شهدت الساعات الماضية احتدام الجدل في سلطنة عمان بشأن استضافة متصوّف هندي، اسمه سادغورو جاغي، للمشاركة في ندوة حول التغير المناخي وحماية البيئة، على خلفية المزاعم بأنه "مؤيّد لإسرائيل" و"أفكاره تخالف قيم المجتمع العُماني والإسلام".
وأفاد الصحافي العُماني تركي البلوشي، عبر حسابه في إنستغرام، بأن "الراهب الهندي الناشط في الدفاع عن حماية البيئة سادغورو جاغي، وهو مؤسس مبادرة Save the soil، من المقرر أن يقدّم محاضرة في العاصمة مسقط في 25 أيار/ مايو الجاري، وذلك بمركز المعارض والمؤتمرات".
ويُعرف سادغورو (64 عاماً) أيضاً بكونه متصوفاً ومدرباً وخبيراً في اليوغا. وهو صاحب مؤسسة "إيشا" الخيرية التي تسعى إلى نشر اليوغا أسلوباً لتهذيب الروح وتقويم الجسد. وسبق أن اختارته صحيفة "إنديا إكسبرس" الواسعة الانتشار في بلده أحد أكثر خمسين شخصية تأثيراً على مستوى البلد الآسيوي.
وتأتي زيارة سادغورو لمسقط في ختام جولة له تحت عنوان "أنقذوا التربة" بدأها في الأردن ثم البحرين ومنها إلى دبي. وسبق له إلقاء محاضرات في دول عربية بينها قطر والإمارات وسوريا.
ونشط عشرات المغردين العُمانيين عبر وسم #لا_مرحبا_سادجورو للإعراب عن رفضهم زيارته، لأن برأيهم "أفكاره مناهضة للمجتمع العماني والقيم الإسلامية"، ولأنه "داعم للاحتلال الإسرائيلي حيث زار تل أبيب وقدم دعاية لإسرائيل في عدة مناسبات". لكن فريقاً آخر من المغردين دافع عن إتاحة المجال له لطرح أفكاره ومناقشتها.
داعم للاحتلال؟ مناهض للإسلام؟
المعارضون لاستضافة سادغورو وصفوه بأنه "داعية الإلحاد" و"دجّال" و"متصهين"، معربين عن رفضهم "أن يُعطى منصة في عُمان". وناشدوا: "أنقذوا التربة العمانية الطيبة من النباتات الكريهة السامة"، في إشارة إلى المتصوف الهندي. داعين عوضاً عن ذلك إلى استضافة "الكفاءات والقدوات والعلماء المتخصصين".
"يمجد إسرائيل علناً" و"صاحب فكر يتعارض مع ديننا"... عُمانيون يرفضون استضافة متصوّف هندي بارز ناشط في مجال حماية البيئة عبر وسم #لا_مرحبا_سادجورو، ويحذرون من السماح له بـ"بث سمومه" و"الترويج لأفكاره الهدامة"
وأوضح رجل الأعمال العُماني وائل الحراصي أن خطاب سادغورو البيئي نابع من أفكاره المتعلقة بـ"تقديس التربة" الذي قال إنه يشبه "تقديس البقر"، معتبراً أن "تصريح الدولة له للحديث يوحي للشباب وغيرهم أن خطاب هذا الرجل مقبول"، وهو ما رآه "غير مقبول" في بلد مسلم.
وأعاد الحراصي تداول مقطع فيديو لسادغورو يسخر فيه من القول بوجود حياة بعد الموت أو وجود "جنّة" للمؤمنين الصالحين في الحياة، كما يعتقد المسلمون، محذراً به من أن أسلوب المتصوّف الهندي "جاذب" ويتخلله "ترويج للهندوسية".
وتداول الطبيب البارز حمد الكلباني تغريدة سابقة لسادغورو يمتدح فيها جهود إسرائيل لتحويل الرمال إلى تربة خصبة، متعجباً "يمجد علناً إسرائيل ويعتبرها قدوة للعالم. يمجد استباحة أرضنا ودمنا وعرضنا ومقدساتنا، ثم يأتي ليعلمنا قيمة الأرض!".
بعيداً عن إسرائيل، استنكر الكثيرون زيارة الرجل الذي قالوا إنه "صاحب فكر يتعارض مع ديننا وثقافتنا وثوابتنا وطبعاً غير مرحب به في أرضنا الطاهرة". من هؤلاء، الأكاديمي العُماني راشد الربيعي الذي كتب عبر الوسم: "أرأيتم لو كان يستهزئ بعمان أو بالعمانيين أو بالهوية العمانية أو بنظام الدولة أو نظام الحكم فيها، هل كنتم ستسمحون له بدخول البلاد؟ هذه قيم ندافع عنها ونغار كلنا عليها. فكذلك معتقداتنا، وهي أغلى قدراً. وهذا يستهزئ بفكرة الإله واليوم الآخر".
كذلك فعل النائب في مجلس شورى السلطنة، مالك بن هلال اليحمدي، الذي كتب في تويتر: "لو أنه جاء ليحاور أهل العلم فلربما قلنا مرحباً به. ولكن لأنه معروف بأفكاره الإلحادية وطعنه في العقيدة الإسلامية وسعيه إلى بث سمومه تحت غطاء مسميات ومؤتمرات مضللة".
وذكّر معلقون بما يتعرض له مسلمون من اضطهاد وعنف من قبل بعض معتنقي الهندوسية في الهند، قائلين إن استضافته تعني "خذلان" الشعب الفلسطيني والمسلمين المتضررين من الاضطهاد في الهند. ورأوا أيضاً في منع استضافته "نُصرةً للمسلمين المستضعفين في الهند".
بينما قال كُثر #لا_مرحبا_سادجورو، تساءل آخرون: ألا يستطيع أحد منكم أن يواجهه في مناظرة مفتوحة؟ هل أفكاره وآراؤه أكثر حكمة ومنطقاً من أفكاركم وآرائكم ومن حكمتكم؟
وحذّر الإعلامي العُماني العبري عبد الله من "أن يُسمح لمثل هؤلاء من الدخول الى البلد للترويج لأفكار هدامة"، مستدركاً بأن "المجتمع العماني لا يحتمل هذا الغث من الأفكار!". وأمل "أن يتدارك عقلاء الوطن الوضع ومنع هذا الغريب المدعو #سادجورو من أن تطأ قدمه التربة العمانية".
"لا تزر وازرة وزر أخرى"
على الجانب الآخر، رفض معلقون كثر المطالب بمنع استضافة سادغورو، وتحميله ذنب اضطهاد هندوس لمسلمين في الهند.
من هؤلاء المترجمة العُمانية فاطمة بنت ناصر التي غرّدت على تويتر: "‘ولا تزر وازرة وزر أخرى‘. تريدون عقاب هذا الرجل على جرائم الهندوس المتطرفين ولو حاسبكم العالم على جرائم المتطرفين المسلمين، لما رحبت بكم أي أرض". كما دعمت بنت ناصر السماح لسادغورو بإلقاء آرائه والدخول في نقاش معه حولها عوضاً عن منعه.
وسخرت من التحذيرات من أن يتأثر الشباب بأفكار الرجل، قائلةً: "عذراً بس هذا إيمانه متعلث، يعني هش وضعيف لدرجة أنه ما فيه عقل بس يسمع ويصدق يا يلحد يا يكون هندوسي!". وزادت: "أنا أول مرة أشوف هندوسي ينشر الإلحاد والهندوسية في نفس الوقت".
من جهته، تساءل الناشط عبد الرحمن جعفر موجهاً كلامه إلى المعارضين للاستضافة: "لم أكن أعلم أن إيمانكم ضعيف لهذه الدرجة. هل تخافون منه؟ ألا يستطيع أحد منكم أن يواجهه في مناظرة مفتوحة؟ هل أفكاره وآراؤه أكثر حكمة ومنطقاً من أفكاركم وآرائكم ومن حكمتكم؟".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...