أمي التي لم تزر منزل "حليم" قط، كانت تصفه بدقة شديدة
الأكثر قراءة
-
ثقافة
"دِيني ودُنياي"... قصة غرام الخليفة الأمين بمعشوقه "كوثر"
-
ثقافة
قصة ابن نوح الذي أغرقه الطوفان... مفتاح لأبواب موصدة
-
حياة
"الرفاعية" غاضبون... حملة إعلامية أردنية أجبرت أهل الطريقة على هجر طقوسهم
-
حياة
"حق إيمان أرشيد" في الأردن... هل يضيّعه حظر النشر عن القضيّة؟
-
رأي
العنف في المجتمعات العربية... إلى أين نحن ذاهبون؟
في مدرسة ثانوية للفتيات، لم يتورع الناظر الحازم أن يقف في الطابور صباحاً ليعزي الفتيات اللاتي اتشحن بالسواد، ويحثهم على الصبر، وأن عبد الحليم في الجنة إن شاء الله بشفاعة مرضه له. تكرر المشهد في كل مدارس مصر تقريباً، وكل شوارعها، بكاه الجميع بحرقه حقيقية كأنهم فقدوا عزيزاً من أسرتهم وليس فناناً مشهوراً. ترددت الأخبار عن الفتيات اللواتي قررن أن ينهين حياتهم بعد أن سمعن بخبر موت عبد الحليم. حتى الشباب الذين اعتادوا السخرية من الفتيات لشدة تعلقهم به في حياته غالبتهم دموعهم يوم جنازته.
تحكي لي أمي عن "فكرة عبد الحليم" منذ أن كنت طفلة. تردد أنه كان طبيعياً أن تحبه كل الفتيات وأن يلتزمن بالحداد عليه. حليم كان أنشودة الحب الضائع، فتى في وجهه ألفة غريبة تجعله يشبه أي فرد من أفراد أي أسرة مصرية.
عبد الحليم هو اليتيم الذي قرر أن يتبناه الجميع، كأنه قرار جماعي ترسخ في العقل اللاوعي. ربما هذا الحب وهذا الشعور بالمسؤولية تجاهه كانا السبب أن تجسيده في أي عمل فني كان دائماً قراراً صعباً
حب لا يموت
"الله يرحمك يا عبد الحليم، حبي الضائع..."، "نفسي تكون معايا دلوقتي وحاسس بيا"، "في الجنة يا حليم.."، "إلى أعز مخلوق، إلى أعز إنسان..."، "حبيبي حليم، كلنا بنحبك"
رسائل وقع أسفلها أو بجانبها من كتبها، نساء ورجال، منهم من ولد أصلاً بعد وفاته.
لماذا عبد الحليم؟ لم يكن المغني الأكثر طرباً في وقته، ولا أغانيه الأكثر تأثيراً، هناك من عاصروه ربما يمتاز صوتهم وكلماتهم عنه
"آه طبعاً يا أبلة، لسه بيجوا زي ماهم ما بينقصوش، ومن كل حتة ومن كل محافظة وحتى من بلاد برا".
بلا آباء
عبد الحليم هو اليتيم الذي قرر أن يتبناه الجميع، كأنه قرار جماعي ترسخ في العقل اللاوعي لكل من تحدث لغته. ربما هذا الحب وهذا الشعور بالمسؤولية تجاهه كانا السبب أن تجسيده في أي عمل فني كان دائماً قراراً صعباً، ولن يتقبله أحد، إلى أن قام بتجسيده شخص يقاربه في المعزة الشعبية ومعاناة المرض كأحمد زكي. حليم بالنسبة للجيل الذي عاصره هو الذاكرة الجمعية لهم.
بسؤال أي أحد ممن عاصروه عن يوم وفاته سيردد نفس الشهادة. لن تختلف بأي شكل من الأشكال. لذلك شكلت رواية حياة عبد الحليم وعرض المعلومات التي قد لا تكون معروفة للجمهور الذي عاصره نوعاً من أنواع التجني على ذاكرتهم، على شهادتهم على حياته، كأنها انتقاص من حبهم له واهتمامهم به.
كان أملاً في الحب لجيل كامل، وبوفاته انتهت كل الآمال في وجوده كما صوره لهم. ليس المغني "العاطفي" الوحيد في وقته، ولا بعده، لكنه جسد الأمل الوحيد للعثور عليه. قبل أن أغادر ألمح أخرى كتبت على الحائط من سنوات قريبة جداً: "عبد الحليم حافظ، أنت حلم حياتي وأنا صغيرة وما زلت مُحبتك".
* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22
الأكثر قراءة
-
ثقافة
"دِيني ودُنياي"... قصة غرام الخليفة الأمين بمعشوقه "كوثر"
-
ثقافة
قصة ابن نوح الذي أغرقه الطوفان... مفتاح لأبواب موصدة
-
حياة
"الرفاعية" غاضبون... حملة إعلامية أردنية أجبرت أهل الطريقة على هجر طقوسهم
-
حياة
"حق إيمان أرشيد" في الأردن... هل يضيّعه حظر النشر عن القضيّة؟
-
رأي
العنف في المجتمعات العربية... إلى أين نحن ذاهبون؟