تصدّر خبر اختفاء لاعبة المنتخب الإيراني لكرة اليد للسيدات في بطولة العالم بإسبانيا في الأيام الأخيرة، صفحات وسائل الإعلام الإيرانية والأجنبية، بعدما أعلن مدير تنظيم المباريات الدولية، خوامه فورت، مغادرة شقايق بابيري البالغة من العمر 30 عاماً، والمنحدرة من أصول كردية إيرانية، معسكر الفريق، وإبلاغ الشرطة لإجراء تحقيق بهذا الخصوص.
وكانت آخر مباراة للمنتخب الإيراني في بطولة إسبانيا مساء يوم الاثنين الماضي، 13 كانون الأول/ديسمبر الحالي، أمام منتخب أنغولا، حيث بقيت بابيري مع الفريق حتى ذلك الحين، لكنها لم تعد إلى الفندق بعد انتهاء المباراة، كما جاء في وسائل الإعلام.
وفي ظل صمت المسؤولين الإيرانيين، بدأت وسائل الإعلام إثارة تكهنات حول تقديم شقايق طلبَ اللجوء إلى السلطات الإسبانية. وبعد 3 أيام من اختفائها، أعلنت شقايق في حوار أجرته معها قناة "صوت أميركا" الفارسية أنها لن تعود إلى إيران، وأنها قدمت طلب اللجوء في إسبانيا، وأكدت أن لجوءها ليس لأسباب سياسية، لكنها أشارت إلى الضغوط التي تعاني منها الرياضيات الإيرانيات.
تحدثت بابيري عن القيود المفروضة على الرياضيات الإيرانيات، بما في ذلك الحجاب الإجباري، وكشفت عن أخذ الاتحاد الإيراني لكرة اليد شيكات من أعضاء المنتخب عند مغادرتهم للمشاركة في بطولة العالم في إسبانيا، كضمان عودة إلى البلاد
وقالت شقايق: "سبب طلبي للجوء هو أن أحظى بمستقبل أفضل في الرياضة والتقدم الرياضي... كان نشاطي طوال حياتي في مجال الرياضة، ولم أتابع السياسة أبداً".
في هذه المقابلة، تحدثت بابيري عن القيود المفروضة على الرياضيات الإيرانيات، بما في ذلك الحجاب الإجباري، وكشفت عن أخذ الاتحاد الإيراني لكرة اليد شيكات بمبلغ 1.5 مليار تومان (ما يعادل حوالي 50 ألف دولار أمريكي) من أعضاء المنتخب عند مغادرتهم للمشاركة في بطولة العالم في إسبانيا، كضمان عودة إلى البلاد.
وأضافت: "نحن نتعرض حقاً لقيود كثيرة... لو لم يأخذ الاتحاد منا شيكات بمبلغ مليار ونصف المليار تومان، تأكدوا أنه لن تعود واحدة من منتخبنا إلى البلاد".
وتحدثت شقايق أيضاً عن إحدى تجاربها خلال المباريات السابقة: "لقد سُحب غطاء رأسي خلال إحدى المباريات... على الرغم من أن حجابي لم يسقط كاملاً، والأمر لم يكن متعمداً من جانبي، ولكن لا تستطيعون أن تتخيلوا ماذا فعل المشرف على منتخبنا، وكيف عاملني".
وكتبت شقايق بابيري ساخرة في آخر تدوينة لها على موقع إنستغرام قبل أيام: "أعلم أن كل مصيبة تصيبني الآن هي بسبب الصلاة التي صليتها في المدرسة بدون وضوء!"، في إشارة إلى الصلاة الإجبارية في المدارس.
وكانت شقايق قد نشرت أيضاً في وقت سابق صوراً وفيديوهات للفريق الإيراني المنافس للمنتخب السوري، تظهر فيها لاعبات المنتخب السوري دون حجاب.
وبينما تشيد السلطات الإيرانية بحجاب اللاعبات الإيرنيات في المباريات الدولية وتعتبره "قيمة"، غير أنه وفي المقابل، طالما كان زي الرياضيات الإيرانيات وحجابهن موضع انتقاد من قبل مختلف الشخصيات الإيرانية والرياضيين ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعية.
وأثارت تصريحات شقايق حول ضمان العودة، الجدلَ في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر بعض مستخدمي المواقع أخذ ضمان العودة من الرياضيين الإيرانيين بمثابة اعتراف السلطات الإيرانية بقضايا ومشاكل الرياضيين وتوقع لجوئهم إلى الدول الأخرى.
وشقايق هي من أفضل اللاعبات الإيرانيات وأكثرهن خبرة، وكانت قد رفضت في حزيران/يونيو 2021، عرض الجنسية العراقية عليها بهدف الالتحاق بفريق السيدات لكرة اليد في إقليم كردستان العراق، حسب ما أعلنت وسائل الإعلام الإيرانية، كما أنها تعتبر سيدة الأهداف في كرة اليد للسيدات في إيران.
رغم الاهتمام الإعلامي الكبير بقضية شقايق، لكن السلطات الرسمية الإيرانية لم تتحدث ولم تعلق كثيراً على القضية، واكتفت نائبة الرئيس الإيراني في شؤون المرأة والأسرة، إنسية خزعلي، دون الإشارة المباشرة إلى قضية شقايق، بالتأكيد على ضرورة حل مشاكل الرياضيات الإيرانيات، واتخاذ إجراءات بشأنها من قبل الحكومة.
