شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
أفيف كوخافي في المغرب... ما هي أسباب الزيارة وأبرز مخرجاتها؟

أفيف كوخافي في المغرب... ما هي أسباب الزيارة وأبرز مخرجاتها؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الجمعة 22 يوليو 202205:37 م

التعاون في مجالات التدريب العسكري وتبادل الخبرات، وتطوير الأسلحة، والمجال الاستخباراتي، بين الرباط وتل أبيب، أبرز المحاور المعلنة لزيارة رئيس الأركان الإسرائيلي أفيف كوخافي، والتي بدأت الثلاثاء 19 تموز/ يوليو، إلى المغرب، واستمرت ثلاثة أيام، في أول زيارة رسمية من نوعها لمسؤول عسكري إسرائيلي، منذ توقيع اتفاق التطبيع بين الجانبين في كانون الأول/ ديسمبر 2020.

من تجديد العلاقات الدبلوماسية، إلى مشاركة إسرائيل في مناورات الأسد الإفريقي في المغرب، مروراً بتوقيع الاتفاقيات وتبادل الاتصالات الأمنية، وصولاً إلى الزيارة العسكرية الأخيرة، محطات مختلفة تضمّنها خط زمني نشره المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، عرضت مراحل تطور العلاقات الأمنية بين الرباط وتل أبيب، التي تعكس سعي الدولتين إلى التسريع في تعزيز تعاونهما العسكري لمواجهة مخاوف مشتركة لديهما لم تعلن عنها البيانات الرسمية.

حسب بيان للقيادة العامة للقوات المسلحة الملكية، تعكس الزيارة الرسمية الأولى التي يقوم بها مسؤول عسكري إسرائيلي بهذا المستوى، "الطموح والرغبة المشتركة في تعزيز العلاقات خدمةً لأهداف السلم والاستقرار في المنطقة"، مشيراً إلى أنها مكّنت "من بحث فرص تطوير أفضل لمحاور التعاون الذي يتعلّق أساساً بالتكوين، ونقل التكنولوجيا، وكذا تقاسم التجارب والخبرات بين القوات المسلحة الملكية والقوات الإسرائيلية".

من جهته، قال الجيش الإسرائيلي في بيان، إن رئيس أركانه الذي يزور المملكة على رأس وفد عسكري رفيع المستوى "ناقش فرص التعاون العسكري، سواء في التدريبات أو في المجالات العملياتية والاستخباراتية"، مشدداً على وجود مصالح مشتركة بين البلدين في الشرق الأوسط.

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، بالتزامن مع الزيارة التي استغرقت ثلاثة أيام، عن تسريع اتفاق سابق يعزز الترسانة العسكرية المغربية بطائرات "انتحارية"، تحصل بموجبه الرباط على مجموعة من الطائرات المسيرة الإسرائيلية من نوع "هاروب"، والمعروفة أيضاً باسم "كاميكازي"، ويصل مداها إلى ألف كلم، وتحمل نحو 20 كيلوغراماً من المتفجرات، ويمكنها البقاء في الجو لمدة تصل إلى سبع ساعات".

فما هي المخاوف؟ وماذا يستفيد الطرفان؟ وما أبعاد تعزيز العلاقات المغربية الإسرائيلية؟

تهديد إيراني؟

يرى العميد الأمني المغربي المتقاعد محمد أكضيض، في حديث إلى رصيف22، أن الزيارة تدشين للتعاون العسكري الميداني بين الجانبين في عدد من الملفات، منها مواجهة التهديد الإيراني في إفريقيا، الذي يُعدّ من أبرز دوافع توجه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إلى المغرب، بغضّ النظر عن بعده الجغرافي وحجم خطورته الصغير مقارنةً بحجم التهديد في الشرق الأوسط.

كشفت وسائل إعلام إسرائيلية، بالتزامن مع الزيارة التي استغرقت ثلاثة أيام، عن تسريع اتفاق سابق يعزز الترسانة العسكرية المغربية بطائرات "انتحارية"

ويضيف موضحاً: "التهديد في هذه الواجهة يستهدف بالتحديد المصالح الاقتصادية لتل أبيب، ومنها الخط التجاري بينها وبين إفريقيا وأوروبا"، وهي تحاول من خلال التعاون مع الرباط، تأمين خطها التجاري وعدم السماح بتضرر مصالحها، مشيراً إلى أن المغرب بالإضافة إلى كونه بوابةً للقارة الإفريقية، يملك منظومةً أمنيةً متميزةً تتوفر على قاعدة بيانات ومعلومات واسعة.

تحدث الخبير الأمني عن كمون الخطر الإيراني تحديداً بجوار المغرب، حسب تعبيره، من خلال فتح الجزائر أبوابها للحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني "اللّذين يتعاونان مع الجزائر وجبهة بوليساريو، ما يشكل خطراً على الأمن القومي المغربي"، لافتاً إلى أن التحالف الجزائري مع إيران لن يخدم لا الجزائر ولا المنطقة.

تعزيز الترسانة العسكرية

ولفت الخبير الأمني محمد أكضيض، إلى أن الزيارة تندرج، بالنسبة إلى الرباط، ضمن تعزيز منظومة الدفاع المغربية، ومنها القبة الحديدية والتكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية المتطورة، مشيراً إلى أنها اتفاقيات تُضاف إلى أخرى سابقة أبرزها مع الولايات المتحدة الأمريكية التي تُعدّ مصدر السلاح الأول للمغرب، بالإضافة إلى فرنسا وتركيا والصين.

وأشار إلى وجود اهتمامات مشتركة بين المؤسستين الأمنيتين الإسرائيلية والمغربية، خاصةً في ما يتعلق بمحاربة الإرهاب، لافتاً إلى أن إسرائيل تتوفر على جهاز استخباراتي قوي، بالإضافة إلى شراكات داخل إفريقيا ومع الدول العظمى، ما قد يساعد المغرب "في مواجهة خطر الجماعات الإرهابية التي انتقلت من الشرق الأوسط إلى دول جنوب الصحراء مهددةً أمنه وأمن أوروبا، خاصةً بعد انسحاب فرنسا من مالي".

"إذا كان هدف إسرائيل من التعاون محاربة إيران، فإن المغرب هدفه تأمين سيادته الوطنية، وبهذا يتميز لأنه لا يدخل في تحالفات، بل يتحرك وفق شراكات وتعاون"

وشدد الخبير الأمني على أن المغرب حريص على بناء قواته المسلحة ومنظومته الأمنية بهدف تأمين سيادته الوطنية في مواجهة التهديدات القادمة من الحدود الجنوبية، خاصةً مع تخلّي جبهة بوليساريو (المطالِبة باستقلال الصحراء الغربية والمدعومة جزائرياً)، عن العمل باتفاقية وقف إطلاق النار الأممية، وتهديدها المستمر بقصف المغرب، مشيراً إلى أن الرباط تسير بوتيرة مرتَّبة في سباق التسلح، ومواجهة هذه الأخطار.

وقال المتحدث ذاته، عن التعاون في مواجهة التهديد الإيراني: "إذا كان هدف إسرائيل من التعاون محاربة إيران، فإن المغرب هدفه تأمين سيادته الوطنية، وبهذا يتميز لأنه لا يدخل في تحالفات، بل يتحرك وفق شراكات وتعاون".

تحسُّب لموجة التغيير

من جهته، عدّ المحلل السياسي هشام توفيق، الزيارة تمهيداً لفخ "الدمج المبكر لإسرائيل في المنطقة العربية، خاصةً بعد فشل هذا المخطط من جهة دول الخليج التي رفضت تشكيل ناتو عربي إسرائيلي ينوب عن الفراغ الأمريكي"، مشيراً إلى أن هذا الدمج إذا كان مفيداً لدولة عربية ما، فنفعه يقتصر على تدريب مخابراتها وجيشها عن طريق لواء البحوث الإسرائيلي، تحسباً لأي تغيير قادم من الشعوب من شأنه تهديد المصالح الإسرائيلية في المنطقة.

وتحدث إلى رصيف22، عن دور لواء البحوث الاستخباراتي، الذي حضر رئيسه الزيارة العسكرية الأخيرة إلى المغرب، في تحديد التهديدات وبنك الأهداف، "وهو الجهاز البحثي نفسه الذي كان يحضر لقاءات خاصة مع أنظمة عربية بجانب مسؤولي الجيش الإسرائيلي، بهدف اختراق المخابرات العربية والجيوش التي تعاني من ثورات شعبية أو قد تعاني منها مستقبلاً".

