شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
السياسي العربي (اللبناني) في بورتريه ذاتي... صائب سلام مثالاً

السياسي العربي (اللبناني) في بورتريه ذاتي... صائب سلام مثالاً

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الجمعة 1 يوليو 202211:29 ص

تنتمي كتابة رئيس الوزراء اللبناني صائب سلام، شأن أعمال كثيرة في باب المذكّرات السياسية العربية، إلى صنف من التصوير "المَلَكي"، الزيتي أو المائي أو الشمسي الفوتوغرافي أو الرقمي أخيراً، اعتنى بإبراز موضوعه في هيئة الجلالة، من رأسه إلى أخمص قدميه، أو الفرادة.

فالصورة، أو "البورتريه"، بعد النصب بوقت طويل، ابتُكرت جواباً عن ارتقاء أفراد من العامة، تجار ومقاولين وشيوخ صناعة، مراتب نفوذ وصدارة كانت وقفاً على الأمراء والأشراف والمحاربين وأصحاب الأسماء "الخالدة".

ولا يشك السياسيون العرب (واللبنانيون منهم)، من غير شيوخ العشائر ومن المتحدرين من نخب المدن بين الحربين العالميتين، في جدارتهم بالصورة الزيتية والسياسية المتصدّرة أو الأميرية. وبعض الأعيان المحدثين، في مصر ولبنان، أوكلوا إلى رسامين كبار، من أمثال الهولندي الفرنسي فون دونغين (1877- 1968) رسم "بورتريه" وضعهم بعد أربعة قرون، في مصف أثرياء أمستردام أو روتردام أو آنفيرس، أو هذا ما حسبه بعض كبار آل سرسق في مطلع القرن العشرين.

وصدرت مذكرات صائب سلام، بعنوان "أحداث وذكريات 1970- 1982"، عن دار هاشيت- أنطوان، بيروت، أواخر حزيران/ يونيو 2022، ونشرت صحيفة "الشرق الأوسط"، في 25 و26 و27 يونيو ست صفحات مقتطفة من الكتاب، والعجالة تعليق على المقتطفات.

منعطفات متقاطعة

يتوسل رئيس الوزراء اللبناني الراحل في العام 2000 عن 95 عاماً، وشاغل منصب رئاسة الحكومة مرات بين 1952 و1973، إلى رسم لوحته الذاتية، على قول فنانين كثر، برواية حوادث جسيمة ومنعطفات من السنوات التي أدى فيها الراوي دوراً "يُذكر"، أو يراه هو أهلاً للذكر. ووسم المذكرات بـ"حوادث وذكريات" دلالة على هذا الرأي.

واختارت الصحيفة ودار الطباعة ووارثو السياسي نشر ثلاثة فصول بارزة، تناولت، على خلاف توقيتها ومحلها من تسلسل الحوادث، دخول القوات السورية الأراضي اللبنانية، وإطباق قبضتها على اللبنانيين ودولتهم و"ضيوفهم" الفلسطينيين في 1976 وبعدها بقليل (1)، وغزو القوات الإسرائيلية الأراضي اللبنانية في منتصف 1982 (2)، وانتخاب سليمان فرنجية خلفاً لشارل حلو "الشهابي" في صيف 1970 وأوائل خريفه (3).

واتفقت هذه المنعطفات مع حوادث أخرى معاصرة، سابقة أو لاحقة، نجمت عنها أو مهّدت لها. فـ"الاجتياح" السوري، على ما يسمّيه سلام، مهّدت له حوادث مصرية وعربية تفرّعت عن النزاعات والحروب العربية (يومها)- الإسرائيلية وذيولها. وأدى إلى اغتيال كمال جنبلاط في شتاء 1977، وإلى اشتباكات فلسطينية داخلية، ولبنانية داخلية، وفلسطينية- لبنانية...

ولابست الغزو الإسرائيلي وساطة أميركية نشطة، وانقسام لبناني حاد، ومناورات رئاسية معقّدة. وكانت انتخابات الرئيس اللبناني في صيف 1970 سياقاً عريضاً رفدته الأزمة الأردنية- الفلسطينية ("أيلول الأسود")، ثم وفاة عبد الناصر، وقبلهما تصفية الشهابية في انتخابات 1968 وانتصار "الحلف الثلاثي" الماروني (كميل شمعون وريمون إده وبيار الجميل) فيها انتصاراً جزئياً.

ويروي صائب سلام، على صورة يوميات تملأها لقاءاتٌ واتصالات هاتفية، ووساطات، وأخبار متناقلة، ودعوات إلى موائد، واجتماعات، وتصريحات أو بيانات، وقائع تتصل، على نحو أو آخر، بالحادثة الكبيرة أو المركزية. والرواية السياسية على هذه الشاكلة، الشخصية أو "الشخصانية"، وقصرها تاريخ الوقائع على علاقات السياسيين المباشرة وأحاديثهم ومكالماتهم وتهاتفهم، وعلى آراء بعضهم في بعض وعواطفهم الواحد تجاه الآخر، قد تكون مرآة "ثقافة" سياسية وتأريخية سادت في بعض الأوساط، وفي حقبة من الزمن.

العقدة والمدار

ورواية "الزعيم البيروتي"، وهي صفة رئيس الوزراء السابق والمستقيل في نيسان/ أبريل 1973 (غداة اغتيال إسرائيل قادة فتح الثلاثة في فردان)، ودخول القوات السورية علناً لبنان ومحاصرتها بيروت في حزيران/ يونيو 1976، تبتدئ باجتماع عقده نواب لم يشتركوا في انتخاب الياس سركيس رئيساً مبكراً للجمهورية، "عند" سلام نفسه. وأصدر النواب التسعة، ومنهم سنّة وموارنة وكاثوليكي وشيعيان، بياناً يصفه صاحب المذكرات بـ"الهادئ والمختصر"، يدعو إلى "التريُّث".

وبعد يومين عقد القوم اجتماعاً ثانياً، وكرروا موقفهم "الصحيح" نفسه. وبعد أسبوع انقضى على البيان الأول، قرر المجتمعون أن "(يصعّدوا) بعض الشيء". فحذّر بيانهم الثالث من "استمرار المؤامرة"، وحمّلوا المسؤولية عنها لـ"أصحابها". والسبب في "التصعيد" هو "ضجيج" الناس وضيقهم بالمراوحة في المكان نفسه رغم انتخاب الياس سركيس بمباركة وحراسة سوريتين.

"تصوير السياسة على هذه الصورة من المسرحة، والشخصنة والعلاقات ‘الاجتماعية’، والانفكاك من النزاعات والقوى والمصالح (ما عدا المصالح الأهلية التي تمثل الزعامات عليها) والأهواء وقسرها وإكراهها، يعود إلى عصر ووقت ظرفيين وموقتين"

أما الفلسطينيون، "أبو عمار ورفاقه في المقاومة"، فـ"شعروا بضيق شديد". فأوعزوا بعقد السياسيين المسلمين، والسنّة على وجه الخصوص، "قمة" في عرمون، في ضيافة مفتي الجمهورية الشيخ حسن خالد- خصم صائب سلام حين ساءت علاقته بالقاهرة واستخباراتها وسفيرها المحلي، وقتيل الاستخبارات السورية عشية اتفاق الطائف (1989). واقترحوا عليها إدراج حماية منظمة التحرير الفلسطينية، وقوات فصائلها المسلحة، من الجيش اللبناني والميليشيات المسيحية المسلحة والقوات السورية معاً، و"حقوق" المسلمين اللبنانيين في المساواة السياسية والإدارية، في باب أو بند مشترك وواحد.

وتسكت اليوميات عن التصريح بهذا وبغيره مثله. فعقدة الأمر ومداره ليسا ترجيح القوة العسكرية والأمنية السورية الياس سركيس- الشهابي والموظف الإداري والتقني، والمرشح السابق إلى رئاسة الجمهورية منافساً لسليمان فرنجية، وسلام نصيره، ثم لريمون إده، صديق سلام على رغم "حِلفيته" ومعارضته الناصرية التي "قاد" الزعيم البيروتي في 1958 "الثورة" على كميل شمعون وحلف بغداد باسمها-، على محور هجين جمع "الحركة الوطنية" المحلية، وبعض المعارضة المسيحية، وبعض الطاقم النيابي التقليدي. ولا هما، العقدة والمدار، غلبة النزاع السوري (الأسدي)- الفلسطيني (الفتحاوي "العرفاتي")، أصلاً وفروعاً، على تصريف شؤون الدولة اللبنانية، وأبنيتها وموقعها من الجماعات في الداخل ومن محاور النزاع والتحالف في الخارج المزدوج، الإقليمي والدولي.

الناس والجميع

وعلى هذا، لا يفهم القارئ، معاصر يوميات سلام، وبالأحرى غير معاصرها والمكتهل البالغ الأربعين اليوم، ما يعنيه المدوّن حين يكتب: "(أن) الناس بدأت تضجّ من عدم التقدّم بأي خطوة منذ انتخاب سركيس...". فـ"الناس" (على معنى "نحن ناسك" المكتوبة أسفل لوحة لسعد الحريري ورُفعت على مبنى في محلة المنلا غرب بيروت قبل انسحاب ابن رفيق الحريري")، انقسموا على الياس سركيس وريمون إده وصائب سلام وكميل شمعون والقوات السورية وأحزاب "الجبهة" العروبية السوفياتية والقوات الفلسطينية ومنظماتها والجيش اللبناني وكمال جنبلاط والمفتي حسن خالد، وغيرهم، "أحزاباً" لا تحصى.

وفي الثلث الأول من أيار/ مايو 1976 كانوا كابدوا 13 شهراً كاملة من "جولات" القتال الطائفة في الأنحاء اللبنانية، ناحية بعد أخرى. وأعقبت الأشهر هذه ستة أعوام كاملة- منذ القصف الإسرائيلي لمطار بيروت في خريف 1968، ثم انفجار التظاهرات الدامية في نيسان/ أبريل 1969 وخريفها، عشية إقرار اتفاق الطائف في رعاية القاهرة ومواطأة قائد الجيش إميل البستاني المستشرف رئاسة خالَها في المتناول، إلى الحملات الإسرائيلية اليومية جواً وبراً في 1971 و1972 و1973- وتردداتها الداخلية- من الاضطرابات المتفرقة: الحواجز على مداخل المناطق الأمنية، ومداهمات المنازل، والدوريات، والتهجير، والاغتيالات، والقصف...

فمَن هم هؤلاء "الناس"؟ أو من أي ناس هم؟ وما معنى أنهم "بدأوا" يضجون؟ وكيف يصل صاحب "الذكريات" هذا البحر من الوقائع النافذة إلى الأوردة، "بين الوريد والوريد"، بـ"(التصعيد) بعض الشيء"، على قوله، من طريق "(تحذير) من استمرار المؤامرة"؟ وكيف يسفر "الضيق" الفلسطيني و"القلق" اللبناني الإسلامي عن حلول أو عن سياسة؟

"لا تسعف المركزية الأنوية (أو الأنانية) على فهم الوقائع المعقّدة والمترابطة من سبل متعرجة. وليس من شيم السياسيين العرب إدراج أنفسهم على صورة عنصر من عناصر تاريخ كثير الوجوه، ولم يفرج بعد، في أثناء حدوثه، عن معظم تشابكاته وعلاقاته الجانبية والخلفية"

وسلام يسكت عن بواعث الضيق: الحصار السوري العسكري والميداني الزاحف، وتفاقم الخلاف الذي جر القيادة الفتحاوية إلى تجريد المنظمات الفلسطينية واللبنانية المعروفة بولائها الأسدي من سلاحها مطلع 1976، ومد الأجهزة السورية جسوراً مع القوات المسيحية مهدت إلى الاشتراك في حصار تل الزعتر وتهجير أهله ومذبحته، وتقرّب ياسر عرفات من أنور السادات ومساعيه التفاوضية السرية والمعروفة. ولا يفصح عن تناغم هذه البواعث مع دواعي قلقه وقلق أصحابه.

ذروة القصة

وتفتق الشعوران عن قرار بتكليف السيد موسى الصدر- رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، و"شيخ" أو "سيد" حركة المحرومين، ومؤسس أفواج المقاومة اللبنانية في حضن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (جورج حبش) شكلاً، وحليف حافظ الأسد وأجهزته الأمنية والأهلية الحميم، والمتحفظ بشدة عن العبث الفلسطيني المسلح بجنوب لبنان- زيارة دمشق "في محاولة لإبلاغ السوريين مشاعر القلق التي تعترينا من جراء تدخلهم العسكري".

وإلى هذا الموضع من السرد لم تبلغ الرواية "ذروتها" الدرامية بعد. فهذه، الذروة، بطلها صائب سلام نفسه. ففي ختام اجتماع عرمون في منزل المفتي الشيخ حسن خالد، "جرت مشادة بين (سلام) وبين المفتي... (كان) فيها (الراوي) شديد القسوة على (المفتي)". ويخمّن القارئ في سبب المشادة والقساوة، وهو "تملّق" الشيخ ورشيد كرامي، رئيس الحكومة الطرابلسي، وخصم سلام، وخالفه "الشهابي" و"التقدمي" على رئاسة الحكومة إلى حين مقتله في 1987، دمشق والسير في ركاب سياستها العسكرية والأمنية والأهلية في لبنان.

ويثير "تملق" الشيخ والرئيس حفيظة الزعيم البيروتي، السابق والجزئي و"الفائت"، أو "المفوَّت" (على قول ياسين الحافظ في البنى الاجتماعية العربية التقليدية)، ولا يثيرها حلف موسى الصدر الوثيق بـ"سورية الأسد" ومعها، وشروعه في تجنيد "شيعته" في حرب شرسة على المنظمات الفلسطينية المسلحة، وعلى مخيمات الفلسطينيين طوال عقد ونصف العقد (1976- 1990).

وأرفق سلام المشادة، وهو يصف موقفه ويسكت عن موقف الخصم، بالانسحاب، ويكتب: "الأمر الذي كان له ضجة كبيرة في الصحف ولدى الرأي العام". ويكرر في الحال: "وكان لموقفي تأييد واسع عند المسلمين الذين قالوا لي إنهم يشعرون من جديد بأنني أحافظ على كرامتهم". وهؤلاء "المسلمون" وهم صنو "الناس" الذين "ضجّوا" قبل أسطر، كتلة أو "جميع" (على مثال قبلي وعشائري: /فسلني عن جميعك أين حلوا/... ينشد الشاعر) لا يتميز، ويحل في شخص الزعيم الوطني والأهلي، ويتكلم بلسانه. فلا يسع المخالفين، "من الذين يحقدون عليّ"، غير "الاتصال بي هاتفياً لتهنئتي على موقفي".

وسط الصورة

وعلى هذا المنوال تتعاقب الحوادث وأخبارها، وقلما (وهذه من قبيل التحفظ) يخرج الخبر عن نطاق المداولة والبيان والتلفون. ووراء هذه، أو تحتها، "ناس" غفل يعلن الزعيم، وتبرّع بعض معلقي الحاشيات بتلقيبه بـ"رجل دولة" من كيسهم الخاص، ما يكنّونه في سرهم من مشاعر، ولا يبلغ مبلغ الخسائر والضحايا والمصائر المدمّرة والكوارث.

ويتوسط المنظر أو السياق، بالغاً ما بلغ من الهول والجسامة، صاحب الذكريات وراويها. فغداة ليلة الثلاثاء، في 22 حزيران/ يونيو 1982، وهي ليلة لم يذق فيها الراوي طعم النوم، ولم يذقه "أهل بيروت" معه، بسبب القصف الإسرائيلي المتصل، "قرر" دعوة "المقاومة الفلسطينية" إلى الاجتماع به. وقبل الدعوة، "(حاول) معالجة ذلك". وأفضت المحاولة إلى تأليف "هيئة الإنقاذ الوطنية". فأتبعها بالدعوة الآنفة "للبحث معهم في ترتيب الأمور".

فكلّم السفير الأميركي فيليب حبيب، فوجده عند رئيس الجمهورية، فكلم كذلك رئيس الجمهورية، ثم كلمه السفير حبيب من السفارة. و"طلب أن يقابلني". وتبادلا الاعتراف بعنف القصف، وإفشاء مصدره: نسبه الأميركي إلى المقاتلين الفلسطينيين، ونسبه اللبناني إلى الإسرائيليين، وإنْ على سبيل الرد على الفلسطينيين. ونقل سلام، العائد إلى "السياسة" بعد تسعة أعوام من الخفاء "تحت" نفوذ "الحركة الوطنية"- الفلسطينية وزعيمها كمال جنبلاط وخالفه ابنه، إلى حبيب علة القصف الفلسطيني: التقدم الإسرائيلي المدرّع على جبهة بيروت. فأبرق السفير إلى واشنطن "بإيقاف الزحف وأنا (سلام) عنده".

ومراسلو الصحف الأجنبية "الأجانب" يتقاطرون على الرئيس السابق "ويتوافدون (عليه) بالعشرات". وهو "(يعطيهم) الصورة للخارج بأن الفلسطينيين قد قاتلوا قتالاً مجيداً من الحدود إلى بيروت". ويستصرخ العالم، ووكالات الأنباء والصحف، "أسعى كل ساعة مع الوزراء، مع السفراء، مع التجمع الإسلامي"، فريقه النيابي.

عالم متوحش

وتصوير السياسة على هذه الصورة من المسرحة، والشخصنة والعلاقات "الاجتماعية"، والانفكاك من النزاعات والقوى والمصالح (ما عدا المصالح الأهلية التي تمثل الزعامات عليها) والأهواء وقسرها وإكراهها، يعود إلى عصر ووقت ظرفيين وموقتين. وتدعو غلبة التدوين اليومي إلى نظر قريب ولصيق بتفاصيل اللحظة أو الساعة، وتبعد من تركيب السياقات المديدة التي نحسبها أقدر من الانطباعات السريعة على فهم الوقائع المعقّدة والمترابطة من سبل متعرجة.

ولا تسعف المركزية الأنوية (أو الأنانية) على التركيب والفهم هذين. وليس من شيم السياسيين العرب- كانوا على رأس هيئات ومنظمات رسمية مثل الجامعة العربية (مثل المصري عمرو موسى الذي نشر مذكراته منذ قرابة السنتين)، أم ممثلو حركات سياسية شعبية في وقت من الأوقات (مثل السوري برهان غليون الذي انتُخب إلى رئاسة "ائتلاف" وطني عريض وكتب في اختباره هذا)- إدراج أنفسهم على صورة عنصر من عناصر تاريخ كثير الوجوه، ولم يفرج بعد، في أثناء حدوثه، عن معظم تشابكاته وعلاقاته الجانبية والخلفية.

ولا ريب في أن للكتابة- على معنى مزاوجة وجوه العبارة من تصريح وتلميح، ومن جزم وتعليق، واختصار وإطناب، وتعريف وإغفال- دوراً راجحاً في بناء الرواية وعمارتها. وعلى مثال القرنفلة والسيجار والسترة التقليدية التي اختارها صائب سلام علماً (أعلاماً) على هويته الاجتماعية والشخصية، رضي بكتابة صحافية ومدرسية تقريرية دليلاً إلى عالم سياسي متوحش داهمه على نحو ما داهم معظم معاصريه و"طبقته" السياسية كلها.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image