"أشكر الحاخام يعقوب على زيارته لي بمنزلي بجدّة، فأهلاً به وبمن معه. لقد كانت فرصة لإظهار صورة من صور التعايش مع المختلِف المسالم. فالتعايش جسر لبلوغ الحق وأرضية تؤسس لحوار بنّاء".
بهذه الكلمات أصبح أحمد بن قاسم الغامدي، المدير العام الأسبق لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة مكة، عبر حسابه الذي يتابعه أكثر من 70 ألف شخص في تويتر، أول مسؤول سعودي حالي أو سابق يؤكد استقبال رجل الدين اليهودي الإسرائيلي المعروف بكراهيته للعرب وتحريضه ضدهم بالمملكة، يعقوب يسرائيل هرتسوغ.
من هو هرتسوغ؟
وفق موقع "تايمز أوف إسرائيل"، فإن هرتسوغ (46 عاماً) هو حاخام أمريكي إسرائيلي استقر في إسرائيل، وجرى تدريبه كحاخام و"يخدم رسمياً الجنود الإسرائيليين"، ويركّز على عالم الأعمال.
برّر اللقاء بأنه "صورة من صور التعايش مع المختلِف المسالم"... المدير السابق لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مكة، أحمد بن قاسم الغامدي، يُثير جدلاً باستضافته حاخاماً إسرائيلياً بمنزله. البعض اعتبرها "تمهيداً للتطبيع" من بوابة "المشايخ"
يصف هرتسوغ نفسه عبر حسابه في "لينكد إن" بأنه "حاخام ورجل أعمال في المملكة العربية السعودية"، متخصص في "الصفقات والمعاملات"، علاوة على "الطهور الديني للمواليد الجدد وحوار الأديان"، ما يوحي أنه استقر أخيراً في المملكة.
بانتظام، يتحدث الحاخام يعقوب يسرائيل هرتسوغ، عبر حسابه الذي يتابعه نحو 10 آلاف شخص في تويتر، عن زيارات وجولات له في المملكة وينشر مقاطع فيديو توثق "الترحاب" الذي يُقابل به من قبل "مواطنين سعوديين عاديين" عبر وسم #حاخام_في_الرياض. علماً أنه يظهر في الأماكن العامة بالمملكة بلباسه الأرثوذكسي المميز.
وجاءت تغريدة الغامدي رداً على تغريدة للحاخام أعلن فيها عن لقائهما بقوله: "الحمدلله. زيارة رائعة للشيخ أحمد الغامدي حيث وجدت أن التعايش والتسامح حقيقة ملموسة وليست فقط وعظاً وتنظيراً. المملكة العربية السعودية ترسم المثال الذي يمكن للعالم إتباعه".
خلال نفس الزيارة، ألمح هرتسوغ إلى لقائه أيضاً محمد العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي ورئيس هيئة علماء المسلمين.
"شيوخنا الحقيقيون يمثلون نبض الشعب"
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، أعرب معلقون سعوديون وعرب عن انزعاجهم من استضافة الغامدي للحاخام الإسرائيلي متسائلين عن الصفة التي التقاه بها وما إذا كان اللقاء "تمهيداً للتطبيع" بين الجانبين.
"يتحدث عن التعايش عبر بوابة حاخام يبيح قتل العرب واغتصاب أرضهم، ولد في الولايات المتحدة ثم انتقل للعيش في مستعمرة على أنقاض منزل فلسطيني مهجر، ونشط في دعم عمليات الجيش الإسرائيلي والتوجيه المعنوي للجنود"
ومما زاد الغضب قيام الصحافي الإسرائيلي جيل تمارى، مراسل القناة 13 الإسرائيلية، ببث مقاطع فيديو توثّق زيارته المملكة وتجواله بين الحجاج المسلمين في المشاعر المقدسة، وهو ما دفع الكثيرين للتعبير عن غضبهم عبر وسم #يهودي_في_الحرم. علماً أن السنوات السابقة شهدت أفعالاً مماثلة من صحافيين/ زائرين إسرائيليين يدخلون البلاد بجوازات سفر أوروبية أو أمريكية.
وقال المدون المعارض فهد الغفيلي: "مرحلة جديدة يدشّنها ‘حاخام بن سلمان‘ بالتعاون مع أُجَراء بن سلمان كأحمد الغامدي، بدعوى اللقاء والحوار مع ‘الشيوخ‘! شيوخنا الحقيقيون يمثّلون نبض الشعب ويجهرون بالحق ويبيّنونه للناس، وليس علماء السلاطين الذين افتضح أمرهم للناس".
وتساءل آخر: "كيف صار كذا؟! كيف استقبله وتحت أي مسمى وبأي ذريعة وبأي صفة دبلوماسية أو دينية؟".
وعبّر فلسطينيون عن انزعاجهم من اللقاء، معتبرين أن "القول إن السعودية لم تطبّع أصبح نكتة".
