شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
لماذا نتقبّلها من روبي؟

لماذا نتقبّلها من روبي؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الخميس 14 يوليو 202212:53 م


كتبت صديقة على صفحتها الشخصية على فيسبوك، موجهةً مشاكستها إلى معشر الرجال، بأن يتحلوا بالشجاعة، ويعترفوا بأن السر وراء ولعهم وانبهارهم بكل ما تقدمه الفنانة المصرية "روبي"، ينبع في الأساس من إعجابهم بها كامرأة مثيرة وجذابة، قبل كل شيء، متّبعين مبدأ "حبيبك تبلع له الزلط"، حتى لو كان ما تفعله روبي أو تقدّمه "أي كلام".

ليعترف غالبية الرجال المعلقين على منشورها ويؤكدوا على ما قالته الصديقة عن جاذبية "روبي" وسحرها، لكن ليس هذا كل شيء في رأيهم، وما تقدمه روبي ليس "أي كلام" في الغالب. دار النقاش بعد إصدار آخر أغنيات روبي "نمت ننه"، ضمن نقاشات كثيرة ومتباينة حول الأغنية ومستواها الفني، والشكل الذي ظهرت فيه "روبي" في الكليب المصور، وفي اختياراتها للكلمات المشبعة بالتلميحات، كعادة الجدل الذي يصاحب "روبي" مع كل ظهور جديد أو اختفاء طويل، منذ ظهورها قبل ربع قرن.


نعم عزيزي/ تي القارئ/ ة، "روبي" عمرها الفني 25 عاماً، ما يفسر جانباً من نظرية "بلع الزلط" لها من قبل جمهور بعينه يمثل قطاعاً كبيراً من الشعب المصري، يمكن أن نطلق عليه "جيل روبي"، وهذه ليست سُبةً فأنا من هذا الجيل، وروبي ابنة جيلي، وتمثله خير تمثيل على مستويات عدة.

ومن رأى روبي وتابعها بشغف منذ ظهورها أواخر القرن العشرين، وهي تتنقل من التجارب الفنية، واحدةً تلو الأخرى، وتتبلور موهبتها ويشعّ ذكاؤها الفني والأنثوي، سيتأكد من اختلاف روبي وتفردها.

من رأى روبي وتابعها بشغف منذ ظهورها أواخر القرن العشرين، وهي تتنقل من التجارب الفنية، واحدةً تلو الأخرى، وتتبلور موهبتها ويشعّ ذكاؤها الفني والأنثوي، سيتأكد من اختلاف روبي وتفردها

روبي الأيقونة

لقد صارت روبي "أيقونةً" في عيون هذا الجيل، كما صاغها ولخّصها ببراعة شديدة الكاتب الشاب الراحل براء أشرف، في مقاله الشهير "ستة أسباب للحنين إلى روبي"، عام 2010، والذي كان بمثابة قبلة الحياة لروبي، بسبب انتشار المقال على شبكة الإنترنت بكثافة، وقد أعادت مواقع شهيرة نشره، وخرجت روبي تبكي في برنامج "صاحبة السعادة"، بعد رحيل الكاتب الشاب في 2016، وتعترف بأن براء أنصفها وأنقذها من الاكتئاب، وأنها بدأت بالعودة إلى العمل بعد الضجة التي أحدثها مقاله عنها.
لأنها "محلية الصنع "، وبسبب ملامحها المصرية الخالصة، و"طيشها" أحياناً في ما تقدمه أو تفعله، واختفاءاتها وصمتها دوماً أمام كل ما يقال عنها وعن ملابسها وأدوارها، وروح الفنانة الهاوية التي تعيش بها روبي بالرغم من موهبتها الشاملة في الرقص والغناء والتمثيل، واجتهادها لتكون "فنانةً"؛ هذه هي الأسباب التي ساقها البراء في مقاله، ولا زالت صالحةً في وصف روبي وعلاقة الجمهور بها والذي سيتقبل ويدافع عما تقدّمه روبي "النجمة بتاعتنا"،  و"ليست المستوردة"، أو المفروضة علينا بسبب جمالها وعلاقاتها ونفوذها.

ويمكن إضافة تقبّل النساء في مصر لنموذج روبي وحبّهن لها، ولا يرينها "ست أوفر" بالرغم من جرأتها، لأنها تشبههن فعلاً، وملامحها لا يمكنك إلا أن تحبها وتنجذب إليها كلما رأيتها أمامك.

يمكن إضافة تقبّل النساء في مصر لنموذج روبي وحبّهن لها، ولا يرينها "ست أوفر" بالرغم من جرأتها، لأنها تشبههن فعلاً، وملامحها لا يمكنك إلا أن تحبها وتنجذب إليها كلما رأيتها أمامك

في العودة إلى الأغنية الجديدة...

