عام 2017، أقرّ مجلس النواب اللبناني للمرة الأولى قانوناً انتخابياً جديداً يسمح للمغتربين في الخارج بالمشاركة في الاقتراع النيابي في بلاد الاغتراب بعدما كان لزاماً على الراغبين في التصويت منهم العودة إلى البلاد للقيام بذلك.
وعلى نحو غير مسبوق، شارك آلاف اللبنانيين المغتربين في الانتخابات البرلمانية لعام 2018 في الخارج، ولكن مشاركتهم أتت متواضعة وعزا مراقبون ذلك إلى قصر المهلة المحددة للتسجيل لدى السفارات في الخارج من أجل التصويت، فيما أرجعها آخرون إلى عوامل أخرى، منها حداثة التجربة وعدم الثقة بسلامة العملية الانتخابية وإجراءات الفرز.
سنتذاك، بلغ عدد المغتربين الذين تسجّلوا للاقتراع وفق أرقام وزارة الداخلية والبلديات اللبنانية 82,900 شخص، اقترع منهم 46,799، أي نحو 56.4% من إجمالي المغتربين المسجلين للتصويت، ونحو 2.5% من إجمالي اللبنانيين المشاركين في الانتخابات حينذاك.
قبيل الانتخابات الوشيكة المرتقبة في 15 أيار/ مايو، سيقترع المقيمون في الخارج قبل المقيمين في لبنان، يومي 6 و8 أيار/ مايو. سجّل نحو ربع مليون مغترب أسماءهم للمشاركة، وانتهت المراجعة الرسمية للمسجلين إلى أنه يحق لـ229,785 شخصاً منهم التصويت، أي نحو 5.7% من ثلاثة ملايين و970 ألفاً يحق لهم المشاركة في اختيار المجلس المكون من 128 نائباً.
فيما تأتي الانتخابات هذه المرة في وقت شديد الحساسية والصعوبة، لتزامنها مع أزمة مالية تضرب الاقتصاد اللبناني وعدة أزمات سياسية داخلية وخارجية، يعقد فريق كبير من المواطنين آمالاً كبيرة على المغتربين لإحداث فرق والتصويت لقوى التغيير وللقوى التي خرجت من السلطة بعد انتفاضة تشرين الأول/ أكتوبر 2019.
يرى هذا الفريق أن المغتربين قادرون على تخليص البلد من سلطة زبائنية متهمة بالفساد والسرقة وقيادة البلد إلى أسوأ أزمة في تاريخه المعاصر باعتبارهم "منزّهين عن الترغيب والزبائنية اللذين تمارسهما أحزاب السلطة، وعن الترهيب والتهديد اللذين يتعرض لهما المواطن داخل البلد"، حسبما قال النائب الكتائبي المستقيل إلياس حنكش على تويتر.
ويُسهم المغتربون بشكل كبير في الدخل القومي اللبناني، ويراوح حجم تحويلاتهم بين سبعة وتسعة مليارات دولارات سنوياً، أي بين 35 و 40% من الناتج القومي البالغ 22 مليار دولار بعد انهيار سعر صرف الليرة، بحسب ما ذكره لرصيف22 الكاتب والمحلل الاقتصادي اللبناني منير يونس.
بناءً على ذلك، تعالت الأصوات التي تحث المغتربين على تسجيل أسمائهم للتصويت، أو العودة للاقتراع في لبنان إذا أرادوا، وظهرت مبادرات رسمية وفردية وجماعية تحت عناوين عدة، منها: "الصوت رح يعمل فرق" و"صوتوا تنخلص منن".
كذلك نشطت بضع مبادرات ومجموعات تطوعيّة لتشجيع المغتربين على الاقتراع أولاً، وعلى التصويت لقوى التغيير ثانياً، على غرار "مغتربين مجتمعين" و"منصة الناس" و"نحو الوطن" و"شبكة الاغتراب اللبناني" و"كلنا إرادة".
ويبقى السؤال المهم: لمَن سيصوّت المغتربون في الانتخابات المقبلة؟ وهل يصوتون لقوى التغيير؟ للإجابة عن هذا السؤال، تواصلنا مع مجموعة من الناشطين الفاعلين في أوساط المغتربين والمنظمات المعنية بأحوالهم في عدد من الدول التي تحتضن بعض أكبر الجاليات اللبنانية في الشتات، وذلك في ظل عدم وجود تنظيم جامع يمثل المغتربين أو يتحدث باسمهم.
"منزّهين عن الترغيب والزبائنية اللذين تمارسهما أحزاب السلطة، وعن الترهيب والتهديد اللذين يتعرض لهما المواطن داخل البلد"... آمال "التغيير" و"إنقاذ لبنان" معقودة على المغتربين، فلمن يصوتون؟
تُشير بعض التقديرات إلى ما يراوح بين 11 و18 مليون لبناني مغترب، نحو المليون منهم فقط يحتفظون بالجنسية اللبنانية ويحق لهم المشاركة في الانتخابات. وتُشير الأرقام المعلنة من قبل وزارة الداخلية اللبنانية عن قوائم المغتربين المسجّلين للاقتراع في الخارج، إلى أن الأكثرية تقيم في خمس دول هي: فرنسا (28 ألفاً) والولايات المتحدة الأمريكية (27,900) وكندا (27,400) والإمارات (25 ألفاً) وأستراليا (20 ألفاً).
زيادة تبشّر بالتغيير
ترى نانسي أسطفان، العضوة المؤسسة في شبكة الاغتراب اللبناني (TLDN)، أن الزيادة الكبيرة في أعداد المغتربين المسجلين للتصويت مقارنةً بالعام 2018 "دليل على تشجّع المغتربين على المشاركة في صنع السياسة في لبنان"، مرجحةً أن ارتفاع أعداد المقترعين يصب في مصلحة التغيير.
أسست أسطفان ورفاقها الشبكة في شباط/ فبراير 2020 بعدما لاحظوا خفوت وهج الانتفاضة في لبنان وأدركوا الحاجة الملحة إلى إنشاء تنظيم للعمل السياسي يرسم خريطة للعملية الانتخابية "من شأنها أن تُثمر عن تغيير حقيقي"، على حد قولها لرصيف22.
تنشط الشبكة في 42 مدينة حول العالم، وتجهد لـ"إعلاء الصوت" عبر حملات المناصرة والضغط التي تستهدف المجتمع الدولي والحكومة واللبنانيون لتحقيق التغيير.
تعتبر الشبطة أن هنالك "دوراً مؤثراً للمغتربين في العملية الانتخابية" وتحثهم على التصويت لـ"التغييريين"، و"تقديم المساعدات الإنسانية والإنمائية" للداخل اللبناني، وتتواصل مع المغتربين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعبر شبكة من المتطوعين.
وتضيف: "خلال عملية تسجيل المغتربين لمسنا نقمة واضحة على السلطة إذ أبدوا رغبتهم في الانتقام من السياسيين وإعطاء الفرصة لأحزاب ووجوه جديدة"، مشددةً على أن "المغتربين الذين أُبعدوا قسراً عن لبنان بسبب سياسات خاطئة أوصلت البلد إلى الانهيار. وبعدما سُرقت أموالهم المودعة في البنوك اللبنانية لديهم رغبة في الانتقام ممن فعلوا ذلك".
لكنها تقر بوجود مناصرين لأحزاب السلطة في صفوف المغتربين، وبأن ليس جميع المسجلين سيذهبون للاقتراع. تقول: "بالطبع، في قلب الجالية اللبنانية بكل بلد أناس يعتزمون التصويت للسلطة. في الانتخابات الماضية، أنصار السلطة هم الذين صوّتوا. يمكن القول إنهم ليسوا أكثرية لأن عددهم لم يتجاوز الـ 82 ألفاً".
وتُشير أرقام الانتخابات البرلمانية الماضية إلى أن 2.5% فقط من المغتربين المقترعين صوّتوا لقوى تغييرية فيما البقية صوّتت لأحزاب السلطة، علماً أن معارضين للسلطة شكّكوا في صدقية هذه النتائج.
وتختم أسطفان بأنهم في الشبكة يعملون على "تحفيز" أكبر عدد ممكن من المغتربين المسجلين على أن يذهبوا إلى الاقتراع متجاوزين العقبات اللوجستية المحتملة كي يكونوا "صوت الضمير لأقاربهم في لبنان" ويحثوهم على "الاختيار الصحيح".
تتفق ديانا منعم من "كلنا إرادة" مع أسطفان على أن المحنة التي يمر بها لبنان قد تتحول إلى فرصة تدفع الناس إلى التغيير. وتلفت لرصيف22 إلى أنهم "يعوّلون أكثر على الاغتراب في التصويت للتغيير، لا سيّما موجة المغتربين الذين غادروا البلاد في السنوات الثلاث الأخيرة"، مشيرة إلى أن هذا الميل ثبت لديهم من خلال تواصلهم مع الكثير من المغتربين في مختلف البلدان.
"خلال عملية تسجيل المغتربين لمسنا نقمة واضحة على السلطة"... توقعات كبيرة بأن يصوّت المغتربون للوائح التغييرية، برغم أنشطة أحزاب السلطة في الخارج و"العراقيل اللوجستية" الأخرى مثل بعد مراكز الاقتراع
و"كلنا إرادة" هي مجموعة ضغط أسسها عدد من المواطنين اللبنانيين، غالبيتهم مغتربون، بجهود تطوعية عام 2016، وهدفها الرئيسي هو الوصول إلى دولة مدنية ذات سيادة تحقق العدالة الاجتماعية.
"هدول الأشخاص (الذين اضطروا إلى مغادرة لبنان حديثاً على وقع الأزمة الاقتصادية) حاسّين حالن فلّوا مشحوطين من البلد"، تضيف منعم، لافتةً إلى أن المغتربين "متحررون أكثر" من "القيود التي تفرضها أحزاب السلطة" على المواطنين في لبنان بما في ذلك "شبكات الزبائنية" و"الاعتبارات الطائفية إذ لم يعودوا معرضين للشحن الطائفي اليومي داخل البلد".
قبيل العملية الانتخابية الوشيكة، سعت "كلنا إرادة" إلى "تشبيك" المجموعات واللوائح المعارضة للسلطة مع المغتربين في البلدان الأجنبية التي تحتضن أكبر عدد من الجالية اللبنانية، وتوعية المغتربين بضرورة الاقتراع.
تعزز منعم توقعاتها بالقول إن لدى "لجنة الاغتراب" في المجموعة وجوداً قوياً في بلدان الاغتراب التي تضم جالية لبنانية كبيرة، وتعمل ميدانياً بالإضافة إلى التواصل عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.
تعدد اللوائح التغييريةً نعمة أم نقمة؟
من فرنسا، تقول لرصيف22 ثريا الأحمر، الناشطة في شبكة الاغتراب اللبناني وعدد من المجموعات الأخرى المعنية بالمغتربين هناك، إن نحو 90% من الذين يتواصلون معهم يعتزمون التصويت لقوى التغيير لا لأحزاب السلطة.
لكنها تشير إلى "مشكلة" تؤرّق المغتربين والمجموعات المهتمة بحثّهم على المشاركة في الانتخابات، وهي كثرة اللوائح المدعومة من المجتمع المدني. وتتنافس 103 لوائح على مقاعد البرلمان هذا العام بزيادة كبيرة عن عام 2018 الذي شهد تنافس 77 لائحة فحسب.
تشرح الأحمر: "بسبب تعدد اللوائح (التغييرية)، ما بيعرفو المغتربين لمين بدن يصوتوا. العالم كانوا متأملين أنو يكون فيه لوائح أقل. كثرة اللوائح عم تتسبب بتشتيت الخيار. مش بس هيك، الناس ما عندا اطّلاع على إجراءات الاقتراع".
وتضيف: "أتوقع أن يكون هناك إقبال على التصويت. المؤشرات، حتى الآن، تُظهر وجود اهتمام (لدى المغتربين) مع الإقرار بوجود حالة من ‘الضياع‘. نحاول تخفيف هذا الضياع بالتوضيح (للمغتربين) أن الانتخابات أول خطوة لوضع حجر الأساس لعملية التغيير. نشرح لهم أيضاً أن نتيجة الانتخابات لن تغير الأمور، أو تقلبها 180 درجة، وإنما هي أول خطوة نحو التغيير، وعلينا أن نواصل حتى نؤسس معاً للبنان المستقبل".
إدراكاً منه لما قد تحدثه كثرة اللوائح وتعدد المجموعات المعنية باستقطاب المغتربين من إرباك في صفوف الجاليات الللبنانية، أنشأ نديم حداد، وهو رجل أعمال لبناني مغترب منذ أكثر من 32 عاماً ومقيم بين الولايات المتحدة وكندا، رابطة من شأنها التنسيق بين المجموعات المعنية بالمغتربين والتوافق على بضعة خيارات وتقديمها للمغتربين.
هكذا، بدأت "الطاولة المستطيلة لتفعيل الاغتراب" أو "DART: Diaspora Action Round Table"، بتحالف بين ثلاث مجموعات، وصل الآن إلى ثمانٍ، تتّحد في الموقف المعارض للسلطة وللطائفية. يقول حداد لرصيف22 إن "الطاولة المستديرة" لا تمثل كل الاغتراب، لأن المغتربين، على غرار اللبنانيين في الداخل، تحكمهم عدة انقسامات على أصعدة مختلفة.
ويرى أن الاغتراب اللبناني يضمّ أجيالاً من أحفاد المهاجرين الذين لم يعودوا إلى البلد يوماً. ويرغب، هو ورفاقه، في "إعادة ربطهم بالوطن" ولو عبر "اتصال ثقافي".
يقول: "منذ العام ونصف العام، نوضح للناس أن هناك خياراً آخر غير خيار السلطة التي قادت لبنان إلى ما يعانيه الآن. نتمنى أن تشارك ‘الأكثرية الصامتة‘ التي اعتادت مقاطعة الانتخابات طوال السنوات الأربعين الماضية لاعتراضها على خيارات المرشحين".
من مجموع 15 دائرة، اتفقت جماعات "الطاولة المستديرة" للمرة الأولى على دعم لائحة واحدة في كل دائرة من 12 دائرة لحشد أكبر عدد من أصوات المغتربين لمصلحتها.
يعتقد حداد في نجاعة هذه الطريقة في كسب أصوات المغتربين "يلي ما بيفهمو بزواريب السياسية وبس هنّي قرفانين من السلطة"، لافتاً إلى أن هذا "بيسهّل عليهن وبيشجعن عالتصويت".
ويعقّب: "لم نكن نرغب في أن نصبح ناشطين سياسيين. لكن، وصول لبنان إلى هذه المرحلة من الخراب، جعلنا نقرر، نحن اللبنانيون حول العالم، ومن جميع التخصصات المهنية، العمل معاً لاستيلاد هيكلية تساعد في إنقاذ البلد".
من جهة أخرى، تبدو زينة المقدّم من "نحو الوطن" أكثر تفاؤلاً، أولاً بمشاركة ضخمة من المغتربين في الانتخابات الوشيكة، وثانياً بفائدة محققة لكثرة القوائم التغييرية.
و"نحو الوطن" هي مجموعة أسسها مغتربون لبنانيون عام 2020 لدعم التغيير السياسي من خلال مساعدة القوائم التغييرية للوصول إلى البرلمان، عن طريق تشبيك أفرادها مع المغتربين، وتشجيع المغتربين على تسجيل أسمائهم والمشاركة في الانتخابات لإحداث الفرق المنشود أملاً بمستقبل مزدهر ولبنان مستقر.
تقول المقدم لرصيف22: "إقبال المغتربين على المشاركة يزداد كلما لاحظوا التضامن وتنسيق الجهود بين القوائم التغييرية المشاركة في الانتخابات. هذا ما طمحنا إليه نحن المغتربون: توحيد الجهود لتأسيس ائتلاف وطني كامل. لم يتحقق هذا بعد، لكن الأمر الإيجابي هو أن لدينا من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، لوائح تغييرية متنوعة وقوية ومبشّرة بقدرتها على إحداث الفرق، والمغتربون يدركون هذا جيداً".
وترتبط "نحو الوطن" بالمغتربين عبر عدة مجموعات على واتساب، تقول المقدم إنها "أفضل وسيلة" تساعدهم على "التواصل المباشر" مع المغتربين والوصول إلى "الأشخاص الصح (المرغوبين) بدقة".
"كثرة اللوائح عم تتسبب بتشتيت الخيار"... مجموعات ومبادرات لبنانية تنشط في صفوف المغتربين لتوعيتهم ومساعدتهم على "الاختيار الصح" و"تغليب المصلحة الوطنية"... هل تنجح؟
لبنانيو الخليج... نحو التغيير؟
مع ذلك، تنبّه المقدّم إلى أن تصويت المغتربين لقوى التغيير أو أحزاب السلطة "أمر يختلف من بلد إلى آخر". على سبيل المثال، ترجّح أن دول الخليج ستشهد تصويتاً أكبر لقوى التغيير، خصوصاً بعد الأزمة الأخيرة بين لبنان والخليج. كذلك تعتقد أن المغتربين في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وفرنسا وأوروبا يميلون بشدة نحو التغيير.
هذا ما تؤكده أيضاً كارول خليفة الناشطة في شبكة الاغتراب اللبناني والمقيمة في الإمارات منذ نحو 15 عاماً. تقول لرصيف22: "كل شخص بتحكيه بدو القوى التغييرية. عم يبعتولنا عالم بيقولولنا: إحنا ما بيهمنا لمين نصوّت بس بدنا نصوّت للعالم الي هنّي ما إلن علاقة بالأحزاب والسلطة".
غير أنها تستدرك: "أكيد رح يظل عندك الأشخاص المحزّبين خصوصاً للمعارضة، وعدد كتير كتير قليل من المحزّبين مع السلطة وهوي بتراجع مستمر".
وتشدد خليفة على أن الجالية اللبنانية في الإمارات "يد واحدة" وعلى تواصل مستمر بشأن ما يجري في البلاد ومستقبل لبنان عبر عدة تجمعات عامة على واتساب وتلغرام وفيسبوك وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي، لافتةً إلى استحداث مجموعات خاصة لكل دائرة انتخابية، وهذا ما يمكّنهم من وصل المرشحين التغييريين في هذه الدائرة مع المغتربين المسجلين للاقتراع فيها وتنظيم لقاءات افتراضية في ما بينهم لعرض برامجهم الانتخابية ومشاركة أفكارهم مع الناخبين.
"إحنا ما بيهمنا لمين نصوّت بس بدنا نصوّت للعالم الي هنّي ما إلن علاقة بالأحزاب والسلطة".
وتضيف: "مش بس عم نشجع المغتربين إنهن ينتخبو. عم نضوّي كتير على أهمية ما ينحط ورقة بيضا لأنو عم نحاول نتعلم من نتائج الـ2018، ونعرّفهن شو ناطرهم. وبنتوقع إنو العالم تصوّت أكتر".
