خلال الساعات المنقضية، انتقد عدد من الوزراء والمسؤولين الإسرائيليين جماعتي "لهافا" و"لا فاميليا" اليهوديتين المتطرفتين، ودعوا إلى وضعهما خارج القانون بتصنيفهما "جماعتين إرهابيتين".
جاء ذلك عقب أعمال الشغب والاعتداءات العنيفة التي ارتكبها أفراد من الجماعتين، والهتافات العنصرية التي أطلقوها ضد العرب خلال ما يُعرف بـ"مسيرة الأعلام" الإسرائيلية، الأحد 29 أيار/ مايو الجاري، احتفالاً بذكرى ضم إسرائيل للقدس الشرقية المحتلة عام 1980 في خطوة أُحادية لم يعترف بها المجتمع الدولي.
خلال المسيرة الاستفزازية للفلسطينيين الطامحين إلى تأسيس دولتهم على أن تكون القدس الشرقية عاصمةً لها، هتف أنصار الجماعتين اليمينيتين المؤمنتين بـ"تفوق اليهود": "الموت للعرب" و"(النبي) محمد مات"، أحرقوا قراهم" وكل القرى العربية ذات الأغلبية الفلسطينية.
كان الأمر الأكثر استفزازاً إضافة هتاف "شيرين ماتت" إلى تلك الهتافات المعتادة، في إشارة إلى الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة التي قُتلت في وقت سابق من هذا الشهر برصاصة في الرأس أطلقها جندي إسرائيلي، وفق روايات متطابقة لزملائها وشهود عيان. خلّف مقتل شيرين حزناً كبيراً وغضباً واسعاً في نفوس المواطنين الفلسطينيين والعرب.
السؤال هنا هو: ماذا نعرف عن المنظمتين وما سر عدائهما للعرب والفلسطينيين؟
"تلحقان الأذى بأمن دولة إسرائيل"... وزراء إسرائيليون يحثون على تصنيف منظمتي "لهافا" و"لا فاميليا" المتطرفتين "منظمتين إرهابيتين" بعد هتافات "الموت للعرب" في #مسيرة_الأعلام. ماذا نعرف عنهما وما سر عدائهما للعرب؟
لهافا لمنع "الانصهار" مع العرب
تأسست منظمة "لهافا" على أيدي أتباع عضو الكنيست السابق ومؤسس حزب "كاخ" اليميني، الحاخام المتطرف مئير كاهانا. كان الحزب المعادي للعرب قد صنف "كياناً إرهابياً" في إسرائيل بعد مقتل 29 فلسطينياً في الخليل بالضفة الغربية عام 1994 على يد أحد أتباعه.
تناهض "لهافا" الاختلاط مع العرب، وتحث على طرد الفلسطينيين وتوزيعهم على الدول العربية، وضم الضفة الغربية المحتلة إلى إسرائيل، وتحث أيضاً على عدم إحياء عيد الميلاد المسيحي في الأراضي الفلسطينية المقدسة.
وتنشط المنظمة على نحو خاص ضد "الانصهار"، أي ضد زواج اليهوديات من غير اليهود، وفق مركز مدار الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية الذي يؤكد أن "نشطاء هذه المنظمة اعتدوا مراراً وتكراراً على شبان عرب، وخاصة في القدس الشرقية، بادعاء أنهم يصادقون شابات يهوديات".
برغم أن "لهافا" من أشهر منظمات اليمين المتطرف في إسرائيل، تبقى المعلومات المتوفرة عنها محدودة. حتى تاريخ نشأتها مختلف عليه، فالبعض يقول إنها تأسست عام 2005، ويرجح آخرون تأسيسها عام 2010. ويرتدي نشطاء هذه المنظمة وأنصارها بلوزات عليها شعار المنظمة، الذي تتوسطّه نجمة داوود صفراء مشتعلة.
وبسبب تكرار اعتداءات أنصارها، وهتافاتهم التحريضية ضد الفلسطينيين والعرب، تكررت المطالبات في إسرائيل بحظر الجماعة التي تنشط بقوة في القدس وصفد والنقب، إلا أن هذه المطالبات لم تصل إلى منحىً فعلي حتى الآن.
تناهض "لهافا" الاختلاط مع العرب، وبالتحديد "الانصهار" معهم والزواج منهم، وتحث على طرد الفلسطينيين وتوزيعهم على الدول العربية، وضم الضفة الغربية المحتلة إلى إسرائيل، وتحرّض على عدم إحياء عيد الميلاد المسيحي في الأراضي الفلسطينية المقدسة
لا فاميليا… كرة القدم غطاءً للتطرف
أما جماعة "لافاميليا" وتعني العائلة، فتحتمي في كرة القدم وتتخذ منها ستاراً لتطرفها وعنصريتها ضد العرب. المجموعة التي تعد ظاهرياً رابطة لمشجعي نادي "بيتار القدس" لكرة القدم، تشتهر بممارسة العنف واستغلال كل فرصة للتهجم على العرب والتحريض ضدهم، والتأكيد في المقابل أن "إسرائيل هي دولة اليهود فقط"، بحسب هتافاتهم.
تأسست الجماعة عام 2005 كرابطة تهدف إلى تنظيم حضور مشجعي "بيتار القدس" للمباريات وتأمين المواصلات والأعلام والألعاب النارية والهتافات وغيرها من الأمور المتعلقة بالتشجيع. واعتُرف بها رسمياً كرابطة تابعة للفريق مطلع عام 2006 من قبل إدارة النادي الإسرائيلي.
منذ ذاك الحين، أصبح معتاداً مشهد اعتداء عناصر الرابطة على العرب وتخريب ممتلكاتهم بعد المباريات. وهم يرفضون انضمام أي لاعب من أصول عربية للفريق بل يهاجمون بضراوة الفرق اليهودية التي تضم لاعبين عرباً إلى صفوفها.
لا تقوى الإدارات المتتالية للفريق الإسرائيلي على مجابهة غضب رابطة مشجعيها المفترضة إذ على سبيل المثال لا الحصر، في عام 2013 حرق أفراد من الرابطة مجمع تدريب الفريق احتجاجاً على موافقة الإدارة آنذاك على ضم لاعبين مسلمين للفريق.
وعقب تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات، وفق اتفاق أبراهام الموقع عام 2020، وعقب تكهنات قوية بشراء مستثمر إماراتي نادي "بيتار القدس" لغرض تطويره وتوطيد العلاقات "الرياضية" بين البلدين، شنت الرابطة اليمينية حملةً قوية وهتف أعضاؤها هتافهم الشهير: "بيتار سيبقى نقياً للأبد"، وهو ما أسفر عن تراجع عن الاستثمار الإماراتي.
تحتمي "لا فاميليا" في كرة القدم وتتخذ منها ستاراً لتطرفها وعنصريتها ضد العرب. المجموعة التي تعدّ ظاهرياً رابطة لمشجعي نادي "بيتار القدس" لكرة القدم، تشتهر بممارسة العنف واستغلال كل فرصة للتهجم على العرب والتحريض ضدهم
إحراج لإسرائيل
تُشكل الهتافات الأخيرة وأحداث الشغب خلال "مسيرة الأعلام" قبل يومين إحراجاً لإسرائيل التي تدعي أنها "الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة"، كما يزعم قادتها مراراً وتكراراً. لكنها قد تضعها في أزمة على نحو خاص مع "الأصدقاء الجدد" أي الدول العربية التي طبّعت العلاقات مع تل أبيب أخيراً وعلى رأسها الإمارات والمغرب والبحرين.
من هذا المنطلق، استنكر عدد من المسؤولين الإسرائيليين هذه الهتافات وتبرأوا منها. في مقدّمهم رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، الذي يقود ائتلافاً حكومياً مدعوماً من فصيل عربي للمرة الأولى في تاريخ إسرائيل، إذ ندّد بالشعارات "العنصرية" متهماً منظمة "لافاميليا" بالوقوف خلفها.
أما وزير خارجيته، يائير لبيد، فهاجم الجماعتين المتطرفين عبر حسابه في تويتر وقال إنهما "غير جديرتين بحمل العلم الإسرائيلي" و"وصمة عار تسيء لفرح شعب إسرائيل" في ذكرى ضم القدس الشرقية المحتلة.
وفي أحدث رد فعل، أكد وزير الدفاع والأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، الاثنين 30 أيار/ مايو، أن تل أبيب ينبغي أن تُدرج الجماعتين على قائمة "المنظمات الإرهابية". قال غانتس لنواب حزبه "أبيض أزرق" أن "الوقت قد حان لدراسة (إمكانية) تصنيف مجموعات مثل لافاميليا ولهافا منظمات إرهابية وأعلم أن المسألة طرحت على قوات الأمن".
حتّى وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، عومر بارليف، قال إنه سبق أن خاطب المستشار القضائي للحكومة لوضع المنظمتين خارج القانون، مضيفاً: "الحديث يدور عن مجموعة صاخبة ومتصلبة… إنهم بدون أدنى شك يلحقون الأذى بأمن دولة إسرائيل".
وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة والسلطات الأمنية الإسرائيلية كانت قد منحت موافقتها لتنظيم "مسيرة الأعلام" برغم علمها بمشاركة المستوطنين والجماعات المتطرفة فيها، وهو ما كان متوقعاً معه بعدما حدثت في تظاهرات مماثلة سابقة هتافات عنصرية وأعمال شغب.
ويتطلب إدراج أي جماعة على لائحة "المنظمات الإرهابية" في إسرائيل تقدم أحد الأجهزة الأمنية - الجيش الإسرائيلي أو الموساد أو الأمن العام - بطلب لوزارة الدفاع والحصول على الضوء الأخضر من المدعي العام، فيما يحق للمنظمات المعنية الاستئناف على القرار لدى صدوره.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...