شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
نكهة الثقافة المحلية تلتصق بأرواح شخصياتها... دلشاد المرشحة للبوكر

نكهة الثقافة المحلية تلتصق بأرواح شخصياتها... دلشاد المرشحة للبوكر

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الأربعاء 25 مايو 202201:00 م

هي روائية وشاعرة وناشطة ثقافية عمانية، تتنوع أعمالها الأدبية بين الرواية والقصة والشعر، وتغوص رواياتها في عمق التاريخ العُماني، وتدلف بشجاعة إلى مناطق مجهولة منه، لتمزج الواقعي بالمتخيل، مستعينة بالموروث الثقافي لبلادها، وتبدو مولعة بسير المهمشين والبسطاء في بلادها، وتعطي اهتماماً كبيراً لحقبة ما قبل اكتشاف النفط.

إنها الأديبة العمانية بشرى خلفان التي خرجت من إطار المحلية وحلقت في سماء العالمية، بعدما وصلت روايتها الأحدث "دلشاد"، المستوحاة من حكايات مسقط القديمة، إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر" 2022.

حوار مع الأديبة العمانية بشرى خلفان حول وصولها للبوكر وحياتها الأدبية وخصوصية ما تقدّمه كاتبات عُمان

وحول وصولها للبوكر، كان لـرصيف22 معها هذا الحوار:

 إلى أي مدى اعتمدت على السير الشعبية في نسج أحداث روايتك "دلشاد – سيرة الجوع والشبع"، وكيف تمكنت من الإلمام بالتاريخ والموروث العُماني في تلك الحقبة الزمنية؟

لم يكن في رواية "دلشاد" سيراً شعبية بقدر ما تضمنت بعض الموروث الشفاهي العُماني من أغاني وحكايات.

بينما تطلب الإلمام بالتاريخ والموروث الثقافي العُماني، مني الكثير من البحث المكتبي الذي ابتدأته منذ سنين، وطبعاً قمت بعدد من اللقاءات الحية مع كبار السن من مختلف البيئات والثقافات في عمان.

لماذا تكرّرت تيمة الغياب الذي يأخذ شخوص الرواية؟ وما سبب حضور رمزية البحر في كثير من المشاهد؟

في الواقع، سلطنة عمان بلد يحيط بها البحر، وهي أرض هجرات على مر التاريخ، فالبحر والهجرات والغياب بأي شكل من الأشكال هي بمثابة ثيمات أصيلة في حركة الأفراد والمجتمع العُماني.

ما سبب اختيارك للاسم الفارسي "دلشاد" ليكون اسم بطل روايتك وعنوانها، رغم تناقض معناه مع حياة بطل الرواية الذي لم ير يوماً سعيداً في حياته كلها؟ ما الذي رميت إليه بتلك المفارقة؟

المفارقة في اختياري لاسم دلشاد، تأتي كجزء من مفارقات حياة بطل الرواية ذاتها، من سلوكه وطبائعه، وهي أيضاً شكل من أشكال صموده، وجاء اختياره كعنوان للرواية لأن الروايات تشتغل على متناقضات الحياة، كم أنه أصبح اسم العائلة التي سترث الضحكة والجوع العميق رغم شبعها الفيزيائي في مرحلة لاحقة.

كيف جمعت ببراعة بين تقنية تعدد الأصوات من ناحية وكثرة شخوص الرواية وحكاياتها المتشعبة وتتعدد الأماكن من ناحية أخرى؟

في الحقيقة جاء ذلك بالصبر والتركيز والمراجعات المستمرة، وكذلك عن طريق قيامي بوضع الجداول الزمنية، الذي يسر لي تتبع الشخصيات في تقاطعها مع الأحداث التاريخية في اختلاف الأمكنة بالرواية.

لماذا جمعت بين العربية الفصحى وبعض المقاطع العامية والعجمية من "بلوشية، فارسية، أوردو" في لغة السرد؟ والبعض يأخذ على الرواية عدم وجود هوامش لشرح معاني تلك المصطلحات... فما ردك؟

وجدت أن إضافة اللهجة العامية في بعض المقاطع تعطي نكهة الثقافة المحلية العُمانية وتلتصق بأرواح الشخصيات أكثر من العربية الفصحى، كما أن الرواية عكست تعدد الثقافات في مسقط من خلال العادات والتقاليد والطقوس المميزة لكل ثقافة، واللهجة العمانية قريبة جداً للفصحى، أما مقاطع الرواية التي كُتبت بالبلوشية فتُفهم في الغالب من خلال سياق الأحداث فلم أجد هناك حاجة للهوامش التي قد تعيق سلاسة القراءة برأيي.

الروائية المرشحة للبوكر بشرى خلفان: "فقدنا أصواتاً أدبية نسائية رائعة بعد الزواج" 

يستشعر القارئ أن لكل شخصية بذاتها نبرات متعددة في مسار التحولات، مقدمة تقنية تعدد الأصوات عبر تعدد النبرات... كيف تمكنت من فعل ذلك؟ وهل هو التقمص أم ترك العنان للشخصيات لتتحدث بحرية؟

حقيقة إنهما الاثنان معاً، ففي حال تقمص الشخصيات فأنت تنضج معها، وفي النضج تتغير الشخصية ورؤيتها للحياة وطريقتها في الكلام ونبرة الصوت، وفي التقمص أيضاً تتلبسك الشخصية فتطلق لها العنان لتحكي بصوتها الخاص في لحظتها تلك.

هل تعد روايتك "دلشاد" امتداداً لروايتك "الباغ"؟ وهل كلتاهما جزءاً من مشروع روائي؟

لا ليست رواية "دلشاد" امتداداً لرواية "الباغ"، وإنما هما روايتان منفصلتان تماماً، إلا إن أردنا أن ننظر إليهما بوصفهما جزءاً من مشروع رواية التاريخ العماني، وهذا ما لم أفكر فيه بعد بشكل واع على الأقل.

ماذا عن الجزء الثاني من روايتك "دلشاد"؟ ومتى يخرج إلى النور؟ وهل تتفقين مع تصنيف العمل كرواية تاريخية؟

حتى الآن لا يوجد موعد محدد لصدور الجزء الثاني من الرواية بعد، ويبقى تصنيف العمل كرواية تاريخية، محل جدل، فأنا عندي حكاية وفكرة، وهذه الحكاية تقع في زمن ما، لذا من الصعب التنصل من الأحداث التاريخية، والكتابة وكأننا خارج الزمان والمكان وغير خاضعين له.

كيف تلقيت وصول رواية "دلشاد" للقائمة القصيرة لجائزة البوكر؟ وهل تتوقعين الفوز؟

في الواقع تلقيت خبر وصول الرواية للقائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر" 2022، برضى وابتسامة عريضة، ويبقى توقع الفوز شعور طبيعي.

الأديبة العمانية بشرى خلفان: كاتبات جيلي يمتزن بالجدية والشجاعة. أن يكون لك صوت خاص وحاضر بل وجيد في طرحه ونتاجه ليس بالشيء الهين

هناك عدد من الروايات العُمانية التي تناولت تاريخ عُمان قبل اكتشاف النفط.. إلى أي مدى اختلف منظور معالجتك لتلك الفترة التاريخية الحساسة في روايتيك "دلشاد" و"الباغ"؟

من الطبيعي أن يكون لكل كاتب أسلوبه الخاص ومن المهم جداً أن يحدد منظور المعالجة بذكاء وإلا سيقع في النمطية والتكرار، بالنسبة لي أنا أرى أي معالجة روائية يجب أن تكون مخلصة للأدب والفن ذاته قبل كل شيء.

تطرقت في "دلشاد" إلى المثلية الجنسية عبر شخصية فردوس، كيف تتعاملين مع موضوعات الجنس في رواياتك؟ وما هي علاقتك بالتابوهات الثلاثة؟

لا يمكن أن يغفل الكاتب حضور أي من التابوهات الثلاثة في الحياة وفي الرواية، لكن يبقى عليه تحديد الجرعة المناسبة لنوع العمل نفسه، بحيث لا يصبح هماً إلا إن كان موضوعاً للمعالجة الفنية، وإلا أصبح ناتئاً وفجاً، وأظن أن هذا ما أحاوله في كتابتي، وهو الابتعاد قدر الإمكان عن فجاجة الطرح المباشر.

يتنوع إبداعك الأدبي بين الرواية والقصة والنصوص. في أي لون أدبي تجدين نفسك أكثر؟ وما هو العمل الأدبي الأقرب لقلبك من بين أعمالك؟

أنا أجد نفسي في لحظة الكتابة أياً كان ما أكتبه، أما العمل الأدبي الأقرب لقلبي من بين أعمالي الأدبية هو مجموعتي القصصية "صائد الفراشات الحزين" وأيضاً كتابي " غبار"، أما رواية "دلشاد" فهي النص الذي أعيشه بكليتي ولم أخرج منه بعد لأضعه على طاولة المقارنة مع بقية أعمالي.

صفي لنا علاقتك بالنقد ككاتبة؟ وهل تعتقدين أن النقد قد يكون منحازاً أحياناً ضد أدب الكاتبات من منطلق ذكوري؟

أحب النقد عندما يكون موضوعيا وممنهجاً، وأحبه أكثر عندما يكون مبدعاً في رؤيته للعمل، فذلك يفيدني جداً حتى إن كان قاسياً، فلحظة التأثر العاطفي ستمر وستبقى الفائدة من الدرس، فكرة الانحياز الجندري ممكنة، لكنني صدقاً لم أواجهه أو لم أشعر به أو ربما فضلت أن لا أفعل.

يصنف البعض كتابات المرأة على أنها أدب نسوي.. هل تتفقين مع هذا المصطلح أم لا؟ وبرأيك هل يختلف أدب المرأة عن أدب الرجل؟

أعرف أن هناك أدباً تكتبه المرأة وهناك أدب مشغول بقضايا المرأة، ويكتبه الرجال أيضاً. ما عدا ذلك فالجواب يحتاج لدراسات مقارنة موضوعية وليس إطلاق أحكام مبنية على تصورات شخصية، وهذا ما لم أفعله بعد.

ما هي التحديات التي تواجه الكاتبات في المجتمع العماني خاصة والخليجي بشكل عام؟ وهل هناك هيمنة ذكورية ما على الأوساط الثقافية؟

هناك تحديات وعوائق اجتماعية كثيرة، وفي عمان حدث أن فقدنا أصواتاً أدبية رائعة بعد الزواج، وأحيانا يحدث العكس، ويبقى المجتمع بسلطته حقيقياً، وفي النهاية يتطلب الوجود ككاتب وكاتبة في أي مجتمع "محافظ" الكثير من الشجاعة.

هل تعتقدين أن الأدب العماني يمر بطفرة جديرة بالاهتمام خلال السنوات الأخيرة؟ وكيف ترين تجربة كاتبات جيلك العمانيات؟

الأدب العماني كان حاضراً فيما مضى، ولكن بخجل نوعاً ما، لكنه أصبح أكثر حضوراً في الفترة الماضية فعلاً، وأظن أن هذا طبيعي قياساً، في ظل مجتمع لا يعلي من شأن الفرد بل يحاول حتى المتميز فيه أن يظل بعيداً عن الضوء، كما أن وصول الأدب العماني إلى العالمية أعاد الثقة بالممكنات، وأيضا أصبحنا في زمن فيه وفرة شديدة في الإصدارات وأصبح الإشهار فيه ضروري إلى حد ما.

وما أستطيع قوله عن كاتبات جيلي أنهن يمتزن بالجدية والشجاعة، فأن يكون لك صوت خاص وحاضر بل وجيد في طرحه ونتاجه ليس بالشيء الهين. 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image