شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
على خطى سعد لمجرد... نسويات موريتانيات ينتقدن حفلاً لمغنٍّ

على خطى سعد لمجرد... نسويات موريتانيات ينتقدن حفلاً لمغنٍّ "عنَّفَ امرأةً"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 30 مايو 202203:47 م

أثارت حفلة نُظمت في العاصمة الموريتانية نواكشوط، يوم السبت 28 أيار/ مايو 2022، غضب ناشطات نسويات وناشطين على مواقع شبكات التواصل الاجتماعي. مردّ ذلك أن نجم الحفل هو المغني وعازف آلة الكورا المالي صديقي ديباتي، المتهم بخطف صديقته السابقة وتعنيفها، والخارج بكفالة قدرها 15 مليون فرنك إفريقي (نحو 24 ألف دولار).

وقد استُقبل عند وصوله إلى موريتانيا بحفاوة كبيرة، من قبل المنظمين وبعض "المؤثرين" على تطبيق سناب شات وغيره من المنصات، وجهات مالية رسمية.

‎"أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً"

الحملة التي أُطلقت للامتناع عن حضور الحفل، لم تبدأ إلا يوم الحفل نفسه، وهو ما عدّه البعض تأخراً. وعن الحملة والهدف منها، قالت الناشطة النسوية مليكة محمد الأمين، لرصيف22: "‎هدفت الحملة إلى رفض العنف كمبدأ، العنف ضد النساء والعنف بشكل عام، وهذا الشخص متورط في جريمة عنف ولم تبرّئه المحكمة، وقد أُطلق سراحه مؤقتاً وبكفالة، أي أنه لم تتم تبرئته من هذا العنف، ونحن أمامنا صور إنسانة تم تعنيفها بوحشية ولا يمكننا تجاهل معاناتها أو السكوت. فعلاً كان من المفروض أن تنطلق الحملة قبل الحفل بأسبوع، لكن نتيجةً لبعض الظروف لم تُطلق إلا قبل ساعات منه. أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي، وقد أطلقناها حتى لا تمر الجرائم ضد النساء بصمت، وحتى لا نكون مشاركات في هذه الجريمة بالسكوت عنها، فهذا إنسان مُعَنِّف يستحق أن يُقاضى، وأن يخرج من هذا البلد. لا نريد أن يسود الاعتقاد بأن الكل يرحبون به وأن الناس تناست جريمته، فلا بد أن يشعر بأن هناك نوعاً من التضامن مع الضحية التي عنّفها، ويشعر بأن هناك أشخاصاً لا يرحبون به وبوجوده ولا يحضرون حفله ويودّون ألا يحضر أي شخص كذلك".

"هذا الشخص كان في علاقة لمدة سبع سنوات مع سيدة، وكان يمارس عليها أنواع العنف واختطفها وفرض عليها الإجهاض، وقد تقدمت بشكوى ضده واعتُقل لثلاثة أشهر". نسويات موريتانيات غاضبات من حفل لمغن مالي متهم بالعنف ضد امرأة

أضافت المتحدثة: "من المقرف وغير المريح أن يتم استقبال شخص مثل هذا، متورط في جريمة عنف، وأن يتم استقباله بهذه الحفاوة الذي شاهدناها في وسائل التواصل الاجتماعي، والاحتفاء به وتناسي جريمته، فهذه فضيحة. الفنانون كثر والقائمون على الحفل كان بإمكانهم أن يقوموا بدعوة الكثير من الفنانين، سواء من إفريقيا أو من العالم، لكن إحضار شخص مثل هذا، وظهور أشخاص إلى جانبه يفترض أنهم يمثلون هيئات دوليةً، وسفراء لهيئات دولية، جريمة في حد ذاتها. حضورهم أو مشاركتهم في حفل يشارك فيه إنسان معنِّف جريمة في حق هذه الفئة، وجريمة في حق الهيئات التي يمثلونها، وتورط أشخاص يقودون المشهد العام ويؤثرون في الرأي العام وفي وسائل التواصل الاجتماعي ودعوتهم إلى مثل هذا الحفل وتناسيهم جرائم هذ الشخص، مقرف وليس مريحاً، خصوصاً أن بعض هؤلاء كانوا قبل أيام يصرخون بسبب مؤثرة موريتانية هرب زوجها آخذاً ابنتها معه. فحين يكون من يتصدر مشهد الدفاع عن حقوق الإنسان مطبعاً مع تعنيف المرأة، فهذا شيء مزعج جداً، ولا يمكن تحمّله، والهدف من هذه الحملة هو التذكير بجريمة هذا الشخص إن كانوا هم قد نسوها، وللتأكيد أن هناك أشخاصاً يرفضون من يمارس العنف والتطبيع معه واستقباله".

مشاركون "في الصمت"

يُذكر أن الحفل شاركت فيه مجموعة من الفنانين الموريتانيين، من ضمنهم الفنان حمزة براين، وهو سفير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف".

"سبب الرفض بسيط، وهو أن هذا الشخص كان متهماً بقضية عنف واعتداءات بالضرب"، تقول الناشطة والصحافية نور الهدى عبد الدايم، وتضيف في حديثها إلى رصيف22: "هذا الشخص كان في علاقة لمدة سبع سنوات مع سيدة، وكان يمارس عليها أنواع العنف واختطفها وفرض عليها الإجهاض، وقد تقدمت بشكوى ضده واعتُقل لثلاثة أشهر وأُطلق سراحه بكفالة، وهناك منظمات نسوية تقول إنه قد أُطلق سراحه بسبب تدخلات أسرية، وحسب ما وصلنا هنا، أُطلق سراحه بطرق غير قانونية، لأنه نجم وصاحب نفوذ".