وحذّر توفيق من خطر سقوط المغرب في "فخ الدمج المبكر"، ودخول المنطقة المغاربية في فوضى بسبب "الاقتناع بفكرة وهمية حول وجود عدو في المنطقة، وهو الفخ نفسه الذي ربما فهمته السعودية مؤخراً ودول الخليج خوفاً من السقوط في استقطاب مخلٍّ قد يضرّ بمصالح الخليج مع روسيا وإيران"، بالرغم من انخراط عدد منها في "صفقة القرن" الأمريكية وشيطنتهم المتواصلة لدولة إيران.

وقال الباحث، إن الأجدر هو "الثقة بعقول مغربية تقول إنّ الكيان الصهيوني كيان إرهابي ونظام أبارتايد بشهادة تقارير أجهزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بدل السقوط في فخ لواء البحوث الإسرائيلي الذي يصنع بنك الأهداف ويحدد العدو لنفسه".

رفض شعبي... وترقب جزائري

تظاهر ناشطون مغاربة، بينهم حقوقيون وسياسيون وصحافيون، أمام مبنى البرلمان في العاصمة الرباط، احتجاجاً على زيارة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي، مردّدين شعارات منددةً بالزيارة والتطبيع مع إسرائيل، مثل "صهيوني يا ملعون... فلسطين في العيون"، و"الشعب يريد إسقاط التطبيع".

ورفضاً للزيارة الإسرائيلية إلى المغرب، كتب أنس، عبر حسابه على تويتر: "إنه أكبر من التطبيع، هو احتلال مباشر للبلاد وتبعية مخزنية سياسية اقتصادية وعسكرية مطلقة للكيان"، فيما رأى محمد أن ‏التطبيع "يعطي الاحتلال القوة لمواصلة الاستيلاء على الأراضي، وبناء المستوطنات، وتغيير معالم القدس والضفة في أسرع وقت"، مضيفاً: "فلسطين تختفى بالخونة العرب".

في الجوار الشرقي للمغرب، تتابع الجزائر بارتياب التقارب الأمني العسكري بين الرباط وتل أبيب، عادّةً الاتفاقيات الموقعة بينهما استهدافاً مباشراً لـ"أمنها وسيادتها"

وغرّد بولديان قائلاً: إن ‏زيارة وفد عسكري إسرائيلي برئاسة ‎أفيف كوخافي للمغرب، مرفوضة شعبياً ولا يمكن أن يقبل المغاربة باستقبال مجرم حرب ارتكب جيشه جرائم بشعةً ويستمر في قتل وتهجير الأبرياء"، وتحت وسم "#لا مرحبا بالقاتل كوخافي"، غرّد يوسف: "إن استقبال الوفد الصهيوني يعتبر تشجيعاً للصهاينة على ارتكاب المزيد من جرائم القتل والتهجير والاستيطان".

وفي الجوار الشرقي للمغرب، تتابع الجزائر بارتياب التقارب الأمني العسكري بين الرباط وتل أبيب، عادّةً الاتفاقيات الموقعة بينهما استهدافاً مباشراً لـ"أمنها وسيادتها"، وهو ما قد يدفع الجزائر حسب مراقبين إلى التقارب أكثر مع إيران، التي تعلن العداء لإسرائيل وتلوّح بحرب إقليمية معها في الشرق الأوسط.

وبرزت خطوات جزائرية عدة تبدو ترجمةً للتقارب بين الجزائر وطهران، ومحور المقاومة عموماً الذي يضم كلاً من إيران والنظام السوري وحزب الله اللبناني وفصائل المقاومة في قطاع غزة وآخرين، خاصةً بعد ظهور رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في عرض عسكري جزائري بالتزامن مع المشاركة الإسرائيلية في مناورات الأسد الإفريقي في المغرب، واتجاه الجزائر أخيراً نحو تعزيز التعاون الاقتصادي مع نظام بشّار الأسد في سوريا.

يُذكر أن لا علاقات دبلوماسيةً بين الجزائر والرباط. وكان المغرب قد قطع بدوره علاقاته مع طهران عام 2018، بعد أن اتهمها بالإشراف على تدريبات عسكرية لجبهة بوليساريو، عبر عناصر من حزب الله اللبناني.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard