عندما يتعلق الأمر بالجنس الآمن، غالباً ما يكون الواقي الذكري هو الخيار الأفضل، لكونه يوفر الحماية من الأمراض المنقولة جنسياً، كما أنه مناسب للأزواج الذين يخططون لعدم الإنجاب.
غير أن بعض الرجال يمتعضون من فكرة استخدام الأوقية الذكرية لاعتبارات عديدة، أهمها الخشية من فقدان الإحساس واللذة، ما يؤثر سلباً على الأداء الجنسي، كاشفين أنه عندما "تشتعل" الإثارة في غرفة النوم، فإن العثور على الواقي الذكري ووضعه يمكن أن "يقتل" الرغبة الجنسية، ويحول دون الوصول إلى الانتصاب.
هل الجنس بحدّ ذاته "يرعب" حقاً هؤلاء ويمنعهم من عيش اللحظة والاستمتاع بالعملية الجنسية مع الشريك/ة، أم أن الواقي الذكري يسبب فعلاً الضعف الجنسي؟
مشاكل الانتصاب والقلق
يعاني غالبية الرجال من الضعف الجنسي في مرحلة ما من حياتهم، لكن المزيد من الشباب في العشرينيات والثلاثينيات من العمر يختبرون مشاكل في الوصول إلى الانتصاب، أو الحفاظ عليه بما يكفي لإتمام العملية الجنسية.
يعتقد الكثير من الخبراء أن ضعف الانتصاب (ED)، المعروف أيضاً بالضعف الجنسي، أصبح أكثر انتشاراً بين جيل الشباب.
فقد كشفت إحدى الدراسات التي أُجريت على 2000 رجل بريطاني أن 50% من المشتركين الذين هم في الثلاثينيات من العمر، أبلغوا عن صعوبة في الوصول إلى الانتصاب والحفاظ عليه خلال العملية الجنسية.
بعض الرجال يمتعضون من فكرة استخدام الأوقية الذكرية لاعتبارات عديدة، أهمها الخشية من فقدان الإحساس واللذة، ما يؤثر سلباً على الأداء الجنسي، كاشفين أنه عندما "تشتعل" الإثارة في غرفة النوم، فإن العثور على الواقي الذكري ووضعه يمكن أن "يقتل" الرغبة الجنسية، ويحول دون الوصول إلى الانتصاب
وفي حين أن هناك القليل من الأدلة العلمية والإحصائيات الدقيقة التي تتحدث عن ازدياد انتشار العجز الجنسي، فإن ما زاد بالفعل هو القلق من الأداء الجنسي نفسه: يعتقد المزيد من الرجال أنهم يعانون من خلل في الانتصاب، في الوقت الذي يسيطر عليهم القلق بشأن الأداء الجنسي، وبالتالي تحت الضغوطات الاجتماعية يقوم هؤلاء بتشخيص أنفسهم، عن طريق الخطأ، بالضعف الجنسي بعد بضع محاولات غير ناجحة لممارسة الجنس، وهذا يعود بشكل أساسي إلى المجتمعات التي نعيش في كنفها، وفق ما قاله بول نيلسون، مؤسسة Frank Talk، وهي مجموعة دعم عبر الإنترنت للرجال الذين يعانون من الضعف الجنسي: "لقد نشأنا في ثقافة لا يتحدث فيها الرجال بصدق عن الجنس... لا أحد يخبركم كيفية ممارسة الجنس، أنتم تكتشفون ذلك بأنفسكم عن طريق الفتيان المراهقين والمواد الإباحية".
هناك العديد من الأسباب الجسدية والنفسية المحتملة لضعف الانتصاب، فقد يكون العجز الجنسي علامة تحذير مبكرة لأمراض القلب أو مرض السكري، وقد يكون نتيجة تناول بعض الأدوية لعلاج حالات أخرى مثل ارتفاع ضغط الدم.
هذا وقد يكون الاكتئاب والتوتر، بخاصة عند استخدام الواقي الذكري، من أهم العوامل التي تؤدي إلى ضعف الانتصاب، بحيث يتشتت انتباه بعض الرجال ويفقدون الإثارة عندما يتوقفون عن النشاط الجنسي لوضع الكوندوم، ما يؤدي إلى عدم القدرة على الحفاظ على الانتصاب.
القلق عند استخدام الكوندوم
في الكثير من الحالات، لا يكون سبب الضعف الجنسي هو الواقي الذكري نفسه، بقدر ما يكون القلق المتعلق باستخدام الواقي الذكري والتصورات المسبقة عنه.
في دراسة أجريت في العام 2015، وشملت 479 رجلاً تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً، اتضح أن غالبية المشتركين يعانون من مشاكل في الانتصاب مرتبطة باستخدام الأوقية الذكرية، بحيث كشف 14% أنهم يختبرون فقدان الانتصاب أثناء وضع العازل الذكري، و16% يعانون من مشاكل أثناء الجماع نفسه، هذا وتبيّن أن حوالي ثلث الأفراد يعانون من مشاكل الانتصاب في كلا الحالتين.
وعلّق مؤلفو الدراسة على هذه النتائج بالقول: "إن مشاكل الانتصاب المرتبطة بالواقي الذكري هي عامل تم التقليل من شأنه فيما يتعلق باستخدام الواقي الذكري غير المتسق أو غير المكتمل".
