تستقر صور الشيوعي أو اليساري في المخيال الجمعي العربي مرتاحةً في بركة من النجاسة والقذارة والإلحاد والضلال دون منازع أو شريك. تتراكم فوقها التمثلات الغرائبية كل يوم، حتى أصبحت هذه الصورة التي تشكلت من روافد فكرية وسياسية تحترف العداء الأيديولوجي مستقرة في ذهن اليساريين عن أنفسهم، فتمثل اليسار عن نفسه أصبح في جزء منه مستمداً من التمثلات السائدة، ولو على سبيل المزاح أو الطرائف الشائعة.
لكن، لئن شكلت المسألة الدينية منطلقاً أخلاقياً شديد الإغراء للتعريض باليسار، بحجة أنه تيار معادٍ للدين، وتالياً للقيم السائدة التي تفترض اندماجاً حتمياً بين الدين والأخلاق في مجتمعنا، وهي حجة تجد شواهد لها في أدبيات اليسار، لا سيما جناحه الشيوعي، إلا أن أسطورة "الشيوعي الذي لا يستحم" و"اليساري القذر" وكل ما يتعلق بعداء اليسار للنظافة الشخصية تبدو أقرب إلى التحيّز العنصري الذي تشكل في ظرف من الصراع الأيديولوجي أصبح اليوم من الماضي لكن تمثلاته العنصرية ما زالت راسخة.
كنت أعتقد دائماً أن هذه الشائعات التي تلاحق شباب التنظيمات اليسارية حول النظافة الشخصية مجرد كليشيهات لا تتجاوز أسوار الجامعة التونسية ومقاهي الصراع الأيديولوجي في تونس، إلا أنني عندما خالطت أصدقاء يساريين وغير يساريين من بلاد عربية مختلفة اكتشفت أننا "كلنا في الهمّ شرق"، لأقف مشدوهاً دائماً أمام مقاربة قضية أو معضلة الاستحمام لدى نشطاء الحركة الشيوعية العربية المعاصرة.
تبدو هذة المقاربة شديدة الإشكالية، لكن القيام بحفريات في تاريخ الظاهرة يبدو أكثر من ضروري لفك الاشتباك بين الفرد الشيوعي والنظافة الجسدية، تلك المعضلة التي وقفت حاجزاً أمام تمدد الاشتراكية العلمية في أوساط قطاعات واسعة من الجماهير المحافظة، كما يشير صديق قديم كان دائماً يحاول إقناعي بأن الهدف الأسمى للشيوعية هو خلق مجتمع لا يستحم.
وكان صديقي المذكور ينقل إلي معلومات يصنّفها شديدة السرية، تشير إلى أن جماعة الهيغليين الشباب، أول تنظيم انتمى إليه كارل ماركس، هي أوّل مَن سرّب شائعة الشيوعي الذي لا يستحم عن ماركس في أعقاب انشقاقه التاريخي عن التيار الهيغلي ونزوعه نحو المادية الجدلية. ورغم أن صديقي كان يخلط معلوماته الجادة بالسخرية والضحك، إلا أن هذا النزوع نحو "تنجيس" اليسار له جذور وشواهد.
ماركس القذر
في مقدمة "البيان الشيوعي"، يكتب كارل ماركس ورفيقه فريدريك أنجلز: "شبحٌ ينتاب أوروبا – شبح الشيوعية. ضد هذا الشبح اتّحدت في طراد رهيب قوى أوروبا القديمة كلها: البابا والقيصر، مترنيخ وغيزو، الراديكاليون الفرنسيون والبوليس الألماني".
هذا الشبح الذي اتّحدت في مواجهته جميع قوى أوروبا القديمة، عام 1847، تاريخ كتابة البيان الشيوعي، سيتحول إلى تنين ضخم في عام 1917، في أعقاب انتصار الثورة البلشفية، ثم تأسيس اتحاد الجمهوريات السوفياتية الاشتراكية، في عام 1922، وستتحد ضده جميع قوى العالم وليس فقط أوروبا.