نمت ننه
طب والحب اللي بيننا
مش هتكلمني سيكا
مش هتدلعني سنة
فوقلي حبّة
ده أنا أوفر دوز محبة
ومشاعري لسه شابة
والنار في القلب شابة

ثمة ملاحظات تبدو واضحةً في أغنية روبي الجديدة "نمت ننه"، على مستوى الكلمات التي كتبها الملحن المصري عزيز الشافعي، أولها هي الحالة التي صاغها الشافعي في كلمات تذكرنا بأغاني "الطقطوقة المصرية"، أحد القوالب الموسيقية المصرية التي ازدهرت في عشرينيات القرن الماضي، على يد مطربات "عصر العوالم"، مثل نعيمة المصرية ومنيرة المهدية وأمينة شخلع وغيرهن.

ثمة ملاحظات تبدو واضحةً في أغنية روبي الجديدة "نمت ننه"، على مستوى الكلمات التي كتبها الملحن المصري عزيز الشافعي، أولها هي الحالة التي صاغها الشافعي في كلمات تذكرنا بأغاني "الطقطوقة المصرية"، أحد القوالب الموسيقية المصرية التي ازدهرت في عشرينيات القرن الماضي

اتّسمت هذه الأغنيات بكلماتها وموضوعاتها الجريئة، وبأداء فيه الكثير من "الميوعة والدلع"، بدءاً من تفاصيل العلاقة الغرامية بين الرجل والمرأة على السرير، وحتى مناقشة الأوضاع السياسة والاجتماعية ونقدها بكلمات غالبيتها خليعة، وبعضها بذيء، لكنها لم تكن بذاءةً لغرض الإثارة، بقدر ما كانت معبرةً بشكل صريح وبسيط ومباشر عن الشارع المصري، وحاله، وناسه ومشكلاتهم.

استخدمت الأغاني مفردات الشارع وقتها، لذلك ليس غريباً أن تجد هذا النوع من الأغاني من ألحان عمالقة الموسيقى في مصر وقتها، سيد درويش (123 طقطوقةً)، والشيخ زكريا أحمد صاحب "ارخي الستارة اللي فريحنا"، ومحمد القصبجي، وكتب كلمات هذه "الطقاطيق" أشهر شعراء العامية في مصر وقتها، أمثال يونس القاضي، وبديع خيري، وبيرم التونسي.

لقد أثرت هذه الفترة الموسيقى المصرية، وساهمت في تطور المسرح الغنائي وازدهاره. ساهم في ذلك أيضاً وجود نقلة نوعية على مستوى التكنولوجيا، وبداية عصر تسجيل الأسطوانات في مصر.

بين عشرينيات الماضي والحاضر

بالنظر إلى عشرينيات القرن الحالي التي نعيشها، تجد تشابهاً كبيراً بينها وبين عشرينيات القرن الماضي، وكأن الزمن يستنسخ نفسه، في كل شيء تقريباً، على مستوى تردّي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وحد التطابق في حال الغناء والموسيقى اليوم. ومع ظهور موجات الموسيقى الجديدة وأغاني المهرجانات والراب والتراب، التي تعبّر عن قطاع كبير من الشعب المصري، استغل نجوم هذه الأغاني التكنولوجيا أيضاً والإنترنت للوصول إلى الجمهور والنجاح، بغض النظر عن المستوى الفني لهذه التجارب، التي لا يمكن الحكم عليها اليوم، والزمن كفيل بغربلتها والانتصار للمواهب الحقيقية، كما فعل بالتحديد قبل قرن مضى أفرزت عشرينياته عباقرة الموسيقى والغناء، أمثال سيد درويش ومحمد عبد الوهاب ومحمد القصبجي.

 لا تحاول روبي مجاراة أغاني المهرجانات والتراب وغيرها من الموسيقى التي تجذب الجمهور اليوم، لا سيما الشباب الصغار في السن، لكنها اتجهت نحو المنطقة التي يمكنها الفوز فيها، و"ركوب التريند"، باختيار كلمات خفيفة وبسيطة، تحمل بعض الدلال والإيحاء المحبب إلى الجمهور

وهذا ما تدركه روبي جيداً، فهي لا تحاول مجاراة أغاني المهرجانات والتراب وغيرها من الموسيقى التي تجذب الجمهور اليوم، لا سيما الشباب الصغار في السن، لكنها اتجهت نحو المنطقة التي يمكنها الفوز فيها، و"ركوب التريند"، باختيار كلمات خفيفة وبسيطة، تحمل بعض الدلال والإيحاء المحبب إلى الجمهور، بملابس فتاة شعبية بسيطة ترتدي "البادي الكارينا" والإيشارب وألواناً "غير متناسقة"، وتعمل في مصبغة، لكنها تملك من الدلال والسحر ما يجعل كل الألوان تبتهج باللعب معها وبين يديها، وهي تعاتب حبيبها بدلال، بقولها: "نمت ننه، طب والحب اللي بينا، ينفع كده؟"، وتختم بغمزة بريئة جداً كعادتها.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image