في الكثير من الحالات، لا يكون سبب الضعف الجنسي هو الواقي الذكري نفسه، بقدر ما يكون القلق المتعلق باستخدام الواقي الذكري والتصورات المسبقة عنه
من جهته، تحدث الأخصائي في العلاقات الجنسية أنطوني حكيم، عن غياب التربية الجنسية والتوعية الجنسية والأفكار النمطية التي تدور حول الواقي الذكري: "بعض الرجال يعتبرون أن الكوندوم هو بمثابة جدار يفصلهم عن الطرف الآخر، والمشكلة أنه في معظم الأحيان، يبدأ الرجال باستخدام الواقي الذكري في مرحلة لاحقة من حياتهم الجنسية، أي بعد أن يتعرفوا على مخاطر الجنس، وبالتالي فإن الرجل في هذه الحالة لا يتعرف من البداية وبشكل كاف على الجنس الآمن، ولا يعي أهمية استخدام الواقي الذكري أثناء علاقاته الجنسية".
من هنا، شبّه حكيم الواقي الذكري بحزام الأمان: "في حال لم يعتد المرء منذ البداية على وضع حزام الأمان، فأنه يصعب عليه في وقت لاحق أن يستخدمه عند قيادة السيارة، وبالمثل، في حال انخرط الفرد في العلاقات الجنسية من دون أن يتعرف على كيفية ممارسة الجنس بشكل آمن، فإنه يكون من الصعب عليه في وقت لاحق استخدام الكوندوم".
وأوضح أنطوني لرصيف22 أنه نتيجة غياب التوعية الجنسية، فإن بعض الأشخاص يربطون بين الأوقية الذكرية وضعف الانتصاب، كما أن البعض يجد صعوبة في استخدام العازل الذكري، نتيجة عدم قراءة التعليمات الموجودة على العلبة: "البعض يستخدم الكوندوم لأول مرة أثناء العلاقة الجنسية، ونظراً لغياب الخبرة وعدم المعرفة في كيفية استخدامه بشكل صحيح، تترافق العملية الجنسية بالتوتر الشديد الذي يحول دون الوصول إلى الانتصاب".
وبالتالي شرح حكيم أن هذه التجربة السلبية مع الواقي الذكري، ستجعل الشخص المعني يربط في ذهنه استخدام العازل الذكري مع مشاعر القلق والخوف.
وفي معرض الحديث عن الكوندوم وسيكولوجية اللذة الجنسية، قال أنطوني: "المشكلة الحقيقية هي أنو بعض الأشخاص بيتوقعوا مسبقاً أنو الكوندوم رح يخففلن اللذة الجنسية، فما بيربطوا الجنس الآمن بالتجربة الجنسية يلي فيها لذة، وبالتالي عند استخدام الواقي الذكري بكون التأثير النفسي سلبي بخاصة وأنو بتم ربطه بالأمراض المنقولة جنسياً".
كيف نجعل التجربة الجنسية مع الكوندوم "ألذ"؟
هناك أنواع مختلفة من الأوقية الذكرية المصممة بعناية لكي تناسب كل شخص وحاجاته الجنسية، فهناك الواقي الذكري المطاط (لاتكس) أو الخالي من المطاط، الواقي الذكري المزلق، أو الرقيق جداً، أو الواقيات المصنوعة من المطاط والمغطاة بنكهات والتي يتم استخدامها عند الجنس الفموي.
"الكوندوم مش جدار بيفصلني عن الشريك وبيأثر سلباً على اللذة وبيعمل ضعف انتصاب، بس بيعني أني شخص مسؤول عم بحمي حالي وعم بحمي شريكي"
في هذا السياق، كشف أنطوني حكيم أن بعض الأشخاص يمتعضون من سماكة الواقي، بخاصة حين يكون مشدوداً على العضو الذكري، وعليه بإمكان هؤلاء اختيار حجم آخر، أو حتى تفصيل واقٍ ذكري "حسب الطلب"، وفق قوله: "يقوم الرجل المعني بقياس عضوه الذكري اثناء الانتصاب، وبناء على ذلك يتم تصميم عازل يناسبه".
وبهدف تحسين التجربة الجنسية والتخفيف من التوتر المصاحب لاستخدام الواقي الذكري أمام الشريك، شدد حكيم على أهمية أن يقوم المرء بتجربة العازل الذكري لوحده لمعرفة ما يناسبه، بالإضافة إلى استخدام المزلقات الجنسية التي بوسعها تسهيل العلاقة الحميمية بين الشريكين، والتخفيف من الاحتكاك غير المريح الناتج عن الجفاف.
وفي الختام، شدد أنطوني حكيم على أهمية التوعية الجنسية وإفساح المجال للتحدث أكثر عن تجاربنا واختباراتنا الجنسية بحرية، بالإضافة إلى النظر إلى الواقي الذكري بشكل إيجابي: "الكوندوم مش جدار بيفصلني عن الشريك وبيأثر سلباً على اللذة وبيعمل ضعف انتصاب، بس بيعني أني شخص مسؤول عم بحمي حالي وعم بحمي شريكي".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...