وعقّب رامي عبده، مؤسس ورئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، على اللقاء: "المدير العام الأسبق لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة مكة المكرمة يتحدث عن التعايش عبر بوابة حاخام يبيح قتل العرب واغتصاب أرضهم، ولد في الولايات المتحدة ثم انتقل للعيش في مستعمرة على أنقاض منزل فلسطيني مهجر، ونشط في دعم عمليات الجيش الإسرائيلي والتوجيه المعنوي للجنود".
بيد أن استضافة الشيخ للحاخام لاقت قبولاً بين المتحمسين لسياسات ولي العهد السعودي. من هؤلاء المدون السعودي منيف آل منيف الذي كتب: "خطوة موفقة يا شيخ أحمد. نحن في حاجة لأن نثبت للعالم أجمع أننا مجتمع مسالم ومتعايش مع الجميع بمختلف مذاهبهم وأديانهم، وأن نغير من الصورة النمطية التي رسمها المتطرفون من الإخونجية والسرورية والدواعش عن مجتمعنا".
"القول إن السعودية لم تطبّع أصبح نكتة"... مقابل الآراء الممتعضة من لقاء الغامدي بالحاخام الإسرائيلي، رآه متحمسون لسياسات بن سلمان فرصة "لأن نثبت للعالم أجمع بأننا مجتمع مسالم ومتعايش مع الجميع"
هل طبّعت المملكة؟
شهدت الآونة الأخيرة تقارير متزايدة عن قرب تطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية، ووجود محادثات سريّة بين الطرفين. وكانت مصادر هذه التقارير غالباً إسرائيلية. ومن أحدثها ما جاء على لسان رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق بنيامين نتنياهو الذي قال إن الأمير محمد بن سلمان لعب دوراً بارزاً في توقيع اتفاقات أبراهام التي طبّعت بموجبها الإمارات والبحرين والمغرب والسودان.
تُشير مبررات هذه التقارير عادةً إلى رغبة في إنشاء تحالف بين الجانبين ضد إيران العدو الأول المشترك، وحرص سعودي على التقرّب من أمريكا عبر "طفلها المدلل"، إسرائيل.
حتى الآن، لا إعلان رسمياً سعودياً عن تطبيع العلاقات مع إسرائيل. لكن قراراً سعودياً غير مسبوق بفتح المجال الجوي للمملكة أمام "جميع الناقلات الجوية" المستوفيّة للشروط، "لترسيخ مكانة المملكة كمنصّة عالميّة تربط القارّات الثلاث، وتعزيزًا للربط الجوّي الدولي"، بما في ذلك الطائرات التي تُقلع من إسرائيل وإليها، صدر هذا الأسبوع.
واعتبر القرار "مؤشراً جديداً على الانفتاح على إسرائيل" و"نتيجة مساعٍ دبلوماسية حثيثة" من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي زار المملكة بالتزامن مع إعلان القرار، حسبما ذكرت وكالة فرانس برس.
ويُسهم القرار في قصر زمن رحلات إسرائيل من الكثير من دول العالم وإليها، وبالتالي انخفاض تكلفتها. كما يرجح إمكانية السماح للمواطنين المسلمين من إسرائيل بالحج من تل أبيب مباشرةً ودون الاضطرار إلى توقف مكلِّف في دول أخرى.
وقالت كريستين ديوان، الباحثة في معهد دول الخليج العربي في واشنطن، إن القرار الذي يصب في صالح الرياض اقتصادياً أيضاً، ويدعم سياسة ولي عهدها الأمير محمد "جعل السعودية مركزاً دولياً للأعمال والمال والاقتصاد"، يأتي بعدما "كانت إسرائيل مؤثرة في تشجيع إدارة بايدن على العودة إلى مزيد من الانخراط مع السعودية"، رغم تعهدات سابقة لبايدن بجعل المملكة منبوذة عقاباً على جريمة قتل الصحافي المعارض جمال خاشقجي.
وأكد الرئيس الأمريكي على أهمية القرار السعودي في "اندماج إسرائيل بالمنطقة" قائلاً إنه أصبح "أول رئيس للولايات المتحدة يسافر من إسرائيل إلى جدة بالسعودية" وإنه "يمكن لقرار السعودية أن يساعد في بناء الزخم نحو مزيد من اندماج إسرائيل في المنطقة، بما في ذلك مع السعودية".
بدوره، تكهّن سفير واشنطن السابق لدى إسرائيل دان شابيرو بأن التطبيع بين السعودية وإسرائيل "يبدو أن لا مفر من حدوثه"، مرجحاً أنه "قد يستغرق التطبيع معهم (السعوديون) وقتاً وقد يتم تطبيقه على مراحل"، برغم تفاؤله بـ"التغير الكبير في الفكر السعودي" حيال إسرائيل في ظل حكم بن سلمان.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ يومأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ يومحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ 5 أيامtester.whitebeard@gmail.com