كان هناك تطبيع مع العنف عن قصد وإصرار عبر إحضاره. فالقضية قضية مال، وليس هناك جهل بقضيته بل يعلمونها تماماً، خصوصاً أن من عمل على إحضاره شباب وبعضهم ناشطون على شبكات التواصل

وتؤكد: "نرفض هذا الحفل المنظم في نواكشوط، لأننا نعدّ هذا الشخص فارّاً من العدالة، وأنه لم تطبَّق العدالة الواجبة في حق أمثاله، فإلى الآن لم يلقى العقاب اللازم".

وأضافت: "بالنسبة إلي شخصياً، حين أرى شخصاً يعتلي منصةً وهو يعنف النساء ويدفعهن للإجهاض ويختطفهن ولا يجد العقاب اللازم، هذا يُعدّ كارثةً. وجوده في العاصمة نواكشوط مع الإقبال الكبير الملاحظ، وأن يُسمح بذلك وأن يكون من جلبه شباب من ضمنهم رياضيون و'فاشينستات'، فهذا بصراحة يعني أن المجتمع يعاني".

"المال أهم من حقوق الإنسان!"

بالرغم من الغضب الذي ظهر بسبب الحفل، لكنه لم يكن كافياً حسب البعض الذين يقتدون بالحملة التي واجهت سعد لمجرد. وحين يقارن هؤلاء ما وقع في موريتانيا بهبّة الناشطين في مصر التي ألغي فيها قبل فترة حفل للمغني لمجرد، المتهم بالاغتصاب بعد حملات على شبكات التواصل الاجتماعي ترفض تنظيمه، أو الحملة التي يقوم بها الناشطون في العراق حالياً ضد حفلة للمغني نفسه، يطرحون فكرةً مفادها أن سبب عدم الهجوم على الحفل في نواكشوط وإعطائه حقه من الغضب، هو جهل الناس يقضيّته. حتى أن المنظمين قد لا يكونون على علم بالواقعة.

لكن مليكة محمد الأمين، لا ترى أن ذلك صائباً، إذ قالت: "تفسيري للأمر هو أن الهدف كان جمع المال فحسب، فهذا الفنان له قاعدة شعبية كبيرة، ومن خلال ملاحظاتي للنقاشات على سناب شات تأكدت أن بعض من دعوا إلى النشاط يعلمون بقضية تعنيفه لكن لا يكترثون لها، بل إن بعضهم مشغولون باستفزاز من يرفض هذا الحفل. كان هناك تطبيع مع العنف عن قصد وإصرار عبر إحضاره. فالقضية قضية مال، وليس هناك جهل بقضيته بل يعلمونها تماماً، خصوصاً أن من عمل على إحضاره شباب وبعضهم ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي، ومن روّجوا للحفل كذلك حالهم أيضاً. ومن خلال وضع اسم المغني في محرّكات البحث، ستظهر صور ضحية عنفه وآثار التعذيب عليها. باختصار في هذه القضية ليس هناك مبرر للجهل".


حفل ديباتي في نواكشوط

وخلصت قائلةً: "الحقيقة تصادفت مع مشهد وصوله إلى نواكشوط، وكان مستفزاً الاحتفاء به".

وأبدت نور الهدى صدمتها مما حدث قائلةً: "الكارثة أن من بين من دعوا هذا الشخص معارف لي، وأعلم أنهم يدافعون عن حقوق النساء، وقد أشعرناهم بأن هذا الشخص ارتكب هذه الفعلة، وأن قضيته شغلت الرأي العام النسائي في مالي وحدثت ضده مظاهرات في دولته، وأُصدرت البيانات من طرف الجمعيات وإلى الآن هناك مطالبات في مالي بسجنه ومعاقبته، لكنهم لم ينتهوا ونظموا الحفل، وهذا تطبيع مع العنف ضد النساء، وعدم اكتراث بجرائم العنف ضدهن".

وأضافت: "حدث تفاعل، والحقيقة أن موريتانيا فيها قضايا يتحدث فيها كل الناس وبعض القضايا تتحدث فيها قلّة، ومثل هذه القضية لا نرى فيها التفاعل اللازم. بالنسبة إلى الحقوقيين، تكلمنا مع بعض الجمعيات وكان تفاعلها جيداً".

وترى المتحدثة أن "هناك خطاباً انتشر، وهو أننا نحاول التشويش على الشباب الذي ينظمون الحفل، إلا أننا نرى أن هذا يعنينا بسبب ما ذكرت سابقاً، وما فعلناه يحدث دائماً في دول أخرى، فهناك دوماً من يرفضون التطبيع مع ممارسي العنف من النجوم وينظمون الحملات ضدهم. أريد التأكيد على أن كل ما حدث هو بسبب ضعف النظم القانونية التي تحمي النساء في المنطقة عموماً، خاصةً في المناطق التي فيها الحروب والنزاع في مالي".

وخلصت قائلةً: "الحراك النسوي في مصر والعراق منع سعد لمجرد من أن يقيم حفلات هناك، إذ نظم حملات ضده، لذلك أتعجب من الناس الذين يقولون إن جريمةً ارتُكبت في أرض أخرى لا تعنينا. من يدخل موريتانيا وقام بفعل مثل هذا علينا رفضه وشن الحملات ضده، وهذا أقل الواجب".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image