شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
بين القوة والحجم المناسب... رحلة البحث عن الواقي الذكري المثالي

بين القوة والحجم المناسب... رحلة البحث عن الواقي الذكري المثالي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 22 يوليو 202204:43 م

في الوقت الذي كان فيه حاكماً لواحدة من أقدم الحضارات العظيمة في أوروبا منذ حوالي 5000 عام، كان الملك مينوس، ملك كريت، يعاني من مشكلة تتمثل في كون السائل المنوي لديه ساماً، وجاء في الأسطورة إن العديد من عشيقات الملك قد فارقن الحياة بعد أن مارسن الجنس معه وهو يقذف "الأفاعي والعقارب".

في حين أن هذا المرض التناسلي يعد غريباً، غير أنه أدى إلى ابتكار مألوف، بحيث أن الملك مينوس هو أول شخص مسجل استخدم الواقي الذكري المصنوع من مثانة الماعز، والذي يُقال إنه ساعد في الحفاظ على سلامة عشيقات الملك أثناء الجماع.

حماية ضد الأمراض

استخدم المصريون الواقي الذكري المصنوع من غلاف الكتان منذ حوالي 1000 قبل الميلاد، بحيث كانوا يلجؤون إلى هذا العازل الذكري لحماية أنفسهم من الأمراض الاستوائية المختلفة مثل البلهارسيا.

واليوم، يتم بيع حوالي 30 مليار عازل ذكري في جميع أنحاء العالم كل عام.

واللافت أنه منذ العام 1990، تم درء ما يقدر بنحو 45 مليون إصابة بفيروس نقص المناعة البشرية من خلال استخدام الواقي الذكري، وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة المموّلة من برنامج الأمم المتحدة المشترك، المعني بفيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز.

لكن بحسب منظمة الصحة العالمية، لا يزال أكثر من مليون إصابة تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي يومياً، ويُقدر أن هناك 80 مليون حالة حمل غير مخطط لها كل عام.

استخدم المصريون الواقي الذكري المصنوع من غلاف الكتان منذ حوالي 1000 قبل الميلاد، بحيث كانوا يلجؤون إلى هذا العازل الذكري لحماية أنفسهم من الأمراض الاستوائية المختلفة مثل البلهارسيا

وقد أدى ذلك بالعديد من خبراء الصحة العامة إلى التشديد على أن الواقي الذكري يجب أن يلعب دوراً أكبر في المساعدة على منع انتشار المرض وفي تنظيم الأسرة، ومع ذلك، يوفر الكوندوم الحديث المصنوع من اللاتكس، حماية بنسبة 80% أو أكثر ضد معظم الأمراض المنقولة جنسياً.

هذا ووجدت الدراسات أن العازل الذكري، عند استخدامه بشكل صحيح، يمكن أن يكون فعالاً بنسبة تصل إلى 95% في منع انتقال فيروس نقص المناعة البشرية.

via GIPHY

رفض الواقي الذكري

إن حثّ الناس على استخدام الكوندوم بشكل صحيح لا يزال يمثل تحدياً كبيراً، وفقاً لما قاله ويليام ياربر، المدير الأول للمركز الريفي للوقاية من الإيدز/ الأمراض المنقولة بالاتصال الجنسي في جامعة إنديانا، لموقع بي بي سي: "يرغب الكثيرون في استخدام الواقي الذكري، ولكن لديهم تجارب سلبية مع استخدامه، أو لا يعرفون الكثير عن الاستخدام الصحيح للواقي الذكري وكيفية استخدام الواقي أثناء الاستمتاع بالجنس".

هناك مجموعة متنوعة من الأسباب التي تجعل بعض الناس يمتنعون عن استخدام الواقي الذكري، سواء كان ذلك لاعتبارات دينية أو لغياب التربية الجنسية، كما أن تمزق العازل الذكري أو انزلاقاته، رغم أنها غير شائعة نسبياً وتحدث بين 1% و 5% من الحالات، يمكن أن تؤثر على ثقة المستخدمين، الأمر الذي دفع العلماء إلى البحث عن طرق لتحسين الواقي الذكري بمواد وتقنيات مبتكرة، على أمل أن يتمكن المزيد من الناس من استخدامه بثقة.

تستخدم إحدى الأفكار الواعدة لتقوية الواقيات الذكرية الغرافين، وهو عبارة عن طبقة مفردة رفيعة جداً من ذرات الكربون، تم تحديدها لأول مرة بواسطة العلماء الحائزين على جائزة نوبل في جامعة مانشستر بالمملكة المتحدة في العام 2004. أرافيند فيجاياراغافان، عالم المواد في معهد الغرافين الوطني بالجامعة من مانشستر، يعتقد أن "أنحف وأخف وأقوى وأفضل مادة موصلة للحرارة في العالم" يمكن أن تكون مثالية لتحسين خصائص الواقي الذكري.

في العام 2013، حصل فريق أرافيند على منحة من مؤسسة Bill and Melinda Gates كجزء من حملة لتطوير تصميمات مبتكرة للواقي الذكري، لكن نظراً لاستحالة تصنيع الغرافين لوحده، يقوم الفريق بدمج الغرافين مع كل من اللاتكس والبولي يوريثين، ما يسمح بجعل العازل الذكري أرق بنسبة 20% مع الاحتفاظ بقوته الحالية.

بدورها، تعمل مجموعة أخرى في جامعة كوينزلاند، أستراليا، على جعل المواد المستخدمة في الواقي الذكري أرق وأقوى، عبر تطوير واقيات ذكرية تجمع بين مادة اللاتكس وألياف من عشب السينيفكس الأسترالي الأصلي.

فقد وجد الباحثون أنهم قادرون على تقوية اللاتكس باستخدام النانوسليلوز المستخرج من لب العشب. كانت أغشية اللاتكس الناتجة أقوى بنسبة تصل إلى 17% ويمكن جعلها أرق. يقول الباحثون إنه بوسعهم إنتاج واقٍ ذكري يمكنه تحمل ضغط أكبر بنسبة 20% في اختبار الانفجار، ويمكن تضخيمه بنسبة 40% أكبر مقارنة بالواقي الذكري المصنوع من مادة اللاتكس التجارية.

في هذا الصدد، قال نسيم أميراليان، مهندس المواد في جامعة كوينزلاند، وهو أحد أولئك الذين يقودون المشروع، إن الفريق يعمل مع مصنّعي الواقيات الذكرية في محاولة لتحسين التركيبات وطرق المعالجة، معرباً عن أمله في أن يتمكنوا من صنع عازل ذكري أقوى، ولكن ربما أيضاً أرق بنسبة 30% من الواقي الذكري الحالي.

حساسية اللاتكس

في حين أن مادة اللاتكس هي حالياً أكثر المواد شيوعاً المستخدمة في الواقيات الذكرية، إلا أن الكثير من الناس يجدونها غير مريحة للاستخدام، وغالباً ما تتطلب مواد تشحيم، كما يعتبر اللاتكس أيضاً مكلفاً نسبياً، ما قد يمثل حاجزاً إضافياً أمام استخدام الواقي الذكري.

يعاني حوالي 4.3% من سكان العالم أيضاً من حساسية اللاتكس، ما يجعل النوع الأكثر شيوعاً من الواقي الذكري غير صالح للاستخدام لملايين الأشخاص.

وفي حين أن البدائل، مثل البولي يوريثين أو الواقي الذكري الغشائي الطبيعي، متوفرة، إلا أنها تنطوي على بعض العيوب: تتمزق الواقيات الذكرية المصنوعة من مادة البولي يوريثين بسهولة أكبر بكثير من الواقي الذكري المصنوع من مادة اللاتكس، بينما تحتوي الواقيات الغشائية الطبيعية على مسام صغيرة لا تمنع مرور مسببات الأمراض المنقولة بالاتصال الجنسي، بما في ذلك التهاب الكبد B وفيروس نقص المناعة البشرية.

وعليه، تسعى مجموعة أخرى من العلماء الأستراليين إلى استبدال مادة اللاتكس بمادة جديدة تسمى "هيدروجيل صلب". تميل معظم الهلاميات المائية إلى أن تكون ناعمة، لكن تلك التي يعمل عليها باحثون في جامعة سوينبورن للتكنولوجيا وجامعة ولونغونغ في أستراليا قوية ومرنة مثل المطاط نفسه.

أنشأ الفريق شركة فرعية تسمى Eudaemon تحاول البناء على البحث الأولي في "GelDoms". نظراً لأنها لا تحتوي على مادة اللاتكس، يمكن تجنب مشاكل الحساسية المرتبطة بالواقي الذكري التقليدي، لكن فريق البحث يقول إن الهلاميات المائية الخاصة بهم يمكن تصميمها وكأنها جلد الإنسان، وبالتالي يكون لها ملمس طبيعي، ونظراً لاحتواء الهيدروجيل على الماء، فهي أيضاً ذاتية التزليق أو يمكن إنشاؤها باستخدام الأدوية المضادة للأمراض المنقولة جنسياً والتي يتم إطلاقها أثناء الاستخدام.

التزليق والحجم

يعد ضمان إمكانية استخدام الواقي الذكري دون تزييت إضافي تحدياً آخر وجه العلماء انتباههم إليه. طورت مجموعة من الباحثين في جامعة بوسطن في الولايات المتحدة طلاء يمكن تطبيقه على الواقيات الذكرية الذي يسمح لها بأن تصبح ذاتية التزليق.

via GIPHY

تقول ستايسي تشين، الرئيسة التنفيذية والمؤسس المشارك للشركة الناشئة HydroGlyde Coatings، إن الواقيات الذكرية ذاتية التزليق يمكن أن تتحمل ما لا يقل عن 1000 دفعة (ضغط قوي متواصل)، مقارنةً بالواقي الذكري العادي الذي يقترب من 600 دفعة فقط.

ويعد الحجم مشكلة أخرى يواجهها صناع الواقي الذكري.

من الواقي الذكري المصنوع من الأمعاء أو المثانة، وصولاً إلى العازل المصنوع من الاتكس الذي يتمتع بمرونة عالية، مرت الواقيات الذكرية بتحول كبير ، ولكن حتى مع وجود كوندوم أقوى وأرق وأكثر راحة، فمن الواضح أن هناك الكثير الذي يمكن تحقيقه مع المزيد من التربية الجنسية التي قد تغيب أحياناً، بخاصة في أوطاننا العربية

فقد وجدت دراسة من جامعة إنديانا في العام 2014 أن طول القضيب المنتصب لـ1661 رجلاً ناشطاً جنسياً في الولايات المتحدة الأميركية يتراوح بين 4 سم إلى 26 سم، بينما يبلغ متوسط طول الواقي الذكري 18 سم.

رداً على ذلك، تقدم شركة Global Protection Corporation واقيات ذكرية تأتي في 10 أطوال مختلفة.

تعمل سينثيا غراهام، الأستاذة في الصحة الجنسية والإنجابية في جامعة ساوثهامبتون، والباحثة في فريق الواقي الذكري في معهد كينزي في جامعة إنديانا، على تقييم ما إذا كانت الطرق الجديدة لوضع الواقي الذكري قد تجعله أسهل في الاستخدام، بحيث تم اختبار نوع جديد من الواقي الذكري الذي يستخدم أداة مدمجة تسمح بوضع العازل دون لمسه.

ومع ذلك، هناك مسائل أخرى أكثر جوهرية تقف في طريق استخدام الواقيات الذكرية، بحسب غراهام: "من الشائع جداً ألا يستخدم الناس الواقي الذكري، فهم يستخدمونه لمنع الحمل بدلاً من الأمراض المنقولة بالاتصال الجنسي. والأسوأ من ذلك هو أن الكثير من الشباب يعتقدون أن معظم الأمراض قابلة للعلاج، لذا فهم غير قلقين بشأنها".

من الواقي الذكري المصنوع من الأمعاء أو المثانة، وصولاً إلى العازل المصنوع من الاتكس الذي يتمتع بمرونة عالية، مرت الواقيات الذكرية بتحول كبير ، ولكن حتى مع وجود كوندوم أقوى وأرق وأكثر راحة، فمن الواضح أن هناك الكثير الذي يمكن تحقيقه مع المزيد من التربية الجنسية التي قد تغيب أحياناً، بخاصة في أوطاننا العربية. 

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image