وتلفت خليفة إلى أن الأزمة الأخيرة بين الخليج ولبنان، على خلفية تصريحات وزير الإعلام السابق جورج قرداحي عن حرب اليمن، أثّرت بشدة في موقف المغتربين هناك من السلطة الحالية. تشرح: "كان فيه أشخاص محزّبين جداً للسلطة، من بعد الإشيا اللي صارت فتحوا عيونهم، شافوا إنه هالإنسان يلي قاعد عالكرسي تحت بلبنان دمّر الوطن - بطّل في عنّا وطن، بطّل عنّا اقتصاد، ومع ذلك بيظل يحكي كلام يقضي ع مصدر رزق يلي عايشين برّا. حتى الي كانوا محزّبين صاروا يجاهرو بإنّو هنّي ضد السلطة".
وتشير إلى وجود توافق بين المغتربين على أن لبنان "لازم يكون بلد حيادي" على المستوى الخارجي لأن "تركيبة بلد ما بتسمح" بغير ذلك.
هل تقف أحزاب السلطة مكتوفة الأيدي؟
برغم التوقعات وبعض استطلاعات الرأي التي تُشير إلى الميل إلى التغيير في أوساط المغتربين، لا يُعتقد بأن أحزاب السلطة ستستسلم لذلك وتفقد الأمل في كسب أصوات المغتربين بشكل كامل.
تقول ثريا الأحمر من فرنسا: "ما لاحظنا كتير نشاط حزبي"، مستطردةً أن غالبية التجمعات والنشاطات الحزبية كانت "موجهة أكتر لجمهورا (جمهور الأحزاب) ومَنّا (ليست) دعوة مفتوحة" وتركزت على أحزاب الكتائب والقوات والتيار الوطني الحر "الي عندو كتلة شعبية مش صغيرة" في فرنسا، على حد قولها.
وتلفت إلى أنهم، كجماعة هادفة إلى التغيير، يخاطبون الجميع في الوقت عينه بمن فيهم جمهور الأحزاب من المغتربين "من منطلق وطني"، لافتةً إلى أن "أملنا هو أن أكبر شريحة من المجتمع اللبناني ستخلع عباءتها الحزبية وتركز على المصلحة الوطنية".
زينة المقدّم من "نحو الوطن" أيضاً تشير إلى أن بعض البلدان "لسوء الحظ، لا تزال أحزاب السلطة متسلطة عليها، وحتماً ستشهد تصويتاً لمصلحة التغيير لكن ليس بالزخم والقوة الموجودين في الخليج وأمريكا وكندا". رفضت المقدم تسمية هذه الدول، وقالت إنها ستتضح فور إعلان النتائج.
حتى في الخليج، تؤكد كارول خليفة: "اليوم، نلحظ أنشطة مكثّفة لأحزاب السلطة. الكثير من الأشخاص يخبروننا أنهم تلقوا اتصالات من محسوبين على تلك الأحزاب هدفها التأثير في قرارهم الانتخابي".
وتتابع: "للأسف، لدى هذه الأحزاب إمكان الوصول إلى معلومات وبيانات لا تتوافر لدينا. لديها الأسماء وأرقام الهواتف والإيميلات. وهذا ما يسهّل عليها الوصول إلى أي شخص في الخارج ومحاولة استمالته. نحن، لسوء الحظ، ليس لدينا مثل تلك المصادر، ولا الأموال التي تستثمرها. الأمر الوحيد الذي نعوّل عليه هو الحس الوطني بعدما مرت علينا 30 سنة فقدنا فيها حس المواطنة والانتماء للوطن".
وفيما يتخوّف لبنانيون من تدخّل السفارات والقنصليات بالخارج في توجيه أصوات المغتربين لصالح أحزاب السلطة، نفى أشخاص تواصلنا معهم رصد أي حالات مماثلة.
"الأمر الوحيد الذي نعوّل عليه هو الحس الوطني بعدما مرت علينا 30 سنة فقدنا فيها حس المواطنة والانتماء للوطن".
مخاوف وشكوك
بالإضافة إلى ذلك، أُثيرت مخاوف عدة من محاولات محتملة تتولاها السلطة لـ"تطيير تصويت المغتربين وعرقلته" لأسباب يتعلق بعضها بالأزمة الاقتصادية وعدم القدرة على تأمين تكلفة تنظيم الانتخابات في الخارج.
وراجت إثر هذه المخاوف حملة "#المغترب_كمان_لبناني" عبر مواقع التواصل الاجتماعي قبل بدء فترة تسجيل المغتربين بين 1 تشرين الأول/ أكتوبر و20 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضيين.
وكان مجلس النواب اللبناني قد أقرّ فتح اعتماد استثنائي في الموازنة العامة لعام 2022 مقدارها 320 مليار ليرة، يُخصص منها 260 ملياراً لوزارة الداخلية والبلديات و60 ملياراً لوزارة الخارجية والمغتربين من أجل تغطية تكلفة العملية الانتخابية في الداخل والخارج.
يقول منير يونس لرصيف22 إن "عدم إجراء الانتخابات في الخارج يعرّض النتائج للطعن بها دستورياً"، مستدركاً أن "كل الجهود تُبذل لتأمين الأموال اللازمة عبر مساعدات أو تبرعات بعدما أمّنت الدولة اللبنانية الأموال المطلوبة لإجراء الانتخابات في الداخل".
شكوك أخرى تكتنف عملية فرز الأصوات. فوفق الآلية التي ستتّبع، تُجمع الصناديق بعد انتهاء عملية الاقتراع في الخارج وتنقلها شركة شحن تتعاقد معها الحكومة اللبنانية إلى مطار بيروت، حيث تُسلّم بحضور القوى الأمنية وتُنقل "وسط حماية مشددة" إلى "مصرف لبنان" وتحفظ في خزانته المركزية حتى انتهاء الاقتراع في الداخل يوم 15 أيار/ مايو. ثم تُفتح جميع الصناديق وتُفرز الأصوات في الوقت نفسه. ولكنْ ثمة أصوات ترى أن هذه العملية قد تُعرّض أصوات المغتربين لـ"التلاعب" بها،ًوتطالب بفرز الأصوات في أمكنة الاقتراع في الخارج كي لا يجري التلاعب بها أثناء نقلها.
"بعد كل شي صار ببلدنا، المغتربين رح يصوّتو، وحتى لو كانوا حاطينلن مركز اقتراع بعيد عنن رح يقطعو المسافات لحتى الوطن يقطع مسافة كتير كبيرة نحو التغيير"
بعيداً من هذا السجال القائم على افتراضات، تلفت ديانا منعم إلى "الصعوبات اللوجستية" التي قد تعرقل تصويت بعض المغتربين في مراكز الاقتراع البعيدة عنهم، والتي يستغرق الوصول إليها بالسيارة نحو ثلاث ساعات. تقول: " هناك مغتربون عُيّنت لهم مراكز اقتراع بعيدة جداً. بعضها يستحيل على فريق كبير منهم الذهاب إليها. هناك مسافة طويلة جداً، يستغرق اجتيازها بين ثلاث وأربع ساعات بالسيارة. ضربة كبيرة قد تمنع مغتربين كثراً من التصويت".
وتؤكد زينة المقدم وجود هذه الصعوبات اللوجستية، لكنها متفائلة بأنه "بعد كل شي صار ببلدنا، المغتربين رح يصوّتو، وحتى لو كانوا حاطينلن مركز اقتراع بعيد عنن رح يقطعو المسافات لحتى الوطن يقطع مسافة كتير كبيرة نحو التغيير".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين