الغواية الاستكشافية أو ناسا التي لا تجيد إرسال الـNudes
لا يمكن إنكار جهود وكالة الفضاء الأمريكيّة في اكتشاف ما وراء السماء والمجرات، وغيرها من البرامج العلميّة المختلفة التي تحاول أن تدفع حدود الإنسانيّة نحو مساحات جديدة، خصوصاً فيما يتعلق باحتمالات وجود حياة ذكية في الفضاء الواسع ومحاولات التواصل معها عبر تعريفها على "البشر"، إذ أطلقت ناسا عام 1977 القرص الذهبي إلى الفضاء، الذي يحوي موسيقى من أنحاء العالم، علّها تلفت انتباه الكائنات الفضائية، لكن الأمر لم ينجح، ولم يرد أحد!
قررت ناسا تغيير مقاربتها، وإرسال صور عارية للبشر إلى الفضاء بجانبها نموذج للحمض النووي البشري، لكن الاطلاع على الصور يكشف أن موظفي ناسا إما لا يعرفون ما هي الـNudes، أو لا يمتلكون اشتراكاً في Onlyfans، أو يحاولون أن يخبروا الكائنات الفضائية بأن أشكالنا شديدة البدائية والغموض، إلى حد أن صورنا أشبه بخطوط قام قرد بوصلها مع بعضها البعض.
لا نعلم لم لا تريد ناسا إرسال صور حقيقية للبشر، والاكتفاء برسوم تخطيطيّة، أو لعل الصوابية السياسيّة أعمتهم، لأن حقيقةً، هكذا صور لا تقدم انطباعاً عن حياة ذكيّة على الأرض تمكنت من الوصول إلى الفضاء، بل مجموعة من الكائنات التي لم تتطور بعد وما زالت ترسم على جدران الكهوف، الشأن الذي لن يثير اهتمام أو رغبة أي وجود ذكي يحاول التواصل معنا، فالصور تبدو كأنها junk mail ينتمي للثمانينيات، إعلان من نوع ما نتجاهله بمجرد قراءة عنوانه.
الوجيز في تاريخ الدولة اللبنانيّة
امرأة تمشي عارية في بيروت احتجاجاً على تجاهل القضاء للتهديدات التي تعرضت لها من قبل طليقها، ثم قرار بهدم ما تبقى من الأهراءات، الشواهد على كارثة المرفأ التي دمرت المدينة بشكل حرفي، في تجاهل تام للضحايا وحقهم بالعدالة، ومحاولة لطمس الذاكرة وخلق وجه "نظيف" للسلطة والعاصمة التي يقول البعض إنها محتلة من قبل الطبقة السياسيّة، ذات الطبقة التي تنهب البلاد وتدعو اللبنانيين حالياً للتصويت في الانتخابات النيابيّة، تلك التي تنتشر دعوات مقاطعتها ورفضها في شوارع بيروت وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، وكأن الطبقة السياسية تتجاهل كلياً ما يحصل في لبنان، وتؤمن بقدرتها على حكم المساحة الجغرافية التي بسببهم أصبحت خالية من النقود والكهرباء والخدمات.
لا نمتلك تعليقاً على ما يحصل، لكن يمكن القول إن وثائقي "التاريخ الذي لم يرو للانهيار" الذي شاركه جاد غصن على قناته على يوتيوب، يقدم لنا في الثواني الأولى منه ما يمكن وصفه بـ"الوجيز في تاريخ لبنان المعاصر"، إذ يصرخ أحدهم وبيروت تحترق من وراءه: "كس أخت الدولة اللبنانية كلها...".
قررت ناسا إرسال صور عارية للبشر إلى الفضاء علّها تلفت انتباه الكائنات الفضائية. لكن الاطلاع على الصور يكشف أن موظفي ناسا إما لا يعرفون ما هي الـNudes، أو لا يمتلكون اشتراكاً في Onlyfans
أستراليا: مخيمات الاعتقال البعيدة
لا تصلنا الكثير من الأخبار عن أحوال اللاجئين في أستراليا، فالقارة البعيدة نسبياً عن مركز العالم مهملة، لكن من يبحث يكتشف أنها تحوي أشد أنظمة اللجوء واستقبال اللاجئين عنصرية وعنفاً، فالاعتقال في مخيمات معزولة، والحرمان من الأوراق، والظروف المعيشية الرديئة التي يختبرها من تمكنوا من الوصول، لا يمكن للكلمات أن تصفها. لكن كل فترة يظهر خبر يكشف لنا أن محاولات أستراليا تبييض وجهها، والتأكيد أن اللاجئ بالنهاية إنسان وقادر على الإبداع، فجهود المنظمات الإنسانية تركز على "الفرد" لا الجماعة، لرسم صورة يظهر فيها اللاجئ كشخص أجنبي ذي قدرات خارقة تُدهش من حوله، أو بصورة أدق، محتجزيه، هذا ما نقرأه في الخبر التالي المعنون بـ"ترشيح لاجئ يرسم بفرشاة الأسنان لأهمّ جائزة بورتريه أستراليّة".
هكذا خبر والاحتفاء الذي ناله مصطفى عظيميتابار، الكردي الإيراني بعد 8 سنوات من احتجازه، لا يمكن النظر إليه سوى كمحاولة شديدة السذاجة من أستراليا لتحسين سمعتها، وتقديم اللاجئين بوصفهم كائنات غرائبية وإكزوتيكية لابد من احتجازهم لسنوات قبل "إطلاق سراحهم"، والسماح لهم بدخول المدن والتعرف على المجتمع.
لن نحاول تكرار بلاغة انتقاد السلطة في تعاملها مع اللاجئين، لكن ما يحصل في أستراليا لا يُسكت عنه، وفرشاة أسنان من أجل الرسم ليست إلا إهانة للإنسانية، تتوج بجائزة ترضية ينالها اللاجئ كتعويض عن "احتجازه" اللاإنساني.
يوم القيامة روسي هذه المرّة
ما زالت الأخبار حول الصحة العقلية لفلاديمير بوتين تتداول في وسائل الإعلام، يرافقها أٌقاويل عن غضبه وإحباطه بسبب نتائج حربه على أوكرانيا، ناهيك عن إشاعات تقول إن الجنرالات حوله لا يخبرونه الحقيقة، تاركين إياه في عزلته الدوليّة جاهلاً لما يحصل حوله، لكن كل هذا لن يهدد عزيمة بوتين، الذي قرر مخالفة كل الحكايات الدينية التي تقول إن يوم القيامة سيكون في الشرق الأوسط، معلناً أنه قد يحصل في أوروبا، فالاستعراض العسكري المخطط أن يقوم به قريباً سُمي بإنذار "يوم القيامة"، أو هكذا تُرجم للعربية، ولن نتأكد من الكلمة الروسية أو الإنكليزية المستخدمة بسبب الكسل، وحفاظاً على هالة الرعب التي تحويها الكلمة التي تبنتها بعض وسائل الإعلام العربيّة.
هذا الإنذار يتمثل باستعراض عسكريّ، تتوّجه طائرة "يوم القيامة" التي تعتبر المساحة الآمنة للضباط الروس في حال وقعت حرب نووية، أي ما يمكن أن نفهمه أن يوم القيامة النووي إن حصل، لن ينجو منه أحد سوى بوتين، وأيلون ماسك، أما نحن فالغبار النووي كفيل بالقضاء علينا، لكن لا يبدو هذا السيناريو شديد السوداوية، ففي عالم يحكمه مدير شركة و ديكتاتور الدار الآخرة أفضل من البقاء أحياء تحت سلطتهما.
لا تفوت الإمارات فرصة لتكون سبّاقة في كل مجال، سواء كنا نتحدث عما يختبره العمال الأجانب من شروط لا إنسانيّة، أو افتتاح نسخة من متحف اللوفر لأجل "البروظة" دون أي اعتبار للتاريخ الثقافي للمنطقة أو كما حصل مؤخراً إذ قامت دبي بتدشين مقر لتنظيم الأصول الافتراضية في "الميتافيرس" تحت اسم "صندوق الرمال"
متلازمة الديكتاتور العابرة للقارات
لم يعد خفياً على أحد أن أمريكا الجنوبية تحوي الكثير من "فلول" النازيّة الألمانية، فمئات الضباط هربوا من ألمانيا إلى هناك وأقاموا قراهم ومدنهم الخاصة، بل إن البعض يظن أن هتلر نفسه كان حياً في المكسيك.
عادة ما يتم تجاهل هذه الحكايات أو تصنيفها تحت نظريات المؤامرة، لكن مؤخراً قام زوجان من المكسيك بالاحتفال بعقد قرانهما على الطريقة النازية، إذ نشاهد في الصور صلباناً معقوفة وأيد مرفوعة وفولكز فاغن، وكل ما يمكن أن يخطر على البال من رموز نازية تم الاحتفاء بها بشكل واضح ودون أي حياء.
الملفت في كل هذه الحكاية هو تبرير العريس فيرناندو، المعجب بهتلر، لسبب اعتماده هذه "الموضوعة" يوم عرسه، فعلى الرغم من كل ما قام به هتلر من مجازر، قال فرناندو: "لقد أحبه شعبه ". (هنا قرر المحرر أخذ دقائق من الصمت قبل أن يكتب).
عبارة "أحبه شعبه" واحدة من أقبح الأعذار التي يتم تقديمها حين التعامل مع الديكتاتوريين والجماعات التي تقدسهم حد العبادة، العبارة ينطقها مؤديو حافظ الأسد وصدام حسين، بل ومؤديو هتلر نفسه من السذج في العالم العربيّ، كالممثل السوري الذي قال في لقاء معه إن هتلر كان قائداً يثير الإعجاب.
الحماقات الأيديولوجية التي تخفيها عبارة "أحبه شعبه" تتطلب منا إعادة النظر في كيفية تقديم صورة الديكتاتور بعد موته، لا فقط لتحطيمه كرمز، بل كشف أساليب وصوله إلى السلطة، وشرح شدة بطشه على مستوى عالميّ يمكن لـ "كل" الناس استيعابه، لأن البعض أسير الأكاذيب والعواطف، لا الحقائق، خصوصاً أن الجرائم ضد الإنسانية تطال "الجميع" لا فقط الفئة التي تعرضت للعنف، فما حصل في ألمانيا نشهده حالياً، وقابل أن يحصل في كل مكان في العالم وفي أي زمان، ويجب أن يستوعب الحمقى أن لا فائدة من ديكتاتور أحبته فئة قليلة في حين أن الباقين من حوله أموات.
الإمارات في الميتافيرس
لا تفوت الإمارات فرصة لتكون سبّاقة في كل مجال، سواء كنا نتحدث عن معدلات العمالة الأجنبية وما يختبره العمال من شروط قاسية ولا إنسانيّة، أو افتتاح نسخة من متحف اللوفر لأجل "البروظة" دون أي اعتبار للتاريخ الثقافي للمنطقة، أو كما حصل مؤخراً، إذ قامت دبي بتدشين مقر سلطة تنظيم الأصول الافتراضية في "الميتافيرس" تحت اسم "صندوق الرمال".
لا نعلم أن كان الهدف هو توسيع سوق غسيل الأموال والتهرب الضريبي في الإمارات أو فعلاً محاولة للانتقال إلى العالم الرقمي، لكن ما نعرفه أن هكذا خطوة خطرة على سيادة الإمارة، فالقواعد والقوانين في الميتافيرس مختلفة عن تلك الموجودة على أرض الواقع، ولا نعلم كيف ستتصرف الأمارة مع المثليين أو المؤمنين بتشريع الحشيشة والمدافعين عن حرية الرأي والانتقاد، إذ لا يمكن طردهم من الميتافيرس، كما يحصل عادة حين تطرد الإمارات من يوجّه لها الانتقاد، لكن نتوقع نهضة عمرانية افتراضيّة يمكن أن تتجلى بالعمارات والخدمات التالية:
1- بناء أكبر برج في الميتافيرس تحت اسم برج الله، وهو عمارة طويلة جداً لا نهاية لها ولا يمكن معرفة سقفها.
2- بناء "متحف العالم" على شكل رأس صقر يحوي نسخ NFT من كل الأعمال الفنية في العالم .
3- توظيف أفاتارات للقيام بالمهام اليوميّة وتعويضها عن خدماتها بالقليل من العملات الرقمية، مع سن قانون يمنع مشغلي هذه الأفاتارات منعاً باتاً من نزع النظارات الخاصة بالميتافيرس.
4- تمويل قراصنة وميلشيات خاصة تقوم بشن الحروب المختلفة في العالم الرقمي، ثم إنكار تبعيتها للسلطة الرقمية الإماراتيّة.
إشكالية عبد الباري عطوان
لم نكن نعلم أن عبد الباري عطوان ما زال صحفياً، خصوصاً بعد تحوله إلى بوق للمقاومة، لكن مؤخراً خرج علينا عطوان على قناة الميادين، منادياً وغاضباً مما يتعرض له من هجمة تحاول منعه من العمل، ولا نتحدث هنا عن السخرية والانتقادات التي طالته بسبب الحلم الذي راوده، والذي يرى فيه قائد المقاومة الذي لا نستطيع ذكر اسمه يصلي في القدس إماماً، وهو يقف وراءه خاشعاً منتصراً. بل نقصد الجهود المعادية له في المملكة المتحدة، إذ يرى عطوان أنه يتعرض للمقاضاة والمقاطعة لمنعه من العمل، كما تغلق المنصات بوجهه لحرمانه من حرية التعبير عن آرائه، وطال الأمر الموقع الإلكتروني "رأي اليوم" الذي يرأس تحريره، والمهدد بالإغلاق بسبب منع عطوان من النشر على يوتيوب وفيسبوك.
لا نتفق مع عطوان أيديولوجيا ولا نهادن في انتقاده والإشارة إلى أخطائه، لكن تكميمه وحرمانه من التعبير عن آرائه شأن مختلف، لابد لعطوان والبروباغندا وراءه أن يجدا منصة ما للكلام، لا فقط في دفاع راديكالي عن حرية التعبير، بل أيضاً كي نعرف كيف تفكر وتتحرك الكتلة البشرية التي تصدقه، لأن غرقه في الصمت أزمة، ستتركنا عاجزين عن فهم أدبيات وخطابة جمهور المقاومة، والأهم، ستحرمنا من مادة غنية للسخرية تفيد في استمرارنا بالعمل هنا في المقتطف الجديد.
يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...