شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
هاني شنودة لرصيف22:

هاني شنودة لرصيف22: "تتقطع إيدي إذا لحّنت كلمات مهرجانات قليلة الأدب"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

السبت 6 فبراير 202112:00 م

"كنت أعزف مع فرقة موسيقى غربية. مهمتي فيها كانت هندسة عكسية، يعني أفك الآلات، آلة الغيتار تعزف إيه؟ الكيبورد يعزف إيه؟ وإزاي الأغنية بكل التراكات تتسمع كلها كأنها حاجة واحدة؟"، يروي الملحن المصري هاني شنودة في حوار مع رصيف22 حول كواليس عمله الموسيقي.

الفرقة المذكورة هي فرقة "لي بتي شاه" Les petits chats (القطط الصغيرة) التي أسسها وجدي فرانسيس عام 1967، وأعضاؤها عزت أبو عوف، عمر خيرت، فريدي رزق، بيرج أندرسيان، عمر خورشيد، وآخرون.

بعد هذه التجربة أسس فرقته الموسيقية "المصريين" التي دشنت مرحلة موسيقية حديثه في تاريخ الموسيقى المصرية، بداية من أواخر سبعينيات القرن الماضي، وبالتحديد من عام 1977.

إنقاذ عدوية

رغم أنه استهل مشواره بالموسيقى الغربية، ثم أسس فرقة المصريين، ذات الطابع الموسيقي المستحدَث آنذاك، إلا أن شنودة كانت له إسهامات فارقة في تلحين الأغنية الشعبية.

تعاون مع مطرب الأغنية الشعبية المصرية أحمد عدوية. وعن ذلك، يحكي أن التجربة كان بدافع إنقاذ عدوية في الأساس، باقتراح من المنتج عاطف منتصر، مالك شركة "صوت الحب" للإنتاج الفني، بعدما فشل تعاون المغني الشعبي مع كبار الملحنين مثل بليغ حمدي وأحمد فؤاد حسن، لذا فكّر منتصر في الاستعانة بملحنين شباب، على رأسهم شنودة.

اختار شنودة من الأغنيات المقترحة لألبوم عدوية آنذاك، كلمات أغنية "زحمة يا دنيا زحمة"، وسط اعتراض من مسؤولي شركة "صوت الحب" الذين قدّروا أنها لن تحقق نجاحاً، لكن الملحّن الشاب أصرّ عليها، وقال: "إذا رفض عدوية غناءها، سأشتري الأغنية لصالح فرقة المصريين".

وبعدما انتهى شنودة من تلحين الأغنية، عُقدت جلسة سماع حضرها عدوية ومنتصر، وانتهت باعتراض الأول على اللحن، قائلاً: "هو فاكرني عبد الحليم أو خواجة؟ أنا أرفض اللحن".



بعد فترة وجيزة، كان الإعلامي عمر بطيشة في زيارة إلى عاطف منتصر، فاقترح زيارة شنودة للاعتذار له، وتطييب خاطره، ورافقهم في الزيارة عدوية، وعزف شنودة اللحن مرة أخرى على البيانو، وانتهت الجلسة، دون أن يُبدي أي منهم رأيه في اللحن، سواء بالإعجاب أو الرفض. وبعد ثلاثة أيام، فوجئ شنودة بمكالمة هاتفية من عدوية يخبره فيها بأن اللحن لم يخرج من "نافوخه" (عقله) ومن لحظتها "يريد أن يتخلص منه".

لم يكن شنودة معتاداً على اللغة الدراجة في أوساط المغنين الشعبيين، لذا لم يفهم ما يعنيه عدوية، فسأله: "نخرج اللحن من نافوخك إزاي، أعمل إيه يعني؟"، فرد عدوية: "نسجله يعني بكرة"، فأجابه شنودة بأنه لم ينتهِ من كتابة النوتة الموسيقية للأغنية، إلا أن عدوية اقترح وأصر على أن يغنيها دون النوتة الموسيقية، فاستجاب شنودة له وطلب أن تُسجل الأغنية بالاستعانة بأعضاء فرقته، يحيى خليل على الدرامز، وتحسين يلمظ على الغيتار. ويقول: "كانت المرة الأولى في الأغنية الشعبية التي تُستخدم فيها الآلات البايز غيتار، والإلكتريك غيتار".

سُجلت الأغنية في استديو 35 في الإذاعة المصرية، وتجمّع بعض الموجودين وقتها، وأبدوا إعجابهم بها، فتيقّن عاطف منتصر من أنها ستنجح.

في حديثه عن مشهد الغناء الشعبي الحالي، يبدي شنودة استحسانه لصوت المطرب الشعبي المصري أحمد شيبة، ويشيد بأغنيته "آه لو لعبت يا زهر" لأنها، برأيه، تحضّ على الأخلاق ومساندة الآخر في ضائقته، في ظل تردي كلمات معظم الأغنيات الشعبية الحالية التي تروج لإدمان الخمور، وتتضمن كلمات مثل "هاتي بوسة"، ويحسبها إساءة إلى الفن المصري.

يبدي هاني شنودة استحسانه لصوت المطرب الشعبي المصري أحمد شيبة، ويشيد بأغنيته "آه لو لعبت يا زهر" لأنها، برأيه، تحض على الأخلاق ومساندة الآخر في ضائقته، في ظل ما يرى أنه تردٍّ في كلمات معظم الأغنيات الشعبية الحالية

ويضع شنودة أحمد شيبة في المرتبة الثالثة بعد المطربيْن الشعبيين أحمد عدوية وحسن الأسمر، لكنه يجزم بأنه لا يوجد ملحّن موسيقي أضاف جديداً على الأغنية الشعبية المصرية في الآونة الأخيرة، غير الملحن محمد رحيم الذي أجاد في تلحين أغنية "يونس" للمطرب المصري محمد منير.



الحس الشعبي حاضر دوماً

يعتقد شنودة أن توصيف الأغنية الشعبية في مصر غير واضح أو محدد، خاصة أنه يرى أن فرقة المصريين قدّمت ما يمكن وصفه بالأغنية الشعبية المصرية، مثل أغنية "ما تحسبوش يا بنات إن الجواز راحة"، وأغنية "ماشية السنيورة".



ويشير الملحن المصري إلى أن نشأته في مدينة طنطا (93 كيلومتراً شمال القاهرة) أضافت له الحس الشعبي المصري، وهو ما لم يفارقه طوال مسيرته الفنية، وأن معظم ما قدّمه لم يخلُ من ذلك الحس، لكن بما أن أعماله تتضمن بعض العلوم الموسيقية مثل الهارموني، الكاونتر بوينت، فإن الجمهور والنقاد يعتبرونها من قبيل الأغنية التي يمكن وصفها بأنها "شيك" أي الأغنية الوجيهة.

الشباب يتحمسون للمهرجانات

يفسّر هاني شنودة التفاف الشباب المصري حول أغنيات الراب والمهرجانات الشعبية، بأنهم كانوا في حاجة إلى ثورة فنية، وهي التي دفعتهم إلى التخلي عن مطربيهم المعهودين والكلاسيكيين الذين اعتادوا عليهم وعلى موسيقاهم، فضلاً عن إعجابهم بالإيقاعات الموسيقية، والأوتوتيون، والتوزيعات الموسيقية الحديثة.

كما يرجح أن ذلك الانفضاض عن القديم جاء من أن أجيالاً جديدة لم تسمع أغنيات نجاة الصغيرة، أو محمد عبد الوهاب، أو علي الحجار، أو محمد فوزي.

ويرى أنه بعدما غنى مثلاً محمد منير أغنية "أنا بعشق البحر" أُحيِيت أغنية نجاة من جديد، ومن هنا يكون الإثراء الفني، ما بين موسيقى منير وموسيقى نجاة.



ويتوقع شنودة أن الشباب المصريين سيعودون في النهاية إلى موسيقى محمد عبد الوهاب وعلي الحجار ومحمد منير، لأصالتهم الفنية التي لا يمكن أن يُتخلى عنها للنهاية، أو تحل محلها أغنيات المهرجانات الشعبية والراب.

مهرجان باشتراطات أخلاقية

يقبل هاني شنودة تلحين أغنيات المهرجانات الشعبية، لكنه يضع اشتراطات أخلاقية تشجعه على الخوض في هذه التجربة. يقول إنه "مستعد للتلحين لأي مطرب مهرجانات شعبية، لكنّي لن ألحن كلمات هابطة، يقطع يدي ولساني إذا لحنتها، والمغني الذي يؤدي كلمات هابطة يجعل الأغنية فاحشة، ولن ألحن كلمات من قبيل ‘هاتي بوسة يا بت’، كما أنني لا أوافق على أن يسمعها أفراد أسرتي، وتُسمع في بيتي".

يضع هاني شنودة أحمد شيبة في المرتبة الثالثة بعد المطربين الشعبيين أحمد عدوية وحسن الأسمر، لكنه يعتبر أن لا ملحّن أضاف جديداً على الأغنية الشعبية المصرية مؤخراً غير محمد رحيم الذي أجاد في تلحين أغنية "يونس" للمطرب محمد منير

ويلفت إلى أنه يرفع القبعة لمطربي المهرجانات الشعبية إذا غنّوا أغنيات مهرجانات وطنية، أو دينية، على نفس الإيقاعات الحالية، ويؤكد: "أنا مستعد لتلحين أغاني راب، مهرجانات شعبية، وطنية، دينية، لكن أغنية فيها قلة أدب لأ".

ويصف الملحن المصري مؤلفي أغنيات المهرجانات، التي يرى أنها ذات كلمات بذيئة وفاحشة، بالـ"مخرّبين"، وبأنهم ليسوا شعراء أو مؤلفين، ويستشهد بتجربته الأولى في فرقة "المصريين"، ويذكّر بأن أولى أغنياته لم تنجح، رغم أنها كانت جيدة، حتى أن المنتج اعترض على كلمات أغنيته "بنات كتير من سنّي، بيحسدوني" وقال له: "إنت هتوعظ الناس؟"، لكنه تعهد أمامه بتحمل تكاليفها إذا فشلت، ويضيف: "كسبت التحدي، وحققَت الأغنية مبيعات كبيرة، لما فيها من الأدب والفضيلة، وما أسميه بالبعد الثالث وهو رضا الله، خاصة وأن الأغنية تزيد من وعي الفتاة المصرية".



يعتبر شنودة أن كلمات أغنيات المهرجانات لا بد أن تمر على مسؤولي المصنفات الفنية، حتى يمكن تهذيبها، وحذف الفاحش منها، ويعاقَب الموظف الذي تمر من خلاله أغنية بالمواصفات البذيئة التي تُسمع في الوقت الحالي، ويشير إلى ما نص عليه القانون المصري للمصنفات الفنية الذي يعاقب ذلك الموظف بالسجن أو الغرامة.

ويشيد بموقف نقابة المهن الموسيقية التي اعترضت على كلمات أغنية "بنت الجيران" لمطربيْ المهرجانات الشعبية حسن شاكوش وعمر كمال، والتي غنياها في حفل في إستاد القاهرة وتضمنت كلمات "أشرب خمور وحشيش"، ووقتها صدر قرار من نقيب الموسيقيين الفنان هاني شاكر بمنعهم من العمل نهائياً.



ويفرّق شنودة بين زمن الازدهار حين كان الشباب يشترون الألبوم ويستغنون عن الطعام والشراب، ما يصنع المطرب ونجومية، وبين ما يجري في الوقت الحالي، خاصة وأن الشباب انكبّوا على مواقع السوشال ميديا التي أتاحت كل شيء مجاناً تقريباً، ومنها الغث والسمين، ويعلّق: "لا بد أن تكون هناك تربية. وقت ازدهار الكاسيت كانت هناك رقابة صارمة، أما الدولة الآن فليست لها يد على السوشال ميديا، خاصة في ظل انتشار أغنيات سيئة للغاية".

نجاح بدون تجديد

يؤكد هاني شنودة أن الفرق الغنائية المصرية الحالية تحقق نجاحاً جماهيرياً فقط، لكنها لم تقدّم جديداً من ناحية الألحان أو التوزيعات الموسيقية، ويضيف: "أنا أسمع فيهم لمحة من الموهبة، لكنها لمحة من فرقة المصريين: يعتمدون على نفس الآلات الموسيقية، الدرامز، البيز غيتار، وبنفس التوليفة أيضاً".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image