجرد الانتساب إلى حزب، ناهيك عن الاعتقال أو التوقيف في حال الخروج في مظاهرة سلمية.

الواقع الأردني لا يتقاطع مع تصريحات العاهل الأردني، إذ يبدو أن الملك يتحدث عن الحياة الحزبية في واشنطن وليس في عمّان! أو كأنه يدعو سكان العاصمة الأمريكية للانتساب إلى الأحزاب وليست دعوته دعوةً أردنيةً لمواطنين أردنيين، يعرفون الواقع جيداً

يظهر استطلاع رأي، صدر مؤخراً عن مركز مؤشر الأداء-كفاءة، أن 46% من الأردنيين يعزفون عن العمل الحزبي لأسباب أمنية، وبمقارنة أسباب العزوف بين من سبق ومن لم يسبق لهم الانتساب إلى الأحزاب، فقد أجاب 54.3% ممن انتسبوا سابقاً بأن أسباباً أمنيةً وراء عزوف الأردنيين عن الانتساب إلى الأحزاب، بينما جاءت النسبة مغايرةً عند من لم يسبق لهم الانتساب وبلغت 43%.

ملاحقة مستمرة للحزبيين

مشهد الملاحقة الأمنية للحزبيين مستمر منذ سنوات طويلة، لم يتوقف مع انطلاق مسيرة التحديث السياسي التي شهدتها المملكة، كما يؤكد أمين سر حزب جبهة العمل الإسلامي، ثابت عساف، مدى استمرار الملاحقة الأمنية للمنتسبين إليه، خاصةً الشباب.

يكشف عساف، لرصيف22، عن استقالة أكثر من 15 عضواً من الحزب خلال العام الماضي، جرّاء الضغوط الأمنية، فيما جرى توقيف رئيس القطاع الشبابي في الحزب، في المطار، لمدة من الوقت خلال عودته إلى الأردن الأسبوع الفائت، بعد مشاركته في مؤتمر حزبي، من دون ذكر سبب التوقيف من قبل الأجهزة الأمنية.

تستمر التصريحات الملكية وغيرها عن ضرورة انخراط الشباب الأردني في العمل الحزبي والانتساب إلى الأحزاب، إلا أن الواقع العام في المملكة، لا يبدو أنه تغيّر كثيراً عن السابق، فالملاحقات الأمنية والاستدعاءات والتوقيفات لا تزال قائمةً وتتوسع!

وفي واقعة حديثة لا تختلف عن الواقع الحزبي في الأردن، قدّم عضو (شاب) من حزب جبهة العمل الإسلامي، طلباً لدى دائرة المخابرات لتجديد رخصة "دراجة نارية"، ليعمل عليها في توصيل الطلبات مقابل أجر، الأمر الذي قوبل بالرفض من قبل الأجهزة مشترطين عليه استقالته من الحزب، وهو ما تم فعلاً.

أما عضو حزب الوحدة الشعبية، علاء حجة، فيتحدث عن استمرار الاستدعاءات الأمنية بحق أعضاء الحزب وتحديداً فئة الشباب، بناءً على نشاطهم الحزبي فقط، بالإضافة إلى تهديد الأجهزة الأمنية والمخابرات لأعضاء الأحزاب من الفئات الأصغر سناً بعدم السماح لهم بالعمل أو السفر أو تجاوز ذلك كله بتهديدهم بقطع أرزاقهم.

يذكر حجة لرصيف22، استدعاءات أمنيةً للطلبة من أعضاء كتلة التجديد الجامعية تتم عن طريق عمداء الجامعات لمراجعة الفروع المخابراتية، مؤكداً على عدم وجود جدية رسمية للشروع في الإدماج في العمل السياسي والحزبي، فمنذ توقف الأحكام العرفية لغاية اليوم، لا يوجد تقدّم في العمل السياسي العام، بالرغم من كثرة التصريحات.

تستمر التصريحات الملكية وغيرها عن ضرورة انخراط الشباب الأردني في العمل الحزبي والانتساب إلى الأحزاب، إلا أن الواقع العام في المملكة، لا يبدو أنه تغيّر كثيراً عن السابق، فالملاحقات الأمنية والاستدعاءات والتوقيفات لا تزال قائمةً وتتوسع!


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image