وأضافت أمام عدد من الرياضيات في محافظة يزْد يوم الخميس 16 كانون الأول/ديسمبر الحالي: "المساعدة في تطوير رياضة النساء وتلبية احتياجاتها ومطالبها بتعاون ودعم القطاعات الأخرى هو أحد البرامج المهمة لدى الحكومة".
تعاني الرياضيات الإيرانيات من الحجاب القسري وتداعياته على نشاطهن الرياضي لاسيما في المباريات الدولية
ومن أبرز التصريحات الرسمية بشأن قضية لجوء الرياضيين الإيرانيين، هي تصريحات المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، خلال استقباله في أيلول/سبتمبر الماضي، الرياضيين الإيرانيين الحائزين على ميداليات في دورة الألعاب الأولمبية ودورة الألعاب البارالمبية في طوكيو 2020، وقد هاجم خلال هذه التصريحات الرياضيينَ الإيرانيين الذين تقدموا بطلب للجوء إلى باقي الدول. كما انتقد في كلمته، ما سماه "كسب الميداليات عبر بيع الوطن وبيع الذات".
وفي معرض إشارته إلى حجاب الرياضيات الإيرانيات، قال خامنئي في هذا اللقاء، إنهن "أثبتن أن الحجاب لا يمنع من التألق والتقدم في الرياضة".
وفي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، في لقاء مع النُّخَب، تطرق خامنئي إلى موضوع الهجرة وقال: "ربما يرغب الطلابُ في أن يذهبوا للدراسة في بلد ما، ولا مشكلة في ذلك. لقد قلت مراتٍ عدة إنه لا مانع من ذلك. المهم ألا ينسوا أنهم مدينون لبلدهم، وأنه عليهم أن يدرسوا ويعودوا. لكن المشكلة في ذلك الذي يحثّ على الهجرة. في بعض الجامعات هناك عناصر يشجعون الشباب النخبة على مغادرة البلاد. أقولها بصراحة بأن هذه خيانة للوطن. أن نخيّب آمال شاب ما في مستقبل البلد، ونحبطه، ونصوّر له المستقبل مرّاً ومظلماً، ليذهب ويهاجر، أرى أن هذا خيانة حقاً، وعلينا متابعة هذا الأمر".
لجوء الرياضيين الإيرانيين وأزمة الهجرة إلى خارج البلاد
وبالرغم من الإجراءات الاحتياطية الأمنية التي تتخذها إيران بشأن الفرق التي تشارك في المباريات الدولية خلال العقود الأربعة الماضية، بين تواجد قوات أمنية إيرانية إلى جانب الفرق الرياضية إلى أخذ ضمان العودة إلى البلاد بمبالغ مرتفعة، لكن عشرات الرياضيين والرياضيات الإيرانيين غادروا مقر إقامة منتخبهم وطلبوا اللجوء من سلطات البلد المضيف.
وحسب تقرير في الإعلام الإيراني طلب 44 رياضياً إيرانياً اللجوء إلى الدول الأخرى خلال عام 2013 إلى 2021. ومن بين 29 عضواً في فريق اللاجئين في الألعاب الأولمبية 2021، كان 5 منهم إيرانيين.
يعاني الرياضيون الإيرانيون بشكل عام من مشاكل مهنية ومالية عديدة، إلى جانب ربط القضايا السياسية بالرياضة، منها عدم السماح لهم المشاركة في مباريات مع لاعبين إسرائيليين. وتعاني الرياضيات الإيرانيات من الحجاب القسري وتداعياته على نشاطهن الرياضي لاسيما في المباريات الدولية، وأيضاً التمييز بينهن وبين الرجال الرياضيين، وعدم بث مسابقات السيدات عبر التلفزيون الحكومي، وعدم السماح للإيرانيات بالمشاركة في بعض الألعاب الرياضية خارج البلاد مثل السباحة والجمباز، وعدم اهتمام السلطات برياضة النساء، ناهيك عن الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الشعب الإيراني بسبب العقوبات المفروضة على بلاده وسوء الإدارة وأسباب أخرى، وأيضاً قضايا اجتماعية وسياسية عديدة، تدفعه جميعها إلى الهجرة إلى خارج البلاد.
وبحسب نتائج استطلاع أجراه معهد "كيو" الإيراني فإن الرغبة للهجرة من إيران يقارب ضعف المتوسط العالمي، وأعلى قليلاً من المتوسط الإقليمي. ووفقاً للاستطلاع، ما يقرب من واحد من كل شابين في إيران (33%) تحت سن الثلاثين يميل للهجرة.
ونتيجة أخرى لهذا الاستطلاع تشير إلى أن الميل للهجرة بين سكان طهران وعواصم المحافظات والأشخاص الحاصلين على تعليم جامعي والأشخاص العازبين والشباب (من 18 إلى 30 عاماً) أعلى بكثير من المتوسط الوطني.
وقد أعلن الاستطلاع أن العوامل الاقتصادية أهم دوافع الهجرة للإيرانيين، حيث ذكر 80% من المستطلعين أن تحقيق وضع اقتصادي أفضل أو الهروب من الوضع الاقتصادي السيئ هو الدافع الرئيسي للهجرة.
ووفقاً لمعهد كيو، الميل للهجرة في إيران عام 2016 كان أقل من 30%، ومتوسط الميل للهجرة في العالم حالياً هو 15%، وغرب آسيا 24% وجنوب شرق آسيا 7%.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.