شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
من تشييد الحضارات إلى العجز عن ترميم الآثار التاريخية... أجمل ‏مساجد إيران يتعرض للتشويه

من تشييد الحضارات إلى العجز عن ترميم الآثار التاريخية... أجمل ‏مساجد إيران يتعرض للتشويه

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الثلاثاء 26 يوليو 202201:36 م

لا يفوت أي سائح أجنبي في إيران، زيارة إصفهان أجمل المدن الإيرانية وأشهرها عالمياً، والتي كانت عاصمة إيران خلال عدة قرون، كما أنه لا يمكن ‏تصور زيارة المدينة دون الحضور في ساحة "نقش جهان" التي سجلتها ‏منظمة اليونسكو ضمن التراث العالمي.‏

تضم ثاني أكبر ساحات العالم وسط إصفهان، قصر "عالي قاپو" ورواق "‏قيصرية" ومسجد الشيخ صفي ومسجد الشاه، نسبة لشاه عباس الصفوي ‏الأول الذي أمر بإنشاء هذه الساحة في القرن السابع عشر الميلادي.‏

في جنوب الساحة التي تمتد لنحو 512 متراً وعرض 163 متراً، ويحيط بها "‏بازار إصفهان" التاريخي، والتي كانت تعتبر موقعاً حكومياً واجتماعياً ودينياً خلال ‏العهد الصفوي، يقع مسجد الشاه وقد سمّي بـ"مسجد الإمام" بعد الثورة الإسلامية في إيران. وهذا المسجد فائق الجمال لا بد من زيارته ‏لكل من يحلّ بهذه المدينة ويزور ساحتها التراثية، فهنا إحدى أفخم الآثار الإسلامية ‏الرائعة عالمياً، ولربما تستوجب زيارته على السيّاح لأنه المسجد ‏الوحيد الذي يمنحهم الفرصة ليصدحوا بما يحبّون من كلمات تحت قبته العالية، ‏والتي تسمى بـ"قبة الصدى"، وقد صممت بشكل يتضاعف عبره صوت المؤذن تحت القبة ‏إلى 7 أضعاف من خلال تردد الصوت على زوايا الجدران، ‏أما الآن فهو موقع سياحي ينفرد بهذه الميزة بين بقية جوامع البلاد التاريخية، ‏فتجتمع الوفود تحت القبة ليستمتعوا بأصوات العابرين.‏

نشر أحد المصورين المحليين صورة جديدة للقبة الزرقاء بعد ‏ترميمها إلى جانب صورة قديمة لها، وقد ظهرت العيوب الهندسية ‏وعدم تطابق نماذج الزهور المميزة على تصميم القبة الجديد

ولما للجامع من مكانة خاصة في نفوس السياح الأجانب وتوقهم لزيارته ‏والوقوف تحت قبته عند تواجدهم ببلاد فارس، فيحظى باهتمام ‏الكثير داخل إيران كرمز من رموز إيران الفنية، حيث يتمتع بتشكيلات ‏جذابة من البلاط الأزرق والأصفر اللامع، إضافة إلى القاشاني ذي ‏الرسوم المزخرفة الذي يكسو جدرانه الداخلية والخارجية.

خلال الأيام الأخيرة أثارت ‏أنباء عن تعرض قبة المسجد لأضرار أثناء عملية الترميم حفيظةَ الكثير ‏من المهتمين بالتراث والفن في إيران.


تشويه القبة بعد عملية ترميم دامت لـ11 سنة

نشر أحد المصورين المحليين صورة جديدة للقبة الزرقاء بعد ‏ترميمها إلى جانب صورة قديمة لها، وقد ظهرت العيوب الهندسية ‏وعدم تطابق نماذج الزهور المميزة على تصميم القبة الجديد.

وتساءل رواد منصات التواصل عن مدى الفجوة الحاصلة بين إيران ‏التاريخية التي كانت تدشن مثل هذا التحف الفنية المعمارية الفريدة على صعيد ‏العالم الإسلامي، وإيران اليوم التي تعجز عن ترميم هذه النوادر، فما بالك بإنشائها.


قبة مسجد شاه قبل الترميم الأخير وبعده

وعلّق المهتم بالحضارة الإيرانية أُميد شُكُوهي على الصورة موضحاً: ‏‏"منذ عام 2011 بدأت عملية ترميم قبة مسجد شاه إصفهان، فجاءت ‏النتيجة تشویهَ قوس القبة وتغيير ألوان نماذجها".‏

وبعد مناشدات المهتمين بالتراث وخبراء الفن المعماري والأكاديميين ‏ووسائل الإعلام المحلية، اعترف المسؤولون المعنيون بتلك العيوب، ‏وأكدوا على إصلاحها في "أول فرصة متاحة" حسب قولهم. ‏

وشرح مدير العلاقات العامة بإدارة التراث في مدينة إصفهان شَهرام ‏أميري، تفاصيل عملية ترميم أضخم قبة في البلاد، وأعلن أنه تم ترميم ‏القبة لأربع مرات متفاوتة خلال القرن الماضي عبر أبرز المعماريين ‏المحليين.‏

ترميم ما أتلفته عملية الترميم المنتهية

وأكد أميري أن عملية الترميم الأخيرة قد انتهت قبل ثلاثة أشهر بعدما استغرقت ‏فترة طويلة دامت 11 سنة بسبب قلة الميزانية المخصصة في الأعوام ‏الماضية، وقال: "نظراً إلى أن هناك احتمالية عن وجود أضرار على القبة ‏ناجمة من ثقل السقالات المستخدمة طوال سنوات الترميم، فيسقوم ‏المشرفون المرممون خطوة بخطوة لإزالة هذه السقالات، وتعديل ‏الأضرار الواردة". ‏وأكمل أميري أنه عند إزالة سقالات الجزء العلوي من القبة الشاهقة، ‏اتضح أن هناك تشويهاً واعوجاجاً، فقبل المقاول بالعيوب، وسوف يعمل ‏على ترميمها من جديد. ومن جهته أعلن المسؤول عن مشروع ترميم ‏المسجد مهدي پاكدِل، أن العمل لم ينته بعد، ووعد بإصلاح الأمر.‏


وبينما كشف الخبير في شؤون الهندسة المعمارية مرتضى فِرِشته نِجاد، ‏عن عدم اهتمام مسؤولي الحكومة السابقة بإقامة مؤتمر نقد الترميم ‏بمشاركة أساتذة الفن من أنحاء البلاد كي يشرفوا على العمل في ‏إصفهان، أفصح المشرف على عملية ترميم المسجد أنه لم يخبرنا أحدٌ ‏بعيوب العمل في الماضي، ولكننا سوف نعمل بجدية على ترميم ما أُتلف من ‏حواف البلاط، لأن ذلك يتعلق بسمعة البلاد.‏

تساءل رواد منصات التواصل عن مدى الفجوة الحاصلة بين إيران ‏التاريخية التي كانت تدشن مثل هذا التحف الفنية المعمارية الفريدة على صعيد ‏العالم الإسلامي، وإيران اليوم التي تعجز عن ترميم هذه النوادر

وأشار پاكدِل إلى تحديات العمل المتمثل بارتفاع القبة الشاهق، والذي ‏يقدَّر بحوالى 54 متراً والقاعدة الكروية التي تكثر فيها النقوش، واصفاً ‏أن هذا الجامع هو تراث عالمي، فقد بني خلال ما يعرف بـ"العصر ‏الذهبي" لإصفهان، عاصمة الدولة الصفوية، وثالث أكبر المدن الإيرانية.‏

تمثال وسط طهران بلونين مختلفين

وفي حادث مشابه لعدم اكتراث المعنيين بالتراث الإيراني، نشر ‏النحات بيجَن غُنجه پور، صورة لتمثال الشاعر الإيراني الشهير ‏أبي القاسم الفردوسي بلونين مختلفين، حيث انتقد تصرفات البلدية ‏تجاه هذه التحف الفنية في العاصمة طهران. وهذا التمثال قد صنعه الرسام والنحات الإيراني أبو الحسن صديقي قبل 63 عاماً، ويعتبر عملاً فنياً بارزاً يزين وسط العاصمة طهران.


وبعدما تعالت الأصوات من قبل بقية النحاتين والفنانين، تبيّن أن المقاول لم ‏ينفذ عملية الغسل والتنظيف بشكل جيد، مما تسبب بتشوه صورة هذا ‏النصب التذكاري الواقع في ساحة "فردوسي" وسط طهران، وقد وعدت ‏البلدية بمتابعة الأمر.‏

وأشار مدير المتاحف والممتلكات المنقولة التاريخية في وزارة التراث ‏مرتضى أديب زاده، أن عملية تنظيف التمثال لم تتم وفق القواعد ‏الأساسية، كما أن العمل نُفّذ دون التراخيص اللازمة من الوزارة، وأشار إلى عمليات تدمير التماثيل في ساحة العاصمة في الماضي ومخالفتها للتنمية الحضرية، وحذر من وقوعها مرة أخرى.‏

وتفاعل رواد المنصات حول سوء الإدارة، حيث كتب أحدهم: "ترميم ‏وتجديد تمثال فردوسي الذي يعود تاريخه إلى 63 عام تمّ بالمواد ‏الكيميائية"، وأرفق وسم الحكومة الفاشلة. أما الصحافية المختصة في علم ‏الاجتماع آزاده مختاري، فقد أعلنت أن أثناء عمل المقاول على تنظيف ‏تمثال فردوسي، تغير المسؤول المعني في بلدية طهران، وتُرك الأمر، ‏فبقي التمثال بلونين مختلفين.‏ 

یعتقد المراقبون أن أسباب عدم الاهتمام بالتراث والبيئة في إيران تعود إلى الفكر الجامد ‏لمسؤولي الحكومة المحافظة، كما ‏أنها لم تستفد من الطاقات الفنية والتخصصية والأكاديمية الإيرانية ‏في خارج البلاد لأسباب سياسية، مما جعل البلاد يواجه أزمات كارثية ‏في مجال الحفاظ على البيئة والتراث والتي تسارعت وتيرتها في الآونة الأخيرة.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard