مجزرة HD في سوريا
نادرة هي الحالات في التاريخ التي نتمكن فيها من مشاهدة مجزرة بدقة عالية، منذ البداية إلى النهاية، مجزرة أوجه الجناة فيها معروفة وواضحة، بل ويمكن التواصل معهم عبر فيسبوك، هكذا يمكن وصف الرعب الذي انتشر بين الناس بعد تحقيق الغارديان الذي يكشف عن مجزرة "حي التضامن" في سوريا، التي كان رد فعل بشار الأسد عليها إصدار عفواً عاماً عن الجرائم الإرهابية المرتكبة في سوريا.
لا نمتلك الكلمات الكافية، أو لا تكفي الكلمات لوصف تسجيلات القتل الجماعي التي نُشرت مؤخراً، لكن ما نعرفه أن أوجه القتلة واضحة، وأسماءهم معروفة، تلك التي يجب ألا ينساها أحد، جرائم من هذا النوع لا تسقط بالتقادم ولا يُصفح عنها، وفي هذا السياق نطرح سؤالاً: كيف سيتابع السوريون في سوريا حياتهم و هم يعلمون أن مجرمين من هذا النوع موجودون بينهم، يمكن رؤيتهم في الشارع على صفحات التواصل الاجتماعي؟ والأهم، ما هو شكل العدالة المنتظرة، تصالحيّة؟ انتقاليّة؟ انتقاميّة؟ تأديبيّة؟ لا نمتلك جواباً حالياً سوى الحداد وتربية الخوف، فإلى الآن (وهذا الأشد رعباً) هناك تسجيلات عن المقابر الجماعية أثناء إنشائها، لكن ماذا عن لاحقاً، عن لحظة اكتشافها وإعادة الكرامة لمن دفنوا فيها، كم سيكون مقدار الرعب والحزن الذي سيعمّ، وكيف سيحدق الناس بعضهم ببعض أمام هول ما سيُكتشف؟
قائمة مشتريات إيلون ماسك
أصبح الأمر رسمياً، إيلون ماسك اشترى تويتر، وبدأ بنشر التغريدات الساخرة، سيشتري تيكتوك ويغلقه، سيشتري كوكا كولا ويعيد إليها الكوكايين. يحاول ماسك أن يحرّر المغردين من ثقل الرقابة وتأثير الرعشة، حرية التعبير تعني أيضاً حرية المزاح والتهكم والسخرية دون خوف، لذا، حرصاً منا على مشروع ماسك الريادي في خصخصة حرية التعبير، هنا قائمة بقطاعات أخرى نتمنى أن يستثمر بها من أجل تحرريها وتحررينا:
1- شراء أفرع المخابرات في مصر وسوريا، وتحويلها إلى مساحات ذات سيادة مستقلة عن سلطة الدولة.
2- شراء مجلس الأمن وإلغاء حق الفيتو، والسماح بالعمليات النوعية لاختطاف الديكتاتوريين و محاكمتهم علناً.
3- شراء كل المحفظة السيادية القطريّة وإلغاء المونديال، وتحويل البنى التحتية الخاصة به إلى متحف لحقوق الإنسان والعمالة المُستغلة.
4- خلق محفظة الدخل العالمي وإقرار 500 دولار كراتب شهري لكل إنسان من أجل القضاء على الفقر.
حرصاً على مشروع إيلون ماسك الريادي في خصخصة حرية التعبير، يعرض"المقتطف الجديد" قائمة بقطاعات أخرى نتمنى أن يستثمر بها ماسك من أجل تحرريها وتحررينا
جائزة قاسم سليماني للأدب الميليشياوي
الواضح أن هناك إصرار على دحش قاسم سليماني في أنوف الناس بوصفه إيقونة حربية، إنسانيّة وميلشياوية، والأهم أدبية، إذ أُعلن مؤخراً عن جائزة قاسم سليماني للأدب المقاوم، ولم يستح أحد من المدعوين للتحكيم وتقديم الحفل من وقوفهم أمام صورة قائد ميليشيا لا داعي للجدل حول الجرائم التي ارتكبتها.
لا نستغرب أبداً أن يكون هناك جوائز من هذا النوع، فهناك وسام ستالين، والبوكر الإماراتية، وغيرها من الجوائز الملطخة بالدماء، لكن ألم يفكر حسن م يوسف، عضو لجنة التحكيم، لثوان بما يقوم به؟ ألم يطرح الممثل أيمن زيدان مقدماً على نفسه أي سؤال؟ والأهم، ما هي معايير اختيار الفائز؟ أي ما هي القيم الجمالية والأدبية التي تبحث عنها اللجنة في العمل الأدبي المقدّم من أجل منحه الجائزة؟ نترك هذا السؤال معلقاً لحين الإعلان عن النتائج، ربما نكون حينها أمام قيم أدبية جديدة، تتمثل بإنكار المجازر، والاحتفاء بالاختفاء القسري، وتجاهل تجارة المخدرات والتجييش الطائفي.
لا نقود في بنوك السويد
فجأة استيقظ عدد كبير من مواطني السويد خلال الأسبوع الماضي ووجدوا حساباتهم البنكية فارغة، وخلصت النتائج إلى سببين لما حصل، خطأ تقني أو قراصنة روس. الشخص الوحيد الذي لم ير في الشأن أي مشكلة هو اللبنانيون الذين ابتلعت البنوك أموالهم، أو بصورة أدق، بخّرتها.
بالطبع في بلد كالسويد الشأن يحل خلال أيام، والبنوك ستدفع تعويضات للمتضررين بسبب هذا العطل أو المشكلة التي لا يمكن السكوت عنها، لكن إن كان الأمر فعلاً من ترتيب قراصنة روس، فننصح بالاستعانة بخبرات رياض سلامة من أجل التخفيف عن الدولة، إذ يقدم لبنان نموذجاً نوعياً في كيفية استمرار الحياة دون نقود في البنك، ودون سقوط الحكومة، ومراكمة الأموال المسروقة في حسابات خارجيّة.
لذا حرصاً منا على تعميم النموذج اللبناني، ندعو القراصنة الروس للاستفادة من خبرات بنك لبنان المركزي، من أجل كسر شوكة السويد ومنعها من الانضمام إلى الناتو، وتركها بيد ميلشيات يمينية مسلحة، أفضل من الخوض في السياسة والتلكؤ الأوروبي.
ميتات السيسي اللانهائيّة
نفت كل المواقع الإخبارية مسؤوليتها عن إشاعة وفاة عبد الفتاح السيسي، وكشفت السلطات المصرية لاحقاً عن أن تطبيق "نبض" الإخباري، تعرّض للقرصنة، ونشر هذه المعلومات التي هدّدت استقرار البلاد، لكن بوصفنا ساخرين ومحرّضين على انتقاد السلطة للأقصى، نرى أن إشاعة خبر الوفاة غير كافية، لابد من شأن أشد قدرة على إثارة الناس، في ذات الوقت تحطيم صورة السيسي التي بالأصل لا نعلم ما تبقى منها دون أن يتعرض للسخرية، مثلاً، يمكن نشر إشاعة عن تعيين السيسي زعيماً لأفريقيا، وتوظيف تقنيات التزييف العميق لنشر صور مسيرات احتفالية وهميّة، أو يمكن مثلاً نشر خبر كاذب مفاده أن الجيش بأكمله تم تسريحه، وعلى العسكر، فرداً فرداً، تسليم سلاحهم، أو يمكن ببساطة نشر خبر مفاده أن البلح في مصر أصبح سلعة مجانيّة متاحة للجميع، ونشر صور لتدافع الناس على المحلات للحصول على البلح المجاني، هذا النوع من الإشاعات يترك أثراً أشد من خبر وفاة يمكن تكذيبه بدقائق.
لا يوجد تعبير أشد تراجيدية ومجازية عن مهنة الصحافة في العالم العربي مما قام به الصحفي عماد الفقي، الذي انتحر في مكتبه في جريدة الأهرام، ثم انفصل رأسه عن جسده
غرامة على الانتحار في الأردن
لخّص الفيلسوف الفرنسي ألبير كامو مشكلة الوجود والمنطق والفلسفة، قائلاً إن "الانتحار هو المعضلة الفلسفية الحقيقية الوحيدة"، فخيار أن ينهي شخص وجوده، أمام احتمال مجهول (أي ما بعد الحياة)، يشكل عبئاً عقلياً لا يمكن التخلص منه بسهولة، لكن الواضح أن الحكومة الأردنيّة تمكنت بعد مشاورات ونقاشات سيزيفيّة مطوّلة التوصل إلى صيغة يمكن أن تسمى "ما بعد فلسفة العبث"، وحل مشكلة الانتحار عبر حبس من يحاول الانتحار وتغريمه.
الواضح أن الأردن تتبنى موقفاً حاسماً فيما يخص السياسات الحيوية، وتؤكد على مسؤوليتها عن جسد المواطن حيّاً أو ميتاً، خصوصاً في المكان العام الذي ينطبق عليه القانون، أي يمكن الافتراض أن الانتحار في مكان خاص لا مشكلة حوله.
يمكن أن نتفهم تخوّف الحكومة الأردنيّة على مظهر البلاد وشوارعها وشرفاتها، فلا يليق أن تمتلئ فضاءات المملكة العامة بالمنتحرين حفاظاً على جماليات المدن...
انتحار عماد الفقي يكشف لنا طبيعة مهنة الصحافة في العالم العربي، تلك التي لا تتلخص مشاكلها فقط بغياب حرية التعبير والملاحقات الأمنية، بل أيضاً بسوء المؤسسات الصحفية الرسميّة، وانتهازيّة العلاقات ضمنها، والقهر الذي يتعرض له من يحاول القيام بعمله
رأس الصحافة المقطوع
لا يوجد تعبير أشد تراجيدية ومجازية عن مهنة الصحافة في العالم العربي مما قام به الصحفي عماد الفقي، الذي انتحر في مكتبه في جريدة الأهرام، ثم انفصل رأسه عن جسده. لن نخوض في حيثيات الانتحار، لكن الواضح أن السبب مهني، نتيجة سوء التعامل معه والتضييق عليه وحرمانه من مستحقاته.
انتحار عماد الفقي يكشف لنا طبيعة هذه المهنة في العالم العربي، تلك التي لا تتلخص مشاكلها فقط بغياب حرية التعبير والملاحقات الأمنية، بل أيضاً بسوء المؤسسات الصحفية الرسميّة، وانتهازيّة العلاقات ضمنها، والقهر الذي يتعرض له من يحاول القيام بعمله.
أما انفصال الرأس، فلا يزيد المشهد إلا قسوة، إذ لم يلاحظ أحد انتحار الصحفي في مكتبه إلا لاحقاً، ليتحول الرأس إلى مجاز قاسٍ عن الظلم وغياب الحرية، والأهم، قدرة "السلطة" على تهديد وحدة الجسد البشريّ، وكأن الموت لا يكفي، بل لابدّ أيضاً من تحويل الفرد إلى درس للآخرين، عبر تركه ونفيه وحرمانه من حقه، وهنا ينتشر الرعب: أن تترك أحداً ليموت، أو يقتل نفسه، أمر لا يختلف كثيراً عن قتله.
يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...