في ما وُصِف بأنه "جريمة أفسدت فرحة العيد في كل بيت كويتي"، قضى طفل كويتي على أيدي والدته وشقيقه الأكبر في حادثة صادمة تكشّفت تفاصيلها بعد أيامٍ من الادعاء باختفاء الطفل ليتبين مقتله قبل نحو أربعة أشهر والإبقاء على جثته في إحدى غرف المنزل ثلاثة أشهر حتى تعفّنت.
أثارت الجريمة نقاشات عبر مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد حول مشكلات اجتماعية خطيرة، بينها العنف الأسري وإفلات الأهالي المسيئين من العقاب بذريعة "تربية" الأبناء، وتوفير مراكز إيواء المعنَّفين، وتفشّي إدمان المخدرات، ومسؤولية الإنفاق على الأطفال بعد الطلاق، وحق المرأة في الإجهاض، وصحة الأمهات النفسية والعقلية.
تفاصيل الجريمة
بدأت خيوط الجريمة في التكشُّف مطلع الشهر الجاري حين أبلغت مواطنة كويتية عن عثورها على ثلاثة أطفال تراوح أعمارهم بين ثلاث وست سنوات في الشارع بمفردهم، وهم في حالة فزع وبكاء على شقيق رابع لهم بعمر سبع سنوات قيل إنه مفقود منذ أربعة أيام.
أُخفيت جثته في المنزل ثلاثة أشهر… مقتل الطفل #صقر_نايف_المطيري على أيدي والدته وشقيقه الأكبر يضيء على مشكلات اجتماعية خطيرة عديدة في #الكويت بينها المخدرات والعنف الأسري ومسؤولية الدولة في رعاية الطفولة والأمومة
أوضحت التحقيقات الأولية أن الشقيق الأكبر وهو فتى (19 عاماً) ألقى إخوته في الشارع عقب سجن والدتهم على ذمة قضايا متنوعة، بينها السرقة وتعاطي المخدرات، نهاية أيار/ مايو الفائت. وأفادت الصحافة المحلية بمعلومات متضاربة بشأن الأب الذي قيل إنه إما متوفىً أو مسجون.
وفيما سُلِّم اثنان من الأطفال إلى إدارة الرعاية في وزارة الشؤون الاجتماعية بشكل مؤقّت حتى معرفة الوضع القانوني لهما، وتسلّمت الأم المسجونة الطفل الثالث "المعاق" ابن الثلاث سنوات "للاعتناء به" بناءً على طلبها، استجوبت السلطات الأمنية الشقيق الأكبر لمعرفة دوافعه لطرد أشقائه الثلاثة ومعرفة إذا كانت لديه معلومات عن الأخ المفقود.
بالتزامن، عُثر على جثة متحللة لطفل في منطقة غرب عبد الله المبارك. وطابقت مواصفات الجثة ما ورد في أحد بلاغات التغيّب بحق طفل يُدعى "صقر نايف المطيري" صودف أنه الشقيق الرابع المفقود.
بالتحقيق مع الأم في محبسها، اعترفت بأنها "خططت لقتل طفلها قبل ارتكاب الجريمة بأربعة أيام" وبأنها "اعتادت مع ابنها الأكبر ضرب الضحية، بسبب ‘شطانته‘ (شقاوته)".
كشفت اعترافات الأم معلومات أخرى صادمة، أبرزها أن الطفل قُتل في شباط/ فبراير الماضي وليس حديثاً كما زُعم. وأضافت أنه، عقب الضرب المبرح للطفل آنذاك، شعر الولد بألم في رأسه لأيام، قبل أن يلفظ أنفاسه، ما دفعها للاحتفاظ بجثته داخل إحدى غرف المنزل حتى أواخر أيار/ مايو الفائت، خوفاً من اتهامها وشقيقه بتعذيبه حتى الموت.
وأوضحت الأم أنها كانت تتغلب على رائحة تحلل وتعفن الجثة بسكب مواد التنظيف حتى قررت التخلص من الجثة وطلبت من الشقيق الأكبر معاونتها في ذلك بلف الجثة في قماش ثم سجادة والتخلص منها بمساعدة عمال البلدية (النظافة) الذين أخبرتهم أنها جثة "كلب ميت" واستجابوا لها وألقوا الجثة وسط أنقاض في منطقة غرب عبدالله المبارك حيث عُثر عليها.
مع القول بضرورة إعدام أم #صقر_نايف_المطيري، أوضح مغردون أن على الدولة في #الكويت "أن تكفل استقرار الأسرة وتفرغ الأم قدر الإمكان لوظيفتها الأكبر والأشمل" وتوفير مراكز إيواء المعنَّفين في إطار الأسرة
وأشارت الأم القاتلة إلى إدمانها جميع المواد المخدرة منذ 10 سنوات، وإلى الصعوبات التي تواجهها لتأمين الأموال اللازمة للإنفاق على نفسها وعلى أطفالها من ثلاث زيجات سابقة، وعلى المخدرات. كما أوضحت أنها لا تمتلك مصدر دخل ثابتاً، وكانت ترغب في التخلص من جميع الأطفال لعجزها عن تلبية احتياجاتهم، لا سيّما أن آباءهم لا ينفقون عليهم.
العنف الأسري وحماية الطفولة
تفاصيل الحادثة التي أضاءت على عدة مشكلات مجتمعية، أثارت نقاشات مهمة في المجتمع الكويتي، من أبرزها تفشّي العنف الأسري وعدم وجود رادع ضده، والتفكك الأسري الذي يصبح معه تغيّب طفل لنحو ستة أشهر غير ملحوظ من أهل الأم والأب على السواء. وحذّر كثيرون من "التساهل" في معاقبة الأم كما يحدث عادةً في جرائم من هذا النوع بذريعة "تأديب" الأبناء.
في هذا الصدد، قال النائب في مجلس الأمة الكويتي أسامة الشاهين إن الحادثة تشير إلى أهمية "تطبيق القصاص الشرعي"، و"تفعيل مقررات المجلس الأعلى للأسرة"، و"إنشاء مراكز الحماية والإيواء طبقاً لقانوني الأمومة والطفل"، و"رعاية الدولة للأمومة".
وبينما اعتبر الشاهين أن في تنفيذ حكم الإعدام على الأم القاتلة أمراً ضرورياً لـ"استتباب الأمن" و"الردع" في جرائم العنف الأسري المماثلة، شدد على أن من واجب الدولة "أن تكفل استقرار الأسرة وتفرغ الأم قدر الإمكان لوظيفتها الأكبر والأشمل" وتفعيل القوانين المتعلقة بتوفير مراكز الإيواء والحماية لكل المعنَّفين في إطار الأسرة.
وتابع: "لا ندعو للتغريب (إتباع الغرب) والخروج عن القوامة والأسرة، ولكن هناك حالات استثنائية تتطلب رعاية استثنائية من الدولة، والحكومة مُقصّرة حتى هذه اللحظة، رغم وجود قانون يلزم هذه المراكز ولكن لم يتم تفعيلها"، متمنياً أن تكون معاناة الطفل صقر "نهاية لمعاناة جميع أطفال الكويت" بتحسين أوضاعهم الأسرية والمعيشية.
اتفق النائب مهند الساير مع الشاهين في ضرورة تنفيذ "القصاص الشرعي" بشكل "عاجل"، معتبراً أن "ارتفاع جرائم القتل بات يهدد كل فرد بالمجتمع حتى أصبح يهدد براءة وأمان الطفولة". "تقدمنا في مايو 2021 بمقترح استحداث دائرة مختصة بنظر قضايا القتل لاستعجال صدور الأحكام وتنفيذها لتكن رادعاً"، أردف عبر تويتر.
"الأمومة مو فطرة هي دور اجتماعي"... أشار البعض إلى أن جريمة مقتل #صقر_نايف_المطيري تبرهن على أهمية الحق في الإجهاض للمرأة إذا كانت غير مؤهلة أو قادرة على رعاية الطفل، وكذلك على ضرورة الاهتمام بصحة الأم النفسية والعقلية
"خطر المخدرات وصل لكل بيت"
واتهم آخرون السلطات الكويتية بالتقصير في مواجهة "انتشار" الإدمان و"سهولة" الحصول على المخدرات، قائلين إن "خطر المخدرات وصل لكل بيت" في البلاد. من هؤلاء المحامي علي العريان الذي كتب في تويتر: "المخدرات سبب رئيسي لانتشار الجريمة في الكويت. لماذا هذا الانتشار الهائل للمخدرات عندنا؟ لنفس السبب الذي تنتشر به جرائم غسل الأموال وتجارة الإقامات وتجارة الخمور. وهو أن هناك متنفذين مستفيدين من سوق الممنوعات".
أما الأكاديمي المختص في الطب النفسي بجامعة الكويت سليمان الخضاري فغرّد: "ازدياد الجرائم البشعة في الكويت ظاهرة ذات أسباب معقدة. لكن استخدام المخدرات المنبهة الخطرة مثل الشبو والكبتاغون والكوكايين هو سبب رئيسي نظراً لانتشارها وقلة ثمنها. عدم وجود أي مصحات علاجية خاصة للإدمان في الكويت يزيد الوضع تعقيداً!".
وشهدت الساعات الماضية عدة جرائم هزّت المجتمع الكويتي، بينها إقدام عسكري على قتل زميله في أحد المعسكرات وتسليم نفسه، وتعرض سيدة وزوجها للطعن من قبل شاب حاول التحرش بالزوجة في حضور زوجها. ألمحت صحف محلية إلى لعب المخدرات دوراً في الحادثتين.
"الأمومة مو فطرة هي دور اجتماعي. مو كل أم تستحق حضانة أبنائها ولا كل أب. الدولة أيضاً مسؤولة عن الأطفال. هم أفراد في المجتمع. من يحميهم من العنف والاضطهاد والقتل؟".
"الأمومة دور اجتماعي"
في غضون ذلك، لفت فريق من المعلقين إلى أن الحادثة تثبت موضوعية العديد من المبادئ والمطالب النسويّة بما في ذلك إنهاء قمع حق المرأة في جسدها وحقها في الإجهاض بالتحديد إذا كانت غير مؤهلة أو قادرة على رعاية الأطفال المنتظرين، وضرورة الاهتمام بصحة الأم النفسية والعقلية. علاوة على إلزام الآباء بالإنفاق على أبنائهم عقب الطلاق أو قيام الدولة بتعويض هذا التقصير إن حدث.
قالت القانونية دلال المسلم عبر تويتر إن الطفل صقر هو "ضحية نظام يمنع المرأة من تزويج نفسها ويمنع حقها بالإجهاض ويمنع وجود لجان تتحقق من الأطفال والنساء وصحتهم الجسدية والنفسية في دولة المتسيد فيها هو الإجرام والمخدرات".
وكتبت علياء خربوطي: "الأمومة مو فطرة هي دور اجتماعي. مو كل أم تستحق حضانة أبنائها ولا كل أب. الدولة أيضاً مسؤولة عن الأطفال. هم أفراد في المجتمع. من يحميهم من العنف والاضطهاد والقتل؟".
واكتفت الكاتبة سعدية مفرح بالقول: "كلما قرأت خبراً من هذا النوع، حمدت الله أنه لم يرزقني بأطفال. الأمومة مهمة صعبة".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ 12 ساعةأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ 18 ساعةحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ يومينمتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ 3 أيامtester.whitebeard@gmail.com