"المتفرجون الإسرائليون هم أكثر المتفرجين كراهة لدي. أنا لا أستطيع تحملهم. أنا لن أستبدل قميصي بقميص قاتل"؛ هذه التصريحات جاءت بدلاً من هذه: "هذا من أجل أطفال سوريا. نعلم أنكم عانيتم كثيراً. أنا لاعب مشهور، ولكنكم أنتم الأبطال الحقيقيون. لا تفقدوا الأمل، العالم معكم. أنا معكم". وهكذا شوه التلفزيون الإيراني المقطع المصور للنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، أثناء بث تقرير تلفزيوني عن نشاط اللاعب في مناصرة القضية الفلسطينية، وذلك في يوم الجمعة 17 من حزيران/يونيو، حيث دُبلجت خلال التقرير تصريحاتُ رونالدو للغة الفارسية عن معاداة إسرائيل بينما كان يتحدث أمام الكاميرا في الحقيقة عن دعم أطفال سوريا، المقطع الشهير الذي نشر عام 2016.
وقد هاجم الإعلام المحلي، التلفزيونَ الإيراني من أجلتشويه كلام رونالدو، والكذب والتزوير.
حلل باحثون أن ما بثه التلفزيون الإيراني عن شخصية نجم كرة القدم ودعمه اللا محدود للقضية الفلسطينية بل ومعاداته لإسرائيل، بعد مرور شهر على إفصاح خامنئي حول شعبية اللاعب بين الأطفال والشبان يأتي على حساب مصادرة شخصية هذا النجم
ولم يكتف التقرير في تشويه كلام رونالدو فحسب، بل قدم ترجمة مختلفة عن ما قاله رئيس الفيفا السابق جوزيف سيب بلاتر، عن الشخصية الرياضية للنجم البرتغالي حين وصفه بالجندي أو القائد العسكري داخل ملاعب الكرة، غير أنه ما دُبلج عن بلاتر في التلفزيون الإيراني، جاء كالتالي: "رونالدو يهدر المال على شَعره كما يفعل عارضو الأزياء". وجاءت هذه الترجمة الخاطئة المتعمدة، للدفاع عن صورة رونالدو التي رسمها التقرير عنه في دعم القدس، حيث أن أصحاب البلطجة واجهوا بغضب تصرفات لاعب كرة القدم تجاه الفلسطينيين، حسب ما ينقل التقرير.
شعبية رونالدو تثير حفيظة خامنئي
ويحظى كريستيانو رونالدو بشعبية لدى الإيرانيين مما أثار حفيظة المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي في 11 أيار/مايو الماضي عندما طالب المعلّمين في اجتماع عام، بتنفيذ استطلاع بين طلاب المدارس ليروا ما هي نسبة شهرة العالم الإيراني سعيد كاظمي آشتياني مقارنة بمدى نسبة شهرة رونالدو بين تلاميذهم.
وحلل باحثون أن ما بثه التلفزيون الإيراني عن شخصية نجم كرة القدم ودعمه اللا محدود للقضية الفلسطينية بل ومعاداته لإسرائيل، بعد مرور شهر على إفصاح خامنئي حول شعبية اللاعب بين الأطفال والشبان، يأتي على حساب مصادرة شخصية هذا النجم لترويج إيدولوجية النظام تجاه القضية الفلسطينية.
وتفاعل رواد المنصات عن كشف تزييف التلفزيون الإيراني، من خلال منشورات وتغريدات تدل على مدى حجم الغضب تجاه تزييف الحقائق عبر هيئة الإذاعة والتلفزيون، حيث أنها وفق القانون تحتكر الإعلام المرئي والمسموع في البلاد.
وكتب أحد الرواد أن التقرير کله كان مزیفاً وليس تصريحات رونالدو فحسب، وعلق آخر أن الكثير لا يتذکر أنه كان يروج التلفزيون في زمن سابق، أن اللاعب البرازيلي كاكا أصبح مسلماً، وأن اللاعب الفرنسي فرانك ريبيري بات شيعياً! وفي انتقاد لتاريخ التلفزيون الإيراني في بث الترجمات الخاطئة للقادة السياسيين قال أحد رواد الشبكات الاجتماعية: "يظن هؤلاء أنهم ما زالوا يعشيون كما قبل 10 سنوات، غير عارفين أنه اليوم وبفضل التكنولوجيا يتم الكشف عن أكاذيبهم".
دونالد ترامب و محمد مرسي لم يسلما من التشويه الإيراني
وردّ التلفزيون الإيراني يوم السبت الماضي 18 حزيران/يونيو، خلال بث تقرير آخر عن الضجيج الهائل الذي افتعله الإعلام الرقمي ضده معلناً: "ما تم نقله عن اللاعب رونالدو حول كرهه للإسرائيلين هو صحيح وموثوق ومتواجد على شبكة الإنترنت، ولكن بما أن تصريحاته كانت مكتوبة فاضطررنا أن نبث لقاءً مصوراً أرشيفياً بدل ذلك"، بينما لم يذكر التقرير الأول أن صور نجم كرة القدم كانت أرشيفية، وهذا ما جعل المشاهدين يرون على الشاشة أنه يتحدث في هذا اللقاء عن إسرائيل، بينما كان الحديث عن أطفال سوريا. وأما عن تشويه كلمة جوزيف بلاتر فلم تقدم إدارة التلفزيون توضيحاً بهذا الشأن.
وقد سبق أن شوه التلفزيون الإيراني تصريحات الآخرين عبر تقديم ترجمة خاطئة في عدة مرات، من أشهرها كان تشويه كلمة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أمام قادة العالم في اجتماع الأمم المتحدة عام 2017، عندما لم تترجم قناة "خبر" الإيرانية خلال تغطيتها المباشرة، ثلث تصريحاته عن إيران، واستمرت ببث ترجمة ناقصة وغير صحيحة لبقية حديث ترامب.
أما في عام 2012 فأثارت تصرفات هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني ضجة واسعة عندما بدّل المترجم المباشر كلمة "سوريا" بـ"البحرين" لثلاث مرات متتالية في التغطیة المباشرة لكلمة الرئيس المصري السابق محمد مرسي بطهران ليتغير نقد مرسي اللاذع لنظام بشار الأسد إلى دعم النظام السوري وانتقاد دولة البحرين.
على خطى المعاداة
وقد أعلن التلفزيون الإيراني عن إعداد سلسلة تقارير تحت عنوان "الرياضة ميدان المقاومة" وذلك للتعريف بنجوم الرياضة العالميين الذين يدعمون القضية الفلسطينية ويعادون إسرائيل، عبر بثها في نشرات أخبار الرياضة اليومية والتي تحظى بمتابعة واسعة من الجماهير الرياضية.
وتأتي هذه الخطوة في سبيل ترسيخ ثقافة المعاداة لإسرائيل في أوساط الرياضيين وهواتها حيث تحظر الجمهورية الإسلامية على رياضيها مواجهة نظرائهم الإسرائيلين في ملاعب الرياضة ويستوجب عليهم الانسحاب أو الخسارة المتعمدة لضمان عدم خوضهم المنافسة المحتملة مع لاعب إسرائيلي. ناهيك عن أي نشاط رياضي مع أشخاص أو فرق أو هيئات رياضية للعدو الأول بالنسبة للبلاد حسب تعبير النظام الإيراني.
خامنئي يؤكد استمرار سياسة رفض لاعبي إسرائيل
وفي خضم السنوات الماضية تعالت أصوات الرياضيين الإيرانيين منددين بمنعهم من نيل البطولات والجوائز العالمية اثر الانسحاب من المواجهة مع لاعبي إسرائيل. كما لجأ بعض المحترفين منهم إلى دول أخرى كي تتسنى لهم المنافسة بحرية على كسب البطولات الدولية دون ضغوط سياسية.
ومع تصاعد وتيرة الانتقادات خاصة بعد تعليق نشاط الاتحاد الإيراني لفترة أربع سنوات من قبل الاتحاد الدولي للجودو عام 2021، أكد خامنئي على ضرورة امتناع الرياضيين الإيرانيين عن مواجهة أي منافس من إسرائيل، العدو اللدود للجمهورية الإسلامية، مؤكداً مساندة كل رياضي يقدم على ذلك أيا كانت جنسيته.
التلفزيون الإيراني ماضٍ ببسط أفكاره وسياساته تجاه إسرائيل، ولكن هذه المرة يروج لها عبر التعريف بالنشاط الإنساني للنجوم اللذين يحظون بشعبية كبيرة لدى الجيل الشاب الإيراني الذي لم يتقبل أي شيء يمليه النظام الإسلامي عليه
وجاءت كلمته خلال استقباله رياضيين إيرانيين متوجين بميداليات خلال دورتي الألعاب الأولمبية والبارالمبية المقامة في طوكيو العام الماضي. وقال المرشد الإيراني "لا يرضى أي رياضي حر بالاعتراف بممثل الكيان الصهيوني ومصافحته من أجل ميدالية".
تمرير ايدولوجية النظام عبر نجوم الرياضة
ويبدو أن التلفزيون الإيراني ماضٍ ببسط أفكاره وسياساته تجاه إسرائيل، ولكن هذه المرة يروج لها عبر التعريف بالنشاط الإنساني للنجوم اللذين يحظون بشعبية كبيرة لدى الجيل الشاب الإيراني الذي لم يتقبل أي شيء يمليه النظام الإسلامي عليه.
ومما يخشاه الخبراء والمعنيون في هذا المجال أن يتمادى التلفزيون الإيراني في نشر الكذب والتزوير ورسم صورة مثالية عن هؤلاء النجوم لا تمت للواقع بصلة، وتكون نتائج ذلك كارثية تؤدي إلى المزيد من فقدان مصداقية التلفزيون في انعكاس الحقائق، خاصة بين الأوساط الشبابية التي تعتمد بدرجة كبيرة علي قنوات هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومي في مشاهدة المباريات الرياضية المحلية والدولية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...