فقد شكلت تلك اللحظة التاريخية مصدر هلع عالمي وصلت أصداؤه إلى المنطقة العربية، حيث كانت أغلب دولها إما واقعة تحت الاستعمار الأوروبي أو محكومة بأنماط حكم ملكية إقطاعية. استشعرت قوى الاستعمار والمَلَكيات السائدة خطراً كبيراً من إمكانية تمدد الحركة الشيوعية إلى مجال نفوذها، مع صعود نخب شبابية جديدة متعلمة تعليماً عصرياً. وفي الوقت نفسه كانت الحركات الوطنية، ذات التوجهات المحافظة أو الليبرالية، تخشى من أن ينافسها هذا المد الشيوعي على صدارة المشهد السياسي، كونها تجهز نفسها لاستلام السلطة بعد خروج الاستعمار.
بدورها، كانت المؤسسة الدينية والتشكيلات الاجتماعية الإقطاعية السائدة تخشى من تمدد الأفكار الشيوعية والاشتراكية على مصالحها في السلطة والثورة. لا أحد كان يريد للشيوعيين مكاناً تحت الشمس في البلاد العربية. ومع ذلك وصل هذا المد الأحمر الجارف إلى المنطقة واختار العمل تحت الأرض، وكان بارعاً في الدعاية والتحريض.
في هذا السياق من الصراع، تجنّدت الصحافة السائدة والنخب القريبة من السلطة أو من الحركات السياسية المناوئة للشيوعية لصد هذا المد السياسي والفكري من خلال نقد الأيديولوجيا الماركسية. وأخذ هذا النقد طابعاً موضوعياً حيناً، ولكنه في أحيان كثيرة توغل في حالة من التهجم الأخلاقوي ونسج الخيالات، في خطاب كان موجهاً أساساً لعموم الناس من محدودي الثقافة والتعليم كي ينفّرهم من هذه الأفكار "الخطيرة".
وأشهر أنواع النقد التي كان توجه للشيوعيين وعلى رأسهم "كبيرهم الذي علمهم الشيوعية" كارل ماركس، تلك الأوصاف المتعلقة بالنظافة الشخصية، إذ يظهر ماركس كشخص قذر ذي رائحة كريهة يعادي الاستحمام بقدر عدائه للرأسمالية.
"تستقر صور الشيوعي أو اليساري في المخيال الجمعي العربي مرتاحةً في بركة من النجاسة والقذارة والإلحاد والضلال دون منازع أو شريك، وتتراكم فوقها التمثلات الغرائبية كل يوم"
ومن أبرز الأمثلة عن الأدبيات العربية التي تصدّت للشيوعية في نهاية أربعينيات القرن الماضي وبداية ستينياته، أي في عز توهج الحركة الشيوعية العربية في أعقاب معركة ستالينغراد وبروز الاتحاد السوفياتي كثاني قوة في العالم، كتب عباد عباس محمود العقاد التي سقطت في بعض أجزائها في النزعة الأخلاقوية لنقد الشيوعية. والعقاد لم يكن مجرد كاتب في عصره، بل أحد المثقفين شديدي التأثير في الساحة العربية وليس فقط المصرية. كان صاحب كلمة مسموعة ورأي مؤثر، إلى جانب ميوله السياسية الوفدية المحافظة.
في كتابه "الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام"، والذي ما زال يُطبع حتى اليوم، يفرد العقاد فصلاً كاملاً تحت عنوان "صاحب المذهب" للحديث عن كارل ماركس الإنسان، منطلقاً من خصال الرجل الشخصية لدحض أفكاره، ساعياً إلى إخراجه في صورة الإنسان القذر قائلاً: "لم يكن الطالب الصالح، ولا الابن الصالح، ولا العامل الصالح لنفسه ولأسرته، ولا الزميل الصالح في مودته أو خدمة دعوته، كان فاشلاً في كل علاقة من هذه العلاقات الاجتماعية، ولم يكن منظوراً منه شيء غير الفشل فيها، مع تلك الأنانية وتلك النقمة وذلك الجمود. ولقد كان شخصاً منفراً لمَن حوله في ما يرجع إلى مسلكه بينه وبين نفسه، لا يقصد فيه المرء صلة بينه وبين أحد من أبناء نوعه. كان قذراً يهمل الاغتسال والنظافة، وكان منظر القروح والثآليل التي تملأ وجهه وعينيه وما ظهر من جلده يزيد قذارة على قذارة، وكانت هذه القروح والثآليل مما يجنيه على نفسه بتهافته على الأطعمة الممنوعة على الرغم من وصايا الأطباء وإلحاحهم عليه في اجتناب الطعام الذي لا يوافق المصابين بالكبد، ولا سيما الذين أزمنت فيهم هذه الإصابة من جراء النهم وفعل الوراثة، وقد نقل ‘ليوبلد شوارزشيلد’ صاحب كتاب البروسي الأحمر نبذة من الرسالة التي كتبها بعضهم إلى صهره عن معيشته في لندن جاء فيها ‘إنه شخص مشعث للغاية، سيئ التصرف في أعماله، يجري في معيشته على نهج المتشردين من المشتغلين بالمطالب الفكرية، ويندر أن يستحم أو يمشط شعره ويغير ملابسه الداخلية، يشرب كثيراً ويحوم أياماً على غير هدى وبغير عمل. فإذا حزبه أمر لازب قضى الليل والنهار في العمل: ولا يخطر له على بال أن ينظم ساعاته ومواعيده’. هذه الرسالة وما في معناها من التقارير محفوظة في دار المحفوظات بمدينة ليبزج نقلها المترجم عن المجلد العاشر من أخبار الاشتراكية الألمانية. وإذا كانت هناك تتمة لهذه الصورة المنفرة، فهي مسلكه الشاذ الذي لا نظير له في البيئة اليهودية التي نبت فيها، فإنه جمع فيه طرفي النقمة من قومه وعلى قومه في آونة واحدة، فلا هو بالمسلك الذي يرضى عنه قومه ولا هو بالمسلك الذي يرضى عنه أعداء قومه، كأنما آلى على نفسه ليكونن بغيضاً منفراً حيث كان وكيف كان".
ثم يحاول العقاد الهرب نحو ركن الموضوعية في حكمه قائلاً: "هذه صورة تامة، وإنْ تكن موجزة، لإمام الاشتراكية المادية أو الاشتراكية العلمية، لم نأت على لمحةٍ من ملامحها البينة من غير مصدرها، ولم نرجع في تلك المصادر إلى أعدائه ومخالفيه إلا أن يكون كلامهم مطابقاً لكلام الأصحاب والأقربين"، مع أنه ينقل أغلب كلامه عن كتاب ليوبلد شوارزشيلد أحد رموز التيار الليبرالي المناوئ للماركسية في أوروبا خلال النصف الأول من القرن العشرين.
الشيوعي النجس
خففت موجة الاستقلالات التي عمّت المنطقة في خمسينيات وستينيات القرن الماضي من الحساسية تجاه الشيوعيين، وأصبح أغلب النقد الموجه لهم يتعلق بتبعيتهم للاتحاد السوفياتي وموقفهم من قرار تقسيم فلسطين، إذ أسفر صعود أنظمة تتبنى نماذج اشتراكية نسبية قوامها القطاع العام وسيطرة الدولة على وسائل الإنتاج وشيوع الثقافة النقدية الحديثة عن نوع من تقبل وجود الشيوعية واليسار عموماً في المنطقة، على الأقل كنسق فكري، وإنْ بقيت محظورة كتنيظمات سياسية. لكن معركة الشيوعيين أصبحت منذ ذلك الوقت مع خصمهم الأيديولوجي الأبرز: الإسلاميين، لا سيما جماعة الإخوان المسلمين.
"أشهر أنواع النقد التي كان توجه للشيوعيين وعلى رأسهم ‘كبيرهم الذي علمهم الشيوعية’ كارل ماركس، تلك الأوصاف المتعلقة بالنظافة الشخصية، إذ يظهر ماركس كشخص قذر ذي رائحة كريهة يعادي الاستحمام بقدر عدائه للرأسمالية"
كان مدار الصراع بين الطرفين حول المسألة الدينية، وتصور كل واحد منهما لدور الدين في المجتمع وخاصة في الدولة. لكن تفرعات الصراع أخذت مسارات أخرى نزل فيها النقاش إلى مستوى يبعث على السخرية. فقد وضع الإسلاميون الحركات الشيوعية في خانة ما يسمونه بـ"الحركات الهدامة"، ونسجوا حول ذلك الكثير من الشائعات من أجل تنفير الناس ولا سيما الشباب من الانخراط في هذه الحركات. وتحولت هذه الشائعات إلى تمثلات شديدة الرسوخ في عقول عامة الناس، ومنها الإباحية الجنسية والقذارة وإهمال النظافة الشخصية.
وهنا، لا بد من الإشارة إلى براعة جماعة الإخوان المسلمين في نسج الشائعات ضد خصومها على نحو يصعب بعده نفيها أو اقتلاعها من العقول، مستفيدةً من السيطرة على أماكن العبادة والخطط الدينية في الوعظ والدعوة، حيث يختلط الخطاب السياسي بالديني فيتحول إلى خطاب مقدس لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، كما هو الشأن في اتهام أي رئيس أو خصم لهم بأن أمه يهودية وغيرها من الأمثلة الموثقة في كتبهم.
ومن خلال احتكار المعرفة الدينية واحتكار مواقع ترويجها، نجح الإسلاميون في تطويع مفهوم "النجاسة" الديني كما يريدون معتمدين على سورة التوبة {يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس}، وأسقطوه على خصومهم السياسيين من الشيوعيين، ثم خلطوا بين المفاهيم ليقولوا للناس إن الشيوعي "نجس، لأنه ببساطة كافر".
ولأن العوام من الناس لا يمكنهم تجريد الأفكار، تحوّل مفهوم النجاسة الإيماني إلى قصة نظافة شخصية بدنية بالأساس. وفي هذا المعني يتحدث القيادي الإخواني المصري أحمد رائف في كتابه "البوابة السوداء/ صفحات من تاريخ الإخوان المسلمين" عن جيرانه الشيوعيين في المعتقل الناصري قائلاً: "كانوا لا يغسلون وجوههم وأيديهم وملابسهم ولا يستحمون إلا نادراً، وكنت إذا دخلت عنبرهم شممت رائحة النشادر (غازات كريهة) كأنك دخلت حظيرة للخيل، وكنا نسدّ أنوفنا ونتنفس من أفواهنا، فلم نكن نتحمل الرائحة أو نطلب إليهم أن نخرج فنجلس خارجاً لنتكلم. وكانوا يذكروننا بالمشركين الذين خاطبهم رسول الله".
أما في كتابه "حوار مع الشيوعيين في أقبية السجون"، ذائع الصيت والشيوع، فقد نقل القيادي الإخواني عبد الحليم خفاجي في حواره مع صديقه المتخيل صوراً سبكها في فقرات مؤثرة مقيماً المقارنة بين نظافة وطهارة الإخوان مقابل نجاسة الشيوعيين. من ذلك قوله: "ليوم موعد النظافة الأسبوعي بالسجن.. طابورنا كله تقريباً قد أخرج النظام وملابس مغسولة منشورة هنا وهناك. أما في طابورهم فلا تجد أثراً لذلك، وتمر عدة أسابيع قبل أن تضطر إحدى الزنازين إلى القيام بعملية تنظيف واحدة. قلت: ثم ماذا؟ قال: هنا أناقة المظهر ونظافة الملابس ملفتان للنظر، وهناك لا تخطئ العين ملابسهم وشعورهم الشعثة، أليس أن نظافة الظاهر من نظافة الباطن.. قال: أتذكر أن الإدارة أعطت جائزة النظافة لجاويش عنبرنا في الوقت الذي تأففت اللجنة المشرفة على النظافة من رائحة عنبرهم ورجعت من منتصف الطريق.. وأنه لذلك كلما أعلنت الإدارة عن جائزة يتسابق السجانة على استلام عنبرنا لضمان الحصول عليها.. قلت: صدقت.. وقد ذكرتني ملاحظتك الفنية بما هو أهم. قال: ما هو؟ قلت: هو أن إدارة السجن برغم محاربتها المستمرة لنا، إلا أنها تأمن لوضع مرافق السجن في أيدينا من مطبخ ومخازن وكانتين ومخبز وورش، وتعترف لنا بالكفاءة والأمانة والقدرة على عدالة التوزيع بين فئات السجن المختلفة.. ولا تأمن لوضع شيء من ذلك في أيدي الشيوعيين".
رسوخ ليس بعده زوال
عندما طرحت فكرة هذا المقال على صديق مصري، كان قبل سنوات عضواً ناشطاً في تنظيم يساري، انفجر ضاحكاً، ثم قال لي: "للأسف هذه التمثلات حول العلاقة المتوترة بين الشيوعي والنظافة أصبحت مع مرور الزمن راسخةً في عقول اليساريين أنفسهم، فلا أنسى دهشة رفيقة صلبةً داخل تنظيمنا عندما لاحظت أنني أحلق ذقني بانتظام وأضع عطراً مستورداً وكيف نهرتني متسائلةً بعجب شديد ‘أنت إزاي تحط برفان وتحلق ذقنك كل يومين؟ مش معقول أنت يساري"’!
ولعل ذلك يعود إلى تسرب هذه التمثلات باكراً إلى السينما والدراما العربية السائدة، لا سيما المصرية، صاحبة التأثير الواسع. فقد ساهم المشهد الكاريكاتوري لأحمد راتب، في دور عيسوي، الفنان التشكيلي اليساري في فيلم "يا رب ولد" (1984)، عندما كان يطلب يد حبيبته من والدها أحمد شوقي، ورائحته الكريهة تطبق المكان، في تثبيت صورة الشيوعي العفن، حيث كان كلما سأله صهره الجديد عن مصدر رائحته القذرة رفع إصبع الرفض عالياً قائلاً وعلامة النصر تكلل محياه: "أنا الفنان عيسوي عيسوي العيسوي كائن بوهيمي يفعل ما يحلو له".
وأتت لاحقاً الضربة القاضية من عادل إمام حين أظهر الفرد الشيوعي في صورة الكائن الكاريكاتيري المهمل والقذر، في فيلم "السفارة في العمارة"، وخاصة تلك اللقطة التي أمر فيها شقيق داليا شهدي المناضلة في مجموعة "اليسار التقدمي"، والتي كان يحاول استمالتها بأن يخفض رجله لأنها ببساطة "معفنة". وهو مشهد لا يكاد يختفي من وسائل التواصل الاجتماعي بعد عقد ونصف من عرض الفيلم.
لكن هذه التمثلات العنصرية ضد اليسار في المنطقة العربية يمكن مقاربتها من وجه آخر يقوم على سوء الفهم وليس التحريض أو العداء الأيديولوجي، إذ يقع كثيرون في الخلط بين الشيوعية والبوهيمية أو الهيبية، وهي أنماط عيش أكثر من كونها أنساقاً أيديولوجية، وظهرت في أوقات مختلفة منذ نهاية القرن التاسع عشر ونهاية ستينيات القرن العشرين، وألصقت بها هي الأخرى صور نمطية، لكن بعض المتأثرين بها كانوا فعلاً يسلكون نمطاً غريباً من العيش ربما يعادي أو يخالف قواعد النظافة الشخصية السائدة في المجتمع، ضمن فلسفة عامة من التمرد وتحدي تقاليد المجتمع وقواعده.
هذا هو الحال مثلاً مع حركة "اللامستحمون" التي ظهرت في الولايات المتحدة الأمريكية قبل أكثر من عشر سنوات، وهي أقرب في انتمائها الفكري إلى اليسار البيئي، وتدعو إلى وقف ظاهرة الاستحمام اليومي للحد من الهدر المائي، وكذلك "احترام الجراثيم"، أي احترام التوازن الطبيعي للجسم وتقوية مناعته دون تدخل خارجي من مزيلات العرق الكيمي.ائية ويقتبس أحد منظريها مثلاً مأثوراً قديماً كشعار لهذه الحركة: "كلما زادت رائحة الماعز، كلما أحبها الماعز أكثر".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعة??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 21 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون